خلال سنوات الطفرة في شرق آسيا كانت الأسواق تسير بشكل مخالف لمعدلات النمو الاقتصادي لكن الوضع كان مختلفا في كوريا الجنوبية حيث ارتفع المؤشر الرئيسي للبورصة إلى ذروته عام 1989 في حين سجل الاقتصاد نموا بنسبة 8 %· ومع تغير الأوضاع في آسيا بحيث تعكس البورصة أداء الاقتصاد، فان الصورة أصبحت مختلفة في كوريا الجنوبية· تراجع النمو إلى 4 في المئة لكن البورصة ارتفعت إلى ثمانية أضعافها من حيث القيمة السوقية بالدولار منذ أن وصلت إلى أدنى مستوياتها عام 1998 أي بعد عام واحد من انفجار الأزمة الآسيوية المالية· وبهذا فان كوريا الجنوبية هي السوق الناشئ الوحيد في شرق آسيا التي وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ تلك الأزمة·
وتركز الشركات الكورية العملاقة الآن على أهمية الاستثمار بكثافة في عمليات البحث والتطوير، وهو ما انعكس على أن نسبة هذا الإنفاق من الاقتصاد وصلت في كوريا الجنوبية إلى أحد أعلى المستويات العالمية وهو 2,6%· والتركيز على الاستثمار في التكنولوجيا وبناء علامات تجارية عالمية هو ما يميز الشركات الكورية عن نظيراتها الآسيوية التي لا تزال تركز على أنشطة التصنيع ذات العوائد الهامشية البسيطة·
وتزامن مع هذه الطفرة أن كوريا الجنوبية من أكبر المتلقين للاستثمارات الأجنبية من بين الأسواق الناشئة الحالية، والتي وصلت نسبتها إلى 7 في المئة من اجمالي الناتج المحلي· ويبدو أن هذه الاستثمارات تتعلق باستفادة الشركات الكورية من تحركاتها الريادية في الأسواق التي تنمو بسرعة مثل الصين والهند· ويبدو أن الطريق لمواصلة هذا النجاح هو الانطلاق إلى الخارج لان معدل الاستثمارات الثابتة الداخلية إلى اجمالي الناتج المحلي يتراجع، كما أن قطاع الخدمات يعاني عجزا قدره 20 مليار دولار سنويا·
لكن هناك حدودا للفترة التي يمكن أن تتحملها الدولة بالفصل بين أداء الاقتصاد وأداء الشركات فبعد الازمة المالية الآسيوية، ركزت كوريا الجنوبية على قطاع التصنيع بشكل مبالغ فيه· واليوم ومع اقتراب الدولة من اقتصاد يبلغ متوسط نصيب الفرد منه 20 ألف دولار، فان الحفاظ على مستوى نمو بمعدل يتراوح بين خمسة وستة في المئة كما فعلت اليابان وسنغافورة وهونج كونج، يتطلب تخفيف الاعتماد على التصنيع والتوجه أكثر نحو قطاع الخدمات· وتظهر الاحصائيات ان قطاع الخدمات يمثل 52 % من اجمالي الناتج المحلي مقارنة مع 70 % في غالبية الدول المتقدمة، وهذه النسبة المنخفضة من المشكلات الرئيسية التي تواجه تطلعات كوريا لكي تصبح مركزا ماليا في شرق آسيا·
روشير شارما، رئيس قسم الأسواق الناشئة في ''مورجان ستانلي''
عن مجلة نيوزويك
عدد اليوم
