الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاعتزال هل يضع النجوم تحت مقصلة النسيان؟

الاعتزال هل يضع النجوم تحت مقصلة النسيان؟
18 أغسطس 2012
من أخطر القرارات في حياة الفنانين هو قرار اعتزالهم، وانسحابهم بعيداً عن الأضواء.. هذه القرارات تعني بالنسبة لهم الحكم على أنفسهم بالموت، والخروج من دائرة الأضواء والشهرة، إلى عالم النسيان، فهل يعقل ان يحكم الانسان بنفسه وعلى نفسه... بالموت، وهل يتخذ القرار الذي يلقي به في عالم الأفول والابتعاد عن عرش النجومية الذي طالما ارتداه على مر سنوات وسنوات؟! عماد ملاح (بيروت) - بعض الفنانين عرف متى عليه أن ينسحب من الميدان، فظلت صورته مشرقة في الاذهان. والبعض الآخر لم يخطط لهذه الساعة، فانسحب مكرهاً بعد أن خذله جمهوره، فانزوى في عالم النسيان، مقهوراً يبكي أيامه التي ولت وأمجاده التي ضاعت والسؤال: هل يعرف كل أهل الفن، متى عليهم ان يعتزلوا.. والجواب طبعاً لا..! متى يعتزلون؟ الكبار وحدهم يعرفون متى يعتزلون..؟ أم كلثوم المطربة العظيمة عرفت، بل حددت هي موعد اعتزالها الغناء. والمطرب الموسيقار محمد عبد الوهاب عرف بل رسم حدود استمراره في الغناء، على اعتبار أن غناءه منوط به شخصياً وليس بفنان آخر، بملحن مثلاً، إذ كان يعرف أنه رغم تقدمه بالسن، كيف يصوغ الالحان المناسبة لصوته في الوقت الحاضر. وهذا ما فعله بالنسبة الى أغنيته الرائعة “من غير ليه” حيث درس قدرات صوته، فوضع اللحن الملائم لها. وكوكب الشرق “ام كلثوم” بعد أن شعرت بالتدهور النسبي في قدرات صوتها، وضعت “روزنامة” تلتزم بموجبها، بالإقلال من الغناء تدريجياً، الى ان اعتزلت نهائياً، وهذا ما تم بالفعل.. والكل يذكر ان المطربة منيرة المهدية، صاحبة أكبر أمجاد فنية، والتي كان مجلس الوزراء ينعقد في “عوامتها” الرابضة على شاطئ النيل، حسب ما نقل عن المقربين منها، وبعد ان شعرت بأن “موجة” أم كلثوم ستطعن عليها، اتخذت المبادرة “المرة” وانسحبت من ميدان الغناء الذي كانت تسرح وتمرح فيه، دون ان يجرؤ أحد على ان يرفع رأسه أمامها. «صولجان» أم كلثوم منيرة المهدية اتخذت القرار الخطير بكل هدوء وباركت لأم كلثوم بالصولجان، وفضلاً عن ذلك فقد أرسلت اليها، ذات يوم ببرقية تقول فيها أثر غناء كوكب الشرق رائعة عبد الوهاب “أنت عمري”: لو كنت أستطيع السير على قدمي لسعيت إليك مهنئة، ولكن روحي وقلبي يحوطانك في خطواتك، في كل ما تقدمينه يا درة الزمن، وأرجو من الله تعالى ان يمدني بالقوة لأراك ولو مرة واحدة على المسرح، لأستعيد في شخصك، أيامي، وأتمتع بفنك الخالد وصورتك المرسومة في كل قلب وأمام كل عين”. وهنا دلالة على كبر نفس منيرة المهدية، التي عرفت مقامها من ام كلثوم، بعد ان عرفت متى عليها ان تعتزل وتسلمها “صولجان” الغناء. ليلى مراد والأطرش ولا ننسى أيضاً القرار الخطير الذي اتخذته ليلى مراد في الاعتزال بعد ان كانت أشهر نجمة غنائية وسينمائية، حيث قامت ببطولة عشرات الافلام، اتخذت