الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

النفط ينعش آمال أنجولا بالقفز فوق «حواجز» الفقر

النفط ينعش آمال أنجولا بالقفز فوق «حواجز» الفقر
19 أغسطس 2012
حققت أنجولا متوسط نمو سنوي بلغت نسبته 11% على مدى العقد الماضي وفائض في الميزانية قدره 10% من الناتج المحلي الإجمالي في 2011 مع صادرات تفوق الواردات بنحو ثلاثة أضعاف، بالإضافة إلى الاحتياطي العالمي الذي تضاعف خلال ثلاث سنوات. وعلى الرغم من هذه الأرقام المثيرة للإعجاب، إلا أن هناك بعض الأرقام المثيرة للإحباط أيضاً. ووفقاً لمعهد الإحصاءات الرسمي في البلاد، فإن واحداً من بين كل ثلاثة فوق سن الخامسة عشر لا يقرأون أو يكتبون، و60% من أفراد الشعب لا يملكون خدمات كهرباء، بينما يمكن لواحد من بين كل ثلاثة الحصول على مياه شرب نظيفة وخدمة صحية مناسبة. ويبدو في الظاهر أن هناك تقدماً، لكن تحمل بواطن الأمور اثنين من الوجوه. أحدهما، مظاهر الثروة النفطية المتمثلة في عمليات البناء المنتشرة في أرجاء البلاد والسيارات الفاخرة التي تجوب شوارع المدن التي تتزايد فيها فروع البنوك والمراكز التجارية العالمية الكبيرة. أما الآخر، فبلاد لا تزال تعاني آثار 40 عاماً من الحرب الأهلية والتمرد، ما جعل ربع سكانها يتمركزون في مساكن عشوائية حول العاصمة لواندا. وفي حين شهدت البلاد آخر تعداد سكاني في 1970 عند 5?7 مليون نسمة، من المتوقع أن يبلغ عدد السكان بإجراء التعداد المقبل بعد سنة من الآن، 20 مليون. وتقدر نسبة الفقر في أنجولا بنحو 36?6% بتراجع إلى النصف من النسبة التي كان عليها في 2000 -2001 قبل انتهاء الحرب الأهلية. ويتفق الرأي العام العالمي على تقلص معدل الفقر، إلا أنه يرى أن النسبة الحقيقية تتجاوز 45%. ومع كل هذه المشاكل، مر الاقتصاد بمراحل من التغيير غير العادية منذ نهاية الحرب عندما قفز التضخم السنوي إلى 100% وعجزت الحكومة عن تسديد ديونها وأعاقت الألغام التي قطعت الطرق حركة الناس والسلع من مكان إلى آخر. ونجحت البلاد بعد ذلك في تحقيق معدلات نمو أعلى من متوسط القارة بكثير، لتصبح واحدة من بين أسرع البلدان نمواً في العالم. كما أنها أقل الدول الأفريقية اعتماداً على المساعدات. ولإثبات مدى ثقتها، خططت أنجولا لإصدار أول سندات عالمية لها، ذلك المشروع الذي يبدو مؤجلاً نظراً لمشكلات الديون التي تجتاح العالم. ومع ذلك، فإن اقتصاد البلاد معرض بشدة لتقلبات أسعار النفط وبطء النمو الاقتصادي في الصين التي تشكل العميل الرئيسي لها. وقاد تراجع أسعار النفط منذ مايو الماضي وانتشار الجفاف، إلى خفض توقعات 2012، من 12?8% إلى نحو 7%. ويعاني الاقتصاد غير المتوازن نقصاً حاداً في الكفاءات وريادة الأعمال وسوء مستوى التعليم والخدمات وصعوبة وصول القطاع الخاص لمصادر التمويل. كما يقف الفساد المستشري وسوء الإدارة العامة، عقبة في طريق الاستثمارات الخارجية. ونتج عن فرض وتيرة التحول والاعتماد شبه الكلي على النفط، مفارقات كثيرة وملفتة للنظر. من بينها السلطة التي تملكها “سونانجول” شركة النفط الحكومية وأكثر الجهات الإدارية نفوذاً في البلاد. واكتشف “صندوق النقد الدولي”، في العام الماضي مبالغ مالية كبيرة متبقية في حسابات حكومية في الفترة بين 2007 إلى 2010 غير متطابقة مع الميزان المالي العام ومصادر التمويل المعروفة. وتقدر هذه المبالغ المتمثلة في مصروفات غير معلنة استخدمتها “سونانجول” بصورة مباشرة من عائدات نفطية كان من المفترض أن يتم توريدها مباشرة للخزينة العامة، بنحو 31?4 مليار دولار ما يوازي عائدات سنة كاملة من الضرائب عند ذلك الوقت. كما تعكس لحد ما أزمة السيولة التي عاشتها الحكومة خلال سنوات بطء النمو. وهذه الأموال مخصصة لتحويلها تدريجياً داخل الميزانية. ومن القضايا الأخرى تكلفة دعم الوقود بأسعار منخفضة، مما أدى لخصم أكثر من 7% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة الماضية. وبحذو تجربة نيجيريا التي حاولت سحب الدعم من الوقود عند بداية العام الحالي، حيث أرغمتها الاحتجاجات الشعبية على سحب قرارها، لا يبدو أن أنجولا تحاول دخول نفس التجربة. وخلق الاعتماد على النفط تشوهات ومخاطر جمة، حيث كانت أنجولا بوصفها ثاني أكثر دولة صناعية في الجزء الجنوبي من القارة، تفتقر إلى شيء آخر تقوم بتسويقه غير الماس والغاز وبعض المنتجات التي تعمل على تكريرها. وفي ظل سيل من العائدات المقومة بالدولار التي أدت إلى رفع قيمة عملة الكوانزا، وجدت البلاد أنه من الأرخص استيراد السلع بدلاً من صناعتها محلياً. ويرى بعض الخبراء المحليين، أن اقتصاد بلادهم غير مؤهل للمنافسة، لكن دخلت الحكومة في مأزق باعتمادها على سعر الصرف العالي لمحاربة التضخم. وانخفضت حصة الصناعة من الناتج المحلي الإجمالي من واقع بين 24 إلى 26% عند نهاية الاستعمار البرتغالي في 1975، إلى 4% في 1990 لتستقر حول هذا المستوى منذ ذلك الوقت. وبينما تملك البلاد مقدرات مهولة في الزراعة والموارد الطبيعية الأخرى، إلا أنها ربما تبلغ حد النمو في غضون 10 سنوات وذلك في حالة فشلها في التصدي لمشاكل الكهرباء والمياه. وبعد مرور 10 سنوات من الأعمار والبناء، تتطلع أنجولا إلى نمو راسخ لحماية نفسها من تقلبات سوق النفط. إلا أن البعض حذر، من أنه ربما أمام البلاد سنوات عديدة للوصول إلى اقتصاد يتميز بالتنوع والتحرر من الاعتماد الكلي على النفط. نقلاً عن: «فاينانشيال تايمز» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©