الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اشتعال حمى المضاربات بسوق الذهب في مصر

اشتعال حمى المضاربات بسوق الذهب في مصر
28 أغسطس 2011 01:09
(القاهرة) - اجتاحت سوق الاستثمار والتجارة في مصر الأسبوع الماضي موجة جديدة وكاسحة من حمى المضاربة على الذهب بعد أن وصلت أسعاره إلى مستويات تاريخية عبر كسر سعر الأوقية حاجز الـ 1800 دولار في البورصات العالمية. ودخل هذه الموجة شرائح من صغار المستثمرين الذين لا يمتلكون القدر الكافي من المعلومات حول تطورات أسعار الذهب في المستقبل، إلا أنهم مدفوعون برغبة في تحقيق أرباح قياسية استناداً إلى القفزات الكبيرة التي شهدها سعر المعدن الأصفر خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة والتي اقتربت من 25% في المتوسط. وتشمل هذه الشرائح أصحاب المدخرات في البنوك من القطاع العائلي، وأصحاب مشاريع تجارية لديهم قدر محدود من السيولة المالية، الى جانب شريحة من الطبقة الوسطى التي كانت تنفذ استثمارات محدودة في السوق العقارية عبر شراء وحدات سكنية ومحال تجارية، ثم اعادة بيعها بعد فترة، حيث بدأ هؤلاء الخروج التدريجي من السوق العقارية بعد أن طالت موجة الركود والانكماش في هذا القطاع، ودخلوا سوق الذهب مما وفر قوة شرائية وقاعدة مستثمرين عريضة يقدرها خبراء السوق بعشرات الآلاف يتركز معظمهم في المدن الكبرى لا سيما القاهرة والاسكندرية وبورسعيد وأسيوط والمنصورة. وانضم إلى هؤلاء المستثمرين عدد كبير ممن قرروا الخروج من بورصة الأوراق المالية بعد أن تكبدوا خسائر فادحة خلال الأسبوعين الماضيين، حيث قام عدد كبير من هؤلاء بتصفية محافظ أوراقهم المالية ليحل محلها الذهب. ويقول رفيق عباس، رئيس شعبة الذهب في اتحاد الغرف التجارية المصرية، إن موجة جنون الاستثمار في الذهب سوف تستمر طويلاً في السوق المصرية نظراً لغياب البدائل الاستثمارية الأخرى خاصة في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، ويغلب عليها طابع عدم اليقين والضبابية على المستوى السياسي أو الاقتصادي ومن الطبيعي أن يلجأ الكثيرون إلى ملاذ آمن يحمي مدخراتهم ويجعل هذه المدخرات في متناول ايديهم في أي لحظة خاصة أن الذهب سلعة قابلة للتسييل في أي وقت مما يوفر المرونة للمستثمرين. ويضيف عباس أن هناك اتجاهاً عالمياً لاقتناء الذهب، حيث دخلت البنوك المركزية وصناديق الاستثمار السيادية مشترية بقوة في سوق الذهب خلال الأسابيع الماضية مما زاد الطلب على المعدن الأصفر، وبالتالي دخلنا في متوالية هندسية من الصعب التكهن بتوقيت توقفها، حيث إن الطلب يرفع الأسعار وزيادة الأسعار تجتذب مزيداً من المستثمرين الذين يشكلون طلباً جديداً وتواصل الأسعار ارتفاعها. ويرى متعاملون وخبراء سوق الذهب المصرية أن توالي النشر عن قفزات أسعار الذهب العالمية ساهم في تعزيز قناعة الكثيرون بأهمية الاستثمار في شراء الذهب في ظل ما يتردد بشأن إمكانية وصول أسعاره إلى 2000 دولار للأوقية بنهاية العام الجاري، حسب محللين عالميين استناداً إلى أوضاع الاقتصاد العالمي وتراجع سعر الدولار وأزمة الديون الأميركية والأوروبية وانكشاف بنوك عالمية كبرى على مديونيات اليونان وإسبانيا. ويدخل كثير من المتعاملين سوق الذهب على أمل أن يصل السعر إلى الرقم المستهدف ليحققوا أرباحاً في حدود 25 بالمئة في غضون ثلاثة أشهر، وساهم ذلك في اندفاع كثيرين إلى دخول السوق بلا خبرة مما أشاع روح المضاربة لتسيطر على تعاملات السوق. ويركز المضاربون على شراء السبائك الذهبية المتوسطة والتي يتراوح حجمها بين 50 و100 جرام بسبب عدم التزام هؤلاء المشترين بسداد رسوم إضافية على سعر الجرام «المصنعية» لأصحاب المحال، وكذلك قيام بعض التجار في المناطق الريفية بجمع «كسر الذهب» والاحتفاظ به أي عدم الدفع به مرة أخرى إلى «مصاهر» الذهب لإعادة تشكيله وبيعه مرة أخرى مثلما كان متبعاً من قبل مما يشير الى تخزين كميات كبيرة خارج سوق التداول انتظاراً للحظة وصول السعر الى الرقم المستهدف. ويؤكد تجار ومتعاملون في السوق أن تجارة الذهب امتصت عدة مليارات من الجنيهات خلال الشهرين الماضيين معظمها من مدخرات البنوك وبيع أسهم في البورصة وستشهد