الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الإعلام الغربي: قطر تواجه كابوس فقدان هيمنتها على تصدير الغاز في 2018

29 ديسمبر 2017 00:02
دينا محمود (لندن) لن تأتي مصائب قطر في عام 2018 فرادى على ما يبدو، ففي ظل استمرار نزيفها المالي والاقتصادي بفعل عزلتها المتفاقمة والمستمرة منذ نحو سبعة أشهر، ترجح وسائل إعلام عالمية متخصصة في شؤون الاقتصاد والطاقة أن يحمل العام الجديد في طياته بوادر فقدانها لهيمنتها على سوق تصدير الغاز الطبيعي المُسال في العالم، والذي يدر عليها عائداتٍ هائلة، يستخدمها نظامها الحاكم في تمويل التنظيمات الإرهابية وشن حملة تضليل واسعة النطاق على الساحة الدولية لتبييض سجله الأسود. ففي مقالٍ تحليلي نشرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية واسعة الانتشار، أبرز الكاتب هنري فوي إطلاق روسيا قبل أسابيع قليلة مشروعاً ضخماً في مجال الغاز، من شأنه تهديد السيطرة القطرية على هذا السوق وفي وقتٍ قريب كذلك، خاصة في ظل تأكيد الصحيفة على أنه على الرغم من أن الدب الروسي تأخر في «ممارسة لعبة الغاز الطبيعي المُسال، فإنه يأمل في اللحاق بالركب سريعاً». ويشير المقال في هذا الخصوص إلى تدشين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت سابق من الشهر الجاري مشروعاً لمد خطٍ للغاز الطبيعي المُسال، في المنطقة القطبية الشمالية بقيمة تناهز 27 مليار دولار، مُعتبراً إياه «خطوةً فائقة الأهمية» بالنسبة لبلاده. وفي إشارة واضحة إلى قطر، التي تبلغ احتياطياتها من الغاز الطبيعي المُسال أكثر من 14% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، قال الكاتب، إن تصريحات بوتين خلال تدشين المشروع - الذي يحمل اسم «يامال» وتقوده شركة «نوفاتك» - مثلت «تحذيراً» لمنتجي هذا المورد من موارد الطاقة، ممن كانوا أسبق إلى دخول سوق إنتاجه وتصديره. وكان الرئيس الروسي قد استبق تدشين مشروع «يامال»، وهو ثاني أكبر مشروع من نوعه في بلاده، بالقول إن روسيا «ستصبح أكبر منتجٍ للغاز الطبيعي.. في العالم»، وهو ما يثير بالتأكيد مخاوف واسعة لدى الأوساط الحاكمة في الدوحة. ويسمح المشروع الجديد لروسيا بتنفيذ خطتها لزيادة حصتها في سوق الغاز الطبيعي المُسال في العالم بواقع الضعفين بحلول 2020، وهو ما يشكل تهديداً لا يُستهان به لقطر التي ظلت لعقدٍ من الزمان أكبر دولة مُصدرة لهذا النوع من الغاز عالمياً، بحصةٍ تصل إلى نحو 30% من السوق. وفي هذا الصدد، أشارت «فاينانشال تايمز» إلى أن روسيا - التي قالت الصحيفة إنها تشكل «تقليدياً أحد اللاعبين في سوق الغاز الطبيعي في العالم» - باتت تطمح في الاستحواذ على ما بين «15 إلى 20% من الغاز الطبيعي المُسال» في السوق العالمية، وهو ما سيُقتطع في أغلب الأحوال من الحصة القطرية، التي تقلصت في السنوات الأخيرة بفعل ثبات حجم إنتاج هذا البلد، مقارنة بما ينتجه منافسوه على الساحة الدولية، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وأستراليا. وحرصت الصحيفة، ذات المكانة المرموقة بين الأوساط الاقتصادية في العالم، إلى الإشارة ضمنياً إلى أن التهديد الروسي لهيمنة النظام القطري على سوق الغاز الطبيعي المُسال عالمياً، لن يتأخر عن عام 2020 على أبعد تقدير. ونقلت في هذا الصدد عن ليونيد ميخليسون، وهو أغنى رجل أعمال في روسيا ورئيس شركة «نوفاتك» التي تملك 50.1% من مشروع «يامال»، قوله إن الأمر لا يعدو سوى «مسألة وقت».. ونسبت إليه تأكيده على أن بوسع شركته بدء تصدير شحناتها من الغاز «في غضون 12 شهراً»، وهو ما يبرز المخاطر الاقتصادية التي ستواجهها الدوحة في المستقبل القريب للغاية. وقالت الصحيفة البريطانية، إن تقديرات هذا الملياردير الروسي تفيد بإمكانية أن يؤدي المشروع، الذي تقود شركته المساهمين فيه، إلى بسط هيمنة موسكو على سوق تصدير الغاز الطبيعي المُسال إلى أوروبا على الأقل، بحلول عام 2020. ونقلت عنه قوله:«منذ اليوم، سيقل - وبشكل دراماتيكي - عدد من لم يسمعوا عنّا قط» قبل الآن. وفي تعبيرٍ واضح عن اهتمام الشركة الروسية بتوسيع