السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

المجالس والقهوة والصقّارة.. تقاليد برائحة الأصالة

المجالس والقهوة والصقّارة.. تقاليد برائحة الأصالة
11 ديسمبر 2018 02:35

أشرف جمعة (أبوظبي)

تقاليد عريقة على صفحةٍ تعبر عن حضارة وتاريخ الدولة، وترمز للشخصية الإماراتية في الكرم، وتغوص في تفاصيل الحياة القديمة، من خلال تجربة تفاعلية تستعرض صورة حية عن تقاليد القهوة العربية التي ترمز للضيافة، فضلاً عن المجالس التي شكلت وجه الماضي، وعبرت عن نسيج المجتمع المتآلف في الماضي، ومن ثم صورة للشاعر وهو يدندن القصائد على الربابة في جلسات السمر، كما تبرز حياة أخرى تشمل البراعة في الصقارة وما يحيط بها من أسرار، حيث حظي ركن دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي في مهرجان الشيخ زايد التراثي برسم صورة تعبر عن الحياة القديمة، تفاعل معها الزوار بكل إيجابية وبهجة.

دلال القهوة
أمام دلال القهوة العربية كان يعزف الشاعر عبيد الشوين الكعبي على ربابته القصائد ويدندنها في حضور الجلساء الذين يستعيدون تفاصيل الزمن الماضي، والقهوة تأخذ مراحلها، ومن ثم تقديمها للحضور في أجواء مسامرة، ويقول الكعبي: إن القهوة العربية في الإمارات، عنوان الكرم الذي يحرص عليه أبناء الدولة، حتى أصبحت ضيافتها تقليداً وطنياً أصيلاً، وأحد رموز الشخصية الإماراتية في كل مكان، مبيناً أنها عنصر ثابت على المائدة في الحل والترحال، وأن رائحتها التي تبعث في النفس الانشراح، والراحة والرضا تجذب القاصي والداني وهي تدل على الاستقبال بحفاوة، وحسن الوفادة والإكرام، وأن للقهوة مكانة اجتماعية، فهي دليل على التسامح والتصالح.

طرق الإعداد
ويذكر الكعبي أن إعداد القهوة يتم في الغالب صباحاً، ويمكن أن يتم في أي وقت آخر، بتجهيز أدواتها اللازمة من دلال، وقدور، وفناجين، ومحماس، وغيرها وهي ما تعرف «بالسلة أو المعاميل»، وقديماً كان البدو يحفرون حفرة دائرية الشكل غير عميقة تحيط بها ثلاث حصيات توضع عليها الدلة بعد إشعال الحطب في هذه الحفرة، وذلك للمحافظة على القهوة ساخنة تقدم للحضور في كل حين، وفيما بعد عرف ما يسمى بـ«الكوار»، الذي يبنى في إحدى زوايا المجلس من الطين، ثم يلبس بالحصى، ويبطن بصفائح من الحجر الأملس ليكون موقداً توقد فيه نار القهوة، وبجانبه مكان مخصص لجلوس الشخص الذي يعد القهوة، ومستودع صغير لتخزين الحطب يُطلق عليه «بيت الحطب»، ولفت إلى أنه لإعداد القهوة لا بد من أن تفرز حبات القهوة، واستبعاد غير المناسب منها، ثم غسلها وتجفيفها، ويلي ذلك تحميسها بوضع كمية من البن في «التاوة» ومن ثم وضعها على النار وتحريك البن بأداة، حتى تميل حبات البن إلى اللون الأحمر أو البني إشارة إلى النضج.

رائحة خاصة
ويشير إلى أنه لا بد من وضع البن في المنحاز أو الهاون، أو النجر، لطحنه وتنعيمه، وقديماً كان يستخدم لطحن البن «نجر الحجر»، وهو صخرة لها سطح مربع واسع، وقاعدة صغيرة، توضع بجانب «الكوار»، ويصاحب طحن البن في النجر صوت يتماهى مع رائحة خاصة تملأ المكان، موضحاً أنه يوضع البن بعد دقه أو طحنه في دلة كبيرة، وكانت القهوة توضع قديماً في ما يسمى «الزمزميّة» وهي إناء من الفخار يحافظ على حرارتها، وطعمها، ولونها، أما الآن فتوضع في سخان أو «دلة» لهذه الغاية، أما الماء الذي يضاف للبن المطحون فيجب أن يكون نظيفاً، لذلك يحرص البدو على حفظ ماء القهوة في قربة خاصة.

