الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المحاكاة والتقليد» أخطر طرق التعلم لاكتساب الأطفال عادة التدخين

«المحاكاة والتقليد» أخطر طرق التعلم لاكتساب الأطفال عادة التدخين
25 أغسطس 2013 00:14
قوبلت اللائحة الخاصة بحظر كل أنواع الدعاية والإعلان والترويج للتبغ ومنتجاته، التي اعتمدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بكثير من الارتياح لدى كثير من الاختصاصيين وخبراء التربية، وخاصة ما يتعلق بحظر التدخين أثناء قيادة السيارة الخاصة، في حال وجود طفل لا يتجاوز عمره 12 عاماً، كما حظرت التدخين في الأماكن العامه المغلقة، وفي الأماكن العامة والمدارس والجامعات، وكثير من الأماكن الأخرى التي يتواجد بها أطفال. وأشادوا عما تحمله اللائحة من مردود إيجابي في عدم اكتساب الطفل لعادة التدخين، عن طريق «المحاكاة والتقليد»، فضلاً عن مردودها على الجانب الصحي للأطفال. يهدف القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 2009، ولائحته للحد من انتشار استخدام التبغ، إذ تنمو هذه الظاهرة الخطيرة خصوصاً بين فئة المراهقين والشباب، وحيث وصلت نسبة تدخين صغار السن «أقل من 15 سنة» إلى 28% وتصل إلى 30% لمن تعدوا هذه السن، وفقاً لدراسة وقائية في إمارة أبوظبي. وتأتي اللائحة منسجمة وسعي الحكومة لإرساء الاستراتيجيات الصحية الوطنية الفاعلة والرامية للحفاظ على الصحة العامة، إذ يعد استخدام التبغ من العادات السيئة والضارة بالصحة ولها مضاعفات خطيرة على صحة الفرد والمجتمع والبيئة. حيث تحظر اللائحة التدخين في مراكز التسوق عدا الأماكن المصرح بها، وأماكن التسلية والترفيه والمسارح ودور السينما وما يماثلها، كما يحظر كل أنواع الدعاية والإعلان المباشرة وغير المباشرة للتبغ ومنتجاته باستخدام جميع الوسائل التي تستهدف التشجيع على تعاطي التبغ في كافة وسائل الإعلان. إن هذه الدعوة تكرس للأبعاد التربوية الرامية إلى منع أو حجب، أو وقاية الطفل من اكتساب عادة التدخين عن طريق «المحاكاة والتقليد» التي فطره الله عليها، كعملية تعليمية مزدوجة تعد الأسرع من بين وسائل التعلم المختلفة، بل تعد أيسر طرق اكتساب المهارات السلوكية والحركية واللغوية. كثير من الأطفال يرون في السيجارة تعبيراً كاملاً عن «الرجولة» كمعنى يحمل في طياته الكثير، وتشكل له خيالات لا تتحقق إلا معها ولا يُتَوَّجُ صاحبها إلا بظلها، ويبقى السؤال: هل يمسك الطفل بالسيجارة إعلاناً لرجولته، وإن لم يعترف بها كل من حوله؟ أم أنه لا يفعل ذلك إلا تقليداً لآباء باتوا قانعين باحتمالية توريث هذه العادة لأبنائهم؟ النموذج الصحيح بروفيسور علم نفس الطفل الدكتور بنيامين سبوك، يقول في أحد أبحاثه العلمية: «في مرحلة الطفولة المبكرة يعتمد الطفل بطبيعة الحال على تقليد أبويه وإخوته وكل المحيطين به بشكل عام، فنجد البنت تتقمص شخصية أمها، ويتقمص الابن شخصية الأب، ويقلده في طريقة الكلام أوالمشي، فهو يقلد كل شيء يقع أمام عينيه وتحت ملاحظته، وكلما كان على علاقة كبيرة بأبيه أو من حوله ممن يحبهم، كان عدد الأفكار أو الحركات التي يقلدها كثيرة ومتنوعة. فلابد أن يكون الآباء والأمهات قدوة صالحة لأبنائهم، لأن الأبناء دائماً ما يرون أن تصرفات الآباء من أعمال وأقوال هي النموذج الصحيح، أو أنها قمة الكمال، فيقتادون بهم، ويسيرون على نهجهم وخصالهم. ومن ثم فإن تكرار تدخين الأب أمام طفله الذي لا يدرك سلبيات ومخاطر التدخين، إنما يتسلل إلى ذاته أن هذه العادة أمر مقبول ومحبب، وإلا لماذا يقدم عليها الأب؟ وإذا حاول الأب بعد ذلك تبرير تدخينه، فإن هذا التبرير لا يعرف طريقه إلى عقل الطفل، لأنه لا يستند إلى المنطقية بطبيعة الحال». ثلاث مراحل ويضيف: «علينا ملاحظة دوافع الطفل مع بداية عامه الثالث على وجه التحديد، حيث يتدرب على دور الأب، والبنت تدرب على دور الأم، وينتقل بعد ذلك إلى الاستمتاع باللعب مع الأطفال الآخرين بعد أن كان يحب أن يلعب بمفرده، وتأخذ ألعابه صفة الجماعية. وهو في كل مراحله يحاول أن يكتسب المهارات، ويقلد ما يرى ويشاهد ويسمع، ويحاول، ويعيد المحاولة، ويستفيد من أخطائه، ويستوعب تصحيح الكبار له بشكل يمكن ملاحظته، وغالباً ما يكتسب من المحيطين به كثيراً من مفردات وخبرات السلوك والأفعال بشكل تلقائي وطبيعي على أنه الأمر الأكثر قبولاً، ويمثل لبنات اتجاهاته وسلوكياته وخبراته في المستقبل». المحاكاة بالنماذج ويشير الدكتور محمود رشاد، استشاري الصحة النفسية إلى أهمية عملية المحاكاة في التعلم، وكيف يكتسب الطفل المهارات الجديدة، في مشاهداته اليومية لمن حوله، وهذه النظرية تطبق في تعليمه كثيرا من القيم والعادات السلوكية، وتكسبه معارف جديدة. إنه يتعلم كل يوم عشرات المهارات الحياتية من خلال احتكاكه بمن حوله من الكبار. فالطفل لديه قدرة كبيرة على التقليد، ويحاكي الكبار بسهولة، فذاكرته مازالت خالية وتستوعب معلومات وخبرات عديدة، فالمحاكاة تبسيط للمواقف الحياتية من حوله، ولا ينظر للمحاكاة باعتبارها حافزاً للأطفال المتعلمين وحسب، بل ينظر إليها على أنها قادرة على أن تجعلهم يتعلمون بطريقه مشابهة للطريقة التي يتعرضون لها في حياتهم العملية الحقيقية، وهو ما نراه عندما يشاهد والدته أو المحيطين به يدخنون من حوله، سواء في السيارة أو غيرها، حتى نجده في المستقبل - عندما ينضج وعيه، لا يعبأ كثيراً باتجاهات أو مشاعر الآخرين وإن سبب لهم الأذي، وينمو لديه إحساس سلبي بحدود حريته وحرية الآخرين من حوله». ويكمل الدكتور رشاد: «إن الأطفال لديهم قوة وقدرة عجيبة على التركيز ورصد سلوكيات وأفعال الآخرين من حولهم، وهي مهارة فطرية يمكن أن تستثمر في التعلم، ويمكن استغلالها في تنمية مهاراتهم الأخرى، حيث يصبح الطفل متقناً لهذه المهارة أو تلك. فالتقليد يبرز عند أشخاص يحبون التفاصيل، ويحبون التشبيه، فالتقليد سواء كان للصوت أو الحركة أو الكلام أو حتى للشكل الخارجي والتصرفات غير النمطية أو غير الإرادية. ومن خلال المحاكاة والتقليد يمكن أن يتعلم الطفل كثيراً مما نريد أن نعلمه، ويكتسبها أيضاً بصورة لا إرادية إن تكرر رؤيته لها، ولا سيما إن جاءت من أناس يحبهم ويرتبط بهم كالوالدين أو الكبار من أفراد الأسرة، وهو أمر طبيعي للغاية، ومن ثم على الوالدين تجنب التدخين أمام الأطفال، فبغض النظر عن الأضرار الصحية العديدة، فإن الطفل يتكرس لديه اتجاه مبكر بأن