الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان... ومعضلة الطائرات من دون طيار

20 نوفمبر 2010 22:52
جددت الولايات المتحدة ضغطها على باكستان كي تقوم بتوسيع المنطقة التي يمكن للطائرات الأميركية التي تطير من دون طيار، والتابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية العمل فيها؛ وهو الضغط الذي يعكس في طياته خوفاً من تقويض المجهود الحربي الأميركي في أفغانستان، نتيجة لاستمرار قدرة المتمردين على اتخاذ ملاذات آمنة لهم عبر الحدود، كما يقول مسؤولون أميركيون وباكستانيون. والطلب الأميركي يتركز على تلك المنطقة المحيطة بمدينة "كويتا"الباكستانية، والتي يعتقد أن قيادات "طالبان" الأفغانية تتخذ منها قاعدة لها، ولكنه يتضمن أيضاً توسيع حدود المنطقة التي يسمح فيها لتلك الطائرات بتوجيه ضرباتها في المناطق القبلية التي كانت هدفا لـ 101 هجوم من تلك الطائرات هذا العام وحده. وعدم الاتفاق بشأن نطاق برنامج الطائرات التي تطير من دون طيار، يعكس توترات أوسع مدى بين الولايات المتحدة وباكستان، الحليفين المتوجسين، اللذين يقومان على نحو شبه دائم، بتوجيه أصابع الاتهام لبعضهما بعضاً، بشأن تصاعد مستوى العنف الذي يمارسه المتمردون على جانبي الحدود الباكستانية - الأفغانية. وقد أعرب مسؤولون عسكريون باكستانيون كبار عن استيائهم لما وصفوه بـ"ضغط في غير محله" من جانب الأميركيين عليهم لدفعهم لبذل المزيد من الجهد، قائلين إن الأميركيين قد أصبحوا مهمومين فقط بتحديد مواعيد نهائية عسكرية قسرية، دون أن يبذلوا سوى اهتمام ضئيل بالمصالح الأمنية الباكستانية. ورأى أحد هؤلاء المسؤولين الباكستانيين أن الطلب الخاص بـ"كويتا" يمثل "إهانة لباكستان وانتقاصا من سيادتها على أراضيها"، وقال محتجاً مخاطباً الأميركيين: "في أي دولة تستطيعون عمل ذلك؟". من جانبهم يبرر الأميركيون طلبهم بأن "كويتا" لا تستخدم كملاذ للمتمردين من "طالبان" فحسب، ولكن أيضا كقاعدة لإرسال الأموال، وتجنيد المتطوعين، وإرسال المتفجرات لمقاتلي "طالبان" داخل أفغانستان. وتضع باكستان من جانبها حدوداً صارمة على المناطق التي يسمح فيها للطائرات الأميركية من دون طيار التابعة للاستخبارات المركزية الأميركية بالطيران. فهذه الطائرات يمكن أن تقوم بدوريات فوق مربعات محددة من منطقة الحزام القَبَلي للبلد، ولكن ليس في المحافظات الأخرى، بما في ذلك بلوشستان التي تضم مدينة"كويتا". ويركز المسؤولون الباكستانيون في تبرير رفضهم على نقطة أن "كويتا" - على النقيض من الكثير من مناطق القبائل - مدينة مكتظة بالسكان، وبالتالي فإن أي خطأ في توجيه الضربات الجوية يمكن أن يؤدي إلى قتل الكثير من المدنيين الأبرياء وهو ما قد يسفر عن ردود أفعال سلبية. في مقابلة أجريتها مع عدد منهم في إسلام أباد أعرب مسؤولون عسكريون باكستانيون كبار عن تقديرهم للدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة. وقال مسؤول كبير في الاستخبارات العسكرية الباكستانية ذات النفوذ إن علاقة الاستخبارات المركزية الأميركية بالاستخبارات العسكرية الباكستانية أقوى مما كانت عليه في أي وقت، منذ وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وأن الوكالتين تقومان بتنفيذ عمليات مشتركة كل يوم تقريبا. وقال هذا المسؤول أيضاً:"أتمنى أن تفهم الولايات المتحدة وباكستان نفسيهما جيداً كما تفهم الاستخبارات المركزية الأميركية والاستخبارات العسكرية الباكستانية نفسيهما". وموضوع الطيران فوق "كويتا" يندرج ضمن الموضوعات التي تتخذ فيها باكستان موقفاً مناقضاً للموقف الأميركي، ولكن هذا لا يحول دون القول بأن التعاون بين وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والاستخبارات العسكرية الباكستانية في المجالات الأخرى قد ازداد رسوخاً، حيث نفذت الوكالتان ما يزيد عن 100 عملية مشتركة خلال الثمانية عشر شهراً الماضية، شملت عمليات أدت إلى القبض على شخصيات كبيرة مثل "الملا عبد الغني بارادر" القائد العسكري السابق لـ"طالبان". في غضون ذلك، قال مسؤول عسكري في "الناتو" إنه قد تم تنفيذ عمليات"تحت قيادة استخباراتية" في "كويتا" ضد أهداف تابعة لـ"طالبان"، ولكنه وصف تلك العمليات بأنها"محدودة النطاق من حيث طبيعتها". وقال مسؤول باكستاني إن الضغط من أجل توسيع نطاق هجمات الطائرات التي تطير من دون طيار قد تكرر عدة مرات خلال الشهور الأخيرة، وأن الولايات المتحدة هي التي حرضت باكستان على شن الهجوم العسكري الواسع النطاق في شمال "وزيرستان"، التي كان يعتقد أنها تمثل ملاذاً للعديد من الجماعات المقاتلة مثل "القاعدة"، و"طالبان باكستان"، و"شبكة حقاني"، وهي الجماعات الأكثر شراسة في القتال ضد القوات الأميركية في أفغانستان. واستبعد المسؤولون العسكريون الباكستانيون احتمال شن هجوم كاسح على المنطقة في أي وقت في المستقبل القريب، قائلين إن جيشهم، لا يزال في مرحلة إحكام السيطرة على بعض المناطق في وادي سوات وجنوب وزيرستان. وقال مسؤول عسكري باكستاني كبير إن توقعات الولايات المتحدة تختلف عن حسابات الأمن القومي لباكستان. وقال هذا المسؤول أيضاً مشيراً إلى الانتخابات الأميركية، والتعهد الذي قدمه أوباما بسحب القوات الأميركية من أفغانستان في شهر يوليو:"لديكم جدول مواعيد بخصوص انتخابات نوفمبر وتخفيض أعداد القوات في أفغانستان في 2010 . ولكن مكاسبكم القصيرة الأمد يجب ألا تتحول لآلام طويلة الأمد لباكستان". جريج ميلر إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©