الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نيل فرويدنبرجر ترصد تلاشي الأبعاد الإنسانية في «الزواج التكنولوجي»

نيل فرويدنبرجر ترصد تلاشي الأبعاد الإنسانية في «الزواج التكنولوجي»
19 أغسطس 2012
“نيل فرويدنبرجر” كاتبة أميركية شابة تتناول في موضوعاتها تفاصيل الحياة الاجتماعية وصراع الثقافات. كما تهتم بمناقشة موضوعات مهمة في حياة الناس المعاصرة كالاغتراب والإقصاء والعزلة. وبالتوازي مع أعمالها السابقة “فتيات محظوظات” وهي مجموعة قصصية صدرت سنة 2003 ورواية “المنشق” سنة إضافة إلى بعض المساهمات المنشورة في مجلات أدبية منها “جرانتا” الأدبية المتخصصة و”ذي نيويوركر” و”التلغراف” صدرت لها مؤخراً عن دار (نوف) الأميركية للنشر، رواية بعنوان “المتزوجون حديثاً” وتقع في 337 صفحة، وفي هذه الرواية تعالج قصة العمل والإشكالية التي يواجهها الزواج في زمن التكنولوجيا الرقمية والعلاقات الالكترونية، حين تتلاشى الأبعاد الإنسانية. وتبدأ الرواية بحالة استرجاع، تماماً كما لو أن قارئها يشاهد أحداث فيلم سينمائي. في المشهد الأول تستغرق شخصيتها الرئيسية “أمينة” في مراجعة الذات، وشيئاً فشيئاً تتكشف التفاصيل عن امرأة مشغولة بالموازنة بين ثقافتين مختلفتين. الرواية وللعودة بالقارئ إلى المزيد من التفاصيل فإن ما تفعله المؤلفة هو الغوص في داخل أمينة، الشابة البنجلاديشية، المتزوجة الكترونياً من المهندس الأميركي “جورج” 34 عاماً. في حين تعود قصة هذا الزواج إلى لقاء الاثنين عبر أحد المواقع الالكترونية المخصصة للزواج، واستمرار التواصل بينهما عبر البريد الالكتروني لما يقرب من العام. وفيما تمثل هذه العلاقة في بدايتها، خاصة بالنسبة لأمينة، النسخة العصرية للارتباط بين شريكين، على العكس مما درج عليه الناس في مجتمعات الزواج المدبر من قبل الأهل، فهو بالنسبة لجورج بمثابة التغيير والاستقرار وحتى التخلص من الملل من الحياة التي يعيشها أي شاب في مجتمع غربي، على الرغم من أنه يكشف عن جوانب إنسانية لديه، مثل مساعدة أمينة على الحصول على (الجرين كارد) الذي يؤهلها للحصول على الجنسية الأميركية، وجلب والديها للعيش معها في نيويورك. وعموماً فإن هذا الزواج كما تعبر عنه فرويدنبرجر يصبح مقايضة تمليها مصلحة كليهما. إضافة إلى كونه الحلم الجميل. مطاردة الحلم ولدى المؤلفة، فإن مطاردة الحلم تستمر ولا تكتمل إلا بسفر أمينة إلى أميركا، وهو ما يفاقم الأمر حين تصبح القدرة على التواصل معه مستحيلة في ظل الواقع، كما تجسد ذلك الأحداث، ولا ينتهي الأمر باستقرار بطلتها في نيويورك، حيث من وجهة نظرها كمتحدثة، وحسب اعترافاتها، لاتشعر أمينة بالسعادة الزوجية أو شيء من الرومانسية التي جبلت عليها مطلقاً. وبدلاً من ذلك تعتريها مشاعر الوحدة والعزلة. وربما اكتشف القارئ فيما بعد، أن المؤلفة بقدر ما تبدو وكأنها تدرس شخصية أمينة دراسة معمقة بمفردها، فهي ربما تهمل جوانب مهمة من شخوصها الأخرى فلا تظهر ما بداخلها بنفس القوة، بما فيها جورج الذي لايعبر عما بداخله إلا قليلاً. غير أن هذه الشخصية ربما تكون الأكثر حميمية بالنسبة