الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الأسواق الناشئة تعيد تشكيل خارطة الاقتصاد العالمي

الأسواق الناشئة تعيد تشكيل خارطة الاقتصاد العالمي
22 أغسطس 2015 20:50
إعداد: حسونة الطيب أكد خبراء أن النظام الهرمي الاقتصادي الذي يضع الدول الناشئة على الهامش والمتقدمة في مركز الشؤون العالمية، لم يعد يصف بدقة عالماً تساهم فيه الدول الناشئة بقدر أكبر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي من نظيراتها المتقدمة، عند القياس بتعادل القوة الشرائية. وأوضحوا أن خارطة العالم العقلية في حاجة ماسة للإصلاح، خاصة عندما يتعلق الأمر بتصنيف الدول بين ناشئة ومتقدمة، مشيرين إلى أن الفئة الكبيرة التي تجمع تحت مظلتها دولا ذات قوى اقتصادية متنوعة مثل، الصين، لا تخدم في تسليط الضوء على حقائق شديدة الاختلاف بين هذه الدول. ويقول مايكل بور الخبير الاستراتيجي في مؤسسة إنفيستك لإدارة الصناديق «تجاوز مصطلح الأسواق الناشئة الفائدة المرجوة منه. ويحتضن المصطلح اليوم دولا كبيرة وصغيرة، صناعية وزراعية وغنية وفقيرة وأخرى تعاني من عجز في ميزانياتها بينما أخرى من فائض فيها وهكذا». والأسواق الناشئة واحدة من أكثر التعريفات قوة في العالم، باستثمارات تقدر بنحو 10,3 تريليون دولار عبر مؤشرات الأسهم والسندات التي تعمل في أسواقها. لكن هذه المؤشرات، تتبنى مزيجاً من الأصول غير المتجانسة، التي تضلل المستثمرين وربما تساهم في تقليص عائدات صناديق المعاشات وشركات التأمين والمؤسسات المالية الأخرى. ويعتقد بور، أن أي تقسيم ثابت سيفقد ارتباطه مع مرور الوقت ليحل محله نظام أكثر قوة، كما يشكل المصطلح أيضاً، واحداً من مبادئ التنظيم لقواعد بيانات العالم ونقطة تحليل مبدئية للذين يبحثون في التوجهات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي تشكل العالم. لكنه يولد في ذات الوقت، مفاهيم خاطئة وحجج غامضة تلقي بشكوكها على مصداقية وكفاءة الحوكمة العالمية. وبدأ البعض فعلا في البحث عن مصطلح بديل، قادر على التعريف بمبادئ التصنيف والنشاطات المشتركة بين مجموعة من الدول النامية. وربما يسمح ذلك، للشركات والمؤسسات والمنظمات المتعددة الأطراف، بتقييم أكثر دقة لميزان المخاطر والفرص الاستثمارية المتاحة في أجزاء كبيرة من العالم. شعار تسويقي ولم يكن القصد من مصطلح «أسواق ناشئة» عند تسميتها الأولى، تعريف بمعايير محددة. واصطلح الاسم أنتوني فان أجتمايل، الخبير الاقتصادي في الشركة المالية العالمية ذراع القطاع الخاص في البنك الدولي، كشعار تسويقي في ثمانينيات القرن الماضي. ويبدو المسمى جاذباً لدول كانت تعرف بأسماء مثل، الأقل نمواً أو دول العالم الثالث، لتجد نفسها فجأة موعودة بأمل الصعود لدرجة أعلى. وأنجب النجاح المذهل الذي حققه المصطلح منذ ثمانينيات القرن الماضي، جملة من المحاولات التي تهدف للانتهاء من وضع ميزات متعارف عليها، مع نتيجة غير مقصودة في استخدام منظمات مختلفة مثل، صندوق النقد الدولي ومؤشر أم أس سي آي وبنك جي بي مورجان والأمم المتحدة وغيرها، لمجموعة من المعايير المتناقضة لتصنيف