الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإسلام ألغى الرق بجعل عتق الرقاب كفارة

26 أغسطس 2011 23:26
جاءت دعوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل حرية الإنسان وكرامته والقضاء على عبودية البشر للبشر، فقرر الحرية الإنسانية وجعلها من دلائل تكريم الخالق للإنسان، وأولى اهتماماً خاصاً للعبيد، فضيق مصادر الاسترقاق ووسع منافذ التحرير وأمر بالإحسان إلى الخدم بوصف ذلك عبادة، وقد كرم الإسلام الأرقاء أحسن تكريم، وعاملهم أفضل معاملة، وبسط لهم يد الحنان، ولم يجعلهم موضع سخرية واحتقار، كما فعلت الأمم القديمة، بل أوصى بمعاملتهم بالحسنى ونهى عن الإساءة إليهم ودعا إلى تعليمهم وتربيتهم وتأديبهم. كانت منابع الرق قبل الإسلام كثيرة متعددة منها الأسر والنهب واستعباد الأحرار، فلما جاء الدين الإسلامي ضيق هذه المنابع، وألغى جميع صور الرق ومصادره المبنية على الظلم والجور والتعسف، واعتبرها محرمة شرعاً. وتحرير الرقاب قربة وعبادة وكفارة وعمل جليل من أفضل الأعمال، ندب إليه الشارع ورغب فيه وحض عليه في جوانب كثيرة، منها الزكاة كما في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل). عتق الرقاب وهذه الآية من أعظم الأدلة على أن الإسلام أولى عناية فائقة لعتق الرقاب وتحريرها، حيث جعل لها نصيباً من زكاة الأموال، كما جعل الكفارات أيضاً وسيلة للعتق، ومنها كفارة القتل الخطأ والظهار والجماع في نهار رمضان وكفارة اليمين، كما جعلها من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها العبد إلى ربه، كما في قوله تعالى: (فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة). وقال صلى الله عليه وسلم: «دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقـبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها الذي أنفقته على أهلك». وأكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإسلام يحث على تحرير الإنسان بعتق الرقاب في تكفير الذنوب أو إذا تزوجت المرأة من سيدها وأنجبت له ولداً فعليه أن يحررها، وكذلك كان أبو بكر الصديق يشتري الجواري ويعتقهن حتى يمتلكن إرادتهن في اعتناق الإسلام ولم يحدد الإسلام أن المرأة المسلمة السبية فقط هي التي تحرر ولم يربط ذلك بديانة معينة، فهذه القضية إنسانية والإسلام كان حكيماً في هذه القضية بحيث لا يحدث اضطراب في المجتمع. أسرى الحروب وأكد الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن الإسلام عرف الرق من خلال أسرى الحروب التي كانت تقع بين المسلمين وغيرهم ولم يكن الإسلام ينظر إلى الرق أو الاسترقاق كوسيلة للتملك أو إذلال الجنس البشري أو المتاجرة في بني آدم، وإنما كان ينظر إلى ذلك باعتبار أن الله تعالى شرع ذلك كنوع من إعلاء الشأن للإسلام والمسلمين على الكفار. وأضاف أن الإسلام وضع عدة وجوه شرع فيها تحرير الرقاب من الرق منها الكفارات مثل كفارة القتل والظهار، كما جعله باباً من أبواب الزكاة ينفق منه على تحرير الرقاب وكان الاسترقاق إجراء اضطرارياً للمعاملة بالمثل لأنه كان النظام العالمي المتبع وأجبر المسلمون على أن يأسروا من يجدونه، ومع ذلك لم تكن كل الحالات تدعو إلى الأسر والعبودية، فإذا كان العدو ضعيفاً فإن الإسلام دعا إلى المن والفداء معه وليس استخدام الرق. واقع مرير وامتلاك الإماء كان من نظام المجتمع القديم، وعندما جاء الإسلام وسع دائرة العتق، والإسلام لم يأت بتشريع العبيد والجواري، وإنما كان معمولاً به في الجاهلية، وحاول الإسلام فتح أبواب كثيرة لعتق الرقاب بكل الوسائل. ومن أقوال الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - في هذا الشأن أنه في مطالع البعثة المحمدية كان الرقيق واقعاً غير مؤلم ولا مستغرب ولا منكور، وكانت جماهير الأرقاء تزحم المشارق والمغارب، بينما لا يأْبه لهم أحد ولا يفكر في إنقاذهم مصلح. وتعيش الإنسانية في هذا الجو القابض الظلوم، وكان الخطف حتى القرن الماضي مصدراً للاستعباد، وقد ظل الأوروبيون يصطادون البشر بضعة قرون من غرب أفريقيا، بوحشية مطلقة، وتم خطف عشرات الملايين وهلاك مثلهم في أثناء الغارات التي كان يقوم بها قراصنتهم، وأبى الإسلام إباء شديدا خطْف الأحرار، وهدم كل ما بنى عليه من آثار، وجاء في الحديث القدسي عن رب العزة: «قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة، ومن كنت خصمه خصمته «غلبته» رجل أعطى بي عهداً ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه الأجر». قوة بشرية والرقيق قوة بشرية كان لها أثرها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية في الأزمان الغابرة، وجاء الإسلام فوجده في كل أنحاء الدنيا، وكانت وسائله متعددة، بعضها يقوم على الخطف والسرقة، فلم يشأ الإسلام أن يمنعه مرة واحدة حتى لا تكون هناك هزة، وهو في الوقت نفسه ظاهرة موجودة عند كل الأمم عندما تقوم الحروب بينها ويقع فيها أسرى من الجانبين. وفي المسافة التي بين الرق والعتق أمر الإسلام بالإحسان إلى الرقيق، ونصوصه في ذلك كثيرة جاء فيها التعبير عن المملوكين بأنهم إخوان من ملكوهم، وهم إخوة في الإنسانية يجب الرحمة والحفاظ على كرامتهم، حتى كان عتق العبد كفارة عن ضربه وإهانته.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©