عادة التدخين أمر محبب ومقبول، ويعتاد أن يراه كل لحظة، وكل يوم، وكأن التدخين ظاهرة حياتية مألوفة، ولا ضير إن قام بتقليد الكبار فيها بشكل متدرج، وقد تلازمه في الكبر بنسبة كبيرة». اكتساب الخبرات يرى الاختصاصي النفسي الدكتور ياسين مصطفى، أن هناك مجالات وتفاعلات متعددة يمارسها الأبناء كل يوم للتجريب والبحث الذاتي والمحاكاة والتقليد، وتلك الممارسات هي السبيل الوحيد لاكتساب الخبرة الحقيقة والثابتة، وفي المقابل يوجد كثير من المخاطر والتهديدات تصاحب تلك الممارسات يجب أن نتوقعها كلها ولا نغفل عن شيء منها حتى نضع الضوابط والطرق الصحيحة لعلاجها والتصدي لها ومراقبتها ومن ثم توجيهها في الطريق الصحيح وفق لسلوك اجتماعي مطلوب ومرغوب. فإذا ما وجدنا على سبيل المثال الأب مدخناً، علينا أن نتوقع أن يكون الابن كذلك في المستقبل، لأن الطفل قد نشأ على أن سلوك الأب وهو مثله الأعلى، سلوكاً مقبولاً، ولأنه يحبه، فإنه غالباً ما يتوحد مع ما يصدر عنه من أفعال، ويجد نفسه مدفوعاً إلى الميل إلى ممارسة نفس السلوكيات حتى دون قصد منه، ومن هنا تكون خطورة التأثير، لأن الأب هو «المثل الأعلى» للطفل دائماً، وهنا نجد أن الأطفال والمراهقين عند المحاكاة يتعلمون عن طريق التجريب، ونحن نختبر قدراتهم ونتوقع الخطأ والصواب والفشل والنجاح لأننا نعلم أن النتيجة الطبيعية للتقليد والمحاكاة والتجريب، وهي الخطأ والصواب والفشل والنجاح، لكننا نقدر خطورة ومقدار هذا الاحتمال الذي ندفع إليه أبناءنا ليتعلموا ضروريات الحياة. الأهل «مرآة» لأطفالهم يؤكد الدكتور ياسين مصطفى أن الأهل من الناحية الاجتماعية مرآة لأطفالهم، وإذا كان أحد الوالدين أو كلاهما من المدخنين، فمن الممكن بالتالي أن يكونا أجيالا مستقبلية مدخنة، وتتزايد نسبة احتمال تدخينهم في الكبر في مرحلة المراهقة إلى أكثر من 50%، وأن 90 % من المدخنين الكبار قد اكتسبوا هذه العادة منذ الصغر، كما تشير دراسة بريطانية إلى أن نحو 1 في كل 6 أولاد، و1 في كل 4 من الفتيات المدمنين للتدخين هم تحت سن 15، وأن الطفل أو المراهق هو عرضة للتدخين بثلاثة أضعاف إذا كان والداه من المدخنين. أما من الناحية الطبية فالدراسات تشير إلى أن جسم الطفل الذي تعرض بشكل مستمر للتدخين السلبي في الصغر، تتزايد احتمالات حاجته الفسيولوجية إلى طلب النيكوتين الذي تعود عليه وبالتالي قد يلجأ إلى اكتساب عادة التدخين في وقت معين، أو تبقى هذه الحاجة مُلحة لديه. كما قد يلاحظ الطفل منذ الصغر أن هناك تناقضا بين ما يقوم به الوالدان وما يقولونه عن التدخين وأضراره، لكن أكثر الأطفال والمراهقين يحبون أن يصبحوا كأحد الوالدين عندما يكبرون كمثل أعلى لهم، ومن ثم على الأب المدخن أن يعترف لطفله بأن ما يقوم به هو خطأ، وأنه يتمنى لو أنه لم يتورط في هذه العادة، ولو عاد به الزمن إلى الوراء ما كان له أن يدخن، ومن الأفضل له ولأسرته أن يتوقف عن التدخين فوراً ولو كان ذلك أمراً يبدو صعباً لكنه ممكن. لكن على الأقل يلاحظ الأبوان ضرورة عدم تدخينهما أمام الطفل، وأن يتجنبا التدخين داخل البيت، أو الغرف المغلقة، أو السيارة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©