الفترة القادمة جذب مزيد من الأموال لشراء السبائك وكسر الذهب في ظل اتساع المضاربات الحالية. ورغم أن المؤشرات كافة تدور حول استمرار الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب عالمياً وأن تراجعه بات أمراً صعباً، فإن خبراء السوق يحذرون من حدوث موجة تصحيحية للأسعار خاصة وأن القفزات الحالية ليس لها مبرر موضوعي يتعلق بسلعة الذهب بقدر ما تستند لأسباب أخرى وحال عودة الاستقرار للأوضاع الاقتصادية العالمية ـ خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية ـ يمكن أن تتراجع أسعار الذهب ويتعرض الكثيرون لخسائر فادحة وصدمة تدفعهم للخروج السريع من السوق. وقال الخبراء إنه في حالة حدوث هذا السيناريو، فإن كبار المتعاملين في السوق سوف يكونون في مقدمة المغادرين محققين أرباحاً تاركين صغار المستثمرين الذين لا يجيدون لعبة المضاربة أو المتابعة الدقيقة لتطورات السوق سيدفعون ثمن هذه الموجة من المضاربات. وحسب أرقام سوق الذهب المصرية، فقد حققت أسعار معظم المشغولات ارتفاعات متوالية على مدى الأسبوع الماضي خاصة منذ منتصف شهر أغسطس الجاري، حيث قفز سعر الجرام عيار 24 من 317 إلى 360 جنيهاً وعيار 21 من 277 الى 314 وعيار 18 من 237 إلى 269 جنيهاً، وسعر الجنيه الذهب من 2219 إلى 2517 جنيهاً. ويتوقع متعاملون في السوق أن يشهد شهر سبتمبر ارتفاعاً في حدود 7 بالمئة لأسعار الذهب بسبب غموض الموقف الاقتصادي بالنسبة للدولار كعملة احتياطي وتبادل تجاري دولي، حيث إن كل تراجع في سعر صرف الدولار يقابله ارتفاع في أسعار الذهب باعتباره الملاذ الأمن للمستثمرين حول العالم. ويشدد عصام خليفة، العضو المنتدب لشركة الأهلي لصناديق الاستثمار، على أن الموجه الحالية من الارتفاعات المتوالية في أسعار الذهب تشبه موجة السبعينيات من القرن الماضي عندما قفزت أسعار النفط وحدث تضخم مفاجئ في الأصول الاستثمارية خاصة في بلدان أوروبا الغربية والولايات المتحدة ولكن هذه الموجة مختلفة نسبياً، حيث تشمل معظم بلدان العالم وتأتي مدفوعة بطلب حقيقي يشمل الأفراد والمؤسسات وتأتي في أجواء غائمة للاقتصاد العالمي وهناك مخاوف من أزمة مالية عالمية جديدة بسبب الديون الأميركية ومن الصعب معرفة المسار المستقبلي للأزمة. ويطالب بضرورة الاستفادة من هذه الموجة بالسماح بظهور كيانات استثمارية متخصصة في التعامل مع سوق الذهب، بحيث يدخل الأفراد هذه السوق عبر هذه الكيانات المحترفة التي تدير الأموال بنوع من الرشد والدراسات المتخصصة التي تترتب عليها قرارات البيع والشراء تجنب المستثمرين الأفراد التعرض للخسائر أو صدمة سعرية محتملة في المستقبل. ويستبعد الخبراء حدوث الموجة التصحيحية للأسعار خلال شهري سبتمبر وأكتوبر على الأقل، وأن هذه الموجه في حالة حدوثها لن تتم قبل نهاية العام أو في مطلع العام الجديد لاستمرار عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في العديد من مناطق العالم. ويؤكد الخبراء أن حالة الجنون الاستثماري وحمى المضاربات سوف تستمر في سوق الذهب المصرية في الفترة المقبلة بسبب سلوك التقليد الذي يميز السوق المصرية في ظل استمرار تراجع الجاذبية الاستثمارية لسوق العقار وتعرض بورصة الأوراق المالية لانهيارات حادة خلال الفترة الماضية. ويتوقع الكثيرون أن تحتل سوق الذهب المرتبة الأولى كوعاء استثماري وملاذ آمن وتستمر في امتصاص فوائض الأموال بعد أن ظهرت في السوق مجموعات شبه منظمه للاستثمار في الذهب سواء من الشركات التقليدية العاملة في هذا المجال أو بعض الشركات الجديدة الوافدة على السوق، حيث تسعى هذه المجموعات إلى متابعة ودراسة أوضاع السوق في محاولة للتنبؤ باتجاهاته المستقبلية وتقديم نصائح للمستثمرين بناء على ذلك. ويسعى بعض صناديق الاستثمار النقدية إلى الحصول على تراخيص بمزاولة نشاط الاستثمار في الذهب وإضافة هذا النشاط إلى اللائحة الأساسية لمواجهة رغبة كثير من حملة الوثائق في هذه الصناديق باسترداد أموالهم والدخول بها في سوق الذهب وهو ما بدا واضحاً خلال الأيام الماضية في عدد من صناديق الاستثمار النقدية التابعة لبعض البنوك العامة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©