الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

وكالة جديدة للطاقة في اليابان

27 أغسطس 2011 23:03
شيكو هارلان طوكيو في محاولة لاستعادة الثقة الشعبية كشفت الحكومة اليابانية النقاب عن خطط لإصلاح الوكالة المسؤولة عن تنظيم الطاقة النووية في البلاد، وذلك بفصلها عن الوزارة المكلفة بتشجيع الطاقة النووية، ومع أن هذا الإصلاح سيمرر دون شك في البرلمان، إلا أن المنتقدين يرون أن هذا الفصل بين جهات متضاربة تمثلها من ناحية وكالة مراقبة الطاقة ومن ناحية أخرى وزارة الصناعة ليس سوى الجزء الأسهل من الإصلاحات، فيما تبقى الإجراءات الأخرى الضرورية مرهونة بمدى استعداد اليابان لاتخاذ الخطوات اللازمة لتغيير ثقافة التواطؤ بين الحكومة والصناعة التي سادت قبل حادثة التسرب الإشعاعي من مفاعل "فوكوشيما". ولكن خطة الحكومة التي تم الإعلان عنها خلال الشهر الجاري بإنشاء وكالة جديدة تراقب سلامة المنشآت النووية في اليابان وتتوفر على الكفاءة والحنكة للاضطلاع بمهامها يقف دونها العديد من التحديات، فقليل من الموظفين في الوكالة الحالية هم من يعرفون شيئاً عن الهندسة النووية، كما أن مسؤولي الوكالة عادة ما ينتقلون إلى وظائف في القطاع الصناعي، ما يبدد الحدود الفاصلة بين وكالة حكومية تتولى المراقبة وبين القطاع الصناعي الذي يشغل ما يفترض أن تراقبه الحكومة. ووفقاً للمراقبين لا تستطيع الحكومة اليابانية مهما انخرطت في تغييرات هيكلية تأسيس هيئة للرقابة النووية بنفوذ وصلاحيات واسعة دون التعامل مع تلك التحديات. ولكن المشكلة تظل في المقاومة التي سيبديها القطاع الصناعي المتجذر ضد الوكالة الجديدة، ولاسيما أن القطاع الصناعي ما زال هو الجهة التي تحدد سياسات الطاقة في البلد، فضلاً عن مشكلة السياسيين اليابانيين الذين يفضلون النموذج الياباني التقليدي في التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص. ومع أن عدداً من السياسيين في الحزبين الرئيسين أظهروا استعدادهم لإعادة تنظيم قطاع الطاقة النووية في اليابان، إلا أنه لا أحد منهم وصل إلى مستوى الإصلاحات التي طالب بها رئيس الوزراء المستقيل "ناوتو كان"، والحماس الذي أبرزه تجاه عملية الإصلاح، إذ يخشى المراقبون من أن تكون التغييرات المعلن عنها في الطاقة النووية وطرق تنظيمها وبسط الرقابة الجدية عليها هي مجرد تحسينات لإقناع الرأي العام وتطمينه دون أن تقود في الحقيقة إلى مراجعة فعالة وشاملة للقطاع، وهو ما يبدو جاريّاً بالفعل بعدما رفضت اليابان إلى حد الآن إنشاء وكالة مستقلة لتعزيز شروط ومعايير السلامة بالمفاعلات النووية على غرار آليات الرقابة الصارمة الموجودة في الولايات المتحدة وفرنسا. وبدلاً من ذلك ستكون الوكالة الجديدة في اليابان خاضعة لسلطة وزارة البيئة التي تقول الحكومة إنها الأنسب للتواصل تحت وزارة تابعة لها، وذلك على رغم أن وزارة البيئة معروفة تاريخيّاً بانحيازها للطاقة النووية التي ترى فيها أداة لتقليص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وفي هذا الصدد يقول "تيتسوناري إيدا"، المهندس النووي السابق الذي يدير حاليّاً معهد سياسات الطاقة المستدامة "إن أهم شيء هو أن يكون كبار المسؤولين في الوكالة ومديرها شخصيات مستقلة عن الأحزاب السياسية". وأكثر من ذلك تواجه الهيئة الرقابية الجديدة التي سميت "وكالة السلامة والأمن النوويين" مشكلة الكوادر، فحسب التقاليد الإدارية في اليابان يتعين على المسؤولين الانتقال إلى مواقع أخرى من كل عامين إلى ثلاثة أعوام، وهو ما يحول دون بناء الخبرة الضرورية، ومن بين قادة الوكالة في نسختها الحالية قبل تجديدها لا يوجد بها سوى مسؤول واحد هو "كيوشيرو ناكامورا" حاصل على شهادة في الهندسة النووية من جامعة طوكيو، وقد حذر الشخص نفسه خلال الأيام الأولى من أزمة الزلزال والتسونامي من احتمال انهيار المفاعل النووي، حيث جاءت تصريحاته المحذرة بعد يوم واحد فقط على الزلزال المدمر، ومع ذلك عين في موقع آخر. أما في المستويات الدنيا من الوكالة الحالية التي تسمى "وكالة السلامة النووية والصناعية" فهي إما تقتصر على موظفين لا علاقة لهم بالطاقة النووية، أو أنهم كانوا يعملون في الصناعة النووية التي تشغل المفاعلات ويفترض أن تقوم الوكالة بمراقبتها. وكما يوضح المسؤول في وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة "شيجياكي كوجا" فعادة ما يعمل موظفو الوكالة الذين لا يتوفرون على خلفية في الصناعة النووية في مواقع بعيدة عن المسؤولية ويستكملون تعليمهم من خلال التدريب الذي يحصلون عليه في الوكالة. ويضيف المسؤول في الوزارة الذي يعد من أشرس منتقدي طريقة تعامل اليابان مع الإصلاح ومقاومتها له "إن الوكالة الجديدة من المشاريع الوطنية الكبرى، لكن تبقى المشكلة الأساسية في طريقة اختيار كبار المسؤولين والمديرين". ومع أن الخطة الحكومية تتضمن دعوة واضحة لتغيير "الثقافة التنظيمية" السائدة في اليابان وتقترح منع انتقال مسؤولين من القطاع الصناعي إلى الوكالة والعكس، بالإضافة إلى إنشاء أكاديمية للتدريب على السلامة النووية، إلا أن الوكالة ستعتمد في المدى القصير على مسؤولي وكالة السلامة النووية والصناعية القائمة حاليّاً. وحتى بالنسبة للمراقبين خارج اليابان لطالما كانت آليات الرقابة اليابانية للطاقة النووية هدفاً لانتقاداتهم، وهي الانتقادات التي لم تترجم إلى تحرك فعال، فبعد زلزال 2007 الذي ضرب مفاعل "كاشيوازاكي-كاريوا" متسبباً في تسرب إشعاعي أشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على اليابان بفصل وكالة السلامة النووية والصناعية عن وزارة الصناعة التي تدافع عن الطاقة النووية، ولكن تلك النصيحة ظلت مجرد صرخة في واد. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©