الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حقائب مدرسية تحمل رسوما تتنافى مع عادات المجتمع وتقاليده

حقائب مدرسية تحمل رسوما تتنافى مع عادات المجتمع وتقاليده
9 سبتمبر 2014 20:08
الحقائب المدرسية من أكثر الأشياء التصاقاً بالأطفال خلال المراحل التعليمية الأولى، وهذه الحقائب تحمل رسومات وأشكالاً قد لا تتناسب مع بيئاتنا مثل فتيات بأزياء غربية أو صور مطربين ومطربات، أو حركات عنيفة يقوم بها البعض مثل القيادة بسرعة شديدة أو ممارسة ألعاب قتالية، وغيرها من المشاهد المتنوعة التي تؤثر سلبا على منظومة القيم والأفكار التي تترسخ في أذهان أبنائنا خلال سنوات النشأة والتكوين النفسي والاجتماعي. متطلب أساسي في هذا الإطار، تقول علا محمد، ربة منزل وأم لثلاثة أبناء في مراحل التعليم المختلفة، إن الحقائب الجديدة الشكل صارت متطلبا أساسيا من متطلبات التعليم خاصة بالنسبة لأبنائها في مراحل التعليم الأساسي الذين يحرصون على اقتناء الجديد منها حتى لا يكونوا أقل من زملائهم ممن يمتلكون هذه الحقائب. وترى أن معظم تلك الحقائب لا تتناسب مطلقا مع عاداتنا وتقاليدنا فيما تحمله من رسومات، إلا أنها تضطر إلى شرائها لعدم وجود بديل مناسب، حيث لم يظهر حتى الآن في الأسواق نمط مغاير لما نراه من سنوات للحقائب ذات الأشكال التقليدية، موضحة أنها تتمنى ظهور أشكال من الحقائب تحمل مشاهد للطبيعة أو على الأقل ألوانا تبعث الهدوء في نفوس الأطفال بدلا من الرسومات الصارخة التي يتفنن صانعو الحقائب في تقديمها حتى يخطفوا أنظار الأطفال بغض النظر عن تأثيرها السلبي عليهم. فيما يرى عيسى السعدي أن المعالم السياحية في الإمارات والدول العربية هي الحل، والسعدي لديه ستة أبناء أكبرهم في الجامعة وأصغرهم في مرحلة الحضانة، إلى ذلك، يقول إن دولة الإمارات مليئة بالمناظر الجميلة المبدعة من خلال بيئاتها المتنوعة في البر والبحر، وأشكال النباتات والحيوانات والطيور المختلفة، وحتى رمال الصحراء بما تعطيه من تكوينات جمالية شديدة الإبهار، يمكن استعمالها كرسومات مفيدة ونافعة على حقائب الطلاب، جنبا إلى جنب مع صور أشهر معالم الإمارات من برج خليفة وقصر الإمارات وجامع الشيخ زايد. ويؤكد السعدي أن تكرار رؤية الطلاب لهذه المشاهد يغرس في نفوسهم معاني عظيمة، ويجعلهم أكثر ارتباطا بوطنهم واعتزازا بقيمه وموروثاته، خاصة لو تم التركيز في تلك الأشكال على كل ما يتعلق بالهوية الإماراتية من أزياء متنوعة كان يرتديها الأقدمون من نساء ورجال. يشاركه في الرأي صديقه حمدان الدرمكي، الموظف بإحدى الهيئات الحكومية، مضيفا «معالم دولتنا هي الأولى بأن نقوم بالتركيز عليها في تلك المرحلة العمرية المهمة لدى أبنائنا والتي تتشكل فيها اتجاهاتهم وأفكارهم وشخصياتهم». ويوضح «أصحاب السمو الشيوخ قادة الدولة لهم فضل كبير فيما نعيشه من رخاء وتقدم في كل النواحي ومنها المستويات التعليمية الراقية التي نشهدها في كل إمارات ومدارس الدولة، وأقل شيء نقدمه لهم، أن نقوم بوضع بعض مقولاتهم وصورهم وشعارات الاتحاد على الحقائب المدرسية حتى يعرف الأطفال منذ نعومة أظفارهم أصحاب الفضل في هذه النهضة التي يعيشها الوطن، وما يقدمه شيوخنا لأبناء الوطن، ومن هنا يزداد الولاء والانتماء لدى الطلاب ويترسخ لديهم الاعتزاز بكل ما هو إماراتي، حتى لو كانوا يدرسون في مدارس ذات نظم تعليمية غربية أو يختلطون بطلاب من جنسيات مختلفة كون المجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات