الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الربيع الفرنسي ودور العرب الحاسم في حرب الإليزيه

11 نوفمبر 2006 00:14
باريس - الاتحاد (خاص): في الخريف الحاسم في فرنسا: مَنْ هم المرشَّحون للانتخابات الرئاسية في نيسان / ابريل المقبل ·· أسماء كثيرة على السطح· وإذ لا يزال الرئيس ''جاك شيراك'' يحتفظ بموقفه، من ترشيح نفسه، حتى ربع الساعة الأخير، أي بعد أن تكون الخريطة قد توضَّحت جيداً، يظهر اسمان: ''نيكولا ساركوزي'' (ساركو) و''سيغولين رويال'' (سيغو)··''ساركوزي'' يذهب بعيداً في ''التحالف'' مع الولايات المتحدة، حتى أن البعض يطلق عليه لقب ''المرشح الانجليزي''، في ضوء طبيعة العلاقات بين لندن وواشنطن، كما أنه أعلن تأييده الكامل لإسرائيل، فيما ''رويال'' بعيدة، نسبياً، عن واشنطن، وتفهم العرب وتحبهم·ما هو دور العرب إذاً في انتخابات الربيع الفرنسي ؟ هنا متابعة خاصة ل(الاتحاد ) من باريس يسأل ذلك المهاجر: ''لماذا يكرهنا نيكولا ساركوزي؟''·· بالنسبة إلى الكثيرين من عرب شمال أفريقيا: ''إنه ميكافيللي، إنه الهنغاري الذي لم تؤثر فيه مبادىء الثورة الفرنسية ولا يعرفها، وإذا ما دخل إلى الاليزيه فسيكون أشد هولاً من جان ـ ماري لوبن''· المهاجرن بدأوا يستشعرون الخطر (عن قرب)· الانتخابات الرئاسية في نيسان ابريل المقبل· الناشطون بينهم يتحركون ويدعون إلى انتخاب ''سيغو''، أي ''سيغولين رويال''، بدل ''ساركو'' الذي ''قد يعاملنا على طريقة الكلوكلوكس كلان''، وهي المنظمة الأميركية التي طاردت البيض في الولايات المتحدة وإلى حدّ قتلهم·· عادة هناك البُعد السوسيولوجي في العقل السياسي الفرنسي والذي يحاول تجاوز البُعد التاريخي الذي لا شك أنه مكان مثالي للأعصاب الساخنة، وعلى هذا الأساس سُرَّ البعض بـ ''ساركوزي''، وهو يطلق على فتيان الشغب في الضواحي تعابير من طراز ''الأوباش'' أو ''الحثالة'' أو ''الرعاع''، فيما صدم البعض الآخر لأن هذه التعابير لا تُستخدم عادة في مجتمعات راقية، وتعتبر أن التألق الثقافي هو السبب الرئيسي في تميّزها· لغة العصا مفكرون في فرنسا أثاروا المسألة من جوانب أخرى، إذ أن ثمّة حالات شديدة من الإهمال لا بد أن تنتج العاطلين عن العمل، والأمّيين، والفوضويين، وبالطبع دون الدفاع عن الأداء التخريبي لهؤلاء، لكن ''نيكولا ساركوزي'' وزير الداخلية، أي أنه لا يتعاطى مع مثيري الشغب بكلمات ''جان جاك روسو'' (العقد الاجتماعي) أو ''بيار دو شاران'' (هل تكفي دموعي لتطفىء غضبكم؟)