الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مرايا الرحالين العرب

مرايا الرحالين العرب
10 فبراير 2010 19:26
يسعى مشروع ارتياد الآفاق لأدب الرحلة بأبوظبي إلى إعادة الاعتبار لهذا الجنس الخاص من الكتابة بوصفه يمثل قيمة أدبية ومعرفية عن الذات والآخر بمسمياته المختلفة، وذلك من خلال إعادة تحقيق ونشر الرحلات العربية القديمة والمعاصرة والدراسات التي تتناول هذا الأدب من وجوهه الأدبية والمعرفية والأسلوبية. وقد صدر عنه مؤخرا كتاب “أوروبا في مرايا الرحالين العرب: المعرفة والحداثة والآخر” وهو عبارة عن مجموعة من الدراسات أنجزها عدد من الباحثين والدارسين العرب من مشرق الوطن العربي ومغربه، وقدموها في ندوة الرحلة العربية في ألف عام التي عقدت في مايو الماضي بالرباط. مواجهة يتألف الكتاب من قسمين توزع القسم الأول على محورين هما “مرايا الذات والآخر” و”العرب وأوروبا” وقد تناول المحور الأول صورة بيزنطية ورومية في المدونات الأولى للرحالة العرب للباحث قاسم وهب يتحدث فيه عن السفارات الأولى في عهد الدولة الأموية إلى بلاد الروم التي تحدثت عن مدينة القسطنطينية والقوات العسكرية للامبراطورية ونظام الخراج، وكذلك عن ثغور الإسلام والبلدان والمدن التي كانوا يمرون بها. وفي بحثها الموسوم بعنوان عن خراب المدن من يثرب إلى إشبيلية تتناول الباحثة السودانية خديجة صفوت رحيل أعراب الشتات من خلال قراءة في رحلة ابن فضلان والخزر تقدم فيها تعريفا لأعراب الشتات الذين كانوا ضد الاستقرار والتوطن، فعاشوا في ترحل دائم وتميزوا بذاكرة قوية. ثم تتحدث عن قبائل الخزر في الجزيرة العربية الذين بقي وجودهم هناك محاطا بالغموض. ويعد ابن فضلان الذي كان عضوا في البعثة الدبلوماسية للدولة العباسية أول من زار بلاد الترك والخزر والروس واسكندنافية في القرن العاشر الميلادي فكتب عنها. ويكتب الدكتور عبد الكريم الأشتر من سوريا عن رحلة أسامة بن المنقذ بين الشام ومصر التي سجلها في كتاب الاعتبار والتي حدثت في مرحلة كثرت فيها الفتن والقلاقل بسبب ضعف الدولة، فيصف في تلك الرحلة أحوال الحياة والناس والعادات والتقاليد أواخر عهد الدولة الفاطمية في مصر كما يصف تحركاته في خطوط المواجهة مع الصليبيين حيث تميز بالشجاعة والحنكة في معاركه معهم. ولعل قيمة مروياته تتمثل في قوة تصويرها لأحوال الصليبيين وقوتهم وللمعارك التي خاضها ضدهم متحلياً بالقيم الأخلاقية والشجاعة. كما يكتب الباحث الدكتور بوشعيب الساوري عن رحلة أبي دلف إلى بلاد الأتراك التي عكست اختلافاً ثقافياً عبر وصف عادات وتقاليد الأتراك، إذ ينظر إلى الغير من موقع الذات فيقدم مادة غنية عن أساليب العيش والتفكير والحياة الاجتماعية والنظرة إلى الأشياء. وينفرد الباحث عبد الرحمن صالح مزوري بدراسة تطور الفكر الجغرافي عند العرب والمسلمين حتى نهاية العصر العباسي، فيعرض للخرائط الإقليمية التي أنجزوها كالأنهار والطرق والأقاليم. مراجعة في المحور الثاني ،العرب وأوربا يقدم الباحث المغربي الدكتور طائع الحداوي دراسة نقدية عن الصورة الأيقونية وإنتاج الدلالة من خلال مجموعة من نصوص الرحلات يقرأ فيها أشكل الصور البصرية في الرحلة الإيطالية إلى طنجة والتي كانت تمثيلا لمكون دبلوماسي ـ سياسي ومكون أدبي وآخر فني ظهر الأول في المهمة الدبلوماسية، والثاني في سرد وقائع الرحلة والثاني في أكثر من مائة وسبعين رسما تصويريا لفنانين مبدعين. وينتقل الدكتور خلدون الشمعة في دراسة أخرى لتناول خطاب أبلسة الآخر عند برنارد لويس فيفتتح دراسته بتعريف نوعين من المثقفين بغية استكناه مؤشرات بعض أبلسة الآخر، كما تجلت في اشتغاله على الخطاب العربي ـ الإسلامي من خلال طريقة يقدم فيها خطابه المعرفي الاستشراقي لا تتيح له تعزيز هيمنة المركز (أوروبا) على الهامش بل تساعد في تكريس الصور النمطية المكونة لخطاب أبلسة الآخر. أما الدكتور عبد النبي ذاكر فيتناول في دراسته بلاغة الحجاج في سخرية الرحالين العرب من بلاد العم سام محاولا الإجابة على أسئلة مركزية تتعلق بماذا نسخر وممن نسخر والحوافز التي تدفع للسخرية وكاشفا بالتالي عما شكلته أميركا والحياة الأميركية من مثال أعلى للحظة الساخرة في المتخيل الرحلي العربي نتيجة الإغراءات السرابية التي لم يستطع أن ينل منها شيئا فكانت السخرية تعبيرا عن هذه الحالة. وبعيدا عن الرحلة إلى الغرب يقرأ الشاعر علي كنعان في المشهد الصيني من خلال أربع رحلات حديثة هي رحلة خديجة صفوت التي كانت أول امرأة عربية تزور الصين، ورحلة الروائي التونسي علي مصباح قبل سنوات، ورحلة ابن بطوطة المعروفة، ثم رحلة الشاعر نفسه للصين يتناول فيها موضوعات شتى عن الطبيعة والانسجام الفلكي والشمس في الأساطير الصينية التي ترمز للرجل ويمثلها الامبراطور على الأرض، إضافة إلى رمز التنين في الثقافة الصينية ورمزية اللون والحكمة الصينية التي ترتبط بالشعر. كما يتحدث عن ولع الصينيين بالأرقام والرياضيات وأخيرا عن سور الصين العظيم ودلالات الوقوف عليه والنظر نحو الأفاق المترامية التي يطل عليها أو يجتازها متحديا الزمن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©