الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حالة الثراء العمراني التي تشهدها أبوظبي تطرح سؤالاً··

حالة الثراء العمراني التي تشهدها أبوظبي تطرح سؤالاً··
2 مارس 2009 01:00
باعتبار ألوان واجهات المباني جزءاً رئيسياً في المنظومة الجمالية لها، هل هناك ضرورة لتوحيد لون واجهات المباني في العاصمة أبوظبي، كي تعطيها نمطاً فريداً وتميزاً، يبرز حالة الازدهار التي تعيشها دولة الإمارات في كافة القطاعات، أم أن هذا الكرنفال الألواني الذي نشهده على واجهات الأبنية هو سمة من سمات الثراء العمراني، وفي ذات الوقت يلبي الرغبات المختلفة سواء لأصحاب العقارات أو من قاموا بتخطيط و إنجاز هذه الأبنية· هذا ما حاولنا استيضاحه من خلال آراء المتخصصين ورجل الشارع العادي، فكانت كما يلي: سامي الحكيم موظف إداري بإحدى الشركات أعرب عن تأييده لفكرة اختلاف الألوان لأسباب عديدة، منها أن اللون جزء أساسي من تصميم المبنى، وتوحيد ألوان واجهات المباني يتطلب تغييرات في تصميمات جميع المباني حتى تتسم مع اللون الجديد، ولذلك فهي عملية غير منطقية، فضلاً أن مثل هذه الفكرة ستمثل عائقاً أمام الشركات الهندسية لتنفيذ تصميمات معينة، ويوقف روح الإبداع والمنافسة بينهم، من خلال الارتباط بتصاميم بعينها، ومن الناحية الجمالية يعتقد الحكيم أن وجود لون موحد يعلو المباني يبعث إلى الشعور بالملل، ويشبه ذلك وكأنك دخلت محل ملابس فوجدت كل الملابس بلون واحد، فهي بلا شك مسألة غير مقبولة· وأشار الحكيم إلى أن فكرة اللون الموحد تكون أفضل لو طبقت على تجمعات سكنية بعينها، أو على أحياء المدينة، بحيث يتميز كل حي عن الآخر بلون معين، يتم الاتفاق عليه من قبل لجان فنية مختصة بهذا الأمر· صديقه خالد المدبولي أكد ذات الكلام موضحاً، أنه يجب أن يكون اللون مرتبطاً باسم التجمع أو الحي، لأن ذلك يعطيه نوعا من الخصوصية، فضلاً عن الموضوعية في اختيار اللون، وضرب المثل على ذلك بأن هناك تجمعاً سكنياً يحمل اسم ''مارينا'' في إحدى مناطق الدولة، هنا يجب أن تكون ألوان المباني مقترنة بالبحر وزرقته حتى يحدث تناغم وتناسق في المنظومة العمرانية بشكل عام، في هذه الحالة فقط، يصبح توحيد لون واجهات المباني مسألة حتمية لابد منها· في نفس الاتجاه تحدث عماد الثلجي لافتاً إلى أن توحيد لون المباني مسألة مملة وخالية من الحياة، فالتنوع هو سنة الحياة، وأشار الثلجي، إلى أن كثيرا من الدول المتقدمة وذات البصمة المتميزة في مجال العمارة مثل إيطاليا وانجلترا، لا يوجد فيها ما يعرف بالتوحد اللوني لأبنيتها، وإنما يترك المجال مفتوحاً أمام المعماريين لإظهار ما لديهم من طاقات وإبداعات· أما نبيه بارودي فقد رأى المسألة من وجهة نظر أخرى، موضحاً أن مثل هذا التوحيد في لون الأبنية، يؤدي إلى حدوث متاهات عندما يصف شخص عنوانا ما، خاصة بالنسبة للأشخاص الغرباء عن المدينة، لأن غالبية العناوين مرتبطة بألوان المبانى· نايف المرّي ذكر أن تنوع الألوان أفضل في كل الأحوال لأن كل واحد يضفي ذوقه على المبنى الذي يخصه، إذاً لا مانع من اختلاف الألوان، لأن ذلك يرتبط بشخصية المبنى، فالعمارة الكبيرة تختلف عن الفيلا الصغيرة، وكذلك تختلف عن المبنى التجاري، ومن هنا يجب يكون لكل مبنى ما يميزه، وترك الحرية لأصحاب العقارات في اختيار اللون الذي يرتاحون إليه· وكان من أنصار هذا الرأي المهندس الاستشاري عاصم شرف، الذي ارتأى ضرورة تعدد الألوان والمزايدة في الأشكال الزخرفية لواجهات المباني، لكون ذلك يعطي فسيفساء لونية جميلة توحي بالثراء العمراني، ويضفي منظورا حضاريا على المكان، كما يتيح لجميع المصانع الموجودة والمنتجة للأصباغ، أن تعمل وتتنافس في إبداع كل ما هو جديد في عالم الأصباغ والألوان، وبالتالي يستطيع كل صاحب بناية أن يعطي اللون الممثل للإحساس الخاص به، فتعدد