الأسواق الناشئة. وما يزيد الخلط، استخدام المصطلح أحياناً لوصف أسواق للسندات والأسهم أو العملات في الدول النامية، أو لوصف الدول نفسها. ولا شك في أن استخدام معاير مختلفة يولد عالم مختلف، حيث يُصنف على سبيل المثال، مؤشر أم أس سي آي 23 دولة ناشئة، بينما يضع 28 أخرى تحت قائمة الدول الناشئة الرائدة، في حين تحتضن قائمة صندوق النقد الدولي 152 من الدول الناشئة والنامية. وحتى في حالة قبول التصنيف السائد، يبدو السبب غير واضح في منح دولة صفة ناشئة وأخرى صفة متقدمة. ولا تزال شيلي التي تملك اقتصادا أكبر وكثافة سكانية أكثر ودينا أقل ومعدل بطالة أقل من البرتغال، تحت فئة الناشئة، في حين تظل الدول الأوروبية جزءاً من العالم المتقدم. وبالمثل، وقياساً على معدل دخل الفرد، تعتبر دول تضم قطر والمملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية، أكثر ثراء من دول عديدة متقدمة، لكنها لا تزال قابعة تحت مظلة الناشئة. وعادة ما تعتمد مثل هذه الأحكام على الجهة المُصنفة، حيث تعتمد المؤشرات المالية على مسائل مثل، الحرية التي تمكن المستثمرين العالميين من الوصول لسندات وأسهم دولة معينة. وتضع أخرى مثل، صندوق النقد الدولي، في اعتبارها، أسئلة حول تنوع مصادر اقتصاد دولة محددة، فيما يتعلق بعدد السلع التي تصدرها وتستوردها. ولا يزال الشعور في أن الدول الناشئة تولت زعامة الشؤون العالمية من الدول المتقدمة، خاضعاً للمزيد من البحث والدراسة. القوة الشرائية وهيمنت الاقتصادات الناشئة لبعض الاعتبارات، على ميزان القوة. وعند القياس على تعادل القوة الشرائية، تشكل الدول المتقدمة 39% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بتراجع عن نسبة قدرها 54% في 2004. كما تُعد الدول المتقدمة ضعيفة في مجملها، عند الحديث عن حجم احتياطات النقد الأجنبي، تلك الأموال التي تدخرها البلدان التي تنجح في تحقيق الفائض التجاري وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتملك الدول المتقدمة نحو 3,97 تريليون دولار من الاحتياطي النقدي، بالمقارنة مع 7,52 تريليون دولار للناشئة. ويقود ذلك لوضع غريب، تنتهي فيه الدول الناشئة التي تحتاج لاستثمار احتياطاتها النقدية في أسواق الدين السائل الكبيرة، بحصاد سنوات من العجز في تمويل فائض العجز في الدول المتقدمة الكبيرة. وكانت الصين مثلاً، أكبر مشترٍ لدين الخزينة الأميركية لست سنوات حتى 2015. وبينما بدأ المصطلح كناية عن الاستخفاف بالعالم الثالث، أصبح يرمز اليوم لمجموعة عشوائية من الدول. وتنتشر وجهة نظر على نطاق واسع، في أن حجم الصين ربما يقودها للخروج على المألوف وكسر قالب الأسواق الناشئة. