الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرصاص في وجـه القلم وعدسة الكاميرا

الرصاص في وجـه القلم وعدسة الكاميرا
27 فبراير 2016 20:01
ابتهال الصالحي (عدن) في حرب عصابات الحوثي والمخلوع التي استهدفت الأرض والإنسان كان ثمة جبهة أخرى شنت عليها هذه العصابات جام غضبهم هي الإعلام والإعلاميين، قتلوا وخطفوا ونهبوا المقرات، وصادروا التجهيزات وحولوا اليمن إلى واحدة من أخطر الساحات في العالم على حياة الصحفيين. ويرى الإعلاميون أن عام 2015 عام الإجهاز على ما تبقى من وسائل الإعلام، فلا صحف ولا محطات تلفزيونية، ولا إذاعات في المدن اليمنية غير الموالية لهم، ومنذ اللحظة الأولى من سيطرتهم على صنعاء والمدن التي دخلتها اعتبرت عدسة الكاميرا والقلم عدواً لدوداً لهم. أخرست المليشيات جميع الأصوات غير الموالية له، وعملت على تزييف الحقائق وإخفاء الفظائع التي يرتكبونها ضد المدنيين. زلزال دمر كل ما تبقى من حرية الإعلام والفكر التي عرفتها اليمن، حملة شرسة ضد الإعلام من إقفال القنوات الخاصة وسيطرتها على القنوات الحكومية والوكالة الرسمية للأنباء وتوقيف الصحف وحجب المواقع الإلكترونية. وأشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن الحوثيين اختطفوا أكثر من 37 صحفياً، وأن أكثر من 30 إعلامياً في عداد الرهائن، في حين تعرض أكثر من 10 صحفيين للموت، إما من خلال القتل المباشر أو الإعدام أو استخدامهم كدروع بشرية، عذب الصحفيين ومورس عليهم تعذيب جسدي ونفسي، إما بالضرب أو الصعق الكهربائي أو الحرق، فوضع الإعلاميين في اليمن كارثي بكل المقاييس. اضطر المئات منهم للمغادرة خارج البلاد فيما لا يزال بعض الصحفيين والإعلاميين يزاولون عملهم في بعض المناطق التي تقع تحت سيطرة هذه العصابات والعمل بشكل متخفٍ، يغامرون بحياتهم. لم يعد أي صحفي قادراً على الكتابة بحرية، وبحسب منظمة مرسلون بلا حدود صنفت جماعة الحوثي في المرتبة الثانية بعد التنظيم الإرهابي «داعش» في الاعتداء على الصحفيين، وما يتعرضون له من اضطهاد واعتقال وقتل. قبل عام تحدث زعيم جماعة الحوثيين الإرهابية عبد الملك الحوثي في حديث متلفز أن الصحفيين والإعلاميين هم خونه وعملاء وأعداء لجماعته، وبالتالي أصبح كل صحفي وإعلامي عدواً مباشراً لهم. ويعتبر عام 2015 استثنائياً في حصيلة الانتهاكات المرتكبة ضد الصحفيين والإعلام في اليمن كما يصفه الصحفي آدم الحسامي، حيث انتهجت ميليشيات الحوثي والمخلوع المنقلبة على الشرعية، وبعد سيطرتها على العاصمة صنعاء، بمؤسسات الدولة كافة ضربت كسلطة أمر واقع في المحافظات التي تسيطر عليها أرقاماً قياسية في هذا النوع من الانتهاكات ضد حرية الرأي والتعبير. وأكد الحسامي أن مليشيات الحوثي وصالح ارتكبت أفظع الانتهاكات اتجاه الصحفيين فبعد ان سلبتهم حرية التعبير سلبيتهم حقهم في الحياة، وتفننت في القتل اما بالرصاص المباشر واستهدافهم في الميدان اثناء تغطيتهم للأحداث او بقتلهم تعذيباً في السجون والمعتقلات أو بجعلهم دروعاً بشرية، فقد أقدمت الميليشيات على قتل المراسل التلفزيوني عبدالله قابل والعيزري بوضعهم في إحدى الأهداف العسكرية بمحافظة ذمار جنوب صنعاء. وأضاف الحسامي أن هذه المليشيات سجلت رقماً غير مسبوق في سجل قمع حرية التعبير في حق الصحفيين ووسائل الاعلام المختلفة، فمنذ احتلالها لصنعاء قتلت واعتقلت وشردت مئات الصحفيين