الأشكال والمناظر، مما يقضى على أي شعور بالملل قد ينجم عن توحيد الألوان واختزالها في لون واحد يغطي كل واجهات المباني· ومن جهته يوضح المهندس خالد صبح، أن واجهات المباني ليست عنواناً للمبنى فقط، بل تحمل إشارات ودلالات واضحة على مدى الرقي والتحضر التي بلغته المدن والعواصم المختلفة، وبشكل أو بآخر تعكس جميع جوانب الحياة المختلفة في المجتمع· وقد أمكن تصنيف هذه الواجهات إلى عدة أنواع، منها: 1- الواجهات الفنية ''الفانتازيا''، وهي الواجهات التي تستقي تشكيلها من مدارس الفنون الجميلة بأشكالها المختلفة وتحمل عناصر جذب بصرية كثيرة، وهي غالباً ما تستخدم في إنشاء المراكز التجارية، والمباني ذات الطبيعة الخاصة، كالمسارح أو دور أوبرا وما شابه· 2- الواجهات التعبيرية، وهذا النوع من الواجهات يعكس الوظيفة الداخلية للمبنى· 3- الواجهات الرمزية ''ذات الطابع الفلسفي''، فكما للأرقام تعابير ورموز كذلك للأشكال الهندسية وبدءا من النقطة وحتى الدائرة لها تعابير ورموز أيضاً، وعلى سبيل المثال نجد أن ''الخط المستقيم يعني الفكر- المثلث يعني الروح وبالنظر إلى تلك الأنواع المختلفة من الواجهات ومعرفة مدى أهميتها بالنسبة للمبنى نفسه أو ما تحمله من إيحاءات وشواهد على جوانب عديدة في المجتمع، تتضح لنا أهمية اختيار ألوان واجهات المباني، لأنها أول ما تقع عليه عين الرائي، أما عن كيفية اختيار اللون، فإن هذه المسألة ترتبط بعناصر عديدة، منها وظيفة المبنى نفسه، ورؤية القائمين على تصميمه، وكذلك رغبة وذوق مالك العقار، ومن ثم تتداخل هذه العناصر، وفي النهاية يقع الاختيار على لون بعينه، وبالنسبة لقرار توحيد لون المباني، فأعتقد أنه يضفي لمسة حضارية مميزة، ولكن لا يمكن توحيد ألوان واجهات المباني، دون الأخذ في الاعتبار بضرورة، إعادة النظر في التصاميم الخارجية للمباني، وهي عملية من الصعوبة بمكان، ولذلك أعتقد أنه من الأفضل تدارك ذلك مستقبلاً فيما يتم بناؤه من مبان، بحيث تصبح المدينة تدريجياً ذات لون واحد، حتى لو استغرق ذلك فترة زمنية طويلة، لأن هذا في النهاية يخلصنا من العشوائية الحالية التي يتم بها اختيار ألوان الواجهات· على الجانب الآخر، هناك من يعترض على تعدد ألوان واجهات المباني جملة وتفصيلاً، ويرى فيها ضوضاء بصرية مزعجة، ولا تمت للجمال بأي صلة، ومنهم علياء البلوشي التي قالت، إن التعددية اللونية تجعل المظهر العام للمدينة يبعث على الشعور بالفوضى، وعدم الراحة النفسية، وهذا الأمر نلاحظه جيداً عندما ندلف إلى أحد التجمعات المدنية الحديثة، فنجد أن أهم ما يميزها هو الوحدة اللونية التي تغلف مبانيها· وتشاركها الرأي هناء حسان التي تقول إنها زارت بلدانا أوروبية عديدة ووجدت أن منها ما يفرض ألوانا معينة على ساكني المباني حتى لا تحدث فوضى في اختيار الألوان، ويضيع المظهر الحضاري للمدينة· أما عبد المجيد عبد الصادق، فيقول: يجب على أبوظبي أن تسعى لأن تكون ألوان واجهات مبانيها ذات لون موحد، خاصة وأن هناك طفرة معمارية كبيرة تشهدها أبوظبي، ولا يعقل بعد إنفاق هذه المليارات، أن يأتي البعض ويشوهون المنظر العام للمدينة باختيارهم ألواناً قد تكون غير ملائمة ولا متناسبة مع فخامة المباني وحجم الإنفاق عليها· وهذا الرأي يدعمه المهندس حسن مرعي، الذي شدد على رغبته في أن تكون جميع واجهات المباني ذات لون واحد، مشترطاً أن تكون هذه الأبنية على قدر من البساطة ولا تتم المبالغة في الزخارف الخارجية لها، حتى تصبح مبعثا لراحة العين، لأنه في حالة وجود لون واحد للمباني مع بساطة الشكل الخارجي لها، هذا بالتأكيد سيعطي شعوراً بالبهجة للناظر إليها، وهناك عديد من المدن العربية التي طبقت هذه التجربة وكانت ناجحة إلى حد كبير، ومنها تونس، وبعض مدن المغرب·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©