الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

محاولات إيرانية خبيثة لإشعال الأزمة القطرية

29 ديسمبر 2017 00:04
أحمد مراد (القاهرة) كشف خبراء ومحللون سياسيون عن محاولات إيرانية خبيثة لإشعال الأزمة القطرية، وإطالة أمدها، حتى تحقق طهران لنفسها مكاسب سياسية واقتصادية عديدة. وأكد الخبراء أن طهران حريصة على الترويج، وبصورة مستمرة، لفكرة أن قطر حريصة على دعم علاقاتها معها، وتعمل على إزالة العقبات أمام تدفق الصادرات الإيرانية إليها، مشيرين في هذا الصدد إلى أن آخر مثل هذه التصريحات جاءت على لسان صحيفة «فاينانشال تريبيون» الإيرانية التي أوضحت أن «قطر تولي اهتماما كبيرا لزيادة وتسهيل التجارة البحرية مع إيران» ، وذلك بالإشارة إلى استقبال وزير الاتصالات والمواصلات القطري جاسم السليطي، الرئيس التنفيذي لمنظمة الموانئ والملاحة البحرية الإيرانية محمد راستاد الاثنين الماضي في الدوحة، والتي قالت إنهما بحثا سبل إزالة العقبات أمام تدفق الصادرات الإيرانية إلى قطر من موانئ جنوب إيران، وزيادة استثمارات القطاع الخاص في البلدين في مجالات الخدمات اللوجستية والنقل البحري. وشدد الخبراء على أن مثل هذه العبارات ليست مجرد «تصريحات عابرة»، وإنما «مقصودة»، وهدفها القضاء على أي خطوة في اتجاه حل الأزمة القطرية في المستقبل القريب، وأشاروا إلى أن طهران تحاول بشتى الطرق أن تورط قطر في تعزيز وتعميق العلاقات معها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد الأزمة القطرية اشتعالا وتعقيدا، لاسيما أن أحد أسبابها هو رفض الدول الخليجية والعربية توجه الدوحة إلى تعميق العلاقات مع طهران على حساب المصالح العربية والخليجية. وفي سطور التقرير التالي، تسلط «الاتحاد»الضوء على مكاسب إيران من الأزمة القطرية، ومحاولاتها الخبيثة لإطالة أمد الأزمة وإشعالها. بعد ساعات قليلة من إعلان الدول العربية الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب ــ الإمارات ومصر والسعودية والبحرين ــ عن قرارها بقطع العلاقات مع قطر، سارعت إيران إلى استغلال الأزمة من أجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية عبر الإعلان عن تضامنها مع النظام الحاكم في قطر، وأبدت استعدادها لتلبية كافة احتياجات السوق القطري لاسيما المواد الغذائية. وعلى مدار الأشهر السبعة الماضية، تواصلت عمليات تصدير المواد الغذائية وغيرها من البضائع من طهران إلى الدوحة، وهو الأمر الذي ساهم في مضاعفة حجم الصادرات الإيرانية إلى قطر، حيث كشف رئيس الدائرة التعاونية لمنتجي المواد الغذائية في إيران، مهدى كريمي تفرشي، خلال تصريحات إعلامية، عن ارتفاع صادرت إيران من المواد الغذائية لقطر بعد الأزمة إلى ما بين 200 و300 مليون دولار، بعدما كان حجم الصادرات الإيرانية لقطر في 2016 يتراوح بين 18 و 20 مليون دولار، أي بارتفاع تصل نسبته إلى 1500 في المئة. وفي تقرير نشرته صحيفة «فاينانشيال تريبيون»، كشفت عن أن طهران صدرت سلعا غير نفطية بقيمة 139 مليون دولار إلى قطر في الفترة من يونيو وحتى أكتوبر الماضي، مسجلة زيادة ملحوظة بلغت 117.5 في المئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك بحسب بيانات إدارة الجمارك الإيرانية، مشيرة إلى نمو مطرد في قيمة الصادرات غير النفطية إلى قطر خلال الأشهر الأربعة الأولى بعد تفجر الأزمة القطرية في يونيو الماضي. كما كشفت بيانات إدارة الجمارك الإيرانية عن أن إيران صدرت لقطر منتجات غير نفطية بقيمة 50 مليون دولار خلال شهر واحد. ويأتي هذا في الوقت الذي