الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصريون يرفعون شعار لا وقت للمصايف

المصريون يرفعون شعار لا وقت للمصايف
27 أغسطس 2013 09:42
تراجعت كثيرا هذا العام وللمرة الأولى منذ سنوات مظاهر اهتمام المصريين بقضاء الإجازة الصيفية على شواطئ البحر للتخلص من هموم الحياة وإرهاق العمل والمذاكرة وذلك بسبب انعكاسات الأزمة السياسية التي تمر بها مصر، وما تبعها من أحداث وصولا إلى فرض حظر التجوال وما صاحب ذلك من ارتفاع كبير في أسعار السلع. تراجع ملحوظ بدا لافتا خلال الفترة المنقضية من الموسم أن مظاهر عدة ارتبطت بالصيف في مصر توارت بداية من الخلاف الزوجي الشائع حول اختيار مكان المصيف وعدد الأيام التي يمضونها هناك ومناسبة ذلك للمبلغ الذي قدره الزوج مرورا بمراعاة كل أسرة توفيق فترة المصيف مع استعدادات أبنائها لبداية موسم الدروس الخصوصية وامتحانات الدور الثاني. كما بدا تراجع الاهتمام بالمصيف والأمور المتعلقة به من أحاديث المصريين اليومية في دواوين العمل ووسائل المواصلات والأماكن العامة والأندية الاجتماعية وانشغال الجميع بتبادل الأحاديث في الموضوعات المتعلقة بما يموج به الشارع بسبب الأزمة هناك. ولم يكن غريبا أن تختلف طريقة مواجهة المصريين لحر الصيف وارتفاع نسبة الرطوبة هذا العام وفقا لأوضاعهم الاقتصادية فمنهم من استعان بأجهزة التكييف، ومنهم من لجأ إلى المراوح الكهربائية وهناك من تأقلم مع الحر مكتفيا بسكب قليل من الماء البارد على وجهه أو بقضاء بعض الوقت عصرا على كورنيش النيل أو فوق أحد الكباري إلى أن يقترب موعد حظر التجوال فيسرع بالعودة لمنزله. ورغم اختلاف المصريين في دخولهم المالية فقد توحدوا في رفع شعار قضاء إجازة الصيف في البيت أفضل خشية أن ينالهم جانب من أحداث العنف التي باتت تتفجر في أي وقت إلى جانب أن قرار حظر التجوال في المساء. ويقول عصام زكريا (تاجر ملابس) «لا شهية للمصيف هذا العام فحال البلد لا يشجع، وهو ما يجعلني وأسرتي في خطر لاسيما وإننا نفضل دوما الإسكندرية كمصيف وهي الأخرى تشهد أعمال عنف ربما تزيد على الموجودة بالقاهرة ومرسى مطروح ورأس البر وجمصة خطر والعريش لذا قررت أن نظل في البيت أفضل». وقالت منى عبدالله (مهندسة كمبيوتر) «هذا الصيف مختلف عن أي صيف أخر شهدته مصر فقد قررنا بمجرد انتهاء الأولاد من امتحانات نهاية العام الدراسي الذهاب إلى المصيف في مطلع شهر يوليو الماضي ولكننا تراجعنا لاشتعال أحداث ثورة 30 يونيو ودخول شهر رمضان وقررنا أن نذهب للمصيف عقب إجازة العيد ولكن جاءت أحداث جديدة تلاها فرض حظر التجوال واشتعال الموقف كما إن المدارس على وشك أن تفتح أبوابها وليس هناك ما يوحي بهدوء واستقرار الأوضاع قبل هذا الموعد». مغامرة هناك فريق من الأسر المصرية غامر وذهب إلى المصايف وعانى في حماية أنفسهم ومتعلقاتهم على الشاطئ في ظل الغياب الأمني المنشغل بمواجهة الأحداث وما يصاحبها من أعمال عنف، كما عانوا في مغادرة الشاطئ قبل موعد حظر التجوال وملازمة السكن طيلة ساعات الليل وهو ما أصابهم بالملل والضيق. ويقول السيد غريب «ذهبت وزوجتي إلى المصيف بالإسكندرية ولكننا وجدنا المصيف مختلفا عن كل سنة ورغم إننا كنا نقيم في فندق كبير وهناك أفراد يحرسون النزلاء فإن هذا كله لم يحل دون أن يتسرب إلينا الشعور بالقلق فاكتفينا بأربعة أيام فقط». ويعي الشباب المصري لاسيما من هم في سنوات الدراسة الجامعية واعتادوا الترفية عن أنفسهم من إرهاق المذاكرة طوال العام بالتردد بضعة أيام على المصايف أن بلدهم تمر بأزمة وان دائرة العنف قد تزداد إذا لم يتكاتف الكل ويتقبل الالتزام بحظر التجوال، والذي يجبرهم على مغادرة الشاطئ مع قرب غروب الشمس وتمضية ساعات الليل داخل مكان إقامتهم بالمدن الساحلية ما قد يجعلهم يشعرون بالضيق والملل خاصة وأنهم من عشاق السهر ولهذا تفننوا في مواجهة تلك المشكلة باصطحاب أجهزة الكمبيوتر الشخصية معهم وألعاب البلاي ستيشن والدومينو والطاولة». ويقول أحمد جمال (طالب بكلية الهندسة جامعه القاهرة) «كان من الصعب بعد إرهاق المذاكرة طوال السنة أن نفوت موسم الإجازة الصيفية من دون التردد بصحبة الأصدقاء على شاطئ البحر ككل سنة واعتبرناها