الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحضرة الشفشاوية في حاضرة أبوظبي

الحضرة الشفشاوية في حاضرة أبوظبي
25 أغسطس 2011 01:07
مجموعة أرحوم البقالي المغربية للفن الصوفي والحضرة الشفشاوية والمديح والسّماع النبوي”، المتخصصة في التراث الغنائي والفن الصوفي، هي مجموعة نسائية أنيقة بكل المقاييس، بخاصة في منهجية تقديم صورة مشهدية بصرية درامية متكاملة على المسرح، وتقديم أداء فنّي غنائي أنثوي هادئ النبرة والأجواء وعال المستوى، والصورة أيضا لافتة للمدرك البصري للمشاهد على مستوى الأزياء الجميلة التقليدية البديعة لمنطقة “شفشاون”، وعلى مستوى الأداء المتعدد النغمات لجانب الجمع بين الأداء الفردي والثنائي والجماعي “الكورال” كذلك على مستوى مهارة استخدام الآلات الايقاعية مثل: البندير والتعريجة والدربوكة والطبل والدفّ والرّق، بالإضافة لما تحتويه الصورة الفنية المتوازنة شكلا ومضمونا من الأداء الرفيع واللحن التراثي الشعبي المتقن القائم على تكرار الترديد والجمل الموسيقية، والاعتماد على القصيدة ذات المفردة الانسانية القريبة من القلب والأذن والوجدان، ليتحول المشهد كله في النهاية الى لوحة تشكيلية تعبر عن أصالة الموروث المغربي. نتحدث عن مجموعة نسوية من المنشدات التي تتراوح أعمارهن ما بين 16 الى 23 عاما، معظمهن من المنتسبات الى المدارس والجامعات المغربية، ساهمن برفقة مؤسسة المجموعة “أرحوم البقالي” سفيرة الفن الصوفي والحضرة الشفشاوية في امتاع جمهور أبوظبي، في أمسيتين استثنائتين ضمن فعاليات المهرجان الرمضاني السادس الذي نظمه نادي تراث الامارات على مسرح أبوظبي بكاسر الأمواج برعاية سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة رئيس نادي تراث الامارات. وكان لافتا نجاح الفرقة التي تأسست عام 2004 في منطقة شفشاون بشمال المغرب، في جذب أكثر من 3000 متفرج، تمتعوا بوصلات من المديح النبوي التي تمتح من صميم التراث المغربي الأصيل، وتحديدا من منطقة شفشاون التي تنفرد عن بقية المدن المغربية بتنوع ألوان وأشكال متعددة من الفنون الفلكلورية ذات الأصول الأندلسية كما تمتعوا بخشوع وجماليات الأداء الجماعي، وشفافية ونقاء الأصوات المتدفقة تناغما وجاذبية منسجمة مع الزخرفة اللحنية المناسبة للاجواء التراثية الصوفية البديعة الماهرة في ادخال المتفرج في حلقة الغناء بكل تفاصيلها. في حوار مع أرحوم البقالي وهي أول امرأة مغربية حاصلة على الجائزة الأولى في التكوين الموسيقي، والجائزة الشرفية “الاتقان الثاني” في الموسيقى الأندلسية، وعازفة ماهرة على آلتي العود والبيانو، حول تأسيس المجموعة ورسالتها قالت: تعتبر المجموعة أول فرقة فنية نسائية في المملكة المغربية، بغرض تلقين وتحفيظ فن الحضرة الشفشاوية والمديح والسّماع النبوي لأكبر عدد من الفتيات بأسلوبية أكاديمية، وللمجموعة طابعها الخاص في الايقاع، وهي متخصصة به على المستوى المحلّي، ويعدّه الخبراء من أصعب الايقاعات التي تؤدى ضمن قالب ستة عشر على أربعة. أضافت البقالي: لقد سعيت منذ سنوات على تطوير هذا اللون من الفن، فبعد أن كان مادة تقليدية خام، تجمع ما بين