الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«جدد حياتك» خريطة طريق تنهي فصولاً من الأزمات الأسرية

«جدد حياتك» خريطة طريق تنهي فصولاً من الأزمات الأسرية
24 أغسطس 2013 20:26
أطلقت مؤسسة التنمية الأسرية الأسبوع الماضي فعاليات الورشة التدريبية «جدد حياتك» التابعة لبرنامج «بداية نهاية» الذي يرمي إلى ترسيخ مفهوم جديد حول الأزمات الأسرية، وآليات إدارتها من خلال المساعدة الذاتية للأشخاص الذين يعانون من الأزمات الأسرية كالانفصال، الهجر، فقدان أحد أفراد الأسرة، وغير ذلك من الأزمات والتجارب القاسية التي يمكن أن تتعرض لها أية أسرة. وتهدف الورشة إلى مساعدة الأفراد في مواجهة تلك التجارب من أجل التعافي من آثار الأزمة، والحفاظ على أواصر المودة والرحمة داخل الأسر. مادة متخصصة تركز الورشة من خلال مادة علمية متخصصة على ترسيخ مفهوم جديد حول الأزمات الأسرية، وآليات إدارة تلك الأزمات، والاستفادة منها كي تكون بداية لقصص جديدة أكثر إلهاماً، حيث إنها تضمن للفرد التركيز على علاقاته بالآخرين، وللورشة التي تقدم بين 19 و28 أغسطس في مختلف مناطق إمارة أبوظبي ثلاثة محاور هي بناء الثقة العاطفية وإدارة المشاعر أثناء وبعد الأزمة، الإقدام على التغيير، وأخيراً التخطيط لبداية جديدة «إدارة الذات في مرحلة ما بعد الأزمة». والورشة، التي تقدمها المدربة نوال المبارك، الخبيرة في التنمية البشرية والنفسية تعيد تعريف كل ما يتعلق بالأزمات التي يمكن أن تعصف بكل أسرة، وعلاقة تلك الأزمات بماضي وحاضر ومستقبل الأفراد، وكيف يمكنهم تخطي المشكلات الاجتماعية والنفسية الطارئة عليهم بسبب تلك الأزمات وآثارها على حياتهم، وعلى علاقتهم بالمجتمع. وتقوم الورشة على أهداف برنامج «بداية نهاية»، وهي تعريف المشاركين بدور تنمية وإعادة بناء الذات في تجاوز الأزمات وتحقيق الرضا النفسي والاجتماعي، إكساب المشاركين المهارات الحياتية الإيجابية الهادفة لإعادة بناء الذات من جديد بعد الأزمات، وتكوين اتجاه إيجابي لدى المشاركين لمواجهة الأزمات الأسرية الصعبة والتخفيف من حدتها وآثارها، وتمكين المشاركين من تطبيق استراتيجيات مواجهة الأزمات الأسرية الصعبة لتحقيق حياة أكثر توازناً واستقراراً، حيث إن المؤسسة تهتم من خلال برامجها بالقيم الدينية، وبالتقاليد العربية الأصيلة، فتعمل على تأصيلها لدى الأفراد ضماناً لاستمرارية وحدة الأسر ولتماسك المجتمع، وتساعد المرأة من خلال تعزيز مكانتها لتمكينها من الإسهام الفاعل في حركة التنمية الاقتصادية والاجتماعية. واستعرضت المبارك في الورشة تجارب حياتية وقصصاً واقعية الهدف منها التعلم، والإدراك، والتفكير في كل ما تتعرض له الأسر، من خلال إدراك الإنسان لذاته، وتنمية الثقة بها، والتعرف على ردود الأفعال المحتملة نتيجة تعرضه لتجربة أسرية قاسية، ومن ثم ترويض قيادة المشاعر والتحكم بها، وأخيراً استراتيجيات تولي القيادة. وخلال الورشة تحدثت المبارك عن قصص ناجحة تتمثل في عودة الكثير من الأشخاص الذي عانوا من تجربة الانفصال عن قرار الطلاق، أو اتخاذ قرارات سليمة تعيد التوازن إلى شخصياتهم وسلوكياتهم وانفعالاتهم، مؤكدة أن تجاوز الألم مسألة مهمة في التأسيس لأية خطوة إيجابية يريد أن يقدم عليها الإنسان، لكن من الضروري قبل ذلك عدم بقائه أسير الماضي وأحداثه، وعدم رمي ما يحدث في الحاضر على أشخاص أو أحداث ما. استراتيجيات التغيير الذاتي تتطرق المادة العلمية التي تطرح في الورشة كذلك إلى استراتيجيات التغيير الذاتي، وآليات تحرير الذات، والخطوات العقلية والعملية التي توصل المرء إلى ذلك، وكيفية بدء المرء الارتقاء بحياته، وكيفية بناء العلاقات المجتمعية السليمة، وآليات اختيار دوائر الدعم، وطرائق التفكير الجيد، ومن ثم تقدير الذات. في هذا الصدد، أوضحت المبارك أن التغيير الذاتي الذي يبدأ من داخل النفس هو حتمية لتغيير الظروف المحيطة بالإنسان. وقدمت عدة تساؤلات «فهل أنت راض عن الظروف المحيطة بك؟ أم ترغب في تغييرها؟ وهل تعزو أمر مشاعرك السلبية منها أو الإيجابية للظروف، أو لوم من حولك؟ وهل وقفت وقفة صدق مع نفسك وقيمت ذاتك؟ وهل أنت حقا راض عن ذاتك؟ هل تريد وتحاول التغيير للأفضل؟ هل تظن أنك قادر على ذلك؟ وهل حاولت ذلك ولم تستطع؟ ما الذي يمكن أن ينبهنا إلى ضرورة التغيير؟ ولماذا ينجح البعض في التغيير بينما يقضي البعض حياته كلها وهو يحاول ذلك دون جدوى؟» وانطلقت من خلال هذه التساؤلات إلى فكر وعقل المتلقي. ومن خلال الورشة التفاعلية أثارت المدربة عدة أمثال، منها «أصيب زوجي بمرض عضال وأنا في السادسة والأربعين من عمري، وقد تقاعدت من عملي لرعايته، ورغم أن وفاته بعد ثمانية عشر عاماً كانت أمراً متوقعاً، إلا أنني شعرت بحزن بالغ بعدها، لقد تملكني الحزن على أحلامنا التي لم تتحقق، وكنت أعكف على التحدث إليه فقط لأذكر نفسي أنه ليس معي، طغى الحزن على كل جوانب روحي، فما زلت في الثامنة والأربعين من عمري ومن دون أي دافع أو هدف للحياة، وأثناء تلك المرحلة العصيبة من حياتي التي كنت خلالها منهكة للغاية جسدياً وذهنياً ونفسياً التقيت بأحد البرامج التدريبية، وبعدها سألت نفسي قائلة: لو أن وجودي في تلك الحياة لسبب ما، فماذا يُفترض أن يكون السبب؟ لقد انبعث بداخلي دافع قوي للبحث عن مغزى أو هدف جديد لحياتي، أبدأ بضرورة تحديد أدوار حياتي، لذلك قمت برسم خريطة تتضمن أدواري التي اعتدت على القيام بها قبل وفاة زوجي، ثم رسمت خريطة أخرى تركت فيها فراغاً كبيراً في المكان المخصص للعمل ومهام الزوجة، لقد أكد لي ذلك الفراغ الكبير في تلك الخريطة أن حياتي تغيرت تماماً، حينئذ قُمت برسم علامة استفهام كبيرة داخل هذا الفراغ، وظلت مستقرة في مكانها تنظر إليّ كما لو كانت تسألني قائلة: ما هي أدوارك المستقبلية؟ وفي تلك اللحظة خطرت ببالي فكرة أن كل الأشياء توجد على مرحلتين: أولاً المرحلة الذهنية ثم تليها المرحلة الحسية، واضطررت لكتابة خريطة توضيحية جديدة وسألت نفسي قائلة: ما هي المواهب التي أملكها؟ ولأضع نوعا من التوازن في حياتي قمت بتركيز اهتمامي على كافة الأبعاد الأربعة: المستوى الفكري والمستوى الروحي والاجتماعي والعاطفي، وبالفعل بدأت حياتي من جديد.» وفي مجموعات ناقشت الدكتورة القصة واستخلاصاتها من خلال المجموعات، بحيث تم تحليل القصة وتحديد الأزمة التي كانت تشعر بها السيدة؟ معتمدة على أسئلة أساسية: «ما الذي فعلته لتتخطى أزمتها؟ طبق استراتيجيات تولي القيادة التي تنطبق على حالة السيدة؟ ماذا لو بقيت مشاعر الحزن تسيطر على السيدة؟ وما الذي نبه السيدة لضرورة التغير؟ هل تعتقد أن التغير ضرورة أم اختيار؟» حرر ذاتك قالت المبارك «كثير مِمن يسعون للتغير الإيجابي، هم في الواقع يسعون للتغير الآني والذي قد يتمثل بالنسيان أحياناً، أو الابتعاد عن مصدر الألم أحياناً، أو بالانتقام أحيانا أخرى، وغيرها من الوسائل الآنية، ولكن وفي هذه المرة وغالبا ما سيرافقه سلوكات وتصرفات سلبية قد تضر بك وبمن حولك، وقد تجد نفسك وقد أصبحت تخسر العلاقات الاجتماعية من حولك، وقد تجد نفسك وقد أصبحت وحيدا، لهذا استخدم استراتيجية التدرج من أجل الحصول على نتائج ترافقك بقية حياتك، ولا تجعل حماسك المتوهج ورغبتك في التغيير السريع تهزمك، ولعل أول خطوة في التغيير هي اتخاذك قراراً جريئاً بالتحرر من آلام الماضي والتي تثقل كاهلك». وقالت المبارك «الثمرة الساقطة وإن لم يلتقطها أحدهم ويأكلها، فإنها ستكون أساسا لنبتة جديدة. وأنت أيها الإنسان إذا كنت ترغب بأن تكون مثمرا، فإن كل ما عليك أن تفعله هو أن تكون مثل الشجرة، فتحرر من الأعباء الشاقة التي تحملها، ومن إحباطاتك وآلامك المتراكمة على مر السنين والتي لن تزيدك إلا ألما وحزنا، فهذا هو السر تحرير الذات. إن تحرير الذات هو تلك القوة الخفية التي تجعلك تتقبل أخطاءك وتبدل سلبياتك بإيجابيات، وإخفاقاتك بنجاحات، وجراحك بأفراح، وتمكنك من استئصال آلامك وهمومك وشفاء جراحك الداخلية، كما تمكنك من الأخذ والعطاء، وتجعلك تخرج من صفوف المتفرجين على أحداث حياتك إلى صفوف اللاعبين المشاركين فتكون قادرا على التحكم في مشاعرك وعلاقاتك، ومسؤولا عن تصرفاتك وأفعالك، وقادرا أيضا على اتخاذ قراراتك في الوقت المناسب، بحيث تنتقل بك إلى مرحلة الشفافية في التعامل والتي تجعلك قادرا على قول الحقيقة والاعتراف بها، وعلى التعبير عن احتياجاتك ومشاعرك بحرية وبالطريقة المناسبة، أي تمكنك من مسك زمام أمورك». أدوات الرحلة أوضحت المبارك أن تحرير الذات ليس سهلا ويلزمه جهد وصبر. وقالت «يجب أن تتقبل الألم كجزء طبيعي من حياتك، وتوقف عن لوم نفسك ولوم الآخرين وتحمل مسؤوليتك في تحرير ذاتك، حفز نفسك باستمرار وتذكر دائماً أن تحرير الذات هو مهمة داخلية، وأن التعاسة لا تأتي إليك بل تنبع منك. اكتشف الخطأ قبل أن تسال عن الصواب، ونقطة ضعفك قبل نقطة قوتك، وتعرف على مشكلتك، فالتعرف على الشيء يسهل التخلص منه، وتحرير الذات هو النتيجة الطبيعية التي تأتي دائما عقب إدراك الألم، كن مستعدا لأن تكون صريحا وصادقا مع نفسك، واعلم أنه ليس هنالك شيء مجهول بالنسبة للإنسان الذي يكشف عن ذاته أمام ذاته وقيّم نفسك باستمرار والتزم باتخاذ الإجراءات التصحيحية كلما اقتضت الحاجة». وحول الخطوة الأولى في رحلة التغيير، أكدت المبارك أن التغيير يفضي دائما للراحة النفسية رغم المشقات التي تعتريه في غالب الأحيان، ولعل أصعب اللحظات هي البداية، فالخطوات الأولى قد تكون بسيطة وصغيرة وغير واضحة التأثير، ولكنها غاية في الأهمية، ودائما تذكر أن الخطوات الأولى تبدأ بتهيئة بيئتك العاطفية والتي تبدأ من تنمية علاقتك بذاتك لتنتقل تلقائيا للإطار الأكبر، والذي من شأنه أن يجعلك تتمتع بحياة فعالة ومفعمة بالحب، إلى الإطار الأكثر تأثيراً على حياتك بكل جوانبها، وهم استثمارك المستقبلي لتحقيق الطمأنينة الدائمة، ألا وهم أفراد أسرتك وأخيراً لا تنسى أصدقاءك وزملاءك في العمل وأقاربك فهم أيضا من مصادر طمأنينتك المهمة». وتابعت «الارتقاء بمستوى حياتك لا يمكن أن يأتي من خلال قناعتك بضرورة تغيير عالمك الخارجي، بل من خلال وضوح الطريقة التي تبصر بها عالمك الداخلي، فالعالم الوحيد الذي أنت مسؤول عنه هو عالمك الداخلي، أفكارك ومشاعرك، ودوافعك ورغباتك، فما كنت لتتوجه لمنزل جارك لإصلاح عطل باب بيتك، فلماذا تلجأ لتغيير عالمك الخارجي والذي هو انعكاس لعالمك الداخلي».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©