للكاتبة باعتبارها وليدة مفارقات عدة، أولها أنها حقيقية، وكانت تتطور باستمرار منذ نشرها في مجلة ذي نيويوركر سنة 2010 قصة “زواج مدبر” التي استلهمت فكرتها من لقاء أثناء سفرها، جمع صدفة بينها وبين شابة آسيوية قدمت إلى الولايات المتحدة للزواج من حبيبها الذي تعرفت إليه الكترونياً. تضيف المؤلفة “بالنسبة لها فإن العبارة القائلة بوجودهما “وحدهما معاً” هي شيء ستقاتل من أجله إن كانت تعني العيش في منزل يضج بالحياة، يمتلئ بالأولاد و الأحفاد والأقارب. لكن، ها هما الآن، وحيدين، أمام التلفاز مخفض الصوت، لايسمعان إلا صوتاً واحداً لايمكن تحديد مصدره، هو خرخرة التيار الكهربائي، الصادر عن كل الأجهزة التي تعمل في المنزل؛ إن الشئ الذي لم تكن لتدركه جيداً قبل أن يبادر جورج بتفسيره لها، هو أن الأميركيين لايحبون مطلقاً العيش مع أحد آخر غير شركائهم وأطفالهم.. الآن فقط أدركت أن الثقافة الأميركية مختلفة حقاً”. ولعل ذلك هو الحافز لأن تبدأ مقارناتها التي لاتقبل التفاوض. المقارنة بين النزوع نحو الفردية مقابل الروح الجماعية. بين مشاعر الحميمية الشكلية الزائفة التي تعود الناس على التعامل بها في الضاحية التي تعيش فيها والعلاقات المفرطة في الحميمية في “دكا”، حيث المجتمعات التي إن لم تجد شيئاً فهي ستقتات على القيل والقال بدلاً من السكون. وبين مشاعر غاية في الطرافة والإحراج أثناء مواجهتها لمواقف مختلفة في حياتها اليومية، فهي تتدرب على جرف الثلوج المتساقطة في الشتاء، قيادة السيارة، العمل في محل ستاربوكس، وتتحدث إلى الناس بلهجة ركيكة، ثم إلى أمها يومياً لكي تقنعها بأنها لن تنجب طفلاً قبل حضورها إلى أمريكا لمساعدتها في تربيته. بطلات الروائية إن بطلة الرواية حين تستبد بها مشاعر الاغتراب عن زوجها تشك بأنه يعرف من هي، على الرغم من احترامه لها. أما هي فإن ما تراه أمامها هو رجل لاتعرف الكثير عن ماضيه! وبوجه عام، لايخلو العمل من بعض الكليشيهات الساخرة أو المواسية لهذه المرأة التي بوصولها إلى نقطة الصفر، تدرك أنها بعدما أصبحت أميركية، فإنها لاتشعر بالرغبة في الإقامة في أميركا، ومع ذلك فهي لاتستطيع العودة إلى وطنها الأم. فرويدنبرجر وهي تصور حياة الناس وأثر الفجوة التكنولوجية فيها، على الرغم من سقوطها في فخ الواقعية المفرطة، إلا أن هذه الكليشيهات التي تقدمها عن الحياة في المجتمع الأميركي وعن شخصيتها الرئيسية تجعل من روايتها مرآة عاكسة للحياة في المجتمع الأميركي المعاصر. كما أن تسليط أعمالها الضوء على الحياة في مجتمعات أخرى على تماس بمجتمعها، مترتب على احتكاكها بالناس أثناء جولاتها الكثيرة في مناطق مهمة من العالم كشرق آسيا والهند. ففي مجموعتها القصصية فتيات محظوظات، تناقش مختلف التجارب التي تمر بها النساء الأميركيات خارج بلادهن. نساء في أعمار مختلفة يجربن الحب، الزواج من جنسيات أخرى، بعضهن يتفرغن للعمل في المنظمات الإنسانية وأخريات مسنات يتجولن هنا وهناك. أما روايتها المنشق، فتلقي الضوء على تجربة حياة فنان صيني مثقف في “بيفرلي هيلز”.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©