الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اللاجئون وسياسة «الطرق المسدودة»

26 فبراير 2016 22:25
اعتمدت كل الدول الأوروبية التي تمثل معابر الهجرة واللجوء، إجراءات صارمة لوقف تدفق المهاجرين عبر حدودها، ما أدى إلى بقاء الألوف من طالبي حق اللجوء السياسي والعائلات الهاربة من الحروب بحثاً عن ملاذ آمن، عالقين على تخوم هذه الأفخاخ الجديدة التي نصبت لهم. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه الحملة تأتي في ظروف سيئة للغاية، وعلى خلفية الزيادة السريعة في أعداد النازحين، وتكمن الظاهرة الأخرى التي زادت الموقف تعقيداً في أن هؤلاء النازحين الذين كانوا فيما مضى من الشبان في أغلب الأحيان، باتوا الآن يضمون النساء والأطفال، وتتوقع مصادر خبيرة أن تتزايد أعداد النازحين من منطقة الشرق الأوسط وفق وتيرة أعلى بكثير من المعتاد خلال الأسابيع القليلة المقبلة. ومن المتوقع وصول عشرات الألوف منهم إلى اليونان عن طريق البحر لتبدأ من هناك رحلتهم الطويلة باتجاه الشمال الغربي نحو وسط أوروبا. وأمام هذه الموجات الجديدة من النازحين، سارعت الدول المتضررة من الأزمة مثل النمسا ومقدونيا، إلى التحرك سريعاً في اتجاه تطبيق سياسة «الأبواب المسدودة». ومن الأمثلة على هذا التوجّه، أن مقدونيا وصربيا أغلقتا منذ يوم الأحد الماضي المعابر في وجه الأفغان الذين يشكلون ما يقارب ثلث أعداد المهاجرين، وبالرغم من أن العديد من السوريين الذي لا يحملون أوراقاً ثبوتية مقبولة قد أُجبروا على العودة من حيث أتوا، إلا أن منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تقول إن هذه الإجراءات أدت إلى بقاء أعداد متزايدة من المهاجرين عالقين في اليونان التي توشك على الإفلاس. وهناك مؤشرات أخرى تفيد بأن المعبر الرئيس الذي استخدمه أكثر من مليون مهاجر العام الماضي أغلق تماماً، وقالت منظمات الإغاثة إن كرواتيا وسلوفينيا بدأتا بمنع دخول المزيد من طالبي حق اللجوء السياسي. وصوت البرلمان السلوفيني الاثنين الماضي لصالح مشروع قرار يقضي بنشر قوات عسكرية لمراقبة الحدود. وأعلنت بلجيكا الثلاثاء الماضي أنها بصدد إقامة نظام للمراقبة المشددة لحدودها مع فرنسا من أجل منع المهاجرين المطرودين من معسكرهم الضخم الواقع في مدينة «كاليه» شمال فرنسا، من دخول بلجيكا. وأمام هذا الوضع المعقد، اندلعت حرب كلامية بين الدول الأوروبية بسبب الجدل الذي أثارته هذه الضوابط الحدودية الجديدة. وخلال الأسبوع الماضي، بعثت اليونان رسالة احتجاج رسمية للحكومة النمساوية من شأنها أن تلعب دور «أحجار الدومينو» في تسلسل إجراءات حظر قبول طلبات اللجوء السياسي الجديدة، ووصفت التساهل النمساوي مع اللاجئين بأنه يشكل «عملاً أحادي الجانب لا يخدم الصداقة القائمة بين البلدين، ويمكنه أن يضيف مشكلة اللاجئين إلى قائمة المشاكل المالية التي تعاني منها اليونان». وتبادلت ألمانيا والنمسا رسائل احتجاج مشابهة. وفي إطار توصيف هذا الوضع المتأزم، قال «كيرك داي» الممثل الأوروبي في اللجنة الدولية للإنقاذ: «نحن في طريقنا لرؤية التزايد في أعداد المهاجرين. ونتوقع أن يزداد عدد العالقين على الحدود من 20 إلى 40 ألفاً خلال الأيام القليلة المقبلة. وعلينا أن نتذكر أن هذه القارة تأسست أصلاً استناداً إلى مبادئ حقوق الإنسان، إلا أن ما نشهده الآن هو سباق بين الدول التي لا تريد كل منها أن تكون الأخيرة في مبادرتها لإغلاق حدودها في وجه المهاجرين». وتتفق هذه الدول على قول واحد: «لم يعد أمامنا ثمة من خيار آخر»، ولا بد لنا من اتخاذ التدابير التي تثير استياء طالبي حق اللجوء السياسي، وخاصة بعد أن بلغ عدد عابري البحر الأبيض المتوسط أكثر من 100 ألف مهاجر خلال الفترة القصيرة المنقضية من عام 2016، وهو يفوق بكثير عدد النازحين خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. ويرى المسؤولون في النمسا وبعض الدول الأوروبية الأخرى أن أوروبا فشلت في وضع خطة عملية قابلة للتطبيق لمواجهة الأزمة، وجعلتهم في الوضع الذي لا يبقي أمامهم إلا خيار العمل المباشر للتخفيف من حدتها. وحول هذه النقطة بالذات، قال وزير الخارجية النمساوي «سيباستيان كورتز» خلال حوار أجرته معه صحيفة «راينيتش بوست» الألمانية الثلاثاء الماضي: «في غياب أي حلول أوروبية لهذه الأزمة، لم يبقَ أمامنا إلى اتخاذ التدابير والإجراءات المحلية الخاصة بنا». ويُذكر أن النمسا أصابت دول الجوار بالصدمة عندما أعلنت يوم الجمعة الماضي عن قرار يقضي بتحديد عدد المهاجرين الذين يسمح لهم بطلب حق اللجوء السياسي بـ80 مهاجراً يومياً، وستسمح لنحو 3200 مهاجر بالعبور إلى ألمانيا التي تعد المقصد الأكثر أهمية بالنسبة لطالبي اللجوء. *محلل سياسي أميركي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©