السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا: حدود النفوذ في سوق الطاقة

22 أغسطس 2015 22:50
منذ سنوات مديدة ظلت قدرة روسيا على تقييد شحنات الطاقة في أي وقت تندلع فيه توترات مع الغرب تعتبر ورقة تهديد قوية، وهو تهديد الذي بإمكانه جعل معظم أوروبا ترتجف خلال فصل الشتاء، ولكن مع العواصف التي تجتاح أسعار الطاقة، فإن سياسات الكرملين فيما يتعلق بخطوط الأنابيب تبدو أقل تهديداً. وقد سجلت شركة «جازبروم» الروسية العملاقة، التي طالما اتُهمت بأنها بمثابة عصا الكرملين، انخفاضاً في الطلب على الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوياته في تاريخها ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والدول التي كانت يوماً ما تعتمد بصورة كلية على غازها، أصبحت الآن لديها خيارات أخرى. وينبغي أن تقرر الشركة بحلول الشهر القادم ما إذا كانت ستطعن في قضية مكافحة الاحتكار التي رفعها الاتحاد الأوروبي ضدها، والتي قد تجبرها على التخلي عن اتباع تكتيكات قاسية في أوروبا إلى الأبد. وقد ساعد ضعف «جازبروم» على تمكين الغرب من ممارسة ضغوط على روسيا بسبب دورها في الصراع المستمر في أوكرانيا دون القلق بشأن العواقب المترتبة على قطع الغاز في المقابل. ومع احتمال أن يرسل الاتفاق النووي مع إيران مدداً من النفط والغاز الإيراني إلى أوروبا، فقد تفقد «جازبروم» عما قريب المزيد من النفوذ هناك. ويعد هذا تحولاً مؤثراً بالنسبة إلى شركة قطعت مرتين مدد الغاز إلى أوروبا في فصل الشتاء خلال العقد الماضي خلال أطوار الخلافات السياسية مع أوكرانيا. وقد تحملت دول شرق أوروبا خاصة الأضرار الأكبر الناجمة عن ذلك، وكان عليها أن تغير سياستها لفترة بسبب تقليص إمدادات الغاز الطبيعي الضرورية للتدفئة في فصل الشتاء، التي كانت تتدفق بصورة طبيعية عبر خطوط الأنابيب الأوكرانية. وفي هذا الصدد، قال «ميخائيل كروتخين»، وهو محلل في مجال الطاقة بشركة «روساينيرجي» للاستشارات بموسكو: «إن جازبروم في موقف حرج للغاية». فمداخيل الشركة تتراجع، ولم يعد لديها سوق مطواع لملء خزائنها. وكان من المفترض أن تكون الشركة الآن هي أكبر شركة للتداول العام في العالم، وهذا ما كان رئيس الشركة «أليكسي ميلر» يتباهى به لوكالة الأنباء الفرنسية عام 2008، عندما قال إن قيمتها ستبلغ تريليون دولار بحلول منتصف هذا العقد. وبدلاً من ذلك، انخفض تقييمها مقارنة بما كان عليه عام 2008. وفي أوروبا الغربية، تمكنت النرويج من التفوق عليها. أما الآفاق الجديدة السلبية فتعد نتيجة أخرى للانخفاض الحاد في أسعار الطاقة التي قلبت التحالفات والافتراضات في العديد من العواصم من كراكاس إلى طوكيو. بيد أن مجموعة من التحديات تضافرت ضد «جازبروم» مرة واحدة. وحتى خلال الحقبة السوفييتية، كانت أوروبا تشتري الكثير من احتياجاتها من الغاز الطبيعي من جارتها الكبرى الشرقية الغنية بالطاقة. وانهار الاتحاد السوفييتي، ولكن الشرايين القديمة من شبكة الطاقة ظلت كما هي، لتبقى أوروبا الشرقية معتمدة بشدة على روسيا للحصول على الوقود. وبالنسبة إلى دول البلقان، فقد ظلت تعتمد تماماً تقريباً على روسيا للحصول على الغاز الطبيعي، كما هو الحال أيضاً في المجر ودول البلطيق. وبوجه عام، ما زالت روسيا تزود أوروبا بنحو ثلث احتياجاتها من الغاز الطبيعي. ولكن بعد قطع روسيا لإمداداتها في عامي 2006 و2009، الذي تزامن مع لحظات من التوتر الجيوسياسي، أصبحت أوروبا على نحو متزايد متشككة من نموذج التموين القديم وخاصة بعد أن جعلت أسعار «جازبروم» المرتفعة حتى البدائل المكلفة جذابة. وبسبب خوفها من التهديد المستمر لإمداداتها من الطاقة، أحدثت أوروبا طفرة في البدائل جعلت من السهل الحصول على الغاز من مورّدين آخرين ونقل الغاز من دولة أوروبية إلى أخرى. وفي الوقت نفسه، فإن مخزونات جديدة واسعة من الغاز الطبيعي تم فتحها في الولايات المتحدة مع الازدهار في مجال الغاز الصخري، ما ساهم في زيادة الإمدادات العالمية من الطاقة. وساهمت التحديات الاقتصادية في أوروبا أيضاً في تعطيل المصانع وأضعفت من شهيتها بالنسبة إلى الطاقة. أما أوكرانيا، التي طالما كانت زبوناً مهماً لروسيا، فقد حاولت أن تحدث تخفيضىات حادة في استهلاك الغاز حتى تصبح أقل اعتماداً على جارة قامت بضم شبه جزيرة القرم وتتهم بأنها تدعم طرفاً معارضاً في الجزء الشرقي من البلاد. وحتى الطقس «تآمر» هو أيضاً ضد شركة «جازبروم». فآخر فصلين للشتاء كانا دافئين على غير العادة. وقد ذكر «ميلر» رئيس «جازبروم» أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طلب منه إجراء محادثات للحفاظ على ضخ الغاز إلى أوروبا من خلال أوكرانيا، وهو اعتراف ضمني بأن أية محاولات لإيجاد طرق تسويق أخرى كانت غير واقعية في الوقت الراهن. مايكل بيرنباوم * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©