الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات جنوب شرق آسيا تتجه نحو الاستثمار في الخارج

شركات جنوب شرق آسيا تتجه نحو الاستثمار في الخارج
20 أغسطس 2012
تسعى شركات جنوب شرق آسيا للتوسع في الخارج، مما يؤكد التحول الذي طرأ مؤخراً على ميزان القوة في آسيا. وعادة ما تعتبر هذه الشركات من اللاعبين الصغار في قطاع التجارة الآسيوي، بينما تحتضن دول أخرى شركات عملاقة مثل “سامسونج” و”تويوتا”. وباستثناء شركات قليلة مثل “أير آسيا” الماليزية و”شارون بوفاند” التايلاندية لصناعة المواد الغذائية، تركز شركات جنوب شرق آسيا الكبيرة على الأسواق الداخلية حيث تقل المنافسة. وبعد أن حققت العديد من هذه الشركات نمواً وأرباحاً كبيرة للحد الذي أشارت فيه التوقعات إلى تحولها إلى مراكز قوى على الصعيد العالمي، تفتقر العديد منها الآن لإمكانية التوسع المحلي، مما أرغمها على البحث عن موضع آخر تستثمر فيه أموالها الطائلة، الأمر الذي سبقتها إليه شركات صينية وهندية وشركات آسيوية أخرى. وينتج عن ذلك مناخ جديد من المنافسة للشركات الغربية وكذلك ضغوط على أسعار الأصول في بعض النشاطات مثل الطاقة والعقارات وغيرها. وبلغ حجم استحواذ شركات جنوب شرق آسيا في الخارج رقماً قياسياً قدره 29,9 مليار دولار خلال العام الحالي حتى الآن، باستثناء عمليات شراء صناديق الثروة السيادية في المنطقة. ويقارب هذا المبلغ ثلاثة أضعاف ما تم تحقيقه خلال نفس الفترة من السنة الماضية عند 11 مليار دولار، ومقارنة مع 23,2 مليار دولار للسنة بكاملها. ويقول راجيف بسواس، مدير القطاع الاقتصادي لقارة آسيا في مؤسسة “آي أتش أس جلوبال إنسايت” للتحليل الاقتصادي في سنغافورة:”تتميز منطقة جنوب شرق آسيا بقوة اقتصادية هائلة حيث ينعكس ذلك جلياً في شركاتها”. واتخذت هذه الشركات خطوات أبعد بتغلبها على شركات عالمية كبيرة مثل “شل” الهولندية التي خرجت من منافسة المناقصة التي طرحتها شركة “كوف أنيرجي” المدرجة في بريطانيا والعاملة في نشاط استكشاف النفط والغاز في موزمبيق، بعد أن فازت بها شركة “بي بي تي للإنتاج والاستكشاف” التايلاندية. وتوقع قلة من المحللين خسارة شركة كبيرة في حجم “شل” أمام شركة صغيرة مثل “بي بي تي”. وشارفت الشركة على الانتهاء من الصفقة البالغة 1,9 مليار دولار، بعد حصولها خلال 2010 على حصة قدرها 40% في مشروع للنفط الرملي في كندا تابع لشركة “ستات أويل” النرويجية مقابل 2,3 مليار دولار. كما بدأت شركة “بتروناس” للنفط المملوكة من قبل الحكومة الماليزية في عملية يتم بموجبها الاستحواذ على “بروجرس إنيرجي ريسورسيز” الكندية مقابل 5,8 مليار دولار. وفي غضون ذلك، تقوم شركة “جينتينج بي أتش دي” الماليزية أيضاً بإنشاء منتجع في ميدان سباق “أكودكت” بمدينة نيويورك، بالإضافة إلى مشروع كبير آخر في ميامي على الرغم من العقبات التي تعترض طريق كلا المشروعين. ويُذكر أن ماليزيا قامت بالفعل هذا العام بثاني وثالث أكبر طرح أولي في العالم، حيث من المتوقع أن تستغل “فيلدا جلوبال فينشرس” الحائزة على أحدهما، جزءاً من مبلغ 3,3 مليار دولار الذي جمعته، في شراء أصول زراعية في أماكن مختلفة حول العالم. ولم تخل الصفقات الصغيرة من جذب الانتباه أيضاً، حيث نجحت في العام الماضي شركة “سنترال للتجزئة” التايلاندية في الاستحواذ على محال “لاريناسينتي” الإيطالية للسلع الفاخرة مقابل 260 مليون يورو (320 مليون دولار)، مع