الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

نمو قطاع التقنية يستقطب الأموال والمواهب إلى سيلكون فالي

23 أغسطس 2015 21:05
** توافد الشركات الناشئة إلى مدينة سان فرانسيسكو أدى لارتفاع الإيجارات السكنية والمكتبية ** شباب يفضلون الانضمام لمؤسسة تقنية في سيلكون فالي بدلاً من بنك مالي مع زيادة الحوافز ** 3 تريليونات دولار قيمة ثروة المؤسسات العاملة في سيلكون فالي ** 22 مليار دولار قيمة استحواذ «فيسبوك» على شركة «واتس آب» إعداد: حسونة الطيب يعتبر سيلكون فالي في سان فرانسيسكو بمثابة العقل الذي يدير قطاع التقنية في العالم، حيث يعكف فيه رواد الأعمال والابتكار وفنيو التقنية ورجال المال، على إحداث تغيير في كل منحى من مناحي الاقتصاد العالمي، ونتيجة لهذا، وجدت الرأسمالية الأميركية مركزاً جديداً في غرب البلاد لتكوين الثروات وعقد الصفقات، بدلاً من وول ستريت. كما تعمل المنطقة التي جاء اسمها من مادة السيلكون المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، على تغيير الطريقة التي تتخذ بها المؤسسات قراراتها والأشخاص تكوين صداقاتهم، وتقدر ثروة المؤسسات العاملة في المنطقة بنحو 3 تريليونات دولار، وفي السنة الماضية، التحق 20% من خريجي مدارس الأعمال، بقطاع التقنية في أميركا، في أعلى نسبة منذ العام 2000. وبدأت المؤسسات سريعة النمو في جذب المزيد من الناس للمنطقة، وبوتيرة أعلى من أي وقت مضى، وتعمل مؤسسة أيرنوب التي لا يتجاوز تاريخ إنشاؤها سوى سبع سنوات فقط والتي تعمل في تحويل المنازل إلى فنادق، في 34 ألف مدينة حول العالم. وغيرت المؤسسات المطلوبة في الأسواق مثل «أوبر»، مفهوم ما تعنيه كلمة موظف، وكما هو الحال في الشركات الكبيرة مثل، جوجل وفيسبوك وأبل، التي تربح من نشاط الشبكات، كذلك فإن نجاح سيلكون فالي كممر لإطلاق الأموال والعاملين وبيع مؤسسات التقنية، مرهون بتغذية نفسه بنفسه. ولا يماثل موجة الابتكار الضخمة التي يتميز بها سيلكون فالي، أي شيء منذ عبقرية الابتكار التي سادت أميركا في القرن التاسع عشر، ورغم أن هذا الانتعاش يدعو للاحتفاء، لكن تراكم الثروات بهذا الحجم والسرعة، لا يخلو من المخاطر، وشهدت تسعينات القرن الماضي فقاعة مالية، انتهت بانهيار واضح، ويكمن الخطر هذه المرة، في انعزال المنطقة عن العالم الذي تبذل كل الجهود المتاحة لتغييره. ومن المتوقع تلقي الاقتصاد الأميركي صدمة عنيفة، جراء تكرار الصدمة المالية التي أعقبت انهيار الإنترنت في العام 2000، ورغم أن الأموال والمواهب تدفقت في سيلكون فالي، ربما لا يوجد خطر كبير باندلاع فقاعة، ويعود ذلك، ليس لامتلاك شركات التقنية لنماذج أعمال أقوى من سابقاتها في مجال الإنترنت فحسب، بل لأنها تعتمد أيضاً على مؤسسات صغيرة للدعم المالي. وتستمر المؤسسات في الوقت الحالي، في القطاع الخاص لوقت أطول مما كان عليه في الماضي، والشركات التي تحولت للقطاع العام في السنة الماضية، عملت لمتوسط 11 سنة في الخاص، بينما لم تزد الفترة عن أربع سنوات في 1999. ويمكن البقاء في القطاع الخاص، رواد الأعمال من تفادي المشاكل التي تصاحب العملية الاستثمارية. النمو السريع حققت الشركات الكبيرة في المنطقة، إنجازات لم تكن مُتصورة من قبل، كما تعيش الشركات الناشئة، حالة من النمو السريع، حيث بلغت قيمة مؤسسة أوبر لخدمة سيارات الأجرة