الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مجدي عبدالعزيز: الفن الإسلامي يتعامل مع معطيات حياتنا اليومية

مجدي عبدالعزيز: الفن الإسلامي يتعامل مع معطيات حياتنا اليومية
25 أغسطس 2011 23:17
وجد الفنان التشكيلي مجدي عبد العزيز في شارع المعز لدين الله الفاطمي جماليات البيئة المصرية الأصيلة بما تحمله من تراث عظيم من الفن الإسلامي، والذي تمثل في كل أفكاره في مراحله الفنية المختلفة، التي ترتبط بجداريات ذلك الشارع. ويقول إنه عاش فترة طويلة من الطفولة في قلب القاهرة المعزية، وكانت فترة مهمة، لم يعلم أنها سترافقه وتنعكس فيما بعد على أعماله بعد أن شكلت مخزونه البصري الكبير، على أنه لم يكن مهتما بالقاهرة الإسلامية، وسط خضم الدراسات النظرية والعملية التي شغلته أثناء دراسته في كلية الفنون التطبيقية، على الرغم من أنه كان خلال تلك الفترة يرسم في تلك الأحياء، في شوارع الدرب الأحمر والمعز والغورية والحسين، وأن تلك المناطق بهرته في طفولته، حيث كان يحس بضخامتها بجوار حجم طفل صغير، إلى جانب زياراته المتعددة لخاله في حي الخرنفش، كما سكن في درب سعادة أثناء الدراسة، وكان يذهب للمذاكرة في الأزهر وحي الحسين، وكان سحر تلك الأجواء يسيطر عليه، كما كانت أفلام نجيب محفوظ تقربه من ذلك الواقع الذي عاشه، إلى أن تخرج في الكلية عام 1973، وكانت تلك الفترة بعد النصر تشهد مداً قومياً وتعاظماً للروح الوطنية، فتحول إلى مرحلة جديدة أكد فيها درامية العمل الفني أو النحت الدرامي في التكوين، حيث تناول تلك المناطق باعتبارها كائناً حياً يتنفس وينفعل ويتأثر. المخزون التراثي وأضاف أنه كان يصر على القيام بعمل جيد يتوافق مع هذا الانتصار العظيم، فوجه نفسه نحو البحث والتدقيق في التراث الإسلامي، ومن هنا جاءت فكرة التفرغ للبحث في المخزون التراثي الحضاري المصري، الذي كان يعتز به، وبدأت محاولاته في الاتجاه نفسه من دون الاتصال أو التأثر العميق بالحركة التي شهدتها أواخر الستينات نحو ايجاد فن قومي من خلال استلهام الحرف العربي، وإنما كان يركز على المخزون الموجود على أرض الواقع والاستلهام والتنقيب في القيم الجمالية المطروحة أمامه في عناصره واستكشافها واستيعابها. وأكد أنه لا يوجد عمل جيد لا يقبله الجمهور مهما كان حداثياً، حيث سيطر البناء المعماري على أعماله الأولى التي تخللها بعض الحروف العربية، وشكلت إطاراً جديداً أساسه التكويني المثلث والمربع والدائرة باعتبارها تمثل الربط بين العمق التاريخي والرؤية المعاصرة للحركة البنائية في العمل الفني، موضحاً أن البعد الهندسي الحركي في تلك الأشكال، كعناصر أساسية في الفن الإسلامي ترتبط بحركة الكون، والقرب من الله والتوحيد، والبعد عن التشخيص، حيث استطاع الفن الإسلامي أن يبني عالماً وحضارة من خلال 3 عناصر أساسية، وهو ما كان له تأثير كبير على الغرب. الباو هاوس وقال إنهم حينما كانوا يدرسون مدرسة الباو هاوس أو الفن المرتبط بالصناعة، وضح له أن الفن الإسلامي سبقها، حيث إن كل مجالات الحياة اليومية متمثلة في ذلك الفن، وبشكل تقني ويدوي عالٍ، كمستخدمات حياتية، والتي تعد من السمات المهمة في الفن الإسلامي لارتباطها بالإنسان، ولذلك كان يزداد ارتباطا بأصوله وجذوره من خلال أعماله. وقد تناول مجدي عبد العزيز الشكل الحديث لتقنية الحفر بتوزيع المساحات الهندسية المسطحة على مسطح التصوير مع دمج الزخارف والحروف متجهاً نحو الكاليجراف، بعد أن تخطى الدلالة