قرار الاعتزال بكل هدوء حتى تبقى صورتها مشرقة في عيون الناس، ويظل صوتها في ذاكرتهم، وهي لم تعد الى ساحات الغناء، رغم مطالبات الناس لها في كل مكان من العالم العربي بالعودة، لقد اتخذت القرار، وانتهى أمر الغناء بالنسبة إليها وهكذا كانت “ألاشطر”هي ومنيرة المهدية في هذا الموضوع الفني الحياتي الخطير. على الجانب الآخر من الصفحة التي تضم أسماء الفنانين، مطربين وممثلين وممثلات وراقصات، فإن الكثيرين منهم لم يحددوا مواعيد الاعتزال، او على الاقل “الروزنامات” التي عليهم ان يتقيدوا بها للاعتزال تدريجياً كما فعلت كوكب الشرق أم كلثوم. أما المطرب الراحل فريد الاطرش، فرغم ما أصاب صوته من ضعف ظاهر للكثيرين، ظل متمسكاً بالغناء حتى أيامه الاخيرة، التي انتهت في 26 من شهر ديسمبر، من العام 1974، وهو لم يأخذ بنصائح أصدقائه، بضرورة الاعتزال وهو في القمة، بل أصر على متابعة الغناء، اعتقاداً او ايماناً منه، بأن صوته لايزال كما هو وكما كان، عندما غنى للمرة الأولى “أول همسة” وان عزفه على العود لا يزال كما هو حين عزف أحلى التقاسيم قبل ان يبدأ وللمرة الأولى ايضاً غناء “الربيع”.. عمالقة لبنان وفي لبنان، فإن عمالقة الطرب والغناء مثل المطرب وديع الصافي، وصباح وفيروز، لا يزالون بعيدين عن الاعتزال، وإن خفت الاعمال الفنية والحفلات الخاصة بهم، والمطربة صباح التي تمر في ظروف صحية صعبة ودقيقة، لم تأخذ قرار الاعتزال قبل هذه المحنة، مع ملاحظة جمهورها ومحبيها أن صوتها لم يعد كما كان منذ سنوات. أما المطربة فيروز، فهي تقيم حفلة أو حفلتين طوال السنة، رغم أن الصوت الساحر الذي تتمتع به فقد بعض زخمه نتيجة الكبر والعمر. بدوره فقد وديع الصافي أيضاً نسبة كبيرة من حجم صوته، ولا يزال حتى الآن يقوم ببعض النشاطات الفنية والحفلات، إنما ضمن غناء طبقة معينة، مع إضافة بعض الجديد من الغناء “الوطني ... والديني”، والإقبال لم يعد كما كان، حسب الذي عرفه أيام العز في أغنية “موسم العز” التي قدمها في مدينة الشمس بعلبك منذ نحو 50 سنة. فنانات الاستعراض فيما يختص بالرقص، يمكن القول إن نجوى فؤاد وفيفي عبده ولوسي، تركن الرقص الشرقي واتجهن الى التمثيل، فالعمر لم يعد يسمح لهن بهذا الاختصاص، كما أن “البدانة” ظهرت على العديد ممن يمتهن هذا الفن، بالرغم من ان الإقرار بالاعتزال لا يزال حتى إشعار آخر..! حتى نجوى فؤاد التي روجت في إبان شهرتها لاسلوب الاستعراض الراقص، والذي لجأت إليه منذ أكثر من 35 سنة، حين قدمت حكايات راقصة شاركها فيها عدد من المجاميع، وكتب الموسيقى الراقصة كبار الملحنين، منهم عبد الوهاب، محمد الموجي، محمد سلطان، حلمي بكر وسيد مكاوي، ونالت نجاحاً منقطع النظير، لم تعلن الاعتزال رسمياً، فأي انسان بعد ان يتخطى السن الذي لا يمكن ان يسمح له ولغيره بالاستمرار، حيث أن الأمنيات باتت بعيدة التحقيق، بعدما صرخ الزمن “وضاع العمر دون رجعة”!!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©