كشفت فيه العديد من التقارير عن أن التجار الإيرانيين يغرقون الأسواق القطرية بمواد ومنتجات فاسدة وتالفة، حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن رضا بديعي، مدير مطار شيراز، قوله إن التصدير إلى قطر توقف جزئيا لأن تغليف البضائع المشحونة إلى قطر كالفواكة والخضار كانت بطريقة غير مناسبة جدا، إذ كانت الخضراوات تحتوي على الوحل، وقد وضعت في علب من الكرتون. وكانت وزارة الصحة القطرية قد أعلنت في وقت سابق أن الفواكة القادمة إلى قطر من إيران ذات منشأ كيمياوي. كما يتم شحن البضائع بواسطة الطيران المدني ودون أي رقابة. التبادل التجاري بين قطر وإيران، والذي تضاعف في أعقاب اندلاع الأزمة القطرية، لم يقتصر على المواد الغذائية، حيث كشفت الدولتان عن وجود خطط لتعميق العلاقات الاقتصادية بينهما، وفي هذا الإطار خرج وزير الطرق والمدن الإيراني، عباس آخوندي، ليعلن عن اتفاق بين الدوحة وطهران لإنشاء ممرين بحري وجوي بين البلدين، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد على هامش لقاء الوزير الإيراني مع وزير الطرق والنقل القطري، جاسم سيف السليطي، وخلال المؤتمر أعلن الوزيران القطري والإيراني عن تشكيل لجنة مشتركة بين البلدين لتعزيز الاستفادة من الإمكانيات الواسعة المتاحة في مجال النقل الجوي والبحري وخاصة التجارة والموانئ والترانزيت. وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قد التقى منذ شهر تقريبا مع أحمد بن جاسم آل ثاني وزير الاقتصاد والتجارة القطري في طهران، واتفق الوزيران على ضرورة إزالة القيود التجارية، وتسهيل الظروف أمام التبادل الاقتصادي بين البلدين، وتبادلا وجهات النظر حول آخر المستجدات في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وآليات تعزيزها. وتعليقا على محاولات إيران لاستغلال الأزمة القطرية وإشعالها، شدد د. سعد الزنط، مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والسياسية، أن التصريحات التي تصدر من إيران، والتي تروج لفكرة أن قطر حريصة على دعم علاقاتها معها، وتعمل على إزالة العقبات أمام تدفق الصادرات الإيرانية إليها، ليست مجرد تصريحات عابرة، وإنما تمثل محاولة خبيثة لإشعال الأزمة القطرية، والقضاء على أي خطوة في اتجاه حل هذه الأزمة في المستقبل القريب، وذلك لأن استمرار هذه الأزمة معناه مضاعفة المكاسب الاقتصادية التي تحققها إيران من وراء عمليات تصدير المواد الغذائية، وهي عمليات مستمرة حتى الآن رغم أنه ثبت أن الكثير من البضائع الإيرانية القادمة إلى الدوحة فاسدة ورديئة، وهو الأمر الذي يغضب المستهلك في قطر سواء من المواطنين القطريين أو المقيمين من أبناء الجنسيات الأخرى العاملين في قطر. وقال د. الزنط: وجود إيران في قطر هو بمثابة القاعدة لرمي السهام على دول الخليج، حيث تحاول إيران القفز على الخليج من خلال قطر، خاصة وأن لديها أذرعا عسكرية في كل من لبنان والعراق واليمن وسوريا، وهو ما يمثل تطويقا إيرانيا لدول الخليج، ومن ثم سينطلق السهم من قطر. وأضاف: إيران هي أكثر لاعب في المنطقة يستفيد من كل الأطراف وكل الأوراق، وخاصة من قطر، حيث تعد طهران أكبر مصدر لقطر، وتتخذ الدوحة كورقة ضغط على دول الخليج، فبالتالي استفادت من التضامن مع قطر، وحققت مكاسب عسكرية واقتصادية وسياسية. وفي الإطار نفسه، أوضح كرم سعيد، الباحث في الشؤون السياسية، أن إيران تسعى إلى إطالة أمد الأزمة القطرية، والتي تحقق لها مكاسب سياسية واقتصادية عديدة، ومن أجل ذلك تحاول طهران بشتى الطرق أن تورط قطر في تعزيز وتعميق