المنطوقة للحروف، واستخدمها كايهامات خطية مجردة استفادة من القيم الجمالية الموجودة في الحرف، حيث عاد إلى التعامل مع شارع المعز من خلال فن الحفر برؤية جديدة، فهي تقنية تمر بمراحل عدة يجب أن تتوافق جميعا وتخرج بإحساس موحد، كما أنه أعاد تشكيل الجسم الإنساني من توليف قطع القماش والأوراق والمثلثات، في رؤية هندسية مجردة. الإرث الإسلامي وأشار إلى أهمية الاستفادة والتأمل في الإرث الإسلامي العظيم، بعد ملاحظة أنه حتى الآن لم يستطع الكثير من الفنانين التنقيب في تراثنا بالشكل الجيد، في الوقت الذي أقام فيه الغرب المدارس الفنية الحديثة من خلال ذلك التراث، مثل الفنان الألماني آشر الذي خرج بأعماله من خلال قاعدة الكتلة والفراغ الموجودة في الزخرفة الإسلامية، مؤكداً أن مفردات الفن الإسلامي شديدة الثراء، وتحتاج إلى نوع خاص من التنقيب والدراسة لعناصره وصياغتها برؤية جديدة تتماشى مع العصر من دون تقليد شكلي، لانتاج أعمال جديدة، وربما ذلك يبدأ من خلال الاهتمام باللغة والزخرفة العربية، وأنه في قسم الإعلان يمنع العمل باللغة الأجنبية، حتى نتخلى عن فكرة أن يكون الحرف العربي جملة إعلانية أو عنوان أو اسماً وليس متناً يشكل الوظيفة الرئيسية للحرف العربي من خلال القراءة للنص وتعدد السطور، وأن هناك مراحل واجبة لدراسة الكتابة العربية تبدأ بالحرف ثم الكلمة فالجملة، نهاية بالموضوع كمراحل في إعادة مستحدثة لتصميم الحرف العربي. وما زال مجدي عبد العزيز يواصل مشواره الفني منذ السبعينات من القرن الماضي، ويعبر عن مدى تأثره بالتراث الإسلامي والقاهرة الفاطمية، موضحاً أن الفن الإسلامي ليس مجرد فن زخرفي كما يدعي البعض، فهو فن يرتبط بالعقيدة الإسلامية، وما فيها من جوانب روحية، تعتمد على الشكل التجريدي، حيث إن الفنان المسلم أول من ابتكر التجريد، وأن ظاهرة التكرار في الفن الإسلامي تتعامل مع الفراغ باعتبار أن الفنان الإسلامي متصوف يبحث عن العلاقات الكونية في الطبيعة، حيث إن هناك تكراراً بلا نهاية في تعاقب الليل والنهار. وقال إن الفن عموماً حرفة، وبذلك لم يعد ثمة داعٍ للادعاء بأن الفن الإسلامي حرفة وليس فناً، فعلى الفنان أن يمتلك أدواته كي ينتج أعماله الفنية، وأن الحرفية موجودة في كل الحضارات، ومن هنا جاءت فكرة الجودة، والتي هي من أهم مميزات العمل الفني الجيد. العلاقة بين الخطين الرأسي والأفقي أكد مجدي عبد العزيز أن فناني أوروبا استفادوا من الفن الإسلامي، ومنهم “موندريان” الذي استطاع من خلال رسمه للأشجار في الطبيعة، أن يخرج منها قانون العلاقة بين الخطين الرأسي والأفقي، و”بول كليه” الذي احتواه الشرق في المكان والزمان عند زيارته له، فتعامل مع فكرة التكوين من الدائرة والمربع، وهناك الفنان النمساوي “جوستاف كليمنت” الذي استفاد بذكاء من الفن الإسلامي ودمج بين الشكل الإنساني والزخرفة الإسلامية في شكل جديد، وأنه من الملاحظ أن كل من استفاد من الحضارة الإسلامية كان له دور كبير في الحركة التشكيلية العالمية، بينما لم يتجاوز الفنان العربي فهم تراثه جيداً، وربما تكمن المشكلة في أن العالم العربي لا يوثق أعماله، وبالتالي ليس لديه الرصيد التراكمي لتجاربه وخبراته بالطريقة الموجودة في الغرب، وأننا نجد أن أغلب العلامات التجارية على مستوى العالم تعتمد على قاعدة الكتلة والفراغ المستمدة من الفن الإسلامي، وعلاقة الأبيض بالأسود، وبالاتزان.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©