الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفرح شعور إيجابي يغرد له الكون وتبتهج به النفس

الفرح شعور إيجابي يغرد له الكون وتبتهج به النفس
19 أغسطس 2012
هشام أحناش (أبوظبي) - عادةً ما يتحدث الناس عن السيطرة على الغضب وفضائل كبحه باعتباره إحدى العواطف السلبية الأكثر انتشاراً، لكن لسان حال علماء النفس يقول إن جميع العواطف والمشاعر تحتاج إلى حسن إدارة وسيطرة، بصرف النظر عما إذا كانت سلبيةً أم إيجابيةً. بل إن بعضهم يرى أن إطلاق العنان لبعض المشاعر الإيجابية كالفرح قد يضر صاحبه والمحيطين به؛ فالشخص الذي يحتفل بالعيد عبر قيادة سيارته بتهور و«التفحيط» والتجاوز يسيء استخدام شعوره الإيجابي، فيؤذي غيره ويخاطر بنفسه، ويُصادر حرية الآخرين في استخدام الطريق بأمان. والأشخاص الذين يستخدمون المفرقعات والألعاب النارية للاحتفال بانتصار أو عيد أو إنجاز يحققون لأنفسهم نشوة فرح عابرة، لكنهم قد يتسببون في إصابة أنفسهم أو الآخرين بعاهة دائمة. مشاعر ومآرب تتفاوت قوة المشاعر والعواطف التي تنتابنا عند مصادفتنا للموقف ذاته، أو تعرضنا للتجربة نفسها تبعاً لخلفياتنا التربوية والاجتماعية والثقافية، وحتى الدينية، لكن الذي نشترك فيه هو أن في داخل كل واحد منا كتلة عواطف ومشاعر قابلة للتفجر بالتجزئة كما بالجملة، وقابلة أيضاً للإدارة والترشيد. وتلعب طريقة تعامل الشخص مع عواطفه دوراً رئيسياً في رسم سعادته أو تعاسته، صحته أو علته، نجاحه أو فشله. فمشاعر كالحب والفرح، والغضب والخوف هي بمثابة مرايا تساعدنا على فهم أنفسنا، ثم الآخرين بشكل أفضل. وطريقة تعاطينا مع هذه المشاعر، سواءً من خلال الكبت أو التفجير، تسمح لنا باكتشاف مباهج الحياة، وكذا التعرف إلى منغصاتها. ولعل قابليتنا لاستشعار عواطف متعددة هي خاصية وجودية تروم تحقيق التكامل في حياتنا، وليس تحديدها. ويبقى الأمهر هو من يعرف كيف يتعامل مع عواطفه ويوجهها في الاتجاه السليم، فيدير تدفقها إن كانت إيجابية، ويحتويها ويُغير دفتها إن كانت سلبيةً. وإذا حاد عن هذا المنحى، فإنه سيجد نفسه منقاداً لعواطفه بشكل أعمى، ويُلفي حياته قائمة على آراء الآخرين، ومرتبطة بمواقفهم وبردود أفعالهم، وبصفحهم وغفرانهم، وتقلبات مزاجهم، فتكون عواطفه بذلك تحت رحمة غيره، لا تحت تصرف عقله وروحه ونفسه. إلى ذلك، تقول الباحثة جويس مولر مؤلفة كتاب «إدارة العواطف»: «لا تسمح لعواطفك أبداً بتقرير مصيرك! واحرص بدلاً من ذلك على إدارة عواطفك على نحو يجعلها منقادةً لمواقفك في الحياة بما يحقق أهدافك فيها، ومعززة لنمط عيش مفعم بالفرح ونشوة الاعتزاز بالإنجاز». فرح الكون يقول الكاتب الشهير توركوم سارياداريان إن «المستقبل صديق أولئك الذين يعيشون في فرح، ويتشاركونه وينشرونه فيما بينهم». وهو يرى أن الفرح ينجم عن طاقة جسمانية شبيهة بالطاقة التي ينشئها الحب. فهو يعد أحد أقوى الاهتزازات الشعورية في كوكبنا. وحسب قانون الجذب الكوني، فإن جسم كل إنسان منا يُصدر اهتزازات قوية كلما فكر أو شعر. وكل اهتزاز فيه يجذب شيئاً ما في الكون. وحينما تهتز أجسامنا حباً وفرحاً، فإنها تجذب إلينا كل ما هو جميل ومفعم بالحب والفرح في هذا الكون. وكل عارف بقانون الجذب الكوني يُدرك تماماً أن حياته يمكن أن تكون كما يريد هو بالضبط، وأنه سيد نفسه وقائدها، وأن ما قد يجره للوراء هو الافتقار إلى حب نفسه والعجز عن حب الآخرين، وأن من شأنه أن يتحكم فيها إلى أبعد حد. وإذا كان الشخص ينجذب للفرح ويفكر بفرح ويعمل بفرح، فإن الكون سيعمل لا محالة لمصلحته، ويجذب له كل ما هو مفعم بالفرح. ولا يتحقق الشعور بالفرح الحقيقي إلا لمن يتمتع بشخصية تتآلف فيها النفس مع الروح. وهو إحساس مختلف عن السعادة، كما أنه غير مشروط بوقائع دون أخرى، فجذوة الفرح تظل مشتعلةً في الشخصية الفرحة مهما حدث. ومن آثار الفرح أنه يجعل الشخص أكثر حباً للآخرين، ويجعل حياته تتغذى على ما يجلبه الفرح من مشاعر إيجابية أخرى وتنتعش بها. ومن فوائد الفرح المثبتة علمياً أنه يقوي جهاز المناعة، ويُساعد على تجديد خلايا البدن، ويُخلص النفس مما يعلق فيها من رواسب المشاعر السلبية الأخرى كالقلق والحزن والطمع وسرعة الغضب، ويَحُول دون تراكمها. كما أنه يشحذ القدرات الفكرية ويقوي الذاكرة، ويُمتع الشخص بصفاء الذهن ويجعل تفكيره أكثر اتزاناً، وآفاق وعيه وإدراكه أكثر اتساعاً، ويفتح عقله لتلقي كل رسائل الكون الإيجابية وتحويلها إلى طاقة منيرة تضيء نفسه ومحيطه. ويقول عالم النفس روبرت بوريير «الفرح هو ذاك النور الحقيقي الذي يضيء طريقك، هو ذاك النبراس الذي يُعينك على الذهاب من حيث أنت إلى حيث تريد أن تصل». أما عالم النفس جاك بولاند فيقول «إن كل إنسان ينسج خيوط حياته بالطريقة التي يشعر بها. فلم لا نختار إذن الشعور بالفرح!». فحري بنا إذن أن نفرح فرحاً حقيقياً يغمرنا بالسعادة، وتمتد «عدواه» الجميلة العذبة إلى غيرنا حتى يغدو الجميع فرحين، وبالخير مستبشرين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©