الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيد والمدارس «ضربتان» توجعان ميزانية الأسرة

العيد والمدارس «ضربتان» توجعان ميزانية الأسرة
27 أغسطس 2011 23:06
مع حلول شهر رمضان من كل عام، ترتبك ميزانية الأسرة وتزداد الأعباء على رب الأسرة «المسكين» نتيجة الاهتمام المبالغ فيه بأنواع الطعام وألوانه، والحرص على أن تكون مائدة الإفطار عامرة بكل ما لذ وطاب، فضلاً عن الدعوات والزيارات العائلية المتبادلة وما تتطلبه من ضرورة إظهار الحفاوة والكرم، وليت الأمر يتوقف عند هذا الحد، فالنصف الأخير من الشهر الكريم، يحمل معه طلبات العيد والاستعدادات له. (أبوظبي) - في شهر رمضان تزداد الأعباء على الميزانية، لتثقل عاتق رب الأسرة، فينطبق المثل الشائع «ضربتان في الرأس توجع»، ما يؤثر على كثير من أوجه الإنفاق في الأسرة. استطلعت «الاتحاد» آراء بعض أولياء الأمور، حول تأثير اقتراب العيد على الميزانية، وكيفية التعامل مع هذين الضيفين العزيزين اللذين يزوران كل بيت بشكل دوري سنوياً. الإعداد المبكر تحدث سعيد المرّي (37 سنة)، وهو أب لخمسة أولاد قائلاً إن «قدوم شهر رمضان يأتي معه كثير من النفحات والطاقات الإيمانية، التي تجعلنا ننتظره بتلهف كل عام، ومع ذلك فإن رمضان يحمل معه أعباء مادية إضافية على ميزانية أي أسرة بسبب السلوكيات الاستهلاكية الخاطئة التي اعتادها معظم الناس في رمضان». وأضاف «خلال هذا الشهر الكريم يحاول الجميع إبراز أقصى ما لديهم من مظاهر الجود والكرم، حتى لو كان ذلك على حساب رب الأسرة والضغوط المادية التي يعانيها، ومع اقتراب أيام العيد، تزداد الأعباء عن الحد المعقول، نتيجة شراء مستلزمات العيد من ملابس وأحذية وخلافه للأولاد، فضلاً عن ارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء، ولكن رب الأسرة عليه توفير كل هذه الالتزامات، كونها من الضروريات التي لا يمكن الانتقاص من أهميتها». ولفت المرّي إلى عنصر آخر حيوي يزيد من ارتباك الميزانية، والمتمثل في اقتراب الموسم الدراسي، وما يتطلبه هو الآخر من تكاليف واستعدادات مادية، من أجل توفير كافة متطلبات الأبناء، مؤكداً أنه يحاول كل عام أن يضع ميزانية مخصصة استعداداً لهذا الوقت من السنة، ولكنه نادراً ما ينجح في تطبيقها، بسبب حدوث ظرف عارض أو التزام مادي نحو شيء ما من المستلزمات الحياتية المختلفة. أما الوسيط العقاري عادل سعيد (32 سنة)، أب لطفلين، ذكر من جانبه أن شهر رمضان بالفعل يحتاج ميزانية خاصة، كون الزوجة تعمل على إبراز قدراتها في عالم الطهي من خلال الدعوات والزيارات العائلية، ومن الطبيعي أن يتم ذلك في شكل كرم مبالغ فيه، وهذا بالطبع يمثل ضغطاً على ميزانية الأسرة، ومع حلول العيد تزداد الأعباء المادية، نتيجة شراء مستلزمات العيد من ملابس وخلافه. وقال سعيد إنه يمكن لرب الأسرة تجنب الأزمة المادية التي تحدث بسبب العيد ورمضان، من خلال الإعداد المبكر لهذه المناسبات التي نعرف موعدها جميعاً قبل حلول موعدها بفترة كافية، وهو يحاول دائماً أن يخصص مبلغا معينا لمشتريات العيد، واحتياجات رمضان، حتى لا يقع في فخ الديون، وكثيراً ما ينجح في المرور من هذا الوقت الحرج، بدون الاستدانة أو التأثير على احتياجات أي من أفراد الأسرة. أعباء إضافية أوضحت ربة المنزل ميسون عبد الحميد (41 سنة)، أم لأربعة أبناء، أن هذا الارتباك في الميزانية صار أمراً دورياً كل عام، ومن الطبيعي أن تكون موائد المنازل عامرة بأصناف الطعام وتتجلى مظاهر الكرم في الشهر الكريم، وهذا يمثل عبئاً إضافياً على ميزانية أي أسرة، ولكن مع قرب العيد يزداد هذا العبء، بسبب الاستعدادات له وشراء ملابس للأبناء، وأيضاً ارتفاع مصروفهم أثناء العيد. وقال إن الأم عليها دور كبير في التخفيف عن الزوج في هذا الوقت من كل عام، عبر التقليل بقدر الإمكان من مظاهر الإسراف التي تسود خلال شهر رمضان، وأيضاً تحديد مبلغ معين لشراء مستلزمات كل ابن من الأبناء ولا تكون عملية الشراء بلا سقف محدد، فتحدث مفاجآت مادية غير سارة لرب الأسرة. أما نورا الشحي (31 سنة)، مدرسة ولديها ابن واحد، فقالت إن حلول العيد بعد رمضان وما يتطلبه من التزامات مادية، لا يسبب تأثيراً كبيراً أو ارتباكاً لميزانيتها داخل المنزل، كونها أم لطفل