الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

قراءة نوعية في التراكم

قراءة نوعية في التراكم
10 فبراير 2010 19:20
أصدر الناقد والشاعر المغربي عمر العسري كتابه النقدي الجديد “الفرشاة والتنين: مصاحبات نقدية في الشعر المغربي المعاصر”، وذلك عن مكتبة الأمة للنشر والتوزيع في الدار البيضاء. والكتاب هو في مجمله دراسات نقدية في الشعر المغربي الحديث، حيث تناول الناقد أعمال شعرية لشعراء مغاربة منهم: محمد بنطلحة، مبارك وساط، محمد الصابر، نور الدين الزويتني، محمد الزويتني، محمد بوجبيري، ياسين عدنان، إدريس علوش، محمد الشيخي، بوجمعة العوفي، عبد الرحيم الخصار، فاتحة مرشيد. ويحاول الناقد عمر العسري في كتابه هذا مقاربة تجارب شعرية يمكن أن تمثل، حسب الاختيار، ما عرف بعتبات التغيير في الشعر المغربي المعاصر، وذلك لما تنطوي عليه من خصائص موضوعية وبنائية وفنية. ويشير الباحث في مفتتح كتابه أن بداية الألفية الجديدة تقترن بمرحلة “مهمة وحاسمة في تاريخ الشعر المغربي المعاصر، فقد وصل أثناءها التراكم النصي مداه حيث كان رد فعل النشر على قدر ذلك التراكم. ويمكن اعتبار هذا التحديد الزمني بداية مرحلة جديدة لمشروع شعري تخلص شيئاً ما من مرحلة وسطية اتسمت بملامحها الخاصة والتزامها الشديد بأمور الحياة والوجود، مما أعطى دفعة جديدة للحركة الشعرية ولحركة نقدية شبه موازية ومسايرة ساهمت في إخصاب هذه الطفرة. وربطها بالأصول التراثية، وبحلقة الإبداع الشعري العربي”. ويرى المؤلف أن الشعر الذي يقترب منه ويدرسه، قد تبنى “في الغالب، ولدى التجارب الأولى مضامين وجودية بامتياز اختارت الانحياز إلى أسئلة خاصة بوفاء شكل خاص. ولم تكن ملتزمة بشكل نمطي بل تضمنت سؤال الأفق الذي من خلاله ستتبين شكلاً من التغيير ونهجاً يعيدها إلى الواقع من زاوية التجريد والإيحاء والترميز واللغة والصراع والحلم. وهي في اعتقادنا بنيات تعيد من خلالها هذه التجارب بناء رؤيتها للعالم بمنأى عن النمطية. فالمرجعية الأساس هي الواقع واللغة. بهما تنضبط وتستهدي لتجازف في عوالم الخيال الذي لا يزال هو الجوهر الثابت والدائم في الشعر، ونمطا من التصوير القائم على اللا قياس، أحياناً، في تمثل العناصر والأشياء وإبراز نظامها القيمي والمنطقي والغريب أيضاً. لن نجازف، إذا ما تجاوزنا بعض التحفظات، وقلنا إن طبيعة هذه التجارب هي مساءلة شعرية وبامتياز لواقع حقيقي تريد نقله على نحو يؤكد فرضية مفادها بأن الواقع أبلغ من اللغة نفسها، وهذا الاعتبار يبني في ما يؤسس اختياراً آخر ومرجعيات أخرى تتمثل في حضور اليومي من خلال بعض تفاصيله أو الإيحاء إليه عبر وسائل تيمية يمكن عدها إحالات لفظية تؤدي إلى المناسبة بين بعض مفردات اللغة وبين الصور المستدعاة. ولا أحد ينكر اشتغال بعض الشعراء على اللغة باعتبارها المنبع والمصب، وهو انشغال له مبرراته التكوينية والرؤيوية، ومن ثم يمكن أن نزعم أن متابعتنا لمثل هذه النماذج كان من باب الإجابة عن أسئلة استنبتها الشعر وحصرها في القيمة الفنية والأدائية للغة. وقد حرص العسري على تقديم هذه “النماذج الشعرية بوصفها تجارب كتابية تنطوي على خصوصيات، وتستند على مرجعيات، وتفتح آفاقاً، ومن تم فإن سعينا قد تحدد في تحديد مداخل هذا الشعر وإبراز بعض ملامحه العامة والمشتركة، وكذا حدود التداخل الممكنة والواردة، وما اقتصرنا عليه لا ينطوي على كل الشعر المغربي المعاصر”، مشيراً إلى أن هناك “تجارب أخرى تستدعينا إلى مساءلتها لأهميتها وقيمة طرحها التخييلي والفني”. ويؤكد المؤلف أن هذه “المصاحبات” النقدية” حاولت “النفاذ من عدة مسارب ومسالك لتأمل بعض النماذج من الشعر المغربي المعاصر، وذلك لاستكشاف خصوصياتها اللغوية ومواصفاتها الفنية التي تميزها. إنها محاولة للإفادة من اللغة الشعرية بفروعها المختلفة ورؤاها المتباينة، وقد تحقق هذا النفاذ بارتياد أفق تحليلي نقدي يعمد على استنطاق النصوص من لغتها وبنياتها البيانية، مما قد هيأ لنا أن نقوم باختيار مفاهيم جامعة تدل على أبنية أدبية وترتبط بمجال الوعي والتاريخ. وقد تنفتح على أبعاد أسطورية كذلك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©