الغناء الشعبي البسيط والمديح والذكر والحضرة، وتؤديها الجدّات في البيوت والمناسبات الدينية والاعراس، اجتهدت في تطويره من خلال أداء الطرق الصوفية التي تنتمي الى الزوايا الدينية واخراجه الى أجواء وطقوس “الحضرة الشفشاوية”، وهو اللون المميز لدى مجموعتنا، التي تنتمي الى الزاوية البقالية وأنا أنتمي الى هذه الزاوية التي نبع منها هذا النمط الغنائي الصوفي، ولعل هذا النمط هو الذي جعل للفرقة اشعاع محّلي وعالمي اذ فتحت أمامنا الأبواب للمشاركة في العديد من المهرجانات والملتقيات الثقافية منها: عروض معهد العالم العربي بباريس 2006، عروض المهرجان العالمي للايقاعات ببرشلونة عام 2007، ليالي المغرب بجنيف بسويسرا، وتمثيل المغرب بمهرجان الموسيقى العربية بسان فلوران بفرنسا عام 2008، والمشاركة في المهرجان الدولي (موسيقى جبال العالم) بسويسرا 2010، وافتتاح المهرجان الدولي بمدريد باسبانيا، والعديد من المهرجانات الوطنية والعربية. وعن أسلوبها في التطوير الموسيقي الخاص بالمجموعة قالت: النمط الصوفي الممتزج بروحية أندلسية والذي نقدمه اليوم، لم يكن موجودا أو معروفا لدى العامة قبل عدة سنوات في المغرب، لكنني استثمرت دراستي للموسيقى، ووظفت هذا اللون الصوفي الجميل في ايقاع محافظ، ونظمت اللحن من حيث (الطبوع الموسيقية) والأنغام والايقاعات، بل وضعت له منهجية في الغناء والارتقاء بفن الحضرة والفن الصوفي من خلال مدرسة نموذجية وفريدة من نوعها في المغرب، ودفعته بقوة ليصبح فنّا جماهيريا، يستمع اليه الجمهور في وسائل الاعلام المختلفة، وفي المهرجانات، ومنها هذا المهرجان العزيز الذي تشرّفنا بالمشاركة في فعالياته للمرة الأولى. في معرض ردّها على سؤال حول سبب تكوين المجموعة بالكامل من الفتيات الشّابات، أرجعت البقالي ذلك الى أن الفتيات يتجاوبن أكثر مع طريقة التكوين والتأطير، “فمعظمهن من صغيرات السّن القادرات على التقاط الطريقة وحفظها وترديد اللحن وتصويره بالصوت، كما أن رسالتنا تهدف الى المحافظة على تراث الفن الصوفي وتقاليد الثقافة المغربية وتواصلها عبر الأجيال، وقد وجدت أن الفتيات أكثر اندفاعا نحو هذا الهدف السامي النبيل، ويصل عدد عضوات الفرقة حتى الآن نحو 100 فتاة، والعدد ما زال يتضاعف. إن رسالتنا واضحة وتتمثل في تلقين الفتيات لون الفن الصوفي الأصيل بصفة عامة، وكذلك تحفيظهن المديح والسماع النبوي والأذكار، حتى يتطبعن بالفن الراقي الملتزم الهادف والمحافظة عليه من الانقراض بمواجهة فنون الأداء الهابطة التي تسيطر على عقول وعواطف شبابنا الذي فقد من أسف العديد من القيم الاصيلة وسط زحمة العولمة. أما المجموعة بصبغتها الحالية فتسعى الى توسيع مساحة الريبوتوار القديم، وتطوير ما كان يقدّمه كبار المنشدين والملحنين والمؤدين من فن صوفي كان يقام في المناسبات الدينية التي كانت تقاد فيها جلسات الذكر وترديد القصائد والمدائح النبوية التي تعود لكبار شيوخ التصوف الذين عاشوا في المنطقة، التي عرفت جهود كل من الشيخ الصوفي أبو الحسن الشاذلي، والشيخ الرياني مولاي عبدالسلام بن مشيش، وغيرهما كثيرون. لقد كانت ألحان زمان تقدم نموذجا واحدا من كل