واحد فقط، وتعمل هي وزوجها، ولكن بصفة عامة الأسر كبيرة العدد ترتبك ميزانيتها في النصف الأخير من شهر رمضان، وهو ما كانت تشعر به حين كانت في بيت الأهل قبل الزواج، حيث لا يقتصر الأمر فقط على مجرد شراء ملابس العيد ومصروفاته، بل يتعداه إلى رغبة البعض في السفر وقضاء فترة العيد خارج الدولة، وهو يمثل عبئاً حقيقياً على ميزانية الأسرة لا يستشعره الأبناء، الذين يعتقدون خطأ أن الأب قادر على تحقيق كل متطلباتهم بسهولة ويسر، ما يسبب له أزمات مادية وارتباكاً في ميزانيته، بل قد يدفعه أحياناً إلى الاستدانة لتلبية هذه الرغبات المبالغ فيها. من جهته، قال إحسان الشيخ (43 سنة) إن ارتباك الميزانية يمثل معضلة تواجه رب أي أسرة حين يقترب أي موسم وليس فقط عيد الفطر، كون غلاء الأسعار صار مسيطراً على كل شيء، بينما الأولاد لا يهتمون بموضوع ارتفاع الأسعار، وإنما يهتمون بتلبية متطلباتهم، وهو حق طبيعي لهم، في أعمارهم الصغيرة، فلا يجب على ولي الأمر أن يشعرهم بوجود أزمة مالية في الأسرة، ويجب أن يعيشوا أعمارهم الحقيقية وتكون معرفتهم بالأسعار والغلاء، حين يكبرون ويواجهون الحياة. وأضاف «دور رب الأسرة أن يستعد قبل حلول أي من المناسبات مقدماً، خاصة وأن المناسبات والأعياد الدينية تكون معروفة قبلها بزمن كاف، ما يمنح الفرصة لأي رب أسرة أن يمر منها بسلام ودون حدوث أي ارتباك في ميزانية الأسرة». مفهوم خاطئ أكد محمد عبدالمقصود (26 سنة)، بائع ملابس في أحد المراكز التجارية، أنه مع اقتراب العيد يزداد الإقبال على شراء الملابس ومستلزمات العيد، وهذا بالطبع يؤثر على ميزانية أي أسرة، خاصة الأسر كبيرة العدد، وهو ما يشعر به محمد، حين يجد رب الأسرة ميالاً إلى شراء ملابس متوسطة السعر، وليست غالية. ولفت عبد المقصود إلى أن نسبة قليلة من الزبائن فقط، هي التي لا تهتم بموضوع السعر وتنظر إلى ما يعجب أبناءها بغض النظر عن المبلغ المادي الذي سيدفعونه. زميلته في العمل غيداء حبيب (28 سنة) أشارت إلى وجود محاولات إقناع من بعض أولياء الأمور لأولادهم لشراء موديلات معينة من الملابس بحجة أنها أكثر تناسباً لهم، ولكن حقيقة الأمر أنها أكثر اعتدالاً في أسعارها، وهذا مؤشر واضح على أن أولياء الأمور يواجهون أزمات مادية حقيقية في هذا الوقت من كل عام، والتي تضاعف بسبب تزامن العيد مع شراء احتياجات المدارس، وأيضاً عودتهم من الإجازات الصيفية، وهي أمور منهكة مادياً لأي رب أسرة حتى لو كان من ذوي الدخل المادي المرتفع. من جانبه، قال الخطيب في وزارة الأوقاف الشيخ علي عبد الفتاح إن «هناك مفهوماً خاطئاً لدى كثير من الأسر بأن شهر رمضان هو لتناول الطعام وتعويض ما يفقده الصائم من طاقة طوال اليوم، ولكن الحكمة من الصيام هي تعويد الجسد على تحمل الظروف المختلفة، وأيضاً ترويضها وعدم الانصياع لكل طلباتها، وهذا في حد ذاته يجعلنا نفكر كثيراً قبل المبالغة في الإسراف الذي يؤدي بنا إلى مشكلات مادية وصحية كثيرة». وأشار إلى قوله سبحانه وتعالى «ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط، فتقعد ملوماً محسوراً» صدق الله العظيم، أي أن الله سبحانه وتعالي يأمر بالاقتصاد في كل أمور الحياة ومنها الأمور المادية، ومن خلال هذا التوسط والاعتدال يعيِش الإنسان حياة مستقرة بعيدة عن التقلبات المادية التي تصيب من يتركون أنفسهم صيداً سهلاً لآفة التبذير والإسراف، ويتجنب الإنسان أن يكون محلاً للوم والعتاب نتيجة إهماله في حق نفسه والمحيطين سواء بالإسراف أو التقطير. وأضاف «أمرنا الله سبحانه وتعالى بعدم الإسراف في الطعام في قوله تعالى (وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ (الأعراف:31)». ويتابع «رسولنا الكريم أوصانا بقوله «ما ملأ ابن آدم وعاءً شرّاً من بطن، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه»، وهي جميعاً توجيهات إلهية تحض الجميع على اتباعها بغية السير في الحياة بمنهج الوسطية الذي يتميز به الدين الإسلامي، والذي من شأن يتبعه في كافة أمور حياته أن يعيش حياة آمنة، وأيضاً يروم حسن الخاتمة نتيجة اتباعه أوامر الله سبحانه وتعالى والرسول الكريم، في عدم الإسراف في أي منحى من مناحي الحياة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©