الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أميركا تنهي أحلام قطر بالعودة إلى صدارة الغاز

أميركا تنهي أحلام قطر بالعودة إلى صدارة الغاز
13 ديسمبر 2018 00:07

دينا محمود (لندن)

بعد أيام قليلة من سقوطها المدوي من عرش الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال في العالم على يد أستراليا، تلقت قطر لطمة موجعة جديدة بعدما كشفت مصادر حكومية أميركية عن أن قدرة الولايات المتحدة على صعيد تصدير هذا النوع من الغاز، ستزيد بما يفوق معدلها الحالي بواقع يتجاوز الضعف خلال عام من الآن. وأشار تقرير أصدرته إدارة معلومات الطاقة، وهي وكالة فيدرالية مسؤولة عن جمع وتحليل ونشر المعلومات الخاصة بالطاقة بهدف تمكين السلطات من وضع السياسات الأكثر فعالية في هذا الصدد، إلى أن إجمالي الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي المسال ستصل بحلول أواخر 2019 إلى 8.9 مليار متر مكعب يومياً، مقارنةً بنحو 3.6 مليار متر مكعب، يستطيع المصدرون الأميركيون إمداد الأسواق العالمية بها كل يوم في الفترة الحالية.
وتشكل هذه التقديرات ضربة قوية لتوقعات المسؤولين القطريين بإمكانية أن تتمكن بلادهم من استعادة صدارة الدول المصدرة للغاز الطبيعي وإزاحة أستراليا من على القمة التي وصلت إليها الشهر الماضي، بعدما بلغت صادراته خلال نوفمبر 6.7936 مليون طن مُقارنةً بـ 6.2025 مليون صدّرتها الدوحة في الشهر نفسه. وكان النظام القطري الذي انسحب من منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» للتركيز على تنمية مشروعات الغاز يراهن على تجاوز المنافسة الأسترالية. لكن مع التقديرات الحكومية الأميركية، تعززت صحة ما أكده خبراء متخصصون في الطاقة قبل أيام من أنه حتى مع التراجع المحتمل في صادرات أستراليا على المدى المتوسط، فإن ذلك سيفسح المجال لمنافس ثالث أقوى، هو الولايات المتحدة التي ستشكل التحدي الأخطر لأي محاولات قطرية لاستعادة السيطرة على سوق الغاز.
وبحسب خبراء، سيشهد الإنتاج الأميركي من الغاز الطبيعي طفرة كبيرة خلال السنوات القليلة المقبلة، نتيجة لما سيجري خلال العام المقبل من بدء الأعمال الإنشائية لخمسة من المشروعات في هذا المجال، وهو ما سيجعل واشنطن على الأرجح أكبر مصدري الغاز بحلول عام 2025. وأشار الخبراء إلى أن الطاقة الإنتاجية لهذه المشروعات مجتمعة قد تناهز 64 مليون طن. وقالوا إنه من المتوقع أن يصل حجم شحنات الغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة إلى 86 مليون طن عام 2025، وإلى 115 مليوناً في 2040.
وعزا تقرير إدارة معلومات الطاقة الأميركية الذي نشرت صحيفة «هيوستن كرونيكل» الأميركية مقتطفاتٍ منه، الزيادة الهائلة التي ستشهدها صادرات واشنطن من الغاز بعد 12 شهراً من الآن، إلى اكتمال دخول 18 وحدة إنتاج جديدة الخدمة خلال 2019. وتتبع هذه الوحدات أربع شركات أميركية مختلفة، بدأت أولاها تصدير الغاز بالفعل منتصف الأسبوع الجاري، بينما يتوقع أن تنطلق شحنات التصدير من عدد من الوحدات الأخرى بحلول نهاية الشهر الحالي، وهو ما يشكل أنباء سيئة للغاية للقائمين على صناعة الغاز في قطر، ممن أقدموا في وقت سابق من الشهر الجاري على مقامرة مكلفة تمثلت في الدفع باتجاه الانسحاب من «أوبك»، بهدف تركيز الجهود والاستثمارات على قطاع الغاز.
وعلى مدار العام الماضي لم يتجاوز حجم الصادرات القطرية من الغاز 74 مليون طن، وهو مستوى من المتوقع أن يظل ثابتاً ليس خلال العام الجاري فقط، بل وحتى عام 2019 كذلك، وهو ما يعزز مؤشرات فقدان النظام القطري هيمنته على السوق للأبد، رغم التصريحات المتبجحة التي يدلي بها المسؤولون والخبراء القطريون في هذا الشأن، والتي كان أحدثها ما قاله إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي في الديوان الأميري قبل شهر واحد، من أن الدوحة ستحتفظ بالسيطرة على السوق رغم التوسعات الأسترالية فيه، وهو تقدير ثبت بعد أسابيع قليلة أنه لا يستند إلى أي أساس واقعي.
وكانت وكالة الطاقة الدولية قد أكدت أواخر العام الماضي أن الولايات المتحدة في طريقها إلى تحدي قطر وأستراليا والحصول على موقع الصدارة الدولية فيما يتعلق بتصدير الغاز الطبيعي المُسال. وتتفاقم مصاعب القطريين في السوق في ضوء ما يؤكده خبراء من تغير المعادلة بين العرض والطلب، عما كان الحال عليه عندما دخلت الدوحة هذا المضمار للمرة الأولى مطلع القرن الحالي، باستثماراتٍ ضخمة. ففي ذلك الوقت كان السوق يشهد حالة من عدم التوازن ناجمة عن الحجم الهائل في الطلب مقارنة بحجم ما هو معروض، ولذا كان كل شيء يصب في صالح القطريين، بوصفهم أصحاب احتياطيات كبيرة من الغاز، ما جعل من الطبيعي أن تأتي العقود على هوى المصدرين في الدوحة.
لكن الوضع في الوقت الحالي بات مختلفاً بعدما أصبح العالم مغموراً بالغاز، مع دخول منتجي الصخر الزيتي الأميركي وكذا الموردين الأستراليين السوق، بجانب تراجع رغبة المشترين في إبرام عقود طويلة المدى. واعتبر خبراء الطاقة إعلان قطر منتصف العام الماضي اعتزامها إعادة الانخراط في مشروعات جديدة على صعيد استخراج الغاز الطبيعي المسال، بعد رفعها لتجميد كان مفروضاً على تطوير حقل الشمال، محاولة يائسة لاستغلال المستوى الراهن من الطلب على هذا المورد من موارد الطاقة بشكل سريع، قبل أن يتراجع على نحو كبير كما هو متوقع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©