مقام، لكننا عملنا على استكمال تلك الالحان ذات المقامات البسيطة، وقدمناها في قالب لحني متكامل وذات طابع مغربي أصيل، مأخوذ من مناح الموسيقى الأندلسية، ونحن نقدم اليوم غناء روحيا يتوشى بقيم الاسلام والمدائح النبوية بصبغة أشعار واذكار توظف فيها الآلات الايقاعية توظيفا متوازنا ينسجم تماما مع رسالة القصيدة المغناة”. دراما الأغنية الدينية تتميز المجموعة برصانة الأداء، وجودة النغمة الجماعية، وقد بدا ذلك واضحا في برنامجها الذي امتد لساعتين كاملتين وقدّم اشراقات من الفن الصوفي وفن الحضرة الذي يتغنّى بالحب الالهي ومحبة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما عرف الجمهور خلالهما لونا جديدا من المقامات، والأسماء ممن كتبوا بعض مفردات الأغنيات أمثال الشيخ الحرّاق ومولاي علي شقّور، والشيخ محمد الحاج البقالي وآخرون، وكان لافتا في الصورة الدرامية التي قدمتها المجموعة ذلك التشكيل الجمالي البديع في توزيع المنشدات والعازفات، اذ نرى نصف المجموعة ينتظمن في صف مستقيم وهن واقفات يؤدين من حين لآخر رقصات اهتزازية بالكتف، مع حركة انحناء الى الامام منسجمة مع طبيعة اللحن، ومن ثم يقمن بالتصفيق، أما الأخريات الجالسات فانهن يفترشن الارض، ويضربن على الآلات الايقاعية، وينشدن في تناغم جماعي يشكل لوحة روحانية مفتوحة على الفضاء والمتفرج في آن واحد، اما التكوين العام الذي يأخذ شكله الدائري في النهاية فيذكرنا على الفور بمسرح الحلقة الذي يشتهر في المغرب العربي، ويقدم صورة درامية متكاملة من الأداء والموسيقى والحركة، ومما يؤكد على هارمونية المشهدية البصرية تلك الأزياء التي ترتديها عضوات المجموعة، وهي بمجملها من تصميم وزخارف والوان واكسسوارات رمزية تعكس صورة عن الزّي القديم الذي كانت ترتديه المرأة الشمالية في المغرب، وبذلك تنجح هذه المجموعة المفعمة بالرومانسية والنفس الأنثوي الرشيق في احياء هذا اللون من الأزياء التراثية القديمة، والتي أصبحت اليوم بحسب مؤسسة المجموعة اللون المفضل للفتيات المغربيات. في إطار الإنشاد الفردي قدّمت كل من: نسرين أولاد هيدرو، وفاطمة الزهراء لحلو، وحسناء حرفوش، ونهاد كايكت، مجموعة كبيرة من المواويل والقصائد ومنها قصيدة بعنوان “سيدي علي بن ريسون” و”دهري مثقل بالذنوب”، و”حبّ الحبيب أفناني”، وقصيدة شقّور مولاي علي، وحسن الكرامة وأعلى مقامي، وقد امتازت المنشدات في هذا النوع من الأداء الذي يقوم على مهارة استخدام نغمات الصوت وتطبيقات اللحن، بأداء رفيع متزن، منسجم تماما مع الجمل اللحنية، كما هو منسجم مع الترديد الجماعي في وحدة كاملة تتسم بالتناسق المحكم، وهو في هذه الحال العماد الأول في اظهار جماليات القطعة الفنية. وفي اطار الأداء الجماعي وتوظيف الكورال بدرجة أعلى في تصميم المحتوى العام للشكل الغنائي، استمع الجمهور الى جملة من القصائد منها قصيدة بعنوان “اللهم صلّي عليك وسلّم يا حبيب الله”، ثم تلا ذلك قصيدة “طال شوقي للنبي محمد فمتى الى مقامك الوصول”. أما أكثر القصائد طولا وجمالا على مستوى الأداء وجذب الجمهور، فهي قصيدة تحمل عنوان “لا اله الا الله أنت الرحيم يا الله” وتتوشى