نجاح وطن.. وإخفاق فريق

سيظل يوم الثاني والعشرين من شهر نوفمبر استثنائياً في تاريخ اليمن، لأنه لا يمكن إزالته من الذاكرة بسهولة.. النجاح في التحدي، وإقامة البطولة واحد من التحديات بين كثيرات يعيش واقعها البلد الذي كان يوصف في أروقة التاريخ بالسعيد.. فأصبح يحلم بالأمن. في هذا التاريخ النوفمبري فرح شعب احتاج كثيراً ليطلق أفراحه، وقد أتعبته ظروف اقتصادية وسياسية، وأنهكته زوابع العنف بين تصعيد (شمالي) وحراك (جنوبي) فكانت خليجي 20 كواحة سلام يتنفس فيها أبناء اليمن العزيز الصعداء، وكان الافتتاح لوحة طمأنينة أن البطولة أقيمت رغم أنف كل الظروف، وفيها وصول سفينة رحلتها العشرين إلى المرفأ العدني يتجلى ربانان يتحليان بالعزيمة والإصرار، مكمّلان لدور قيادة السفينة.. هما: العزيمة اليمنية والدعم الخليجي. رسائل الافتتاح وإقامة البطولة لا يمكن تجاهلها: يمن واحد سعيد بتواجد أشقاؤه الخليجيون، ورؤية خليجية واسعة الأفق في دعم الجار اليمني، وهو يحتاج وقفتهم في ظل المصاعب التي يعيشها، والجار إن لم يقف مع جاره في ساعات الشدة فما الحاجة إليه في ساعات الرخاء؟! نجح الوطن اليمني في تقديم حفل جميل ودالٍ.. ووزع ورود المحبة على جميع الحضور، في الملعب أو عبر الشاشات.. ابتسامات صافية على الوجوه رأينا فيها أنفسنا على امتداد سواحل خليجنا العربي، نكهة القهوة في كل بيت خليجي، الملامح العابقة برائحة الأرض. لا يهم كثيراً أن يخفق الفريق الوطني المني، فهو ليس من قماشة الفرق الكبيرة في المنطقة والخليج مهما بالغ في حماسه ورغبته في تحقيق إنجاز، والمنتخب الذي واجهه كبير بمعنى الكلمة، قد يكون السقوط بالأربعة قاسياً، لكن العراقي على مهابته سقط أمام الأحمر العماني في خليجي 19، والكرة لا تعنى كثيراً بمفارقات الأرقام. نجاح وطن أهم من أشياء أخرى عابرة ومألوفة في عالم كرة القدم.. ومنتخبات الخليج تذوقت معنى الانكسارات والهزائم الثقيلة، لكن النهوض محتم على من يبتغي النهوض، ومنتخبات كانت محسوبة على المراكز الأخيرة خططت وسعت واجتهدت ونالت كأس البطولة: الإماراتي والعماني، وأخرى عرفت منصات التتويج وإن فاتها الكأس: البحريني. كنت متشائما (جدا) من إقامة البطولة في اليمن الشقيق، والآن أنا سعيد لأنني فشلت في توقعاتي، وخسرت رهاناتي (البيضاء) مع زملاء في الصحافة الخليجية (واليمنية). اليمن ليس منتخباً كروياً وإنما هي عرش بلقيس وسد مأرب وقبائل عربية تناثرت في كل الجزيرة العربية. هي الفنان أبوبكر سالم، ذاكرتنا الموسيقية، والملحن والشاعر الغنائي أبوبكر المحضار، والكاتب الكبير عبدالعزيز المقالح، وآلاف الأسماء التي حملت مشاعل الحضارة.. منذ آلاف الأعوام، فهنيئا لنا جميعا.. نجاح اليمن. alrahby@gmail.com