الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المرحلة الثانية من خطة تحرير الكهرباء تثير جدلاً في مصر

المرحلة الثانية من خطة تحرير الكهرباء تثير جدلاً في مصر
22 أغسطس 2015 20:40
محمود عبدالعظيم (القاهرة) جاء قرار الحكومة المصرية بتطبيق المرحلة الثانية من زيادة أسعار الكهرباء اعتبارا من مطلع شهر يوليو الماضي ووفق خطة زمنية تمتد لنحو 5 سنوات يتم في نهايتها التحرير الكامل لأسعار الطاقة في مصر، ليثير جدلا واسعا في دوائر الأعمال والمواطنين على اعتبار أن الزيادة السعرية الأخيرة شملت شرائح الاستهلاك المنزلي أيضا إلى جانب المصانع. وحسب الشرائح السعرية الجديدة التي أعلنتها وزارة الكهرباء والطاقة فقد تم رفع الأسعار بنسبة 19% مع استثناء الشريحة الأقل استهلاكا حيث جرى تثبيت أسعار هذه الشريحة التي لا يزيد استهلاكها على 200 كيلووات شهريا. وتسهم الزيادة الجديدة في توفير نحو ملياري جنيه من مخصصات دعم الطاقة التي تضمنتها الموازنة العامة للعام المالي الجديد 2015- 2016 والبالغة نحو 63 مليار جنيه نزولا من 90 مليار جنيه في العام المالي السابق. وعلى الرغم من أن الإعلان عن الأسعار الجديدة للكهرباء جاء في توقيت سبق الإعلان عنه وتحديده وفق الخطة الخمسية لوزارة الكهرباء إلا أن معدل الزيادة هذه المرة جاء أكثر من التوقعات حيث كان القطاع الصناعي يتوقع زيادة في حدود 10% الأمر الذي أثار مزيداً من الجدل بين أصحاب المصانع نظرا لعدم قدرة القطاع الصناعي على مواكبة الارتفاعات المتتالية في تكلفة معظم عناصر الإنتاج. وزاد من حدة الجدل الحديث الذي يتردد بين فترة وأخرى حول توجهات رفع أسعار المشتقات البترولية بهدف إحداث مزيد من الخفض لمخصصات دعم الطاقة في الموازنة العامة إلا أن استمرار تراجع أسعار البترول شجع حكومة المهندس إبراهيم محلب على تأجيل هذه الخطوة ولطمأنة الأسواق والتخفيف من حدة الموجة التضخمية التي تجتاح السوق المصرية منذ أكثر من شهرين في أكثر من مجال. تجارب عالمية في هذا الإطار يؤكد المهندس فؤاد عزيز مستشار الشركة القابضة للكهرباء أن خطة تحرير أسعار الكهرباء في مصر تم إعدادها بعناية شديدة وفيها مراعاة العديد من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسعي لإنجاز هدف التحرير دون خدمة الأسواق. وأشار إلى الاسترشاد بالعديد من التجارب العالمية في هذا المجال واختيار آلية الرفع التدريجي للأسعار وتوزيعها على مدار 5 سنوات حتى يمكن التعامل مع الأسعار الجديدة دون حدوث أضرار اجتماعية للمستهلكين أو بالعملية الإنتاجية خاصة الصناعات الموجهة للتصدير والعمل على عدم إفقاد هذه المنتجات مزاياها التنافسية في الأسواق الخارجية. وقال إن الاستثمارات الضخمة المطلوبة لتطوير شبكة الكهرباء في مصر- التي قدرها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بنحو 22 مليار دولار على الأقل- تحتاج تمويلاً ضخماً ومن ثم لا يمكن تدبير هذه الاستثمارات الكبيرة من الموازنة العامة وفي نفس الوقت استمرار الدعم على حالته السابقة وبالتالي كان لابد من تدبير جزء من هذه الاستثمارات خصما من الدعم المباشر في الموازنة العامة وقد شجع الحكومة على المضي قدما في هذا الاتجاه استعداد المواطنين لرفع مزيد من الأموال مقابل الحصول على خدمة جيدة ومنتظمة وتتمتع بالكفاءة لاسيما بعد العام الذي كانت تنقطع فيه الكهرباء لمدد طويلة -خلال حقبة حكم جماعة الإخوان- الأمر الذي تسبب في خسائر كبيرة خاصة للمصانع والجهات التي تقدم خدمات حيوية للمواطنين. وأوضح مستشار الشركة القابضة للكهرباء أن الخطوة الثانية من خطة تحرير أسعار الكهرباء تمت بنجاح بعد تفهم المواطنين لسلامة التوجه الحكومي في هذا الشأن وشعور أطراف العملية الاقتصادية بالمسؤولية الشديدة تجاه الأوضاع العامة الأمر الذي يؤشر على نجاح الخطوات المتبقية من خطة التحرير في السنوات الثلاث القادمة. ويؤكد على هذه النقطة أيضا رائد علام رئيس إحدى شركات التمويل ويشير إلى أن دخول الحكومة بقوة في مجال إنشاء محطات الكهرباء الجديدة وتوقيع شركة سيمنس على عقد إنشاء المحطات الثلاث خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لألمانيا