الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

وزارة التخطيط المصرية تطلق استراتيجية «التنمية المستدامة 2030»

وزارة التخطيط المصرية تطلق استراتيجية «التنمية المستدامة 2030»
13 سبتمبر 2014 21:35
انتهت وزارة التخطيط والإصلاح الإداري المصرية من إعداد خطة تنموية جديدة تحمل اسم «استراتيجية التنمية المستدامة 2030»، وهي الخطة التي تغطي الفترة الزمنية الممتدة حتى عام 2030. وتستهدف وزارة التخطيط من جراء إطلاق هذه الاستراتيجية الجديدة إلي إيجاد حالة من التوافق المجتمعي حول ملامح الرؤية الحاكمة للنشاط الاقتصادي في البلاد على مدى زمني طويل نسبياً، الأمر الذي من شأنه أن يساعد المستثمرين على تحديد برامجهم بوضوح، وبالتالي يمكن إحراز معدل معقول من النمو الاقتصادي. وتتميز الاستراتيجية الجديدة بالشمول والتنوع وعدم الإسراف في التوقعات المستقبلية، استناداً إلى اعتبارات وظروف الأوضاع الاقتصادية الراهنة في البلاد، والتي تحتاج لعدة سنوات حتى يمكن الخروج منها أو الوصول إلى درجة مقبولة من التوازن الاقتصادي. وحددت هذه الاستراتيجية مجموعة من الأهداف الرئيسة التي تسعى إلى تحقيقها بحلول عام 2030، ومن أبرزها أن تصبح مصر ضمن قائمة أكبر ثلاثين اقتصاداً في العالم وأكبر 30 دولة من حيث مستوى التنافسية، سواء على صعيد بيئة الأعمال أو على صعيد الحياة لمواطنيها ومن يعيشون على أرضها، وضمن مؤشر سعادة المواطنين، على اعتبار أن هذا المؤشر بات ضمن معايير التقدم الاقتصادي والاجتماعي حسب رؤية المنظمات التنموية العالمية، وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليان. وترتكز استراتيجية التنمية المستدامة - التي حصلت «الاتحاد» على نسخة منها - على عشرة قطاعات رئيسة تشمل مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالبلاد، وتركز بدرجة أساسية على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين، لاسيما في مجالات الصحة والتعليم والسكن والمواصلات وغيرها. وتشمل هذه المحاور التعليم والابتكار والمعرفة والبحث العلمي، والعدالة الاجتماعية، والسياسة الداخلية والأمن القومي، والسياسة الخارجية، والبيئة والاقتصاد، والتنمية العمرانية والشفافية، وكفاءة المؤسسات الحكومية، إلى جانب قطاع الطاقة. تطوير التعليم وعلى سبيل المثال، ففي قطاع التعليم حددت الاستراتيجية مجموعة من الأهداف الرئيسة، وكذلك الآليات المناسبة والأطر التنظيمية التي سوف يتم إنشاؤها في المرحلة المقبلة لسرعة إنجاز هذه الأهداف، ومنها إنشاء المجلس الوطني للتعليم، والارتقاء بالتعليم الفني، وتمكين الطلاب من مهارات الرياضة والتكنولوجيا، وإنشاء سلسلة من مؤسسات التدريب المرتبطة بالصناعات الاستراتيجية، وإلحاق عشر جامعات مصرية على الأقل ضمن قائمة أفضل 500 جامعة في العالم، وأن تكون مصر من ضمن أفضل 50 دولة في جودة التعليم. وتتضمن الاستراتيجية ابتكار أنظمة بنكية لتمويل الطلاب تساعدهم على مواصلة دراساتهم الجامعية في الداخل والخارج، وإعادة سداد قيمة هذا التمويل عندما يلتحقون بوظائف بعد تخرجهم، وهو نظام تمويلي متبع في العديد من بلدان أوروبا الغربية والولايات المتحدة الأميركية وثبت نجاحه، ويسهم - حال وجوده - في حل كثير من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية لشرائح واسعة من المصريين. نمو مستدام وعلى صعيد المحور الاقتصادي، حددت الاستراتيجية هدف الوصول إلى اقتصاد سوق، يتميز باستقرار أوضاع الاقتصاد الكلي وقادر على تحقيق نمو «احتوائي مستدام»، ويتميز بالتنافسية والتنوع ويكون لاعباً فاعلاً في الاقتصاد العالمي، وقادراً على التكيف مع المتغيرات العالمية وتعظيم القيمة المضافة وتوفير فرص عمل لائقة ومنتجة، ويصل بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مصاف الدول ذات الدخل المتوسط المرتفع. كما تشمل أهداف الاستراتيجية في المجال الاقتصادي أن تصبح نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي في حدود 50?، ولا تزيد نسبة العجز الكلي إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 5?، والحفاظ على استقرار مستوى الأسعار بحيث يتراوح معدل التضخم ما بين 3 ،5?، وأن يحقق الاقتصاد معدل نمو يدور حول نسبة 7? في المتوسط سنوياً. وتستهدف الاستراتيجية أن يشمل هذا النمو كافة المناطق الجغرافية في الدولة إلى جانب زيادة درجة تنافسية الاقتصاد المصري دولياً، وزيادة مساهمة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي إلى 70?، وزيادة مساهمة الصادرات إلى نحو 25? من معدل النمو وزيادة المكون المحلي في المحتوى الصناعي، وأن يصل صافي الميزان التجاري في الناتج المحلي الإجمالي إلى 4?