والتي لم يتجاوز عمرها ست سنوات، 41 مليار دولار، وشركة أيرنوب التي تأسست قبل سبع سنوات، نحو 26 مليار دولار. عندما دفعت فيسبوك مليار دولار قبل ثلاث سنوات للاستحواذ على تطبيق أنستجرام، رأى المراقبون أن القيمة أكبر مما ينبغي، بينما عندما دفعت 22 مليار في العام الماضي لشراء واتس آب التي لا تزيد مبيعاتها عن 10 ملايين دولار، وصفوا قرار مالك الشركة بالاستعجال. وتقوم شركات التقنية في الوقت الحالي، ببيع الخدمات والمنتجات التي تجني منها دخلها في نفس الوقت، كما أن مجموع المستثمرين أقل مما كان عليه في الماضي، ما يلقي بالمخاطر على عاتق ذلك العدد القليل وكذلك الفوائد. وتنحصر فرص الاستثمار في سيلكون فالي، على دائرة مغلقة من الأثرياء، ما يستبعد المستثمر العادي ويشكل حماية لهذه المؤسسات من عمليات المراقبة التي تخضع لها شركات القطاع العام. وعندما انهارت العديد من شركات التقنية وبالتالي القطاع بأكمله في 2000، فقد مؤشر ناسداك نحو 4 تريليونات دولار في الفترة بين مارس وديسمبر من تلك السنة، وبالمقارنة مع حالة الانهيار الماضية والطفرة الحالية، تبدأ الفروق المتعلقة بالوضع الحالي واضحة للغاية. ولا شك في أن قاعدة النجاح التي يقف القطاع عليها اليوم، ضخمة وراسخة. ولم يتعد عدد مستخدمي الإنترنت في العام 2000، سوى 400 مليون فقط، بينما من المتوقع ارتفاع العدد إلى 3,2 مليار بنهاية العام الجاري. وبينما انحصرت نشاطات القطاع في تسعينات القرن الماضي في سيلكون فالي وبالو ألتو وماونتن فيو التي ما زالت تحتضن الشركات الكبيرة، بدأت الشركات الناشئة في الوقت الحالي في التحرك قريباً من مدينة سان فرانسيسكو نفسها، ما أدى لارتفاع الإيجارات السكنية بنسبة كبيرة، كما ارتفعت أيضاً إيجارات المساحات المكتبية، خاصة فتح المؤسسات الاستثمارية مكاتب لها في المدينة حتى تكون قريبة من رواد الأعمال. طفرة تقنية مما لا شك فيه، أن طفرة الاقتصاد التقني في سان فرانسيسكو، ستخفف من سرعتها يوماً ما، عندما ترتفع أسعار الإنترنت، يتراجع حماس المستثمرين لهذه التقنية، نسبة لإمكانية جني المزيد من الأرباح في قطاع آخر، وعند ذلك الوقت، ينهار عدد قليل من المؤسسات المشهورة، ما يقتل أمل مؤسسات أخرى في جمع الأموال. لكن ربما تكون عملية الإصلاح أكثر سرعة من تلك التي كانت في العام 2000، نسبة إلى أن معظم شركات التقنية الكبيرة تنتمي للقطاع الخاص، وتملك العديد من شركات التقنية العاملة في الوقت الحالي، نشاطات أخرى يمكن الاستعانة بها في حالة انهيار القطاع. كما تدخر بعض هذه الشركات، سيولة نقدية في خزائنها تلجأ إليها عندما تدعو الضرورة. ويقول بترفيلد من مؤسسة سلاك المتخصصة في إعداد البرامج: «عند سؤال مجلس إدارة الشركة عن أفضل طريقة للاحتياطي للظروف الصعبة، اقترحوا ادخار السيولة النقدية. وعليه تملك الشركة الآن ملايين الدولارات مودعة في البنوك». وتملك العديد من مؤسسات التقنية أموالاً مدخرة في البنوك، حيث تقدر على سبيل المثال، مدخرات شركة بلانتير العاملة في مجال تحليل البيانات، نحو مليار دولار بحلول نهاية العام الماضي. ويشكل الازدهار والكساد جزءاً من تاريخ سيلكون فالي ومن تاريخ ولاية كاليفورنيا بشكل عام. لكن من المرجح، استمرار تأثير سيلكون فالي على مستقبل المستهلك والرأسمالية في المنطقة، التي أصبحت تشكل رابطاً يمثل إبرام