مؤخراً ساهم في نجاح خطة تحرير الأسعار حتى الآن، وتقبل المواطنين للأمر لاسيما مع التحسن الذي حدث فعلا في انتظام وكفاءة الخدمة مما أثر إيجابيا على العملية الإنتاحية. وقال علام إنه حتى بعد التحرير الجزئي الذي تم للأسعار لا تزال الكهرباء في مصر هي الأقل تكلفة مقارنة بمتوسطات الأسعار في الدول المجاورة وبالتالي لا تزال هناك مساحة للحركة أمام تسعير واقعي للخدمة يتلاءم مع الاحتياجات التمويلية الضخمة المطلوبة للاستثمارات الجديدة من ناحية والأبعاد الاجتماعية من ناحية ثانية. ولفت إلى أن الوصول إلى سعر اقتصادي للخدمة أمر مهم في هذه الظروف التي تمر بها البلاد ، مشيرا إلى التعامل مع ملف الطاقة في مصر وفق رؤية شاملة خاصة بعد تسلم الرئيس السيسي السلطة حيث يجري التحرك على أكثر من محور منها إنشاء محطات جديدة والدخول في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة على أن يتم قريبا إطلاق مشروع المحطة النووية في الضبعة، وبالتالي فإن قضية التسعير تمثل أحدى محاور الخطة الخاصة بالتعامل مع ملف الطاقة وهذه الرؤية الشاملة واضحة للجميع خاصة أصحاب القطاع الصناعي الذين أبدوا تفهما كاملا للوضع، ومن ثم من المتوقع أن تنجز الحكومة خطة تحرير أسعار الكهرباء بنجاح شديد في السنوات الثلاث القادمة. تحرير الأسعار يرشد الاستهلاك ويعالج عجز الموازنة القاهرة (الاتحاد) يرى خبراء اقتصاديون أن خطة تحرير أسعار الكهرباء في مصر والتي أقرت منذ شهر يونيو 2014 وتستهدف الوصول إلى مرحلة التحرير الكامل في العام 2019 ،تؤدي إلى نوع من التوازن السعري بمرور الوقت على خلفية ترشيد الاستهلاك تحت وطأة الأسعار المرتفعة إلى جانب تحرير الموازنة العامة من ضغوط تتمثل في استمرار زيادة مخصصات الدعم مع ازدياد عدد السكان والاستهلاك وبالتالي جاءت هذه الخطة في التوقيت المناسب. ويؤكد هؤلاء أن توزيع خطة التحرير على مدار 5 سنوات من شأنه أن يخفف من الآثار التضخمية لهذه الخطة ويساعد الأسواق على امتصاص هذه الآثار ولا يسبب مشكلة كبيرة للقطاع الصناعي الذي ظل لسنوات طويلة يتمتع باستهلاك طاقة رخيصة ومدعومة كانت تشكل أحد عناصر جذب الاستثمارات الأجنبية للبلاد في السنوات الماضية ومفتاحاً لتحقيق أرباح استثنائية في صناعات حيوية خاصة صناعات الحديد والإسمنت والسيراميك التي كانت تستهلك كهرباء مدعومة وتبيع منتجاتها بالأسعار العالمية. 13.5% التضخم في مصر مايو الماضي القاهرة (الاتحاد) سجل المتوسط العام لأسعار المستهلكين زيادة كبيرة اعتبارا من مطلع شهر مايو الماضي حيث يدور معدل التضخم - على أساس سنوي - حول 13.5%، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، الأمر الذي أدى الى تزايد الشعور بالغلاء ومن ثم جاء رفع أسعار الكهرباء ليعزز من هذا الشعور لدى قطاعات واسعة من المواطنين. وحسب بيانات وزارة الكهرباء فإن الكهرباء في مصر - سواء للاستهلاك المنزلي أو الصناعي - لا تزال مدعومة وتلتهم نحو 11 مليار جنيه من إجمالي مخصصات دعم الطاقة .ويحصل القطاع الصناعي على أكثر من 80% من هذا الدعم بينما يذهب الجزء المتبقي إلى دعم الاستهلاك المنزلي الذي يضم 22 مليون مشترك في شبكات الكهرباء الحكومية. ويقدر صناعيون أن الزيادة الأخيرة في أسعار الكهرباء ستؤدي إلى ارتفاع أسعار التكلفة النهائية للمنتجات - لاسيما منتجات الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة مثل البتروكيماويات والحديد والأسمنت والسيراميك والأسمدة وغيرها -بنحو 5% على أقل التقدير وإذا كانت هذه المنتجات يجري استخدامها كسلع وسيطة لإنتاج سلع نهائية فإن الزيادة في التكلفة ترتفع الى 10% الأمر الذي يعزز الاتجاه الصعودي للأسعار في المرحلة القادمة. ويشير هؤلاء الى ضرورة فصل مسار تحرير أسعار الكهرباء عن مسار تحرير أسعار المشتقات البترولية لتخفيف الضغوط على القطاع الإنتاجي بصفة عامة وهو الاتجاه الذي تفضله حكومة محلب لامتصاص جزء من أثار الموجة التضخمية الراهنة. في المقابل بدأت الأسعار الجديدة تنعكس على معدلات الاستهلاك حيث تسجل مؤشرات الاستهلاك تراجعاً نسبياً منذ مطلع العام الجاري.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©