القصيدة بلون خاشع من المديح للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد حفلت القصيدة المغناة على نوعين من التآليف، غنائي وآلي، إضافة الى استخدام تنويعات من النغمات الصوتية، بخاصة ما يشبه الكريشندو في المسرح، حيث يتصاعد الصوت رويدا رويدا، حتى يصل الى ذروته ولكن في خشوع وهدوء، اسهم في منح الأغنية أجواء من الجلال والخشوع ما بين الموشحة أو التوشيح والغناء بلازمة متوالية تقوم على كلمة الله الله، وقد منح ذلك كله الأغنية شكلا هندسيا متينا، ونقتطف من الأغنية: “محمد أشرف الأعراب والعجم محمد خير من يمشي على الأرض محمد تاج رؤوس الناس قاطبة محمد صاحب الاحسان والكرم محمد ثابت الميثاق حافظه محمد صاحب الاحسان والكرم محمد جبلت بالنور طينته محمد لم يزل نور من القدم محمد خير رسل الله في كرمه محمد خير الناس كلهم محمد شكره فضل على الأمم محمد زينة الدنيا ويرجزها محمد كاشف الغمّة والظلم” ان أهم ما في صورة هذه الأغنية أو المديح النبوي هو البناء الموسيقي الرائع والمحتوى العام للاداء، واستخدام عدة طبوع ومقامات عن طريق الانتقال من مقام الى آخر مع المحافظة على هارمونية اللحن، واستخدام بارع للكورال، كما أسهمت الرقصات الاهتزازية في عملية (كسر الحضرة) لاحداث نوع من التشكيل الجمالي في الصورة، فكثيرا ما لاحظنا أن منشدات الكورال كن يقمن بين كل مقطع وآخر بأداء لازمة هي (الله الله أيوه يا أهل الله) متزامنا ذلك مع التصفيق وانحناءات الى الأمام، بحيث يخرج اللحن من شكله الأفقي الى رحابة أكثر تنويعا، كما أن الشكل الدرامي يصبح وهذه الحالة أكثر جذبا للمشاهد. ان لغة الجسد والموسيقى في عرض المجموعة كانت تتضح بلون مختلف مع كل قصيدة، ومن ذلك الأداء الرفيع والصورة النابضة بالحركة والحياة لقصيدة “صلوا على من أحب ّالله، يا عاشقين رسول الله”، فهنا كما بدا لنا صورة درامية كاملة تجمع ما بين الأداء والموسيقى واللحن والحركة والازياء والترديد واستخدام النغمات الصوتية المعروفة في الموسيقى وبخاصة صوت السوبرانو، منسجما ذلك مع احساس انثوي بديع بالمفردة والايقاع الفني ذات الطابع الخاص، وتلك التنقلات الصوتية مع الآلات الايقاعية التي كانت تقوم بمهمة ضبط الوزن وزخرفته. وبدا لنا أكثر أن الآلات الايقاعية التي استخدمتها المجموعة كانت محببة الى نفوسهن وبخاصة آلة الدربوكة، ولعل ذلك وان لم يكن جديدا على المرأة العربية لجانب استخدامها، ولكن هذه الظاهرة من قبل فرقة نسوية وان بدت عادية وطبيعية الا انها في نظر الباحث الموسيقي وبخاصة الأجنبي تستحق الانتباه والتحري، وكان من المهم الاشارة الى أن استخدام هذه الآلة، كذلك استخدام الطبلة الصغيرة الحجم مع جملة الدفوف، كان له أثر بالغ في توصيف اللحن وتحقيق الانسجام مع طبقات الغناء للمؤديات وهو ما اظهر تكاملا فنيا في التوزيع اللحنى ومجمل الصورة الفنية الموشاة بالمزيد من الالوان البديعة الساحرة حيث لعبت الاضاءة دورا مهما على اظهار أناقة المنشدات وثباتهن على خشبة المسرح بل وتفاعلهن مع الجمهور بطريقة خلابة. من جانبه عبّر أحمد محبّ بن عبدالله المشرف على المجموعة عن سعادة بالغة