الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الشكور» يعطي بما يليق بعظمته ويضاعف الحسنات

«الشكور» يعطي بما يليق بعظمته ويضاعف الحسنات
15 أغسطس 2012
أحمد محمد (القاهرة) - الشكور اسم من أسماء الله الحسنى، وهو الذي يرضى بالقليل ويجازي بالكثير، يعطي عطاء يليق بعظمته وبملكه الذي ليس له حد ولا عد، فالحسنة بعشر أمثالها، وهذا العرض والعطاء لا يوجد إلا عند مالك الملك، وعطاء الله غير محدود لأنه يتناسب مع جلاله. والعظمة في اسم الله الشكور أنه عز وجل مع كل العطاء والرزق والهبات التي وهبها للإنسان، يكون هو الشكور، فملك الملوك سبحانه أغنى الأغنياء هو الذي يشكر العبد الفقير على طاعته على الرغم من أنه هو الذي أعانه ووفقه لذلك. والله الشكور يرزق وينعم دون منة ولا عوض ولا مقابل، يرزق البر والفاجر وينعم على العبد ويتم إنعامه عليه وإن عصاه، أما البشر فيعطون ثم يمنون. سمى الله نفسه الشكور، وورد الاسم في القرآن الكريم 4 مرات، يكون في معظمها مقترناً بالغفور، والشكور صيغة مبالغة لاسم الشاكر الذي ورد في القرآن الكريم مرتين كما قال الله تعالى: “إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم”، وورد الشكور مقترناً باسمه الغفور في موضعين كما في قوله تعالى: “ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور” “فاطر:30”، وقوله: “وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور” “فاطر:34”، وورد مقترناً بالحليم في قوله: “إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم” “التغابن:17”. النية الحسنة والشكور إذا أطيع بالقليل يقبله ويعطي عنه الجزيل، يقبل اليسير من الطاعات ويعطي الكثير من الدرجات، يشكر على ما يقدمه الإنسان فيعطي عليه أضعافاً مضاعفة من الجزاء والثواب في الدنيا والآخرة، والشكور وردت بصيغة المبالغة عن الشكر، فالله تعالى يشكر حتى على النية الحسنة ولو لم تترجم إلى عمل فعلي “ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا” “الشورى23”، ولا يشكر شكراً عادياً، بل أضعافاً مضاعفة “ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور” “فاطر30”، ودائماً عند الشكور زيادة “ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور” “الشورى23”، “للذين أحسنوا الحسنى وزيادة” “يونس26”. والشكور سبحانه هو الذي يزكو عنده القليل من أعمال العباد فيضاعف لهم الجزاء، فيثيب الشاكر على شكره ويرفع درجته ويغفر ذنبه، فشكر العبد لله ثناؤه عليه بذكر إحسانه إليه، وشكر الحق للعبد ثناؤه عليه بذكر إحسانه له. والشاكر والشكور من أسماء الله تعالى الذي يقبل من عباده اليسير من العمل ويجزيهم عليه العظيم من الأجر، يشكر لهم القليل من عبادتهم. وصل الشكر ويذكر ابن القيم أن الشكور سبحانه هو أولى بصفة الشكر من كل شكور، بل هو الشكور على الحقيقة، فإنه يعطي العبد ويوفقه لما يشكره عليه، ويشكر القليل من العمل والعطاء فلا يستقله أن يشكره، ويشكر الحسنة بعشر أمثالها إلى أضعاف مضاعفة، ويشكر عبده بأن يثني عليه بين ملائكته وفي ملئه الأعلى ويلقي له الشكر بين عباده، ويشكره بفعله، فإذا ترك له شيئاً أعطاه أفضل منه، وإذا بذل له شيئاً رده عليه أضعافاً مضاعفة، وهو الذي وفقه للترك والبذل وشكره على هذا وذاك، ولما بذل الشهداء أبدانهم له شكر لهم ذلك بأن أعاضهم منها طيراً خضر، أقر أرواحهم فيها ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها إلى يوم البعث، فيردها عليهم أكمل ما تكون وأجمله وأبهاه، ومن شكره أنه غفر للمرأة البغي بسقيها كلباً كان قد جهده العطش حتى أكل الثرى. وقال بعض العلماء إن الشكور يوصل الشاكر إلى مشكوره، بل يعيد الشاكر مشكوراً وهو غاية الرب من عبده، وأهله هم القليل من عباده، قال عز وجل: “واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون” “البقرة:172” وسمى نفسه شاكراً وشكوراً، وسمى الشاكرين بهذين الاسمين فأعطاهم من وصفه وسماهم باسمه، وحسبهم بهذا محبة وفضلاً، وإعادته للشاكر مشكوراً كقوله: “إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا” “الإنسان:22”، ورضي الله عن عبده به كقوله: “وإن تشكروا يرضه لكم” “الزمر:7”، وقلة أهله في العالمين تدل على أنهم هم خواصه كقوله: “وقليل من عبادي الشكور” “سبأ:13” فضل النوافل ومن شكره لعبده ما جاء في الحديث القدسي: “... وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه”. ومن معاني شكر الله أنه عليم بأعمال العباد، فهو لا يضيعها ويعطي المتحملين لأجله، الدائبين في الأعمال جزيل الثواب وواسع الإحسان يغفر لعباده السيئات ويقبل منهم القليل من الحسنات وضاعفها لهم وأعطاهم من فضله ما لم تبلغه أعمالهم، فبشكره لهم نجاهم من كل مكروه. واسم الله الشكور لا يدركه الكثير من الناس لأنه صفة لا يدركها إلا ذوو الحاجات عند ربهم وصفة الشكر أصيلة في أخلاقهم واسم الله الشكور يدعو للطموح ويحول إلى شعلة من النشاط والاستعداد للعطاء ويشجع على البذل ويحول لطاقة من العبادة إن تكاسلنا عنها، فهو دفعة القرب من الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©