كما تعدت في انتهاك سافر على كل وسائل الإعلام من خلال اقفال القنوات الخاصة، ونهب ممتلكاتها واحتلالها للقنوات الرسمية ووكالة الأنباء الرسمية للبلاد، كما اوقفت الكثير من الصحف، وحجبت المواقع الإلكترونية باستثناء صحف المخلوع ومليشيات الحوثي، والتي تقوم بتزييف الحقائق وإخفاء الفظائع التي يرتكبونها في حق المدنيين والإعلاميين على حد سواء. رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر تحدث لـ «الاتحاد» حول الانتهاكات للحريات الإعلامية في اليمن أن الصحافة اليمنية مرت العام الماضي بعام اسود لم تمر الصحافة به من قبل، وتحول العمل الصحفي إلى عمل محفوف بالمخاطر تزامن مع حملة تحريض شديدة من قبل جماعة الحوثي وانصار المخلوع صالح باعتبار الصحفيين خونة وعملاء. فمع دخول الحوثيين إلى صنعاء في سبتمبر العام الماضي وسيطرتهم بقوة السلاح على مؤسسات الدولة بدوء بالسيطرة على وسائل الإعلام الرسمية كالتلفزيون ووكالة الأنباء اليمنية سبأ والاذاعات الرسمية والصحف، وقاموا بدهم كل وسائل الإعلام المعارضة لهم والمستقلة ونهبوا مقراتها، وما يزال 14 صحفياً مخفيين في سجونهم منذ 5 اشهر، ومع تضيق الخناق على الصحفيين واستهدافهم المباشر إما بالقتل أو الاعتقال، اطر اكثر من 200 صحفي إلى الهرب لخارج اليمن، فيما فقد ثلثي العاملين في وسائل الإعلام المختلفة أعمالهم جراء إيقاف ومصادرة وسائل الإعلام، وإيقاف مرتبات المئات من الصحفيين العاملين في مؤسسات الإعلام الرسمية. ويضيف نصر ان الصحافة في اليمن تواجه أصعب مرحلة مرت بها اليمن منذ بدء التعددية السياسية عام 1990م، حالات انتهاك الحريات الإعلامية تحدث كل يوم وقد رصد مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي اكثر من 34 حالة انتهاك خلال شهر نوفمبر و40 حالة انتهاك في اكتوبر من العام الماضي قامت بها مليشيات الحوثي والقوات الموالية لصالح وتنوعت الانتهاكات بين القتل والإصابة والتهديد والإخفاء القسري وغيرها. وطالب نصر كل المنظمات المعنيات بالحريات الصحفية في العالم إنقاذ الإعلاميين في اليمن الذين يتعرضون لأسوأ انتهاكات تشهدها اليمن وحمايتهم جراء الموت اليومي، سواء القتل المباشر، أو من خلال التهديد وقطع مصدر الدخل للمئات منهم. وكشف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي عن 34 حالة انتهاك للحريات الاعلامية في اليمن خلال شهر نوفمبر2015م توزعت بين حالات قتل واختطاف وإصابة وتهديد ومحاولة قتل واقتحام ونهب منازل ومكاتب واعتداء بالضرب، ومنع صحف من الطباعة ومصادرة اخرى، إلى جانب حجب واختراق مواقع إلكترونية. وأوضح المركز أن الانتهاكات طالت مؤسسات اعلامية وصحفيين ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي. ووفقا للتقرير فقد توزعت الانتهاكات بين حالات قتل بلغت 2 حالة، و6 حالات اختطاف، و6 حالات اقتحام ونهب، و 6 حالات تهديد، وحالتي إيقاف صحفيين عن العمل، وحالتي حجب مواقع الإلكترونية، وحالة اصابة ومحاولة قتل واعتداء بالضرب ومصادرة ومنع طباعة صحف واختراق موقع اخباري. حيث توزعت تلك الانتهاكات على 7 محافظات يمنية منها محافظة صنعاء بعدد 18 حالة بنسبه حوالي 53 % من اجمالي عدد الانتهاكات، تلتها محافظة الضالع بعدد 6 انتهاك وبنسبة 17.5 % من اجمالي عدد الانتهاكات، ثم محافظة عدن بـ 4 انتهاكات وبنسبة 11.7% ، ثم محافظتي مأرب والحديدة