العلاقات معها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يزيد الأزمة القطرية اشتعالا وتعقيدا، لاسيما أن أحد أسبابها هو رفض الدول الخليجية اتجاه الدوحة إلى تعميق العلاقات مع طهران على حساب المصالح العربية والخليجية. وقال: إيران تحاول استثمار أزمة قطر لتعزيز دورها الإقليمي في المنطقة، وينطلق الموقف الإيراني باتجاه دعم قطر من حسابات عدة، أولها تعدد أوجه التعاون مع قطر، فأمنيا، وقع البلدان في عام 2016 اتفاقية تتيح للقوات الإيرانية العمل داخل المياه الإقليمية القطرية، في إطار مساعي مطاردة المهربي، كما برز التعاون الأمني من خلال استغلال نفوذ قطر لدى بعض الجماعات السورية المسلحة، بما في ذلك جبهة النصرة لإطلاق سراح 30 جنديا إيرانيا كانوا قيد الاعتقال لدى قوات المعارضة السورية. كما لعبت قطر دورا كبيرا في المساعدة على إعادة جثث 13 ضابطا إيرانيا، قتلوا في مدينة خان طومان السورية، واقتصاديا، هناك منطقة حرة بين الدوحة وطهران في مدينة بوشهر الإيرانية، تم إنشاؤها بموجب اتفاقية في عام 2014، وعشية الأزمة، عرضت إيران على قطر تصدير المحاصيل الزراعية، والمواد الغذائية عبر 3 موانئ في جنوب إيران، وأضاف: تسعى طهران إلى توسيع نفوذها داخل الدوائر الجغرافية التي تمثل عمقا استراتيجيا للخليج، ومنها سوريا، واليمن، والعراق، ولذلك تقوم إيران بدعم الموقف القطري رغبةً منها بأن يطول أمد الخلاف داخل الجبهة الخليجية. أما د. محمد عباس ناجي، رئيس وحدة الدراسات الإيرانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقال: منذ اللحظة الأولى لإعلان قرار الرباعي العربي بقطع العلاقات مع قطر، أظهرت السلطات الإيرانية رغبة واضحة لاستغلال الأزمة القطرية من أجل تحقيق مصالح اقتصادية وسياسية من خلال رفع مستوى التعاون الاقتصادي مع قطر عبر تصدير ما تحتاجه الدوحة من مواد غذائية وتخصيص ميناء بوشهر لهذا الهدف، فضلا عن فتح الأجواء الإيرانية أمام الرحلات الجوية القطرية، وهو الأمر الذي كشفت عنه تصريحات وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف ــ بعد أيام قليلة من اندلاع الأزمة ـ والتي أكد فيها على أن طهران سوف تقوم بتوفير الاحتياجات الإنسانية اللازمة التي تحتاجها قطر. وقال د. عباس: بلاشك أن السلطات الإيرانية تسعى لاستغلال الأزمة القطرية الحالية من أجل تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية، يتمثل أبرزها في العمل على توفير مصدر جديد للعملة الصعبة من خلال تصدير ما تحتاجه قطر من مواد غذائية ومياه وربما سلع أخرى في المستقبل، وذلك بهدف التغلب على المشكلات الاقتصادية التي يواجهها النظام الإيراني.وأضاف د. عباس: أما المكاسب السياسية التي تسعى إيران إلى تحقيقها عبر الأزمة القطرية، فيتمثل أبرزها في دعم دور إيران الإقليمي، حيث ترى السلطات الإيرانية أن الأزمة القطرية من شأنها أن تزيد من مساحة التباين في المواقف بين الدول الخليجية، وهو الأمر الذي يمكن أن يساعدها في دعم دورها الإقليمي في بعض دول الصراعات، خاصة أن الأزمة الحالية تزامنت مع التحولات الاستراتيجية المهمة التي تشهدها بعض تلك الدول، على غرار سوريا، وهو ما يبدو جليا في الجهود التي تبذلها إيران خلال المرحلة الحالية لتأسيس ممر استراتيجي يربطها بسوريا عن طريق العراق ويساهم في تكريس نفوذ لها على ساحل البحر المتوسط، وذلك في مواجهة مساعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتقليص تأثير إيران في المنطقة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©