الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوكرانيا.. حدود الدعم الأوروبي!

24 أغسطس 2015 22:40
كم أنفقت أوروبا من أموال لدعم اقتصاد أوكرانيا منذ عمدت روسيا إلى ضم شبه جزيرة القرم ودخلت في صراع إرادات ضد الحكومة الجديدة في كييف؟ هناك جواب مختصر ومفيد لهذا السؤال، وهو أنها لم تنفق من الأموال ما يكفي. وكان من المهم أن تكون حزمة الإنقاذ المالي لأوكرانيا كافية لضمان صمود اقتصادها أمام الضغوط الروسية، وأن يكون السعي نحو تحقيق هذا الهدف واضحاً تماماً بالنسبة للكرملين والأوكرانيين معاً. وبناء على أحدث الحسابات الصادرة عن المفوضية الأوروبية، صرف الاتحاد الأوروبي 2,21 مليار يورو لمساعدة أوكرانيا على تجاوز أزمة عجز ميزانيتها. وهذا المبلغ يعادل أقل من 1 في المئة من مجمل قيمة الأموال التي اعتمدتها منطقة اليورو لإنقاذ اليونان. وستضاف إليها أيضاً دفعتان وعد بتقديمهما الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، تبلغ قيمة كل منهما 600 مليون يورو ولكنهما رهينتان لإلزامها بشروط صندوق النقد الدولي بتحقيق الإصلاحات المالية والهيكلية الإدارية. ويضاف إلى كل ذلك أن الاتحاد الأوروبي قدّم مبلغ 355 مليون يورو لأوكرانيا لمواجهة العجز المالي على المدى القصير، وأيضاً لتمكينها من الاستجابة للشروط التي تنص عليها الاتفاقية الجديدة للتجارة التي عقدتها مع أوروبا. وهناك كثير من الأسباب التي تستدعي موافقة الاتحاد الأوروبي على دفع مبلغ 11 مليار دولار الذي سبق إقراره لأوكرانيا. وسبق لوكالة «يورآتوم» Euratom المعنية بتمويل الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل زيادة تدابير الأمن النووي في القارة الأوروبية، أن تعهدت بمنح أوكرانيا قرضاً بمبلغ 300 مليون يورو. وعمدت الوكالة إلى تحويل المبلغ بالفعل الشهر الماضي على رغم أن الدفع كان مقرراً منذ عام 2011 عندما تم الإعلان عن هذا البرنامج الوقائي، قبل أن تضم روسيا شبه جزيرة القرم إليها بوقت طويل. يُذكر في هذا الصدد أن القرض ضروري جداً في مجال تعزيز الأمن البيئي النووي في دول الاتحاد الأوروبي، وكان مهماً جداً لأوكرانيا بالذات، لأن من المعروف أنها عانت من أسوأ كارثة نووية على المستوى العالمي عندما انفجرت محطة «تشيرنوبل» عام 1986، كما أنها بحاجة ماسة لتنويع مصادر الطاقة للتخلص من حاجتها لاستيراد الغاز الطبيعي من روسيا. وعلى نحو مشابه، كان من المقرر أن تتسلم أوكرانيا أيضاً حزمة دعم تبلغ 3 مليارات يورو من «البنك الأوروبي للاستثمار» بين عامي 2014 و2017، ولكنها لم تتسلم بعد 17 شهراً على الإعلان عن تلك الحزمة إلا 1,3 مليار يورو. وهذا المبلغ مخصص لتغطية نفقات مشاريع مثل تنقية مياه الشرب وإنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي وافتتاح خطوط قروض للشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم وإصلاح أنابيب نقل الغاز الطبيعي وإطلاق الكثير من مشاريع إصلاح المنشآت المتضررة من الحرب الدائرة في شرق أوكرانيا. ويعتقد الاتحاد الأوروبي أنه يعمل الكثير من أجل أوكرانيا. وتقول مصادره المالية إن مجموع المساعدات المقدمة إليها تجعل منها «حزمة المساعدة المالية الأضخم التي قدمها الاتحاد الأوروبي لدولة من خارج الاتحاد خلال هذا الوقت القصير». ولا يوجد شك في صحة هذا الطرح. وفي الوقت الذي كانت فيه أوكرانيا تتعرض لنزيف مالي، ساعدت عمليات تحويل الأموال من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والولايات المتحدة على تجنيبها المزيد من أسباب الانهيار التي كان يعاني منها الاقتصاد الأوكراني. ولاشك أيضاً أن أوكرانيا تمثل تحدياً كبيراً للمانحين. وذلك لأن ضخ الأموال بغزارة في بلد يعاني من واحدة من أكثر البيروقراطيات الإدارية فساداً، ليس بالمهمة البسيطة. وعلى الرغم من كل هذا، لم يواجه الاتحاد الأوروبي منذ نهاية الحرب الباردة موقفاً ينطوي على مثل الخطورة الاستراتيجية التي تكتسيها القضية الأوكرانية. ومن أجل تحقيق عامل الصحة السياسية للقارة الأوروبية على المدى البعيد، يكون استقرار أوكرانيا والتوصل إلى عقد اتفاقية مع روسيا حول الحدّ من حقها في نشر قواتها في الدول المجاورة لها والشريكة للاتحاد الأوروبي، بمثل أهمية بقاء اليونان في منطقة اليورو على الأقل. مارك شامبيون* *محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©