الصفقات والبحث عن الثروات، ورمزاً للابتكار والأفكار الجديدة. لكن يترتب على الحالمين بالمستقبل ورواد الأعمال الذين يعيشون فيها، التأقلم على كيفية التعامل مع الظروف الصعبة، وفي حالة حدوث ذلك، سيحاول البعض تفادي الوقوع وينهار البعض وينجو البعض الآخر، لتبدأ مواجهة جولة أخرى من التحديات والإثارة والبحث عن المستقبل. ذا إيكونوميست «فيسبوك» تغير طريقة تفكير المستثمرين يرى خبراء القطاع، أن «فيسبوك» غيرت الطريقة التي يفكر بها المستثمرون فيما يتعلق بالأسعار العالية. وبعد تأسيسها في 2004، استمرت «فيسبوك» كشركة خاصة لمدة ثماني سنوات. وعندما تم تقييمها في 2007، بنحو 15 مليار دولار، رأى النقاد أن السعر مبالغ فيه. وبتقييمها الحالي بنحو 276 مليار دولار، شعر هؤلاء بالندم لعدم استثمارهم فيها، ووصفهم للسعر بالمبالغ فيه في الماضي. لكن من الواضح أن التقييمات العالية مصحوبة ببعض المخاطر للمستثمرين. وبدخول مؤسسات التقنية أسواقاً جديدة، تواجه العديد من المشاكل التنظيمية. وتعاني مثلاً، «أوبر» مشاكل تنظيمية في العديد من الدول حول العالم، ومن مخاطر إرغامها على تصنيف السائقين كموظفين وليس متعاونين، ما يعمل على تدمير نموذج عملها. ومن المشاكل الأخرى التي جلبها الحماس لإنشاء الشركات الصغيرة، المنافسة في توظيف العاملين من ذوي الخبرة، حيث بلغ متوسط أجر مهندس التقنية في سان فرانسيسكو نحو 150 ألف دولار في السنة. وبدأ قطاع التقنية شبيهاً بـ«وول ستريت» في عدد من الأوجه، حيث يفضل الشباب الطموح في الوقت الحالي، الانضمام لمؤسسة تقنية بدلاً من بنك مالي. ولا تقتصر هذه الجاذبية على الخريجين الجدد فقط، بل القدامى منهم أيضاً. وفي الوقت الذي أعلنت فيه «وول ستريت» تقليص حوافز المديرين، تدفع «سيلكون فالي» بسخاء لجذبهم، كما فعلت «جوجل» بتعيين روث بورات مديراً مالياً لها الذي كان يعمل لدى «مورجان ستانلي»، بجانب أنتوني نوتو الذي عينته «تويتر» رئيساً تنفيذياً بعد شغله المنصب ذاته في «جولدمان ساكس». الهواتف الذكية تعزز الأعمال التجارية ساهمت الهواتف الذكية في توفير فرص الأعمال التجارية العالمية، التي لم تكن متاحة في الماضي. وبظهور الحوسبة السحابية، أصبح بمقدور المؤسسات تعزيز قوة المعالجة والتخزين دون الحاجة لاستثمارات رأس المال، مع إمكانية خفض التكاليف وتسويق السلع في ظل الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي. وتنطبق هذه المزايا في أماكن أخرى خارج سيلكون فالي، لكنها لن ترقى لمنافسة ما تملكه من عقول وأموال وخبرات. وارتفعت قيمة المنطقة من مليار دولار، لما يزيد على 3 تريليونات دولار، الرقم الذي أخذ في ارتفاع متواصل خلال العقد الماضي. وتقدر قيمة 74 من شركات القطاع الخاص الناشئة في أميركا، بنحو 273 مليار دولار، ما يساوي 61% من إجمالي عدد هذه الشركات حول العالم. وفي حين أصبح التحول لشركة عامة سمة غالبة، ارتفع مع ذلك وتيرة الاستثمارات المبكرة. واستفاد الذين بادروا بالاستثمار في الشركات الكبيرة مثل، «جوجل» و«مايكروسوفت» و«أبل» بعد أن تحولت لشركات عامة. وكسبت على سبيل المثال، شركة «لينكد إن»، أحد مواقع التواصل الاجتماعي، 40% من قيمتها قبل عملية الطرح الأولي العام في 2011، بينما كسبت «تويتر» قيمتها الكلية قبل الطرح.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©