الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد فياض·· طبيب الساعات

محمد فياض·· طبيب الساعات
6 يناير 2008 01:01
في ركنه الصغير يجلس يوميا منذ ساعات الصباح الباكر، يمسك بيده أدواته الدقيقة كالمفك و''القطّاعة'' وغيرهما، واضعا على عينه مجهره الصغير ليرى من خلاله أحشاء الساعات ويشخص أمراضها ومواطن العطب فيها·· علاج الساعات بالنسبة للساعاتي محمد فياض لا يستغرق الكثير من الوقت فخبرته الطويلة في هذا المجال تمكنه من تشخيص مرض الساعة والقطع التي تحتاجها وإصلاحها خلال بضع دقائق فقط· بدأت رحلة فياض مع مهنته منذ 25 عاما مضت حين جاء من الباكستان إلى الإمارات يحمل معه خبرة متواضعة في تصليح الساعات حصل عليها من عمله في وكالة كبرى للساعات العالمية· ومن هنا افتتح فياض محله في السوق القديم وبدأ الزبائن يفدون إليه يوميا بالعشرات تأتمنه على ساعاتها الثمينة لكي يعيد إلى عقاربها الطاقة والحيوية ويبعث الحياة في أوصالها من جديد·· ''أنا أصلح كل ساعة مية مية، وإذا جاء واحد نفر للتصليح لازم يرجع تاني''، هذا ما يقوله فياض عن مهنته الحبيبة عندما يسأل عنها، وهو يقصد بذلك أنه يصلح الساعات بنسبة 100% ولذلك فإن الزبائن يعودون إليه دائما لتصليح ساعاتهم· رقم واحد زبائن فياض يعتبرونه الساعاتي رقم واحد في أبوظبي فهو ذو خبرة عريقة في تصليح الساعات كما أنه رجل أمين، ومهما طالت غيبة الزبون عن استلام ساعته فإنها تبقى لديه في الحفظ والصون· والدليل على ذلك أنه يحتفظ لديه في أحد ''الأدراج'' وكذلك في البيت بمجموعة من الساعات التي أودعها لديه زبائن قدامى ثم لم يعودوا لاستلامها، ومع أن بعضها مضى عليه أكثر من عشر سنوات إلا أنها لا زالت صامدة في صندوق فياض بانتظار صاحبها·· وكيف يتخلص منها أو يتصرف بها وهي أمانة مودعة لديه؟ واحدة من أكثر القصص التي يتذكرها فياض في هذا الصدد هي أن أحد الزبائن أودع لديه ساعة ثمينة لكي يصلحها لكنه لم يأت لاستلامها، ومضت الأيام والسنون وصاحبها لم يطلّ، ثم بعد 8 سنوات عاد هذا الزبون يسأل عن ساعته، فقال له فياض إنها ما زالت في انتظاره، فقال الرجل لا أريدها ولكن كنت أريد أن أعرف فقط إذا كنت ما زلت تحتفظ بها، ثم ذهب ولم يعد مرة أخرى حتى اليوم·· وبينما كنا نتحدث في نفس الموضوع جاء أحد الزبائن وأودع لديه ساعة قال فياض إن ثمنها يقدر بأكثر من 60 ألف درهم، مرصعة بالألماس، وقد أودعها لليوم التالي لحين إصلاحها· باب النجار حين يتحدث فياض عن عمله لابد وأن يعرج على ذكر أيام العمل في السوق القديم، فقد كانت أجمل أيام حياته· وكانت للعمل هناك متعة ونكهة خاصة لاسيما وأن الدوام لم يكن يرتبط بساعات معينة، كما أن عدد الزبائن ومرتادي السوق كان كبيرا والتكلفة أقل، أما اليوم فقد ارتفعت الأسعار في كل شيء، الإيجارات وأسعار القطع لذلك لابد أن ترتفع كلفة التصليح، ولهذا فإن أشد ما يحزنه أن كثيرا من الناس تبخس في ثمن الأشياء مع أن كل شيء أصبح غالي الثمن· وحين يتحدث فياض عن عمله أيضا يشكر الله على نعمة البصر التي أنعم عليه بها لكي يتمكن من مواصلة عمله باتقان، ويقول إن واحدة من الأشياء التي تعلمها من هذا العمل هي الدقة والصبر·· لدى محمد فياض ثلاثة أولاد وابنتان تعلموا في الجامعة باستثناء واحد من أولاده تعلم صنعة أبيه وهو يداوم معه في المحل وهو حريص على أن يعلمه إياها بحذافيرها·· الغريب في الموضوع أنه رغم امتلاك فياض العديد من الساعات إلا أنه لا يرتدي في معصمه أيا منها··
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©