الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

كلمات وأشياء

5 نوفمبر 2006 00:38
ما خاب من استشار ذات مرة وأنا أجالس زميلا تونسياً·· وجدته يقول لي وقد أخذنا الحديث إلى مواجع منتخب المغرب لكرة القدم الذي كان يشرف عليه آنذاك مدرب فرنسي من أصل بولندي هو هنري كاسبرجاك·· لست أدري لماذا لا نتعلم نحن العرب الدروس من بعضنا، لو كان الإخوة في الاتحاد المغربي لكرة القدم، استشاروا ولو بالرمز والتلميح الاتحاد التونسي لكرة القدم، لقالوا لهم ما كان سيصرف نظرهم عن كاسبرجاك، ويثنيهم عن التعاقد مع مصائبه· وما قصده الزميل التونسي، أن اتحاد الكرة المغربي ما كان أبدا ليلدغ من جحر كاسبرجاك كما حدث مع منتخب تونس، لو أن المغاربة لم يحرموا استشارة إخوة وأشقاء لهم، سبقوهم إلى معرفة الرجل· وأذكر أنني نقلت بأمانة هذا العتاب ''الصريح'' إلى أعضاء داخل اتحاد الكرة المغربي، أسابيع فقط قبل أن يقيلوا كاسبرجاك لعدم كفاية النتائج، ويستعيضوا عنه بالبرتغالي هومبيرتو كويليو، الذي كانت مواجعه من طراز مختلف· وكانت دهشتي عظيمة، عندما وجدت الإخوة بالاتحاد التونسي لكرة القدم في سياق زمني مختلف يتعاقدون مع الفرنسي هنري ميشيل بعد تجربة من أربع سنوات كان قد خاضها مع منتخب المغرب ومشى فيها حينا على بساط من حرير، وحينا آخر على جمر وشوك، وأعقبتها سنة شبه بيضاء مع منتخب الإمارات· وما كان ذنبا في صحيفة اتحاد الكرة المغربي، أصبح أيضا ذنبا في صحيفة الاتحاد التونسي، فهو الآخر يلام على أنه لم يستشر من حوله عن أسلوب عمل وتفكير الرجل· صحيح أن ما يفرق هنري ميشيل عن هنري كاسبرجاك أشياء كثيرة، يستطيع كل منا أن يسميها عند قراءة السيرة الذاتية للمدربين، ولكن ما كل مدرب يقرأ ويعرض بسيرته، أكثر ما يقرأ ويعرف بمدى قدرته على العمل والإبداع وجرأته في استثمار كل ما تراكم لديه معرفيا وفنيا بعد سنوات طوال من العمل الميداني· وما حدث مع الاتحادين المغربي والتونسي، يحدث مع أغلب الاتحادات الأهلية العربية وحتى النوادي العربية، فقد وقفنا للأسف على حركة انتقالات غير مراقبة ولا حتى منطقية لمدربين أجانب، ولا أحد ممن توكل إليهم مهمة عقد الارتباط، يكلف نفسه عناء التدقيق في السيرة الذاتية، والأخذ بخصلة الاستشارة، وإلا ماذا كان سيخسر هذا المسؤول أو ذاك داخل هذا المنتخب أو ذاك وداخل هذا النادي أو ذاك لو جمع معلومات عن هذا المدرب أو ذاك، وكيفها مع السيرة الذاتية ومع الحصائل الفنية، ليصل إلى حكم أقرب إلى المنطق وإلى الحقيقة· إن مصيبتنا هي في نبذنا للتواصل والتحاور والتشاور، فنحن أبناء الأمة الوحيدة، نحن من نملأ العالم بطنين الشعارات التي تقول بالمصير المشترك، نحن من تقوم عقيدتنا على الاستشارة والمشورة وطلب الرأي لسداد الرأي، نقوض صرح التواصل ونهدم جسور الحوار ونفعل ذلك بقليل من اللامبالاة وأيضا بكثير من الأنفة والغرور، وتكون النتيجة أننا نعرض مصالحنا ومصالح أنديتنا ومنتخباتنا للتلف، ونقيم لكثير من المدربين الأجانب ممن انتهت مدة صلاحيتهم، مراتع خصبة، يأتون إليها، فينالون من المال ما ينالون، ويتركون بعد ذلك أنديتنا ومنتخباتنا خرائب تنوح فيها الغربان وتزهر في هوامشها الأحزان· ذات مرة قالوا في كل العالم العربي من خليجه إلى محيطه، من أراد منكم أن يتبوأ مقاما عاليا، فليأت بمدرب فرنسي، أن المدرسة الفرنسية هي العلامة المميزة للزمن الكروي الحالي· كان في ذلك إحالة لنجاحات إيميه جاكيه مع منتخب فرنسا وأرسين فينجر مع أرسنال وجيرار هوييه مع ليفربول· وشحنت فرنسا في قوارب عشرات المدربين كانوا في عطالة مستدامة، فتوزعوا كالجراد في كل الدول العربية، والطامة العظمى أن نسبة زادت عن التسعين في المائة منهم أخذوا الكثير ولم يعطوا شيئا، وكيف يعطون شيئا هم فاقدوه، بدليل أنهم في بلدهم فرنسا كانوا مشاريع فاشلة لمدربين بلا هوية· آخر الكلام: ما خاب من استشار· بدر الدين الإدريسي
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©