تخطيطها للتوسع في الشرق الأوسط وأميركا الجنوبية. وفي يونيو الماضي اتحدت كل من “سايم ديربي” أكبر شركة في العالم لإنتاج زيت النخيل من حيث المساحة، وشركة “أس بي سيتيا” للتطوير العقاري الماليزيتين، للاستحواذ على محطة “بترسي” للطاقة، وهي واحدة من أبرز المعالم في مدينة لندن، مقابل 620 مليون دولار. وتطمح العديد من شركات جنوب شرق آسيا لبلوغ مرحلة “سامسونج” بتخطيطها للسيطرة على العميل المحلي أولاً ومن ثم الانتشار في الخارج في غضون الخمس سنوات المقبلة. ويجيء هذا السعي بعد حركة واسعة نحو الخارج خلال السنوات القليلة الماضية، من قبل شركات صينية وهندية مثل “تاتا” و”لينوفو” و”كنوك” التي أعلنت نيتها الاستحواذ على “نيكسين” الكندية لإنتاج النفط مقابل 15,1 مليار دولار. وأثارت بعض هذه الصفقات حفيظة المراقبين من أن الشركات الآسيوية التي تعود ملكية جزء منها للحكومات، تلتهم الموارد وتساعد على ارتفاع أسعار الأصول لمستويات تفوق مقدرة الشركات الغربية، على الرغم من أن البعض يرى أنها توفر السيولة التي تحتاج إليها هذه الشركات. وليس من الواضح ما إذا كان لدى شركات جنوب شرق آسيا المقدرة على بلوغ مرحلة الشركات العالمية الكبرى، خاصة أن بعضها تعثر بالفعل مثل “بي بي تي” التايلاندية التي دخلت في مشاكل عام 2009 عندما حدث تسرب في حدى الآبار التي استحوذت عليها من إحدى شركات الطاقة الأسترالية، في أسوأ حادثة تسرب في تاريخ أستراليا. ويقول المحلل الاقتصادي جو ستيدويل:”في مقدور شركات جنوب شرق آسيا إبرام صفقات كبيرة حيث يتمتع رواد الأعمال الذين يديرونها بخبرة كافية، لكن بالمقارنة مع شركات كبرى مثل “تويوتا” و”سامسونج”، لا تملك هذه الشركات خبرة تقنية كبيرة”. كما تعوز هذه الشركات في كثير من الأحيان الخبرة التي تؤهلها للمنافسة على الصعيد العالمي، لا سيما أنها تعتمد على علاقات العمل المحلية للهيمنة على أسواقها الداخلية وعلى الأموال الضخمة التي تملكها لعقد الصفقات. ومع ذلك، لا يساور الناس الكثير من الشك في أداء هذه الشركات المميز. وقدم “دي بي أس” السنغافوري، أكبر بنك في جنوب شرق آسيا من حيث الأصول، مناقصة قدرها 7,3 مليار دولار للاستحواذ على بنك “بي تي دانامون” الإندونيسي، في حين بذلت العديد من شركات الاستثمار الغربية جهداً مقدراً للحصول على موطئ قدم في البلاد. واستحوذت هذا العام مجموعة “سي آي أم بي القابضة” الماليزية، على نشاطات أسهم “رويال بنك أوف اسكتلندا” في آسيا، مقابل 142 مليون دولار. وبصرف النظر عما تملكه من أموال ضخمة، ترى شركات جنوب شرق آسيا في التوسع الخارجي بعض المزايا الأخرى، حيث توطن بعضها مثل “سي آي أم بي” نفسها من أجل خلق مجتمع اقتصادي إقليمي في منطقة جنوب شرق آسيا التي يقطنها نحو 600 مليون نسمة موزعين على 10 بلدان، وذلك بحلول 2015. ومن المنتظر أن يتضمن المجتمع خفض العقبات التجارية وحرية تنقل العمالة وتكامل أسواق المال والمزيد من المنافسة لشركات المنطقة التي آثرت البقاء في الداخل. وفي غضون ذلك، نتج عن أزمة الديون الأوروبية تراجع في أسعار الأصول بالنسبة لشركات جنوب شرق آسيا. و في حين تصارع شركات أخرى مع تغييرات الأجيال في قياداتها، يقوم كبار رجال الأعمال من الحقبة السابقة بتسليم زمام الأمور للشباب الذين يملكون المزيد من خبرات الأسواق العالمية. نقلاً عن: «وول ستريت جورنال» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©