بالمشاركة في المهرجان للمرة الاولى، فيما تعتز المجموعة بحضورها لمرتين الى العاصمة أبوظبي لتمثيل المغرب في إحياء أفراح آل نهيان عام 2007، وقال بن عبدالله أن ما يميز الأمسيتين التي قدمتهما المجموعة في المهرجان هو التواصل الاستثنائي من قبل الجمهور مع الأغنيات، حتى تلك التي تم أداؤها باللهجة المحلية، مما يوحي بتذوق عال المستوى للجمهور الاماراتي، وقال: إن مؤسسة المجموعة أرحوم البقالي بذلت جهودا مضنية طوال سنوات لترسيخ مفهوم الفن الصوفي وشكل فن الحضرة في اذهان الجمهور المعاصر، وحتى على المستوى الدولي نجحت في تقديم هذا اللون لجمهور لا يتحدث العربية ولكنه ابدى تواصلا وانسجاما واضحا مع ايقاع الاغنية والاداء والشكل الفني العام للمجموعة وهي تنشد على خشبة المسرح أو في الهواء الطلق في المهرجانات الدولية ذات الفضاء المفتوح. وفي حوار مع المنشدة الشابة حسناء خرفوش، وهي تلميذة في مرحلة الثانوية العامة في التاسعة عشرة من عمرها، قالت إنها بدأت رحلتها مع هذا اللون من الغناء منذ أن كانت في الثالثة عشرة من عمرها، “وما زلت أتواصل مع المزيد من التدريب والتعلم لتقديم الافضل للجمهور من المدائح النبوية والأذكار، وسعدت جدا بأن تجاوب معي الجمهور في أدائي لأغنيات: “جلالة، الروح في الجسد، صلوا على من أحب ّ الله”. أضافت حسناء أنها استفادت من مدرسة ارحوم البقالي في تعلمها فنون أداء القصائد الدينية والتوشيحات، كذلك تعلم فن الصوتيات والالقاء، وطريقة التفاعل مع الجمهور الذي يحب ذكر الله، وقالت: لقد شاركت في أكثر من مهرجان دولي، وكنا نجد على الدوام ترحابا وتقديرا لما نقدمه، لأن موسيقانا فيها جماليات الخشوع، وتعمل على تحقيق الهدوء النفسي للجمهور. وقالت المنشدة فدوى ريان (21 عاما) وهي طالبة في جامعة العلوم بالمغرب، إنها سعيدة كونها تسهم في تعزيز رسالة المجموعة الهادفة للحفاظ على أصالة التراث المغربي وثقافته الدينية وبخاصة في شمال المغرب، حيث الاهتمام الشديد بادماج الفتيات في مجالات الغناء الصوفي، كذلك الحفاظ على الزّي التراثي التقليدي القديم، والاغاني من الموروث الشعبي وتقديمه للأجيال الجديدة ونشره عبر وسائل الاعلام. وحول استفادتها من الانخراط في مدرسة ارحوم البقالي للفن الصوفي قالت: لقد استفدت أشياء كثيرة منها التحلّي بالاخلاق الدينية والقيم الاسلامية والانسانية التي تعلم التصالح مع النفس واحترام الآخر. كما استفدت في مجال تطبيقات الصوت والموسيقى ومعرفة الأداء الصحيح ضمن الكورال، اذ ان اتقان ذلك يحتاج الى تدريب متواصل ومعرفة بنغمات وطبقات الصوت الانساني. وحول الفرق النسوية الأخرى في المغرب ومجال المنافسة مع مجموعتها قالت فدوى إن هناك العديد من الفرق النسائية في المغرب، تقوم بأداء الفن الصوفي والأناشيد الدينية، “لكن مجموعتنا لها خصوصية وتميز على مستوى الموسيقى التي تجمع ما بين التراثي القديم والمعاصر على مستوى استخدام الآلات الايقاعية، ونغمة الصوت الواحد في الاداء الجماعي، كذلك العودة الى الجذور من حيث تطوير ما قدمه كبار الصوفيين وتقديمه في اطار يتضمن الوزن والرنين بما يؤثر بشكل واضح على المشاهد، ونتيجة