الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تمرد حرس الحدود··· اختبار للحكم المدني في بنجلادش

تمرد حرس الحدود··· اختبار للحكم المدني في بنجلادش
28 فبراير 2009 22:21
من المفترض أن تكون بنجلاديش قد عادت إلى مسارها الصحيح عقب انتخاب حكومة مدنية جديدة لها، وبعد تأكيد عزمها على مكافحة الفساد وأعمال العنف· غير أن هذه الآمال شهدت انتكاسة بسبب تحرك الدبابات العسكرية في شوارع المدينة يوم الخميس الماضي، بهدف إخماد تمرد عسكري، أدخل بعض فصائل الجيش في مواجهات مسلحة· والخطير في هذا التمرد أنه شمل 12 منطقة خارج العاصمة دكا· وكانت أحداث العنف قد بدأت يوم الأربعاء الماضي، إثر إطلاق أعضاء ''بنادق بنجلاديش''، وهي عبارة عن قوة أمنية خاصة بحرس الحدود، النيران على الضباط، بزعم مظالم تتعلق بضعف الرواتب وبطء الترقيات· غير أن الجنود المتمردين، الذين يقدر عددهم بنحو 4000 جندي، اضطروا للاستسلام لقوات الشرطة وإلقاء بنادقهم في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي· وفي حين لا تزال الشرطة تعمل على حصر العدد الفعلي لقتلى عملية التمرد هذه، تزداد المخاوف من أن يكون عدد الضباط القتلى قد وصل إلى 100 ضابط· وفيما لو صحت هذه المعلومة، فإن ما يخشاه المحللون ويحذرون منه، أن تؤدي إلى اندلاع موجة عنف جديدة في البلاد، بما فيها احتمال رد عسكري ثأري عليها من قبل الجيش· وتمثل هذه الأزمة العسكرية تحدياً سياسياً كبيراً لحكومة رئيسة الوزراء حسينة واجد المنتخبة للتو، خاصة وأنها لا تزال تصارع من أجل الحفاظ على النظام الديمقراطي المهتز، إثر عامين من الحكم المدعوم من قبل الجيش· وبينما تمكنت الدبابات من تطويق وحدات حرس الحدود المتمردة، ازداد القلق من أن يكون استقرار إحدى كبريات الدول الإسلامية قد بات على المحك· هذا ما عبر عنه العميد والمحلل الأمني ''شاهد الأنام خان'' بقوله: ''إن ما حدث يمثل هاجساً كبيراً بالنسبة لنا، خاصة وأن الحكومة لا تزال جديدة ولم تستقر بعد''· ومن رأي بعض المراقبين أن إخماد التمرد يعد انتصاراً لحكومة شيخة حسينة في الوقت الحالي· فعمر حكومتها لا يتجاوز الخمسين يوماً، إلا إنها تمكنت من اجتياز أزمة خطيرة بقدر كبير من النضج والكفاءة· ويرى اللواء سيد محمد إبراهيم -المتخصص في الكتابة للصحافة المحلية حول القضايا الأمنية- أن وجود برلمان منتخب في البلاد، ساعد كثيراً على التعامل بهدوء وحكمة مع الأزمة، أفضل بكثير مما لو كانت هناك حكومة مدعومة من قبل الجيش· يذكر أن مجموعات العنف ظلت جزءاً لا يتجزأ من المشهد السياسي لهذه الدولة الفقيرة التي تبلغ كثافتها السكانية حوالي 140 مليون نسمة· بل الصحيح أن نشأة بنجلاديش نفسها قد حدثت بفعل تمردها على باكستان والانفصال عنها لتصبح دولة مستقلة في عام ،1971 بدل أن كانت محافظة شرقية من محافظاتها· وفي عام 1982 تمكن الفريق حسين محمد إرشاد، القائد الأعلى للجيش حينئذ- من الاستيلاء على السلطة عبر انقلاب عسكري، واستمر في الحكم حتى عام ،1990 حيث عاد نظام الحكم الديمقراطي· غير أن الجيش تدخل مرة ثانية في عام ،2007 بعد أن اشتدت مواجهات الشوارع العنيفة بين اثنين من الأحزاب الرئيسية وسقط ضحاياها من عشرات القتلى، بينما تجمد النظام الديمقراطي عملياً· ولم تتمكن بنجلاديش من استعادة النظام الديمقراطي إلا بعد عامين من ذلك التاريخ، حيث نجح الجيش في شن حملة مكثفة على الفساد، وتمكن من تنظيف سجلات تصويت الناخبين· وعد انتخاب حسينة واجد، التي سبق لحزبها- ''عوامي''- أن حكم البلاد في عامي 1996 ،2001 بمثابة ترحيب بالعودة إلى نظام الحكم المدني· لكن وقبل أن يستقر النظام الجديد، اشتعلت حركة تمرد قوات حرس الحدود هذه يوم الأربعاء الماضي· ووفقاً للتقارير المحلية، أطلق صغار الجنود في تلك الوحدات نيران بنادقهم على 168 ضابطاً من كبار الضباط والقادة الذين كانوا يحضرون مؤتمراً وطنياً لقوات حرس الحدود، قبل الاستيلاء على مقر القيادة في قلب العاصمة دكا· ويقول المحللون إن متوسط الراتب الشهري لجنود هذه القوات البالغ عددهم نحو 65 ألفاً، هو 70 دولاراً، واستمروا على هــذه الرواتب الضعيفــة لسنــوات طويلــة، مع عدم تقدير مهنتهم ودورهم الأمني· وأثناء الساعات الطويلة التي استغرقها التمرد، اتهم صغار جنود حرس الحدود قادتهم عبر قناة التلفزيون باختلاس ملايين الدولارات من برامج المساعدات الغذائية المخصصة للجنود، إلى جانــب إســاءة معاملة مرؤوسيهم· وخلال اليومين الماضيين، دارت مناقشات مكثفة في العاصمة دكا حول ما إذا كان التمرد الأخير يمثل بداية لانقلاب آخر على الديمقراطية أم لا؟ عن هذا السؤال يجيب البروفيسور ''امتياز أحمد'' الأستاذ بجامعة دكا بقوله: لست أعتقد أن نظامنا الديمقراطي يواجه أي خطر في الوقت الحالي· فقد تمكنت الحكومة المنتخبة من السيطرة على الموقف في مرحلته الراهنة بأفضل ما يكون، خاصة وأن إخماد التمرد تم دون إراقة المزيد من الدماء ودون اللجوء إلى العنف، باستثناء الذين قتلوا أثناء ساعات التمرد· وأثنى البروفيسور أحمد على سرعة استجابة حكومة شيخة حسينة للتمرد بإعلانها عفواً عاماً عن المتمردين مقابل إلقاء أسحلتهم واستسلامهم· وبحلول ظهر يوم الخميس الماضي، تم إطلاق 20 من ضباط حرس الحــدود من مقر القيادة العامة، دون تعرضهـــم للأذى، ما يشير إلى بدء انحســـار موجة التمرد منذ ذلك الوقــت· ديفيد مونتيرو- دكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©