الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحزم مطلوب في مرحلة النقاهة أيضاً

الحزم مطلوب في مرحلة النقاهة أيضاً
21 نوفمبر 2010 20:38
عندما تنتهي مرحلة الخطر في أي مرض، وعندما يبدأ الطبيب في الابتسام لأن الطفل قد وقف على عتبة الشفاء، على الأم أن تلاحظ جيداً أن الطفل يجب أن يظل في حالة من الراحة النفسية، وأن تبتعد أيضاً عن الإحساس بالضيق والضجر معاً. فالتحليل النفسي للأطفال الصغار يكشف لنا أن الطفل بعد إصابته بالمرض أو إجراء أي عملية جراحية له، ينظر إلى ما أصيب به على أنه نوع من العقاب على جريمة ارتكبها. أو لأنه أحياناً قد مرّت بخاطره بعض الأفكار العدوانية نحو أحد أفراد أسرته، وبالتالي يقع في الإحساس بالذنب، فأعراض المرض أيضاً تخيفه، وخطر المرض نفسه يجعله غارقاً في إحساس داخلي بالرعب، والخوف من خطر المرض ينتقل عادة إلى الطفل من الأم، فملامحها أثناء قراءتها قياس الحرارة تنبئ بالخطر، وصوتها المرتجف يجسد المزيد من القلق وهي تتحدث إلى الطبيب، مما يجعل الطفل يزداد خوفاً على نفسه. فضلاً عن أسلوب معاملتها للطفل أثناء المرض، هذا الأسلوب المليء والمبالغ فيه بالحنان والخوف الزائد، كل ذلك يجعل إحساس الطفل غير طبيعي. ثم يبدأ الطفل في الإحساس بأن حدة المرض قد بدأت في الزوال. ويبدأ هو في استرداد صحته. إن هذه الفترة يمكن أن تكون من الفترات الصعبة في حياة الطفل. لأنه يتعود على الحنان المبالغ فيه ولا تسهل قيادته. ذلك أنه من بين ردود فعل الإنسان بعد انتهاء مرحلة الخوف أن يبدأ في الإحساس بالثورة على الإنسان الذي يعتقد أنه كان السبب في ذلك الخوف، وهذا يبدو واضحاً في غضب الأم العنيف على طفلها الذي كاد يسقط من النافذة، أو ثورة الأم على طفلها الذي اندفع في الطريق وكاد يقع تحت عجلات سيارة بسبب عدم انتباهه واندفاعه، فالأم تقع في خطأ الاعتقاد بأن الابن أصيب بالمرض أو وقعت له الحادثة لأنها أهملت رعايته، ولا تتنازل عن هذا الوهم، لأنه جزء من طبيعتها الإنسانية الغريزية. لكن عندما يبدأ الطفل مرحلة الشفاء من المرض فإن راحة الضمير تبدأ في الاستقرار في أعماقه، لقد «قدّم الكفارة عن خطاياه»، سواء كانت تلك الخطايا حقيقة أو وهماً، ويرى أن صحته قد بدأت تمتلئ بالحيوية، لكن قد يكون هناك إحساس بالذنب في قلب الأم بأنها السبب في المرض، وهذا الإحساس لا يذهب بسرعة. إنها تعرف أن المرض لم يذهب نهائياً، وهي في هذه الحالة قد تعاني من عدم الاستقرار العاطفي والنفسي، ويستمر هذا الأمر بضعة أيام. وبقدر ما يظهر إحساس الأم بالذنب في سلوكها مع الابن، بقدر ما يشجع ذلك الابن في إلقاء اللوم عليها ومحاولة عقابها. على الأم أن تعرف أنه من أسهل الأمور إلقاء اللوم على نفسها بأنها السبب في مرض الطفل. لكن عليها أيضاً أن تمتنع عن الوقوع في خطأ الاستسلام التام لكل طلبات الطفل أثناء المرض، إن الأم يمكنها أن تسأل ابنها عن أعراض مرضه في صوت اعتيادي وواقعي وعملي تماماً كما يسأل الطبيب الطفل، ولا يجب أن تقع في خطأ إظهار القلق الشديد على الطفل فتظل تكرر أسئلتها عليه كل خمس دقائق، ولا أقصد بذلك أن على الأم أن تظهر بمظهر قاس أو بمظهر عدم المبالاة، إنما أقصد أن تظهر الأم العطف وأن تشارك الابن مشاعره دون أن تحمل نفسها متاعب الضيق والإرهاق والتألم. وعندما تظهر على الطفل أعراض السيطرة وإلقاء الأوامر وبداية التصرف الديكتاتوري. فإن على الأم أن تضع حداً لذلك بأن تحزم أمرها معه وتقول له: «إنها لا تسمح له بأن يتحدث معها بهذا الأسلوب، وأن وراءها أعمالاً كثيرة يجب أن تقوم بها»، وإذا أبدى الطفل بوادر الرفض لمشروب طلبه بنفسه منذ قليل، فإن على الأم أن تقترح عليه أن يحاول تذوقه مرة أخرى حتى يمكن أن تتاح لها فرصة أخرى لتصنع له مشروباً آخر. أما إذا بدأ في مغادرة السرير ويكون هذا ضد أوامر الطبيب فهنا يجب أن تفرض الأم أوامرها على الطفل وتمارس سيطرتها عليه بحزم وبالطريقة نفسها التي تتبعها معه عندما يكون سليماً في كامل صحته، لأن التمسك بالصبر هنا يكون بلا فائدة، كما أن التحذيرات من احتمالات تدهور حالته الصحية تكون أيضاً بلا نتيجة عملية. إن التحذير يعطي الطفل الفرصة للاختيار بين تنفيذ أوامر الأم وتحمل النتائج السيئة للمرض. وهو موقف لا يستطيع الطفل فيه أن يتخيل نتائج المرض. لذلك فالأوامر الحاسمة هي الحل الوحيد، وفي هذا المجال أيضاً يجب على الأم أن تحدد لنفسها مقدار الوقت الذي يمكن أن تقضيه مع الطفل. الأم أحياناً تجد مشاعرها تتأرجح عندما يطلب الطفل منها شيئاً أثناء فترة المرض أو أثناء فترة النقاهة، إنها أحياناً لا تريد الموافقة على طلب الطفل لأنه غير معقول أو غير مناسب، وأحياناً أخرى ترغب في أن تنفذ له طلبه مهما كان.. لأنها تحت ضغط الإحساس بالذنب قد تفكر في الاستجابة لطلب الطفل. ويظهر ذلك في نبرات صوت الأم المترددة أو الغاضبة وهي تقول «لا»، هذه النبرات يكتشف منها الطفل فوراً تردد الأم وعدم ثقتها في رفضها. فيبدأ فوراً في تطويق هذا الرفض عن طريق التوسل والرجاء أكثر من مرة. وقد يختلق أعراضاً مرضية جديدة. ويبدأ في الحديث بلهجة كلها تحسر على حالته بل وقد يلجأ للدموع التي يمكن وصفها بأنها دموع الدهاء، ولهذا فعلى الأم أن تكون حاسمة تماماً بلهجة تلقائية ومرحة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©