الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حضرتك حفيد

حضرتك حفيد
3 يناير 2014 21:06
كنت كلما سمعت كلمة “الأجداد”، تراءى في مخيلتي جدي لأبي رحمه الله وهو يدخن غليونه، وأحياناً كنت أرى جدي لأمي رحمه الله وهو ينحي من عينيه دموع الفرح بلقاء أحفاده، ونادراً ما كنت أرى جدتي لأبي أو لأمي، وكنت أعتقد أن علاقتي بهاتين المرحومتين بإذن الله هي أنهما أنجبتا أبي وأمي. كانت سلسلة الأجداد بالنسبة لي تبدأ من جدي لأبي، ثم من أبيه، ثم من جده، وهكذا إلى آدم عليه السلام، مجرد “خمطعشر واحد”، كلهم ذكوراً، وكلهم من جهة أبي ما عدا جدي لأمي، ولم يكن يخطر ببالي أحد غيرهم عند سماع كلمة “الأجداد”. وفي مرة، ولم أكن أجد شيئاً أفكر به، ولا موضوع أكتبه، خطر أجدادي ببالي، وفكّرت: حسناً، جدي لأبي خرج من بطن أمه، وهي المرأة التي لم تخطر ببالي قط. وكذلك الأمر مع جدي لأمي. بعد قليل من التفكير لم يعد عقلي يستوعب الأعداد. أخذت آلة حاسبة و”هات” يا ضرب، فأنا ثمرة أبي وأمي، وهما ثمرة جدّاي وجدّتاي، وهذين الجدين وهاتين الجدتين ثمرة ثمانية من أجدادي لم أكن أحسب حساب إلا واحد منهم فقط، هو جد أبي، بينما الواقع أن لكل واحد منهم أبا وأما، وهؤلاء الثمانية هم ثمرة 16 أبا وأما، وهؤلاء ثمرة 32 جد وجدة، وهؤلاء ثمرة 64 إنسانا، وهؤلاء ثمرة 128 آدميا، وهؤلاء ثمرة 256 بشريا، وهؤلاء ثمرة 512 شخصا، وهؤلاء ثمرة 1,024 نسمة، وهؤلاء ثمرة 2,048، وهؤلاء ثمرة 4,096، وهؤلاء ثمرة 8,192، وهؤلاء ثمرة 16,384، وهؤلاء ثمرة 32,768، وهؤلاء ثمرة 65,536، وهؤلاء ثمرة 131,072، وهؤلاء ثمرة 262,144، وهؤلاء ثمرة 524,288، وهؤلاء ثمرة 1,048,576 شخصاً، كلهم يعتبرون أجداداً لي، وهم ثمرة 2,097,157، وهم ثمرة 4,194,309، وهم ثمرة 8,388,618، وهم ثمرة 16,777,236، وهم ثمرة 33,554,472، وهم ثمرة 67,108,944، وهم ثمرة 134,217,888، وهم ثمرة 268,435,776، وهم ثمرة 536,871,552، وهم ثمــرة 1,073,743104 إنســان، ذكراً وأنثى. وهؤلاء المليار و”شوية” من أجدادي وأجدادك، يتضاعف عددهم في كل مرة لكنني توقفت عندهم لأثبت لنفسي أولاً، ولعقلي الذي لم يكن يفكر إلا في عدد محدود من الأجداد، بينما الحقيقة الدامغة أن مليار إنسان، تزاوجوا على مرّ العصور، حتى جاء “حضرتي” و”حضرتك” في النهاية. وإذا اعتبرنا أن عمر الجيل الواحد يكون نحو 33 سنة، فإن المليار جد هم من الجيل الثلاثين بالنسبة لي، وبالأرقام هم كانوا على وجه الأرض في حدود عام 1023 ميلادية. وإذا أخذنا أقل عمر معلن للبشرية على الأرض، وهو 7 آلاف سنة، وهناك أرقام أخرى تصل به إلى الملايين، وكان كل ألف سنة ينتج 30 جيلاً، فإن جنابي سيكون ثمرة 210 أجيال من البشر، وبصعوبة استطعت أن أحسب عدد أفراد الجيل الخمسين، فكانوا هذا العدد الفلكي الذي لا أعرف كيف يُقرأ (1,125,901,249,019,904) رجل وامرأة، تفضّلوا بالتزاوج عبر التاريخ لأكون أنا ثمرة من ثمارهم. لكنني فكّرت من جديد، لأنني في الفقرات السابقة لم أكن أفكر وإنما أضرب على الآلة الحاسبة. فكّرت: إذا كان عدد أجدادي، وأجداد أي إنسان، يتضاعف في كل مرة ليصل إلى مليارات الأشخاص، فإن هذا لا يتوافق مع حقيقة أننا وُلدنا لأب واحد هو آدم، وأم واحدة هي حواء، فبينما العدد يتضاعف صعوداً، فإنه في الوقت نفسه سيتضاعف مرة أو مرتين أو ثلاث أو أكثر نزولاً، فآدم وحواء أنجبا أولاداً وبنات، وهؤلاء أنجبوا أولاداً وبنات، ليتضاعف العدد أضعافاً مضاعفة مع كل جيل، وهذا لا يمكن أن يكون صحيحاً بمنطق الرياضيات. فلو كان أعداد أجدادنا يتضاعف، وهذا لا شك أنه صحيح، فإنه يفترض بهذا المنطق أن تبدأ البشرية بآلاف المليارات من الأشخاص، بينما البشرية بدأت بشخصين اثنين فقط! وخبطت رأسي بيدي أكثر من مرة لعلي أكتشف الحقيقة المفقودة، ثم خطرت ببالي فكرة أن عدد أجدادنا فعلاً يتضاعف صعوداً، لكن هذا التصاعد يتوقف في مكان ما، وهي اللحظة نفسها التي يتوقف فيها تضاعف العدد نزولاً، وهنا يحدث التزاوج بين الصاعدين والنازلين، فيكون أبناء هؤلاء وأولئك، هم الأشخاص أنفسهم الذين يمكن احتسابهم صعوداً أو نزولاً. يعني أن يتخيل كل واحد منا هرماً مقلوباً يتربع هو على قمته من الأسفل، وفوق ذلك الهرم هناك هرم آخر موضوع بالشكل المعتاد يتربع آدم وحواء على قمته. وقاعدة هرم آدم وحواء، هي نفسها قاعدة هرمك وهرمي وهرم كل آدمي موجود في هذه اللحظة. الحمد لله، أعتقد أنني فككت الشفرة البشرية بجرة قلم. ولا أعرف إن كانت فكرتي صحيحة، فهذا ليس مقالا علميا سينشر في مجلة “ناشيونال جيوجرافيك”، لكن لم أجد أي تفسير آخر لإزالة “لخبطة” الأجداد من رأسي، والقدر المتيقن من هذا كله هو أنني، وحضرتك، لسنا أحفاد “خمسطعشر واحد”، وإنما أنا وأنت ثمرة آلاف الأجداد والجدّات، إن لم يكونوا بالملايين والمليارات. me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©