بعدد 2 انتهاك لكل محافظة ، تلتها محافظات تعز وحجة بحالة انتهاك واحدة لكل محافظة. وأوضح التقرير أن 25 حالة انتهاك أي ما يساوي 73.5% من اجمالي الانتهاكات مارستها جماعة الحوثيين، تلتها 6 انتهاكات مارسها مجهولون، أي ما يساوي 17.5% ، انتهاكان 2 مارستها قناتين عالمية أي ما يساوي 5.8% ، ثم انتهاك واحد مارستها قوات التحالف أي ما يساوي 2.9% وحسب التقرير فقد كان النصيب الأكبر من الانتهاكات للصحفيين وعاملين بوسائل إعلامية بعدد 18 انتهاك ، تلتها 10 انتهاك طال مؤسسات اعلامية وعدد 6 انتهاكات طال ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، أو ما يسمى الاعلام الاجتماعي. وادان التقرير كل الممارسات التعسفية ضد الحريات الإعلامية والإعلاميين التي تمارس في اليمن في محاولة للضغط على الاعلام وجعله يتغاضى عن الجرائم التي يتم ارتكابها والذي لم يعد يجدي نفعا في ظل تقنية المعلومات. واستغرب التقرير عن أسباب استمرار توقف إذاعة عدن الرسمية عن البث حتى بعد تحرير المدينة، وعدم الاستجابة لإعادة تشغيل قناة عدن وممارسة عملها من داخل مدينة عدن لأهمية هذا الوسيلة الإعلامي . وفي ختام التقرير دعا الحكومة الشرعية ومحافظ عدن لتحمل المسؤولية تجاه ما يحدث من عملية هدم وبناء في مقر نقابة الصحفيين في محافظة عدن من قبل مسلحين، بعد أن قاموا بنهب وسرقة محتويات النقابة كافة. الخطف والقتـــــــــل لا تزال هذه العصابات الإجرامية تمارس أعمال الخطف والقتل ضد الصحفيين، وتشن حملة شعواء لملاحقة الصحفيين والتنكيل بهم ولاتزال الإحصائيات في ارتفاع لكل أعمال الانتهاكات المرتكبة في حق الإعلاميين والصحفيين، ولعل أحدثها كانت فجر يوم 19 فبراير، بعد أن اقدموا على اختطاف الصحفيين عبدالله المنيفي وحسين العيسي من منزلهما في مدينة ذمار واقتادوهما إلى مكان مجهول، وكان آخر الضحايا من العاملين في مجال الإعلام المصور التلفزيوني أحمد الشيباني الذي لقي حتفه في تاريخ 15 فبراير برصاص قناص حوثي في مدينة تعز. وسائل التواصل الاجتماعي المتنفس الوحيد بسبب التضيق على الصحفيين ووسائل الإعلام والتهديد المستمر والخطر المحدق على حياتهم عزفت وسائل الإعلام الأجنبية عن تغطية مجريات الأحداث في الساحات اليمنية، خوفاً على طواقمها من الانتهاكات التي تقوم بها هذه المليشيات الإجرامية المسلحة. لتتحول وسائل الإعلام الاجتماعية البديل الآمن نوعاً ماء إلى فضح جرائم هدة العصابات من خلال نقل الصور ومقاطع الفيديو للأحداث وإقامة الحملات التي تهدف إلى إغاثة المناطق المنكوبة وانتهج الكثير من الصحفيين والإعلاميين والناشطين الى ملء الفراغ التي تركته اقفال القنوات التلفزيونية والصحف والمواقع الإلكترونية. الخطر مستمــــــــر الخطر المحدق بالصحفيين والإعلاميين مستمر منذ الثورة التي قام بها اليمنيون لإسقاط نظام صالح وحتى الآن وبنفس أذرع النظام السابق وبحليف جديد متمثل في جماعة الحوثيين المسلحة، والذي تنتهج نفس نظام صالح الإرهابي ليجد الصحفيون انفسهم في مواجهة ترسانة العسكر وبنادقهم المصوبة الى صدورهم العارية، وفتح أبواب الزنازين ومواجهة الصوت والقلم وعدسة الكاميرا بالرصاص الحي،لكن الحقيقة تعرف كيف تشق طريقها للناس لتكون الشواهد موثقة حتى ذلك اليوم الذي تأخذ العدالة الدولية مجراها في محاسبة الفاعلين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©