، بل انها لغة العصا· في أي مكان لم توضع العصا جانباً· إنها العلاج ''المثالي'' لمَن يحاول المسّ بالاستقرار العام· المسلمون يشكلون الطائفة الثانية في فرنسا، أي أن لهم وزنهم الانتخابي، وهم مسيَّسون إلى حد كبير، كما أن كثيرين منهم يتأثرون بما يكتبه صحافيون أو كتّاب من أصل عربي· على كل لم يتوجّه إليهم ''ساركوزي'' الذي يفترض أن يكون ديغولياً ما دام ينتمي إلى حزب الرئيس ''جاك شيراك''· الواضح تماماً أنّ الرجل إذا ما وصل إلى رئاسة الجمهورية فإنه سيزيل أي أثر للجنرال ''شارل ديغول'' الذي كانت له مواقف مشرّفة حيال القضايا العربية· إنه الجنرال الذي قفز فوق الجنرالات وقال بتقرير المصير للجزائريين· منع السلاح عن إسرائيل بعد تدميرها الطائرات المدنية في مطار بيروت، وحين عمد الإسرائيليون إلى سرقة الزوارق الحربية من مرفأ شيربورغ، بتواطؤ مع مسؤولين في وزارة الدفاع، أمَرَ بتنحية اليهود في الوزارة والذين كانوا وراء العملية '' الفضيحة''· الآن، يقول ''نيكولا ساركوزي'' إنه مع إسرائيل· هكذا بالمطلق ودون أي ذكر للحيثيات، مع أن الرجل يفاخر بأنه إذا كان تلميذ أحد فهو تلميذ ''رينيه ديكارت'' ومنهجه العقلي· هنا العقل والقلب ضد العرب، مع أن ''الطاهر بن جلون'' يذكره بأنه من بلاد الدانوب الذي يقطع هنغاريا بـ417 كيلومتراً من أصل طوله البالغ 2860 كيلومتراً· إنه ينصحه بأن يصغي جيداً إلى سنفونية ''الدانوب الأزرق'' لـ''جوهان شتراوس'' ''إذ ذاك قد يتفتح قلبك''· لكن ''ساركوزي'' يقول إنه شغف بالموسيقى· خصومه يخشونه فعلاً بسبب أعصابه التي تنفجر فجأة، وكذلك لسانه، وهم يقولون لا علاقة له البتة بذلك النوع من الموسيقى، بل انه بحث مع مستشارين إمكانية تدريب رجال الشرطة على إيقاع البوب، ليس من أجل شيء من الشفافية وإنما من أجل سرعة الحركة، والاعتماد ''في التفكير'' على القدمين بالدرجة الأولى· دولة لا تحكمها العصافير لا مجال للرهان على رئيس الحكومة ''دومينيك دو فيلبان''· أحد أنصار وزير الداخلية يسخر قائلا ''فرنسا أكثر تعقيداً من أن تحكمها العصافير''· إذاً، نطلق النار على العصافير· لم ينجح ''دو فيلبان'' لا في موضوع عقد العمل الأول ولا في معالجة أعمال الشغب في الضواحي، مع أن هذه ليست مهمّته وحده، لكن الرجل مرهف جداً وشاعر، لا يعرف أن يستخدم قبضته في كل المناسبات وإظهار الغطرسة· مثقفون يقولون إن ''دو فيلبان'' الذي هبطت نسبة ناخبيه المحتملين إلى ما دون الثلاثين في المئة هو مَن ينقذ فرنسا من الحيرة الراهنة· إنه يحبها، وإن جاء مَن يقول له: ''ليس المهم أن تحب فرنسا فقط بل أن تحب الفرنسيين''· هل حقاً انّ رجل الماتينيون لا يحب بني قومه؟ هذا الخريف سياسي جداً في فرنسا· المعركة تنطلق، هذا لا يلزم الرئيس ''جاك شيراك''، الذي بات الدستور يسمح له بترشيح نفسه لولاية ثالثة بعد تقصير الولاية الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات· ثمة مَن ينصحه بأن يبتعد عن هذه التجربة· الفرنسيون معروفون بقابليتهم الشديدة للملل· لا ريب أن كمية الخيال تضاءلت كثيراً· هذا زمن البراغماتية والتجدّد· حتى ''شارل ديغول'' أثار السأم لدى الفرنسيين رغم قامته المدوية وسياساته المدوية أيضاً· ··حبيبتي إسرائيل يعلم الرئيس ''شيراك'' كيف يقطف الثمار، وإن قام بأكثر من قفزة في المجهول على المستوى الداخلي، وفي أوقات سابقة· إنه ينتظر أن تتبلور الخريطة بصورة أفضل، فاليمين منقسم على نفسه، الوسط أيضاً، فيما ان الاشتراكيين مبعثرون على نحو دراماتيكي· ''ليونيل جوسبان'' وضع نفسه في الضوء قليلاً، بعدما كان قد أعلن اعتزاله بسبب الهزيمة التي مُنيَ بها في الانتخابات السابقة، ما لبث أن سحب قدميه بسرعة لأنه بالكاد يجد مكاناً لقدم واحدة· ماذا عن الاشتراكيين؟ هناك ما يشبه التصدّع الايديولوجي، فكلمة ''الاشتراكية'' لم تعد تنطوي على الحد الأدنى من الاثارة لدى الطبقات الشعبية التي ابتعدت، بصورة أو بأخرى، عن النظرة الكلاسيكية إلى الأحزاب· ثلاثة مرشحين اشتراكيين'' ''لوران فابيوس''، رئيس الوزراء السابق الذي كان قريباً جداً من الرئيس ''فرنسوا ميتران''، واليهودي الذي اعتنق الكاثوليكية، و''فريديريك شتراوس'' كان الذي يقول للعرب أن زوجته تصرخ من شرفة منزلها ''حبيبتي إسرائيل''، وتبقى ''سيغولين رويال''· شريك حياتها ''فرنسوا هولاند'' هو أمين عام الحزب الاشتراكي الذي أنجبت منه خمسة أولاد دون زواج، مستعد أن يتنازل عن الترشيح إذا ما حصلت ''سيغولين'' على ترشيح الحزب· ويبدو أن هذا هو الذي سيحصل ربما لأن فرنسا تريد أن تلتحق بالكثير من الآخرين وتدفع بامرأة إلى قصر الاليزيه· ناهيك عن أنّ ''سيغو'' ترفع شعارات جذابة جداً في حين يقال إنّ الجفاف بدأ يسحق المجتمع الفرنسي الذي يتجه، كما المجتمعات الأوروبية الأخرى، نحو الشيخوخة· إنها مع ازدهار العائلة· وإذا كانت الزهرة الحمراء هي شعار الحزب الاشتراكي فهي تعد بزهرة لكل مواطن فرنسي· وهو تعبير مجازي ينم عن الرغبة في إعادة تشكيل العلاقات· مأساة تهزّ قلبها على خطى شريكها ''فرسوا هولاند''، تحب ''سيغولين'' العرب، وتقول بحل عادل وشامل وسريع للمأساة الفلسطينية ''التي تهزّ قلبي ويفترض أن تهزّ قلوبكم جميعاً''، وهذا ما يثير ''سخرية'' ''دومينيك شتراوس'' الذي كان يقول إنّ ''سيغو'' تفهم بالسياسة الدولية بقدر ما تفهم الدجاجة بالفيزياء النووية· لنتذكر أن ''جاك شيراك'' كان عمدة باريس، وكانت كل نشاطاته مركزة على كيفية أن يجعل من المدينة الأكثر سحراً في العالم، ثم أن شريكها ''فرنسوا هولاند'' قارىء شهير، ويعلم الكثير عن أحوال الدنيا، ناهيك عن أن فرنسا تضم فريقاً ضخماً من الديبلوماسيين المحترفين الذين هم على تماس دائم مع أحداث العالم· هل هذه هي المشكلة؟ الكتّاب اليهود والمتشدّدون لا ينتقدون شفافية ''سيغولين رويال''، بل انهم يقولون إنّ فرنسا تحتاج الآن إلى رجل من طراز ''نابليون بونابرت'' لا إلى امرأة تقول انها تمضي ساعات جميلة في المطبخ· المشكلة في أين نجد رجلاً من طراز ''نابليون بونابرت''· يسخر ''هولاند'': ''ما عليكم إلا أن تنبشوا القبور''! العرب مستنفرون· دورهم قد يكون حاسماً في اختيار الرجل الذي سيدخل إلى قصر الاليزيه في الربيع المقبل· هذا ممكن جداً··· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©