رقعة هيمنتها عالمياً لتحدي منافسين مثل قطر، قال ميخليسون بكلمات واضحة إن «الغاز الروسي سيصبح (جذاباً) من الناحية التسويقية على الساحة العالمية». وتسعى الشركة الروسية إلى الاستفادة من التزايد الكبير الذي يشهده الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المُسال حالياً، والذي تقول «فاينانشال تايمز» إن حجمه تضاعف تقريباً على مدار السنوات العشر الماضية، ليصل في عام 2016 إلى قرابة 258 مليون طن. وتعول الشركة في هذا الصدد على قدرتها على تقليص تكاليف الشحن، وهو ما سيمكنها من طرح الغاز الذي تنتجه للتصدير بأسعارٍ تنافسية. فبحسب التقارير الواردة من موسكو، ستختبر الشحنات التي ستُصدّر من المشروع الروسي الذي دُشِنَ مؤخراً، مدى جدوى استخدام مسار شحنٍ ملاحي جديد للغاز الطبيعي، يمر في مياه مجمدة يمكن الإبحار فيها بين شهري مايو ونوفمبر من كل عام، بفعل ارتفاع درجة الحرارة، وهو ما سيؤدي حال نجاحه إلى تقليص مدة الرحلة إلى النصف تقريباً، مقارنةً بتلك التي تقوم بها ناقلات غازٍ أخرى تستخدم الطرق التقليدية، مما سيقود بالتبعية إلى تقليل التكاليف، وجعل الغاز الذي تُصدّره روسيا منافساً قوياً لذاك الذي يُصدّر من قطر. وفي انتكاسة أخرى للصادرات القطرية من الغاز الطبيعي المُسال، كشف موقع «هيلنيك شيبينج نيوز» المعني بأخبار الشحن والنقل البحري في العالم، عن أن دولاً مستوردة للغاز القطري باتت بصدد تقليص وارداتها منه. وأشار الموقع في تقريرٍ إخباريٍ له في هذا الشأن أن تايوان - التي تعتمد بنسبة 99% على الاستيراد فيما يتعلق بتأمين احتياجاتها من الطاقة - ستقلص بشكلٍ حاد حجم وارداتها في هذا الإطار بشكلٍ حاد بحلول عام 2025. وأبرز التقرير كون الاقتصاد التايواني يعتمد في توفير احتياجاته من الغاز الطبيعي المُسال على الاستيراد من قطر بشكلٍ خاص، ولو أن من بين الدول الموردة له كذلك، بلداناً مثل ماليزيا وإندونيسيا. وتشكل هذه التوجهات التايوانية الجديدة ضربةً ليست بالهينة لقطاع الغاز القطري الذي يعتمد بشكلٍ كبير على السوق الآسيوية، وخاصة تايوان التي شهد عام 2011 إبرام اتفاق تجاري معها أدى لزيادة كميات الغاز الطبيعي المُسال المصدر إليها من الدوحة إلى أكثر من خمسة ملايين طن سنوياً. وكان الموقع نفسه قد أكد قبل أسابيع أن هناك «تحديات جديدة» صارت تواجه الغاز القطري المُسال، وأن الدوحة ستعاني من مشكلاتٍ ناجمة عن الوفرة المتوقعة في المعروض من هذا المصدر الطبيعي للطاقة، بعد انتهاء فترة سريان عقود الإمدادات طويلة الأمد، التي أبرمها النظام القطري بشروطٍ مواتية له في الماضي. وتفيد تقديرات الخبراء بأن الوضع الراهن في سوق الغاز الطبيعي المُسال، لم يعد هو ذاك الذي كان سائداً عندما دخلته قطر للمرة الأولى في مطلع القرن الحالي باستثماراتٍ ضخمة، إذ كان السوق يشهد في ذلك الوقت حالة عدم توازن كبيرة ناجمة عن الحجم الهائل في الطلب، مُقارنة بحجم ما هو معروض، ولذا كان كل شيء يصب - كما قال موقع «هيلنيك شيبينج نيوز» - في صالح القطريين، بوصفهم أصحاب احتياطيات كبيرة في هذا المجال. لكن الوضع في الوقت الحالي بات مختلفاً - بحسب الموقع - الذي أشار إلى أن العالم صار «مغموراً بالغاز، مع دخول منتجي الصخر الزيتي الأميركي، وكذلك الموردين الاستراليين سوق الغاز الطبيعي المُسال للمرة الأولى، ليلقوا بالقفاز في وجه قطر». وبحسب تحليلٍ لمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة في بريطانيا، فإن السبب في تكثيف النظام القطري لأنشطته على صعيد استكشاف الغاز الطبيعي المُسال - في وقتٍ تتزايد فيه قوة منافسيه على هذا الصعيد بالتزامن مع تراجع الطلب - قد يعود إلى سعي الدوحة لاستغلال المستوى الراهن من الطلب على هذا المورد من موارد الطاقة بشكل سريع، قبل أن ينحسر على نحوٍ كبير كما هو متوقع. ووفقاً لهذا التحليل، اعتبر المعهد مضي قطر على هذا الطريق تراجعاً - على ما يبدو - عما تعلنه من استراتيجية تقول إنها تستهدف الحفاظ على مواردها لـ«الأجيال المقبلة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©