لجهودنا المتواصلة لتطوير برنامجنا وأداءنا حققنا العديد من الجوائز والتقدير الوطني والمحلي مثل الجائزة التقديرية التي نالتها المجموعة من حكومة أندونيسيا”. أما ندى بن حمودة وهي طالبة في مدرسة التسيير والتدبير وعمرها 21 عاما، فتعتز كثيرا بما تقدمه ضمن مجموعتها، وتقول نحن نقدم فنا دينيا صوفيا راقيا ومتطورا، نعمل من خلاله على المحافظة على التراث المغربي وقيمه الأصيلة، كذلك ان ممارسة هذا اللون من الاداء الرفيع من قبل الفتيات الشابات يحافظ بشكل أو بآخر على استمرار الغناء الصوفي وغناء الحضرة الشفشاونية. أضافت: أشعر أن أداء الاغنيات الدينية والقصائد بهذه الطريقة يضفي على المناسبات والأفراح مناخا من البهجة والخشوع والجمال، وأنا شخصيا أجد متعة روحية كبيرة وسكينة نفسية لا تضاهى، وهذا بتقديري مهم جدا، لأن ذلك يحقق توازنا مع الحياة المعاصرة المليئة بالهموم والحروب، ففننا بالإجمال هو فن يهدئ الأعصاب ويثير في النفس نفحات روحانية، يحتاجها كل الناس على الدوام. مجموعة بلا مقر عودة سريعة الى مؤسسة هذه المجموعة السيدة أرحوم البقالي، التي وضعت جل اهتمامها في انجاح مشروعها في تطوير الفن الصوفي، ومن ثم أيضا الأعباء التي تتحملها في تربية ابنائها، نجد أنها مغامرة من الطراز الأول، فعن المشكلات التي تواجهها كامرأة في تكريس مشروعها الذي نجحت في تسجيله رسميا لدى الجهات الرسمية في المغرب تقول: تواجهني العديد من الصعوبات أهمها عدم وجود مقرّ دائم ومناسب لتدريب فتيات المجموعة، ولهذا اضطرر لتدريب الفتيات في منزلي، وبواقع ست ساعات يوميا، لكي تتمكن الفتيات من تعلم فن الحضرة الشفشاوية للمساهمة في المحافظة على هذا التراث الأصيل المهدد بالانقراض وضمان استمراريته عبر نخبة من الفتيات الواعدات، ونظرا لما نقوم به من جهد رغم مثل هذه الصعوبات فقد أصبحنا رسميا نمثل المغرب في العديد من المهرجانات العربية والدولية، حيث كانت آخر مشاركاتنا الناجحة في الليلة الصوفية الكبرى في شهر يونيو الماضي في قصر الفنون الجميلة ببروكسل وبمدينة الفنون بباريس. جاءت فتيات المجموعة الشابات المرتديات زيهن التقليدي التراثي والمحملات بلون فريد من الغناء الجميل البديع على كافة المستويات، وهن بلا مقر رسمي، فوجدن في قلوب الجمهور الاماراتي مقرا انسانيا من المحبة والتقدير والاحترام والتشجيع، حينما صفق لهن هذا الجمهور بكل تلقائية وحميمية، مشجعا هذا اللون النسوي الممتع الفريد في الاداء واللحن والشكل والايقاع، والأناقة في المظهر العام، وحمل موروثهم التراثي بكامل محتوياته ونقله بكل أمانة واخلاص في اطار مهرجان ينجح للسنة السادسة على التوالي في استقطاب الفرق العربية المتخصصة في الإنشاد الديني والغناء الصوفي واداء التوشيحات والمدائح النبوية بأسلوب متطور، كما نجح في جذب الفرق الانشادية الاماراتية مثل فرقة الدار للانشاد الديني وفرقة السيد عبدالله الهاشمي للمالد وغيرها من الفرق التي تواصلت مع الجمهور لاحياء الليالي الرمضانية وسط مناخات روحانية ايمانية، لا تليق الا بمثل شهر رمضان الكريم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©