الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عكرمة البربري.. وريث حبر الأمة تابعون وتابعيات

11 سبتمبر 2014 21:30
عاش الإمام والفقيه التابعي عكرمة غالبية سنوات عمره ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومتنقلاً في مختلف الأقطار الإسلامية، وحرص على تلقي العلم من كبار الصحابة، وبعد سنوات عديدة قضاها في تلقي العلم والتفقه في شؤون دينه صار أحد أبرز المفسرين والعلماء والفقهاء في الدولة الإسلامية. هو عكرمة بن عبدالله البربري المدني مولى الصحابي عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- صنفه المؤرخون في الطبقة الثانية من التابعين، ومات ابن عباس وعكرمة مازال عبدا فاشتراه خالد بن يزيد بن معاوية من علي بن عبدالله بن عباس بأربعة آلاف دينار، فبلغ ذلك عكرمة فأتى عليا فقال بعت علم أبيك بأربعة آلاف دينار فراح علي إلى خالد فاستقاله فأقاله فأعتقه. فرصة كانت فرصة عكرمة كبيرة في العلم، حيث تربى بين يدي عبدالله بن عباس رضي الله عنه، وهذه الفرصة أتاحت له التعلم حتى صار من علماء التابعين، وكان عكرمة يقول: كان ابن عباس يجعل في رجلي الكبل ويعلمني القرآن والسنن، ورغم أنه كان مولى ابن عباس إلا أنه لم يكتف بالتعلم على يديه، بل تعلم على أيدي كثير من الصحابة، حيث أدرك مئتين من أصحاب النبي، ونهل من علمهم، فقد روى عن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة ونهل من علم أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- وكان سفيان الثوري يقول: خذوا المناسك عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة، وقال أيضاً: خذوا التفسير عن أربعة: سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك. وروى عن عكرمه سبعون عالما من جيل التابعين، وكان يقول: إني لأخرج إلى السوق فأسمع الرجل بالكلمة فيفتح لي خمسون بابا من العلم، وكان الحسن البصري يمسك عن التفسير والفتيا ما دام عكرمة فيها، وكان عكرمة واسع العلم بالمغازي، حتى كان إذا تكلم فيها فكأنما هو مشرف عليهم يراهم. عطاء وبلغ عكرمة في العلم درجة كبيرة، واعتبره قتادة من أعلم التابعين وقال: أعلم التابعين أربعة كان عطاء أعلمهم بالمناسك وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير وكان عكرمة أعلمهم بسيرة النبي - صلى الله عليه وسلم- وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام، ومما يدل على غزارة علمه ما رواه معمر عن أيوب قال: كنت أريد أن أرحل إلى عكرمة إلى أفق من الآفاق، فإني لفي سوق البصرة إذا رجل على حمار، فقيل لي: عكرمة فاجتمع الناس إليه، فقمت إليه فما قدرت على شيء أسأله، ذهبت مني المسائل فقمت إلى جنب حماره فجعل الناس يسألونه وأنا أحفظ، وقال ابن كثير: وكان أحد أوعية العلم وقد أفتى في حياة ابن عباس. كما أشاد به عدد من العلماء والمؤرخين، فقال عنه الشعبي‏‏: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة، وقال شهر بن حوشب: ائتوه أي لأخذ العلم عنه، وقال العجلي: تابعي ثقة، وقال أبو حاتم: لم يمتنع الأئمة من الرواية عنه، وأصحاب الصِحاح أدخلوا أحاديثه في صحاحهم، ولا بأس به، وقال البخاري: ليس أحد من أصحابنا إلا وهو يحتج بعكرمة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: من علماء زمانه بالفقه والقرآن. وقال ابن منده في صحيحه: أما حال عكرمة في نفسه فقد عدله أمة من نبلاء التابعين فمن بعدهم، وحدثوا عنه واحتجوا بمفاريده في الصفات والسنن والأحكام، على أن من جرحه من الأئمة لم يمسك عن الرواية عنه، ولم يستغنوا عن حديثه، وكان حديثه يتلقَّى بالقبول، ويحتج به قرنا بعد قرن، وإماماً بعد إمام، إلى وقت الأئمة الأربعة البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي، فأجمعوا على إخراج حديثه، واحتجوا به. أهل العلم وقال محمد بن نصر المروزي: قد أجمع عامة أهل العلم بالحديث على الاحتجاج بحديث عكرمة، واتفق على ذلك رؤساء أهل العلم بالحديث من أهل عصرنا منهم أحمد بن حنبل وابن راهويه ويحيى بن معين وأبوثور. وتنقل عكرمة بين مختلف الأقطار والبلدان الإسلامية، فسافر إلى إفريقيا واليمن والشام والعراق وخراسان، وكان له في كل بلد مواقف عديدة، وحرص على تعليم أهل هذه البلاد أمور دينهم، وبث فيهم علمه وفقهه الذي تلقاه على أيدي حبر الأمة عبدالله بن عباس. توفي عكرمة في المدينة سنة 105 هجرية، وهو ابن ثمانين سنة، وكانت وفاته في نفس اليوم الذي توفي فيه الشاعر كثير عزة أحد أبرز شعراء ذلك العصر، فقال الناس: مات أفقه الناس وأشعر الناس.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©