الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صخور اسكتلندية تُعيد سجال نظريات أصل الحياة والخلق إلى الساحة

صخور اسكتلندية تُعيد سجال نظريات أصل الحياة والخلق إلى الساحة
25 نوفمبر 2010 20:30
ما زال نشوء الكون وظهور الحياة من الأسرار التي استعصى على العُلماء كشفها. فغالبية الفرضيات والنظريات التي أتى بها العلماء ما تفتأ تفقد بريقها وتتبدد بظهور ما يفندها أو ينتقص من تماسكها وقوتها المنطقية. والمقاربات المادية المحضة حول أصل الحياة التي لمع بريقها في القرن التاسع عشر فقدت وهجها وأضحى بعضها من النكات التي يُتندر بها. هذا في الوقت الذي زادت فيه عدد العلماء الذين يدعون إلى البحث عن أسرار الكون دون معزل عن الإيمان بالأديان والكتب السماوية. ولعل من أبرز العُلماء الذين قالوا بأن البحث عن أصل الخلق والحياة هو ضرب من ضروب البحث عن السراب هو صاحب نظرية النسبية ألبرت آينشتاين الذي قال “إن التعاليم الدينية هي الملاذ الذي يجب أن يلجأ إليه الإنسان حتى لا يضل طريقه وهدفه”. وقد شهد القرن العشرين تنظيم الكثير من المناظرات العلمية التي تقارعت فيها نظريات نشوء الكون وأصل الحياة مع بعضها، فمنها ما لم يخلُص إلى أي نتيجة وإنما استنسل أسئلة جديدة وتركها معلقة، ومنها ما رجح كفة فرضية على أخرى. القرآن الكريم الذي هو خاتم الكتب السماوية والمحفوظ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها يشمل الكثير من الآيات التي تتحدث عن الخلق والكون، وتدعو إلى تأمل الكون والنفاذ إلى أقطار سماواته، وتُخبر بأن الخالق جعل من الماء كل شيء حي، وأنه خلق الأرض والسماوات في ستة أيام، وأنه سبحانه أعطى كل شيء خلْقه ثم هدى. فاستحضار هدي الله هو نبراس العُلماء للتعرف على قصة الخلق والحياة دون تيه أو ضلال. فإذا توافر في العالم هذا الشرط، فإنه حتماً سيمضي من سبيل إلى آخر باهتداء واطمئنان. يقول الفيزيائيون إن الكون يسير نحو الفناء، أو بعبارة علمية أدق “نحو الموت الحراري”. فانتقال الحرارة من الأجسام الحارة مثل النجوم إلى الأجسام الباردة مثل الكواكب والغبار الكوني سيتوقف عندما تتساوى حرارة جميع الأجرام والأجسام في الكون ويتوقف انتقال الحرارة بين الأجسام. وعلى الرغم من تلاشي نظريات النشوء والتطور التي سادت في القرن التاسع عشر، فإن أجزاء منها ما زالت موضوع مقارنة مع نظريات أصل الحياة التي ظهرت بعدها. سديم وحساء نشرت جريدة “كريستيان ساينس مونيتور” دراسةً مقارِنةً أجراها باحثون من جامعة أريزونا يقارنون فيها بين نظريتي نشوء الكون القديمة والجديدة. فنظرية التطور القديمة تقول إن الكون كان عبارةً عن سديم وغازات، وتقول النظريات الحديثة إن الكون نشأ عن انفجار كبير في مزيج من المادة والطاقة يُصطلح عليه “الحساء الكوني” أدى إلى تشكل أجزاء الذرة فالجزئيات ومواد أخرى أكثر تعقيداً وتركيباً. وتعزيزاً لنظرية الانفجار الكبير والحساء الكوني، قال باحثون أميركيون مؤخراً إن أصل الحياة على كوكب الأرض قد يكون مصدره أعالي السماء في الغلاف الجوي وليس المياه السطحية للمحيطات والبرك. وقد قاموا بتجارب تُحاكي التفاعلات الكيميائية الممكنة التي يمكن حدوثها في أعلى الغلاف الجوي للقمر “تيتان”، أكبر أقمار كوكب زُحل، فوجدوا أن الأحماض الأمينية والقواعد النوكليوتيدية، التي تُعتبر بمثابة اللبنات الأولى لنشأة الحياة، يمكنها أن تتشكل دون الكثير من المُحفزات. وهو الأمر الذي تكرر حدوثه على سطح الأرض، يقول هؤلاء العلماء. الأرض وتيتان في الوقت نفسه، نشرت مجلة “نايتشر” في عددها الأخير دراسةً غير ذات صلة تشير إلى أن الغلاف الجوي للأرض كان يحتوي على ما يكفي من الأوكسجين للمساعدة على نشوء حياة مركبة على سطح الأرض منذ ما ينيف على 1,2 مليار سنة. واستندت هذه الدراسة إلى وجود أدلة علمية في رواسب قديمة في اسكتلندا تؤكد أن تركيز الأوكسجين في الغلاف الجوي كان كافياً. وعلى الرغم من أن تيتان والأرض ليسا توأمين حقيقيين باعتبار تيتان أكثر برودةً من الأرض -يبلغ معدل درجة حرارة سطحه 179- درجة سيلسيوس تحت الصفر- فإن قاسمهما المُشترك هو سماكة غلافهما الجوي وغناه بغاز النيتروجين (الآزوت). ورُبما كان الغلاف الجوي لكوكب الأرض في الأزمنة السحيقة يبدو تماماً مثل شكل الغلاف الجوي لقمر تيتان اليوم، حسب اعتقاد الكثير من العُلماء. وبالتالي فإنه من المحتمل جداً أن يكون هذا الغلاف شهد تفاعلات كيميائية شبيهة بتلك التي حدثت على كوكب الأرض. تفاعُلات سديمية قالت سارة هروست من جامعة أريزونا خلال مؤتمر صحفي عُقد الشهر الماضي “من المحتمل جداً أن تكون قد حدثت في السابق تفاعُلات سديمية (السديم هو الضباب الرقيق جداً الناشئ عن وجود دخان أو غبار أو ملح) قبل وجود الحياة. ومن الممكن أن تكون مزيجاً من الغازات”. وقد عرضت هورست النتائج التي توصل إليها فريق البحث العلمي الذي تعمل في إطاره خلال الاجتماع الثاني والأربعين لقسم علوم الكواكب التابع للجمعية الأميركية للفلك بمدينة باسادينا بولاية كاليفورنيا. حياة في الأعالي تقوم نظرية الحساء العضوي الكوني على فكرة مفادها أن جذور الحياة على كوكب الأرض تعود إلى مياه الكوكب، وتفيد هذه النظرية أن الجزيئات المعقدة التي كانت متناثرةً حول محيطات العصور القديمة تبعثرت ثم تجمعت مرةً ثانية وتآلفت بفعل انفجارات قد تكون حدثت على مستوى الحساء- رُبما على شكل هزات طاقية وصعقات مضيئة. وقد تكون هذه التفاعُلات أدت لاحقاً إلى ظهور جزيئات ذاتية التكون والتكاثُر، أي الحياة كما نعرفها. واستطردت هورست بالقول إنه من الممكن أن يكون ذلك قد حصل فعلاً، إلا أن النتائج التي توصل إليها فريقها تشير إلى احتمال وجود بيئة حاضنة للحياة هي طبقات الغلاف الجوي العليا للأرض. أوكسجين الغلاف الجوي هناك جزيئات مركبة ومعقدة كبيرة كثيرة، بعضها يحتوي على ألف ذرة كربون في أعالي تيتان. ومن المحتمل جداً أن تكون هذه الجزيئات قد انتثرت في الطبقات العليا للغلاف الجوي للأرض أيضاً. ويُحتمل أن تكون قد لعبت دور الجزيئات الأساسية التي تعتمد عليها جميع أنواع التفاعلات الهامة الأخرى. وأضافت الباحثة هروست أنه ربما تكوُن فيوض وافرة من الطاقة المُحفزة لتلك التفاعلات قد تدفقت وانسابت بشكل يومي إلى الطبقات العليا للغلاف الجوي. ومن المحتمل أن تعج أعالي الغلاف الجوي بالمزيج المثالي من الأوكسجين الكافي لتكون وتشكل جزيئات أخرى، دون أن يكون كافياً بالضرورة لاحتراق أي مادة احتراقاً كاملاً. ويقول العلماء إنه على الرغم من أنهم يشكون في التوصل يوماً ما إلى جميع الحيثيات التي لفت ظهور الحياة على الأرض على وجه الدقة والتحديد، فإن إجراء المزيد من الدراسات المعمقة على قمر تيتان قد يساعد في التوصل إلى خلاصات أو نتائج دقيقة، أو حتى فرضيات علمية متماسكة ومتكاملة. ويقول روجر ييلي من جامعة أريزونا وأحد أعضاء فريق البحث والعمل “نعلم أن ذلك يحدث على قمر تيتان، ونعلم أيضاً أنه يمكننا دراسة ذلك بشكل أعمق”. الصخور الاسكتلندية يعتقد الباحثون أن أصل نشوء الحياة يعود إلى حوالي 3,8 مليار سنة، لكنها لم تتفتق فعلياً على شكل مجموعة من المواد العضوية المركبة والمعقدة إلا عندما زادت مستويات الأوكسجين في الغلاف الجوي للأرض بشكل وافر وكثيف. ويرى عدد من العُلماء إلى يومنا هذا أن هذه الزيادة الهائلة في مستويات الأوكسجين حصلت قبل حوالي 800 مليون سنة. غير أن دراسةً طبيعيةً جديدةً أشارت إلى أن الأوكسجين كان موجوداً بكميات وافرة، وبما يكفي لنشوء حياة مركبة قبل ذلك بكثير. وقد وجد الباحثون دليلاً في صخور اسكتلندية يفيد بأن البكتيريا كانت تستخدم الأوكسجين لتوليد الطاقة والبقاء حيةً قبل 1,2 مليار سنة. وقال جون بارنيل، المشرف على هذه الدراسة والأستاذ بجامعة أبردين “إن هذا التفاعل الكيميائي يدل بشكل قاطع على أن الأوكسجين كان موجوداً في الغلاف الجوي خلال هذه المرحلة الهامة من نشوء الكون وتطوره وفي المراحل المبكرة الأولى من تاريخ الأرض”. ترجمة هشام أحناش عن أكثر من موقع
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©