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز اقتصاد الصين يفتت مؤشرات التصنيف أوضح بيتر ماربر، مدير الصناديق في مؤسسة لوميز سايلز، الأميركية العاملة في إدارة مجموعة من الأصول المتنوعة والتي تدير أصولا بنحو 242 مليار دولار، أن الصين تمتلك من الضخامة التي، إذا استغلتها بكاملها في مؤشرات الأسواق الناشئة، ستغطي على كل شيء تقريباً، لذا من الضروري معاملة الصين ككيان منفصل. لكن في حالة انعزال الصين عن هذه المؤشرات، فإن معاملة الهند كهيئة منفصلة لها أيضاً تأثيراتها، ما يعجل بتفتيت مؤشرات الأسواق الناشئة». وتضم مؤشرات الأسواق الناشئة، مزيجاً من الأصول الاستثمارية التي تتراوح بين السيئة إلى عالية الجودة، ما يقوض مقدرة المستثمرين على تقييم المخاطر ومن ثم يثنيهم عن العمليات الاستثمارية. وتهدد هذه التناقضات بأن ينتهي مصير مصطلح الأسواق الناشئة في مزبلة التاريخ. لكنه إذا سلك طريق مصطلحات أخرى مثل «العالم الثالث» التي آلت للنسيان، فلا شك إن مساره سيقود للتساؤل حول المصطلح البديل. ويعتبر البعض الناتج المحلي الإجمالي للفرد، واحداً من المعايير الواضحة للتمييز بين الأسواق الناشئة والمتقدمة. وتملك بعض الدول الناشئة مثل قطر، دخل فرد يفوق نظيراتها المتقدمة. وربما ليس من المنطق أن يتم تصنيف قطر بدخل فرد قدره 143 ألف دولار، في ذات الفئة مع الفلبين أو الهند اللتين يقل دخل الفرد فيهما عن 10 آلاف دولار. ووضع الصين في أي فئة يشكل تحدياً، بأكبر اقتصاد في العالم عند القياس بتعادل القوة الشرائية، لكنها تُصنف في درجة أدنى عند القياس بالناتج المحلي الإجمالي للفرد. استثمارات رأس المال أكد سري رامازوامي، أحد الخبراء البارزين في معهد ماكنزي الدولي، أن القوة الاقتصادية لبلد ما، عادة ما تعتمد على هيكله الاقتصادي والنشاط الصناعي والسعة الصناعية والدور الذي يلعبه المكون الحكومي والمجتمعي أو السياسي. وعند الحديث عن هذه المؤشرات، تتفوق الاختلافات بين الأسواق الناشئة، على أوجه الشبه». وعلى سبيل المثال، تشكل استثمارات رأس المال، 20% من الناتج المحلي الإجمالي في المكسيك، بينما تشكل 45% في الصين. ويشكل الاستهلاك الأسري، 50% من الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية، في حين يصل إلى 70% في تركيا. كما أن الكثافة السكانية متقاربة في كل من الصين والهند، بيد أن توجهات التوزيع السكاني مختلفة تماماً. وتعكس كيفية تصنيف الصين للكثيرين، الهاجس الذي تعاني منه الأسواق الناشئة. وبناء على تعادل القوة الشرائية، تعتبر الصين أكبر اقتصاد في العالم، وما زالت تقبع تحت مظلة الأسواق الناشئة. ويقدر معدل الإلمام بالقراءة والكتابة في الصين، بنحو 96% وتملك خطوط قطارات عالية السرعة، تفوق بقية دول المنظومة مجتمعة وكذلك يفوق عدد طلاب الكليات الجامعية فيها أي من دولها. ويقدر سوق أوراقها المالية بنحو 8 تريليون دولار، ليحل في المرتبة الثانية بعد أميركا، دون حساب تلك المدرجة في هونج كونج، حيث تسجل سنداتها حضوراً هامشياً في مؤشر أم أس سي آي ومؤشر إي أم بي آي التابع لبنك جي بي مورجان. ونتيجة لذلك، تظل الفرص الاستثمارية والمخاطر التي تشكلها الأصول الصينية، في معزل عن المستثمرين العالميين بشكل كبير. وبإضافة حتى جزء يسير من سوق الأسهم والسندات الصينية الضخمة لمؤشرات الأسواق الناشئة، ينتج زلزال مالي يرغم مدراء الصناديق الذين يطمحون في مجاراة أداء ذلك المؤشر، على الإقبال لشراء الأصول الصينية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©