مغامرة أن نرفه عن أنفسنا في هذا الوقت العصيب». ويؤكد أنه عانى كبقية أصدقائه قبل الحصول على موافقة والديه على الذهاب للمصيف بسبب خوفهم على سلامته رغم أن مدينة الغردقة التي اختارها كمكان للمصيف هادئة كثيرا عن بقية المدن الساحلية التي تعاني كالإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية. إلا أن هذا لم يمنع أسرهم من أن يتواصلوا معهم بالهاتف مرات عده وإعادة تذكيرهم بضرورة توخي الحذر والعودة لمكان الإقامة مبكرا». ويضيف «غادرنا القاهرة إلى الغردقة طمعا في الابتعاد عن تلك الأجواء المشحونة ولكننا هناك اكتشفنا إننا حريصون على متابعة قنوات التليفزيون ليل نهار للتعرف على ما يدور بالقاهرة وبقية مدن مصر من أحداث وانعكس كل ذلك علينا مما افقدنا متعة المصيف والإجازة». انعكاسات سلبية تراجع إقبال المصريين على المصيف هذا العام كان له انعكاسات سلبية على بعض أصحاب المهن الموسمية ممن يكتسبون رزقهم من العمل على خدمة المصيفين مثل حال مصطفى عبدالخالق (39 سنة)، الذي يعاني شح الرزق على عكس المعتاد في مثل هذا الوقت من كل عام. ويقول إن الصيف هو موسم العمل بالنسبة إليه حيث يقوم بالتنقل على الشاطئ لبيع اللعب البلاستيكية التي يحتاج إليها الأطفال في بناء قصور من الرمال وكان في السنوات السابقة يكسب يوميا 100جنيه، بينما هذا العام بالكاد يكسب 20 جنيها وفي أيام يعود خالي الوفاض. ويرجع مصطفى ذلك إلى قلة إقبال الناس على المصايف هذا العام ما أدى إلى تراجع مكاسبه لأكثر من النصف، وأنه في أيام يخرج من بيته حاملا تجارته البسيطة فوق كتفه ويمضي ساعات النهار متنقلا من شاطئ لآخر من دون أن يبيع لعبة واحدة تارة لقلة الزبائن وأخرى للازمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الناس. عادل الشافعي يشير إلى أنه يعمل مدرسا لمادة الرسم في مدرسة ابتدائية وقد اعتاد انتهاز فترة الإجازة الصيفية للتردد على الشواطئ لتصوير من يرغب من المصيفين بعدما تعلم حرفة التصوير، وذلك لتأمين مبلغ مـن المال يعينه على مواجهة متطلبات الحياة. ويوضح أنه كغيره من الناس تأثر بتراجع إقبال الناس على المصيف، مؤكدا أنه يتفهم أن هذا الصيف مختلف عن اي موسم آخر مر بحياته لأن الأحداث السياسية فرضت على الناس المكوث في منازلهم وعدم المغامرة بالانتقال إلى المدن الساحلية ولهذا فهو مثله ملايين المصريين يدعو الله أن يزيح تلك الغمة. شلل تام يقول الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبدالعظيم إنه كان من المتوقع أن تتراجع أعداد المترددين على الشواطئ المصرية هذا العام لأكثر من 75 في المائة على أقل تقدير لأن امتحانات المدارس والجامعات انتهى غالبيتها مع الأسبوع الأخير من شهر مايو الماضي، ومن ثم فقد أمضى المصريون قرابة 4 أسابيع فقط يترددون على الشواطئ للتصييف قبل أن يتوقف الموسم مع اشتعال الأحداث وما ترتب عليها من توترات دامت طيلة الأسبوع الأول من يوليو، وبعدها حل شهر رمضان الكريم فتراجعت كثيرا أعداد المصيفين وانتظر الجميع إلى عيد الفطر كي يستمتعوا بإجازة المصيف ولكن سرعان ما جاء فرض حظر التجوال ما أصاب الحركة للشواطئ بالشلل التام. ويشير إلى أن موسم المصيف في مصر يقدر بنحو 16 أسبوعا وكان يشهد إقبال قرابة 30 - 40 مليون مصري على المصايف كل حسب حالته الاقتصادية فالأسر الغنية تبقى على الشواطئ طوال فصل الصيف والأسرة المتوسطة تتراوح إقامتها من أسبوع لعشرة أيام بينما الأسرة الفقيرة تفضل مصايف اليوم الواحد، لافتا إلى أن الأحداث السياسية التي تمر بها مصر لم تؤثر فقط على حرمان المصريين من متعة المصيف والتخلص من ضغوط العمل والمذاكرة لبعض الوقت، وإنما امتد الأمر أيضاً إلى تأثير مباشر على النشاط الاقتصادي المرتبط بالمصيف والسياحة الشاطئية ومقدار ما يتم إنفاقه على مستلزمات الإقامة في المصيف من مأكولات وملابس ووسائل انتقال وألعاب وترفيه، وقبل هذا كله حجز أماكن للإقامة بالشقق والفنادق والقرى السياحية، موضحا أن حجم إنفاق السنوات السابقة كان يتراوح من 14- 16 مليار جنيه. ومن المتوقع هذا العام إلا يتجاوز خمسة مليارات جنيه.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©