حياة اجتماعية
وبين سيف عبيد الكعبي، مسؤول الحرفيين الرجال، أن المجالس تندرج ضمن الحياة الاجتماعية ومظاهر التكافل والتواصل وعادات الضيافة، والكرم عند أبناء الإمارات، لافتاً إلى أنه يسمى المجلس وفق هذه المواصفات بالبرزة، ويحق لكل فرد من أفراد المجتمع أن يحضر هذا المنتدى الاجتماعي ويدلي بوجهة نظره، وصاحب المجلس مسؤول عن كل نفقات المضيف من أمواله الخاصة، موضحاً أن المجلس يحظى بالقيم الاجتماعية، وهو عنصر مهم من عناصر التراث في دولة الإمارات.
ولفت إلى أن المجالس لها مسميات مثل مجالس أهل الساحل: وغالباً ما تبنى من الجص والطين، أو العريش، أو على شكل مظلة يجلس تحتها الرجال، وكذلك مجالس أهل البادية: وهي على نوعين، مجالس تقام في العراء يسميها البدو «الحظائر»، حيث يجلسون في الهواء الطلق حول النار ودلال القهوة، ومجالس بيت الشعر، التي تقام في خيمة مصنوعة من الشعر، ومجالس أهل الحير، ويقصد بالحير الصحراء الجبلية في الوديان والسهول والجبال، فأهل هذه المناطق لهم مجالسهم الخاصة التي تعنى بشؤون حياتهم، لاسيما أماكن وجود العسل، وتجمع الظباء، ورعي الماعز.

دفء المجالس
في جلسة دار الحديث بين مجموعة من الزوار، وهم علي محمد الزيودي وعلي بن خليفين الدهماني وعلي سالم المزروعي وهاشل الدرعي وخصيب الهنائي، حيث يذكر المزروعي أن المجالس حظيت باهتمام أبناء الإمارات منذ زمن بعيد لما لها من مكانة في تحقيق التواصل بن أبناء المجتمع، وأن أصحاب المجالس حرصوا على الاهتمام ببنائها وزخرفتها وتأثيثها، وإعطائها مكاناً مميزاً من المنزل.
وأوضح أنه يبنى المجلس بمدخل مستقل عن بقية أجزاء البيت، وله باب خارجي، حتى يوفر الحرية للنساء أثناء الدخول والخروج من البيت بعيداً عن الزائرين، وقد انعكست البيئة الإماراتية بمواردها الطبيعية على بناء المجلس، وتجهيزه بالأثاث، فكان قديماً لا يتعدى حصر الخوص، وبعض المساند المطرزة وجرة الماء، وصندوقاً لوضع الدلال والفناجين، مشيراً إلى أن المهرجان يستعيد جمال هذه المجالس القديمة.

تعريف الزوار بكيفية التعامل مع الصقور

الصقارة.. تراث ثقافي
في ركن الصقارة كان محمد الحمادي يستعرض أحد الصقور، ويورد أن الصقارة هي نشاط تقليدي يعتمد على اصطياد الطريدة بواسطة طائر مدرب، وأنها انتشرت في المجتمعات كتراث ثقافي غير مادي، وممارسة اجتماعية ترفيهية، ووسيلة للتواصل مع الطبيعة، ومع أنها كانت في الأصل وسيلة للحصول على الغذاء، فإنها أصبحت بمرور الزمن تحمل الكثير من الدلالات والقيم والمعاني الاجتماعية.
وأوضح أن عراقة الصيد بالصقور في الإمارات، والرعاية الخاصة أثمر عن تسجيلها في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية بـ «اليونسكو».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©