الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جيل النوق.. وجيل الفيسبوك

جيل النوق.. وجيل الفيسبوك
26 نوفمبر 2010 20:27
أكدت دراسة - على ذمة وكالة أنباء السي إن إن- تناولت ظاهرة مواقع التعارف وتأثيراتها الاجتماعية أن موقع «فيسبوك» الإلكتروني على الإنترنت، والذي يجمع مئات الملايين من المشتركين في كل أنحاء العالم، بات يؤثر على كيفية ونوعية تعرف الشباب على الفتيات، «والعكس صحيح تماما»، وعلى طريقة إعلان الوقوع في الغرام، وطريقة الغرام، وطريقة إنهاء العلاقات. وقد تم نشر هذه الدراسة خلال الأسبوع الماضي، وتزامن نشرها مع دعوة قس أميركي لجميع أعضاء كنيسته من الذكور والإناث الى إلغاء حساباتهم على موقع الفيسبوك، على اعتبار أن التواجد على الموقع يشجع على الزنا «حسب قول القس الغيور»، ويعقب بأن الكثير من الأزواج والزوجات يلتقون على هذا الموقع بأحبائهم القدامى، وربما يسعى الكثير منهم إلى الإلتقاء بهم أو بهن، وحصول ما لا يحمد عقباه. لاحظوا أن تلميذا في مدرسة ثانوية استطاع عن طريق إنشاء هذا الموقع الإلكتروني إلى تغيير السلوك البشري الاجتماعي في العلاقات الإنسانية والعاطفية تحديدا، وأنه أصبح ملياديرا وثروته تزداد يوميا بشكل هائل. وهذا يعيدنا إلى نظريات البنية الفوقية «القيم والعادات والتقاليد»، التي كان علماء الاجتماع يدعون بأنها تتغير بدرجة أشد بكثير من درجة تغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للناس في كل زمان ومكان، وها نحن نرى هذه البناءات الفوقية تتداعى وتتغير جذريا بدون الحاجة إلى تغير يذكر في الواقع الاقتصادي أو الاجتماعي، لا بل أن واقعنا يتغير نحو الأسوأ في أغلب الأماكن والأمصار في وطننا العربي الكبير حجما. ما علينا .... وأنا أقرأ تقرير السي إن إن، كنت أدندن بصوت مسموع كلمات أغنية الفنان الكبير محمد عبده، التي تقول: لا لا لا لا لا تردين الرسايل ويش أسوّي بالورق كل معنى للمحبة ذاب فيها واحترق. بالتأكيد فإن جيل الفيسبوك حاليا- مع الاعتراف بأني أمتلك شخصيا حسابا نشطا في الفيسبوك- لن يفهم هذه الكلمات ولا المعاني ، فهو لا يتعامل بالورق، ولا بالقلم، بل بالرسائل الإلكترونية والنكزات والهدايا الإلكترونية، والعبارات الإلكترونية، والمشاعر الإلكترونية، والعلاقات الإلكترونية ..... بالمناسبة أنا لا أشكو ولا أتذمر ولا أنتقد بل أعرض الحال فقط لا غير. الجيل القادم لن يفهم اطلاقا لماذا لم يتزوج روميو وجوليت مثلا، في مسرحية شكسبير، وما الذي كان يمنع من أن يلتقيا على الفيسبوك الذي يعمل على طاقة الفحم أو البخارـ وأنهما لو فعلا ذلك لما وقع بينهما سوء التفاهم الذي أدى إلى انتحارهما وموتهما بلا مبرر. ولن يفهم الجيل القادم لماذا يقتل عطيل في - مسرحية شكسير أيضا- زوجته المخلصة لمجرد الاشتباه بمنديل أحمق ووشاية كاذبة، أما كان الأجدر به أن يراقب حسابها على الفيسبوك؟؟؟ لن يفهم الجيل القادم قصة عنترة بن شداد وابنه عمه عبلة، ولا لماذا كان يعاني قيس ومعشوقته – ثم زوجته، ثم طليقته - ليلى العامرية، كل هذه المعاناة، ولا لماذا يتشبب عروة بعفراء على الملأ. بالمجمل لن يفهم الجيل القادم تراثنا الفني العاطفي منذ الجاهلية مرورا بصدر الإسلام، فالدولة الأموية، فالعباسية ، فالفاطمية فالأيويين فالمماليك، فالعثمانيين ...حتى ساعة إعداد هذا البيان. لا ننسى أن لغة الفيسبوك الغالبة بين الشاب الحالي والقادم هي اللغة الإنجليزية .. أو بالأحرى استخدام الحروف والأرقام الإنجليزية للتواصل بالعربي أو بالإنجليزي، مع استخدام النكزات والصور والمؤثرات البصرية والصوتية..... بدون عواطف ولا دموع ولا تأوهات. ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©