، وخفض معدل البطالة ليصل إلى 5? من قوة العمل، وأن يتراوح نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بين7و8 آلاف دولار سنوياً. كفاءة المؤسسات وعلى صعيد الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية، حددت استراتيجية التنمية المستدامة عدة أهداف، يأتي في مقدمتها الوصول إلى جهاز إداري يتميز بالكفاءة والمواءمة مع المتغيرات، وتعظيم الاستفادة من الموارد وتقديم خدمات متميزة مرتفعة الجودة باستخدام الأساليب التكنولوجية، وتطبيق نظام رقابي حكومي واضح وشفاف يتم تطبيقه بإنصاف، ويؤدي إلى تسهيل عملية النمو الاقتصادي، وكذلك إعادة تعريف مفهوم الموظف العام وفصله عن باقي العاملين المدنيين بالدولة، وتقويم الأثر التشريعي للقوانين التي تتقدم بها الحكومة على تحسين مستوى معيشة المواطنين وعلى تطوير مناخ الأعمال. وفي مجال الطاقة - التي باتت تمثل معضلة كبرى في مصر- حددت الاستراتيجية هدف الوصول إلى قطاع قادر على تلبية متطلبات التنمية المستدامة وتعظيم الاستفادة من موارد الطاقة المحلية - تقليدية ومتجددة - والمساهمة الفعالة في دفع الاقتصاد والتنافسية الوطنية، وكذلك خفض كثافة استهلاك الطاقة، والحد من الأثر البيئي للطاقة التقليدية. وفي مجال العدالة الاجتماعية، حددت الاستراتيجية هدف الوصول إلى مجتمع عادل متكاتف، يتميز بالمساواة في الحقوق والفرص الاقتصادية والاجتماعية وبأعلى درجة من الاندماج المجتمعي، وقادر على كفالة حق المواطنين في المشاركة والتوزيع العادل في ضوء معايير الكفاءة والإنجاز وسيادة القانون، ويتيح فرص الحراك الاجتماعي المبني على القدرات، وتوفير آليات الحماية من مخاطر الحياة المتوقعة وغير المتوقعة، ويقوم بالتوازي بمساندة شرائح المجتمع المهمشة وتحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية. مصادر التمويل وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية لم تحدد التكلفة المالية للوصول إلى هذه الأهداف ومصادر تمويل الخطط الطموحة الواردة بها في القطاعات العشرة، إلا أن خبراء اقتصاديين يرون أن الاستراتيجية ركزت على رسم السياسات العامة التي من المفترض أن تصبح حاكمة للتوجهات الاقتصادية والاجتماعية للحكومات المتعاقبة حتى عام 2030 ولا تتغير بتغير الحكومات، الأمر الذي يضمن ديمومة السياسات ويتيح الفرصة للقطاع الخاص للمضي قدماً في تنفيذ مشروعات دون مخاوف من تغيير القوانين أو التشريعات الحاكمة للأنشطة الاقتصادية المختلفة، وكذلك ضمانة احترام العقود التي توقعها الدولة مع هؤلاء المستثمرين. الأمر الذي ينعكس على جاذبية المناخ الاستثماري، ويشجع المدخرات المحلية الهائلة إلى التدفق في شرايين الاقتصاد بدلاً من اكتنازها وعدم تشغيلها، الأمر الذي أضر كثيراً بقضية التنمية في السنوات الأخيرة. في هذا الإطار، يؤكد الدكتور سلطان أبو علي - وزير الاقتصاد المصري الأسبق - أنه أصبح من المهم وضع وتحديد الرؤية الاقتصادية المستقبلية لمصر في السنوات القادمة حتى نخرج من حالة العشوائية التي سيطرت على المشهد الاقتصادي العام في البلاد منذ 25 يناير. وقال إن هذه الرؤية يجب أن تخضع لحوار مجتمعي ولا تنفرد الحكومة بوضعها، ليس لأن الحكومة الحالية مؤقتة ومرهونة بانتخاب مجلس تشريعي فحسب، ولكن لأن أي حكومة لا يحق لها الانفراد بوضع مثل هذه الاستراتيجيات بعيدة المدى، ولأن الحوار المجتمعي من شأنه أن يسهم في تحديد الاحتياجات الفعلية للمجتمع، ويجعل هناك نوعاً من المشاركة وتوزيع المسؤولية الأمر الذي يضمن نجاح هذه الخطط. وأوضح أبو علي أن استراتيجية النمو المستدام تجربة سبقنا إليها العديد من دول العالم وثبت نجاحها، لأنها تحدد الأوضاع والقوانين والحقوق والوجبات، والمشاريع المستقبلية والأهداف التي يسعى المجتمع للوصول إليها، ومن ثم تسهم مثل هذه الخطط بعيدة المدى في حشد موارد المجتمع وقدراته سواء كانت موارد مالية أو بشرية وراء أهداف محددة. ويضيف: «على سبيل المثال مشروع قناة السويس الجديدة نجح في إحداث مثل هذا الحشد الاجتماعي وراء المشروع، لأنه جزء من مخطط كبير للتنمية في إقليم قناة السويس، وبالتالي لم يكن مستغرباً على الإطلاق تدفق أموال المواطنين للاكتتاب في شهادات استثمار المشروع، ومن ثم يمكن تكرار التجربة في قطاعات اقتصادية أخرى ذات أهمية وأولوية للمجتمع، مثل إعادة بناء القاعدة الصناعية المصرية أو التصدي بسرعة لمشكلة نقص الطاقة وغيرها». وقال وزير الاقتصاد الأسبق إن القراءة الأولية للاستراتيجية تشير إلى التنوع والشمول، ولكن ذلك لا يغني عن طرحها للنقاش العام، ومشاركة القطاع الخاص بقوة في رسم ملامح الرؤية الاقتصادية المستقبلية للبلاد حتى تكون محل توافق بين الجميع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©