الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إسرائيل··· غزة الخيار الأصعب

إسرائيل··· غزة الخيار الأصعب
18 فبراير 2008 23:44
لدى سحب جنودها ووضع حد لمستوطناتها في قطاع غزة عام ،2005 كان أمل ''تل أبيب'' أن يتولى مواطنو القطاع إدارة شؤونهم بعد مغادرتها له، وكان أملها أيضاً أن تتمكن السلطة الفلسطينية من البدء في بناء دولة مستقرة ومزدهرة هناك، بمساعدة الغرب والدول العربية، وكأن استمرار احتلالها لأراضي الضفة الغربية، لم يعد له من وجود أو أثر يذكر، غير أن تلك الآمال لم تكن سوى أضغاث أحلام، فمع استمرار استهداف الهجمات الصاروخية لمتشددي القطاع للضواحي الإسرائيلية، مصحوبة بتصاعد مطالبات الساسة الإسرائيليين بالرد العسكري الحازم على تلك الهجمات، فإن من الواضح أن تل أبيب تواجه معضلة شائكة مع القطاع، وهاهي تحاول جاهدة الآن احتواء نوع جديد من السياسات لم تألفه من قبل: شبه دولة شبه محتلة ولا تتمتع بأدنى سيادة، لا تسيطر عليها حكومة وإنما يديرها تنظيم سياسي متطرف هو حركة ''حماس''، التي وضعتها الولايات المتحدة الأميركية وكذلك الاتحاد الأوروبي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، ويتعين على إسرائيل الآن توفير الوقود والماء والكهرباء والغذاء لمواطني القطاع، على رغم كل شيء· بين المطالب التي يثيرها الساسة الإسرائيليون، استهداف واغتيال قادة حركة ''حماس''، إلى جانب شن حملة توغل عسكري في القطاع لوقف إطلاق الصواريخ التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين في القرى والضواحي المجاورة للقطاع، بينما دعا كل من وزير الدفاع ''إيهود باراك'' وكذلك ''إيهود أولمرت'' رئيس الوزراء، إلى التحلي بالصبر والعمل على تهدئة الموقف، بيد أن تقرير لجنة ''فينوجراد'' الأخير الذي كشف عن ضعف وخيبة رئيس الوزراء في حسم حربه على ''حزب الله'' في صيف العام قبل الماضي، دفع تل أبيب إلى تنظيم حملة إعلامية قوية تهدف إلى تبرير شن عملية عسكرية كبيرة على القطاع، ومما يدفع به المسؤولون الإسرائيليون أن حركة ''حماس'' اتخذت شكل ''حزب الله'' اللبناني، من ناحية قوة التنظيم العسكري والقدرة على زعزعة الاستقرار الإقليمي للمنطقة برمتها· وعلى حد قول ''حاييم رامون'' -نائب رئيس الوزراء- فقد تحولت قوات حركة ''حماس'' إلى ما يمكن تسميته بقوات ''حماستان'' ؟على وزن قوات طالبان- منذ تمكنها من طرد منظمة ''فتح'' من قطاع غزة في يونيو من العام الماضي، ومضى ''رامون'' إلى القول: ''ليست هذه حركة إرهابية متخفية داخل حدود دولة ما، بل هي الدولة نفسها، ولا تزال تتمسك بمواقفها المتشددة الرافضة لحق إسرائيل في البقاء''· بيد أن الحقيقة، أن قطاع غزة ليس دولة بعد، وإنما هو جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهذه هي معضلة إسرائيل، والمعلوم عن ''رامون'' تأييده لمواصلة التفاوض السلمي مع رئيس السلطة الفلسطينية ''محمود عباس''، في ذات الوقت الذي يتواصل فيه التصعيد العسكري ضد حركة ''حماستان''، وكما ورد التعبير عن هذا الموقف على لسانه: ''ليس من دولة من دول العالم، تتبرع بتوفير الوقود وخدمات الماء والكهرباء لدولة مجاورة أخرى، ترجُمُها بالصواريخ والعمليــات الانتحارية''، غير أن قطع ''تل أبيب'' لإمداداتهــــا عن القطــاع أثار انتقــادات حــادة لهــا من جانـــب الأمم المتحـــدة ومختلف منظمات حقوق الإنسان الدولية، لما وصفته بـ''العقوبة الجماعية'' لمواطني القطاع، بل إن ''واشنطن'' نفسها حذرت تــل أبيب من مغبـــة هذه السياسات· كانت ''تسيبي ليفيني'' -وزيرة الخارجية الإسرائيلية- قد رافقت عدداً من الدبلوماسيين في رحلة إلى القطاع يوم الأربعاء الماضي، ونبهتهم إلى درجة الخطورة التي وصلتها أوضاع الحياة هناك، إلى جانب تحذيرها لهم من مخاطر التنامي السنوي المطرد لما أسمته بالإرهاب في القطاع، ومما قالته ''ليفيني'' لمرافقيها الدبلوماسيين، إن المشكلة لم تعد تقتصر على الصواريخ المنتظمة التي يتم إطلاقها على الضواحي والقرى الإسرائيلية المجاورة فحسب، وإنما الأساسي فيها هو استمرار قوة شوكة المنظمات الإرهابية، واختتمت الوزيرة حديثها بالقول: ''إن على إسرائيل أن تفعل ما من شأنه خفض هذه المخاطر الإرهابية''· ربما كانت ''ليفيني'' محقة في كثير مما قالته، ولكن كيف يتحقق ما قيل على الصعيد العملي؟ هذا هو السؤال الذي يتولى الإجابة عنه ''شولومو بروم'' -جنرال عسكري متقاعد يعمل خبيراً بالمعهد القومي للدراسات الأمنية بتل أبيب- بوصفه لجميع الخيارات العسكرية الإسرائيلية المطروحة الآن، بعدم الجاذبية والواقعية، ''فكما أكدت تجربة مواجهتنا لحزب الله في لبنان، فإن السبيل الوحيد لوقف إطلاق الصواريخ الصادرة عن بعض أنحاء القطاع، هو احتلال الأراضي التي تنطلق منها تلك الصواريخ''، ومضى ''بروم'' مستطرداً: ''المشكلة أن مدى هذه الصواريخ قد تحسن كثيراً ولا يزال يواصل تحسنه، ما يعني احتلال أجزاء كبيرة من القطاع، والمعضلة هنا أنه ما من أحد في ''تل أبيب'' يبدي حماساً لإعادة احتلال القطاع· ومما لا ريب فيه أن الجيش الإسرائيلي سوف يتمكن من إحراز نصر سهل، إلا أنه يستغرق وقتاً طويلاً فيما لو قرر شن عملية عسكرية تستهدف إعادة احتلال القطاع، ولكن ما الهدف من إعادة الاحتلال هذه؟ هل هو لإعادة فرض سيطرتنا على نحو 1,5 مليون فلسطيني؟ إن من المفيد في هذه الحالة أن نفكر في استراتيجية أفضل للخروج؟ ويقيناً فإن عملية عسكرية بهذا الحجم والعنف، سوف تجعل من المستحيل على ''محمود عباس'' مواصلة أي حوار تفاوضي سلمي مع الطرف الإسرائيلي، بصرف النظر عن مدى رغبته في التغلب على حركة ''حماس'' المنافسة لمنظمته حركة ''فتح''، والتمكن من وضع حد لسيطرتها على قطاع غزة، وهنا تتمثل معضلة إسرائيل الكبرى في تصعيد عملها العسكري ضد القطاع· ستيفن إرلانجر- القدس ينشر بترتيب خاص مع خدمة نيويورك تايمز
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©