الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إعدام صدام ··هل يعمق الانقسام الطائفي في العراق ؟

10 نوفمبر 2006 01:29
بغداد-حمزة مصطفى : تصر حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على تنفيذ حكم الإعدام بصدام حسين · وطبقا لأحدث التصريحات الصادرة عن المالكي بهذا الشأن فإن تنفيذ حكم الاعدام بالرئيس السابق لن يتعدى نهاية السنة الحالية · ويبدو ان لرئيس الوزراء وكتلة الائتلاف العراقي الشيعي التي ينتمي إليها المالكي حساباتهم الخاصة من طي صفحة صدام حسين ونظام حكمه الى الابد · ومع وجود معارضة دولية بدأت تتنامى ضد تنفيذ هذا الحكم خصوصا في الأوساط الاوروبية وكذلك من قبل المنظمات الدولية والاخرى المعنية بحقوق الانسان فإن واشنطن لاتعارض من حيث المبدأ إعدام صدام · فبالاضافة الى كونها رتبت أن يتزامن إصدار الحكم مع بدء الانتخابات النصفية للكونكرس على أمل أن تقلب المائدة على رؤوس الديمقراطيين وهو ما لم يتحقق فإن صدام حسين يعتبر من الخصوم الشخصيين للرئيس الاميركي الحالي بوش الابن والرئيس الاسبق بوش الاب ، كما ان الاميركيين لايتوقفون كثيرا عند مسائل تتعلق بأحكام الاعدام وسواها على عكس الاوروبيين · إذن يوجد ضوء أخضر أميركي للمالكي بإعدام صدام حسين يرافقه شبه صمت رسمي عربي من هذا الموضوع الذي عدته بعض الجهات الرسمية العربية على أنه شأن داخلي عراقي · لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ·· هل يتمكن المالكي والائتلاف الحاكم من تخطي الانقسام الحاد في الشارع العراقي إزاء هذه القضية التي باتت الان شديدة الحساسية خصوصا وانها تعدت كونها مسالة تدخل في نطاق تنفيذ أحكام صادرة عن محكمة مختصة بتهم ترقى الى جرائم الحرب والابادة الجماعية للسكان ؟ المراقبون السياسيون في العاصمة العراقية بغداد باتوا يرسمون صورة قاتمة جدا للوضع العراقي · وفي الوقت الذي تكاد تفشل فيه كل المحاولات الرامية الى نزع فتيل الفتنة الطائفية التي تهدد بإغراق البلاد بحرب أهلية طاحنة أكثر شراسة مما يجري الآن في الشارع العراقي فإن النطق بالحكم على صدام حسين في هذا الوقت ولاسباب انتخابية أميركية أدى الى تعقيد الأوضاع أكثر · وفور النطق بالحكم على صدام حسين بالاعدام خرجت مظاهرات في مدن العراق لايمكن ان يقال عنها انها عفوية على الإطلاق · ومن سياق اللافتات والشعارات التي رفعت فيها والتي بدت معدة مسبقا تبين مدى الانقسام الطائفي والمذهبي في بلاد كانت تفخر بأن التنوع العرقي والمذهبي فيها انما هو مصدر قوة واتحاد · ففي الاحياء الشيعية من بغداد ومدن الجنوب الشيعي خرجت مظاهرات مرحبة بإعدام صدام ، ومن الواضح ان تلك التظاهرات التي صممتها وأخرجتها الاحزاب الشيعية الموجودة في السلطة مثل المجلس الاعلى وحزب الدعوة بدت مصممة وكأنها ضد طرف آخر يتعدى وضع صدام وتركيبة حكمه التي كانت خليطا من السنة والشيعة وحتى الاكراد · و في الاحياء السنية من بغداد ومدن المنطقة الغربية ذات الاغلبية السنية خرجت تظاهرات هي الاخرى معدة ومرتبة سلفا وكان الجميع على علم بنتيجة الحكم ، حيث بدت تلك التظاهرات المؤيدة لصدام والمعادية للاميركان وكأنها موجهة ضد طرف آخر بعينه · غير ان صدام الذي واجه حكم الإعدام برباطة جأش قاتلة حتى للقاضي الذي شاب أداءه نوع من الارتباك وهو يواجه محكوما بالاعدام يهتف بالشعب والامة وكأنه في حفلة عرس فقد كان في الواقع أعقل من الطرفين ·· من مهاجميه ومن مؤيديه · فأثناء حضوره محكمة الانفال أظهر تماسكا وبرودة أعصاب حديدية وهو يدعو العراقيين سنة وشيعة عربا وكردا الى الصفح والتعاون والعفو وفتح صفحة جديدة · للشك ان الاداء الاخير لصدام في المحكمة سواء عند النطق بالحكم عليه او في اليوم التالي في محكمة الأنفال التي ستصدر هي الأخرى حكما عليه بالاعدام كان مربكا لخصومه · فمن حيث المبدأ ظهر أن صدام قادر ليس على تحريك الشارع وبالذات الشارع السني المقاوم بل قادر على إرباك العملية السياسية ·· فالجمهوريون لم يفوزوا بسبب صدام ، ولم يحصل إجماع عراقي على إعدامه برغم اعتراف الجميع ان صدام حسين ظلم السنة مثلما ظلم الشيعة والاكراد على حد سواء ·· ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد ،، فمن بين أبرز دعامات ادارة بوش وزير دفاعه رامسفيلد ترك منصبه بسبب الانتخابات والاوضاع في العراق · وفي العراق تزداد عمليات استهداف الجنود الاميركيين بوتائر متصاعدة مما جعل الادارة الاميركية تعيد حساباتها وتبدأ حوارات مباشرة وغير مباشرة مع الفصائل المسلحة في العراق ومع البعثيين في وقت يواجه فيه مشروع المالكي للمصالحة الوطنية أكثر من مأزق خصوصا في ظل عدم قدرة الحكومة على التعاطي مع الملف الامني بصورة فعالة وعدم القدرة على حل الميليشيات المسلحة ووضع حد لفرق الموت ، بالاضافة الى التردي في الخدمات والاقتصاد والبطالة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©