انفتاحا في العالم»، موضحا «يجب الأخذ بكل أسباب التمسك بالهوية الإماراتية خاصة لذوي الأعمار المبكرة، وليس أفضل من فكرة وضع رسومات تمثل هذه الهوية على الحقائب حتى تترسخ فيهم بقوة ولا يحدث تماهٍ لها مع الآخر بمرور الزمن». دور الرقابة عُدي برهوم، بحكم عمله مشرف مبيعات على بعض الأدوات التعليمية للطلاب، يلفت إلى أهمية دور الرقابة الحكومية والمجتمعية على كل ما يتعلق بمنتجات العملية التعليمية في الأسواق ومنها الحقائب المدرسية، لما تحويه من مشاهد يراها فعلا مثيرة في بعض الأحيان ومليئة بالكلمات الإنجليزية التي قد تحمل إيحاءات غير ملائمة، وصور فتيات بملابس مثيرة، وهو ما يؤثر سلبا على الصورة النمطية للفتاة المثالية في عقول الصغيرات، ولا يجب التحجج بأنهن لا يزلن صغيرات ولا يفهمن معنى تلك الأزياء والرسومات، كون الطالبات في سن صغيرة لا يفهمن فعلا هذه الرسومات وما تعنيه ولكن يترسخ في أذهانهن أن هذه الصورة الطبيعية للفتاة من وضع مساحيق تجميل وارتداء ملابس لا تتناسب مع عادتنا الشرقية، مضيفا «مشاهد العنف على الحقائب مثل السيارات المسرعة والشخصيات الكرتونية المشهورة بالقيام بحركات خطرة، تجعل الطلاب ينشأون على العنف غير المبرر». ويمضي برهوم «المجتمع الإماراتي مجتمع مسالم وكل لفتة فيه تبعث رسائل الهدوء والحب بين سكانه، وهو ما يستلزم الرقابة على تلك الحقائب من المنشأ وعدم السماح باستيرادها إلا وفق شروط معينة حماية لأبنائنا من تشتيت أفكارهم بين ما تربينا عليه في الشرق والوارد إلينا من بلدان أخرى، وحين يكبر الأبناء ويتجاوزون سن الخطر، لهم الحق في حرية اختيار أساليب حياتهم التي تروق لهم والتي لن تخرج في أغلب الأحوال عما ترسخ لديهم من قيم وأفكار بناءة عبر سنوات التربية والتعليم». حرية شخصية من جانبه، يؤكد حمد المزروعي، مدير مدرسة المستقبل النموذجية للتعليم الأساسي بأبوظبي، صعوبة الضغط على أولياء الأمور في شراء أنواع معينة من الحقائب، كون ذلك يدخل في إطار الحريات الشخصية لكل أسرة، موضحا «ما نقوم به إرشاد أولياء الأمور إلى أنواع الحقائب والأزياء المناسبة، والتي تترك أثرا إيجابيا في نفوس أبنائنا الطلاب، وهو جزء رئيس من دور أي مؤسسة تعليمية في النصح والإرشاد والتوجيه». ويضيف «بالنسبة للطلاب يتم توجيههم إلى أن هذه الرسومات ربما تسعدهم، غير أنها تضر غيرهم وتؤذيهم عن طريق محاولتهم تقليدها خاصة فيما يتعلق بالشخصيات الكرتونية التي تقوم بأعمال عنيفة مثل الرجل الحديدي وغيره من الشخصيات التي يعرفها متابعو مسلسلات وبرامج الأطفال المتنوعة، وكذلك السيارات المسرعة، والتي ترسخ بشكل خاطئ في نفوس الصغار أن ذلك هو النمط الطبيعي لقيادة السيارات، فيعملون على تطبيقه حينما يكبرون ويحصلون على رخصة القيادة، ما يسبب لهم مشاكل جسدية كبيرة نتيجة الحوادث، وهو ما نراه في بعض شباب الوطن الذين عانوا من نتائج مؤلمة من السرعة الرهيبة للسيارات التي صارت جزءا من تكوين تربوي خاطئ ترسخ لدى بعضهم». رسوم مقبولة حول الموضوع، يقول الاستشاري النفسي الدكتور أحمد الألمعي إن الرسوم الموجودة على الحقائب في غالبيتها مقبولة، وهو من المؤيدين لأن يترك للطفل اتخاذ قرارات في مسائل معينة تتناسب مع مرحلته العمرية، مثل اختيار الحقائب. ويوضح «إذا اخترنا للطفل كل شيء سيشعر أن هذه الأشياء مفروضة عليه، وبالتالي اهتمامه بالدراسة والمدرسة قد يكون أقل، ولكن إذا تركت له مساحة من الاختيار يشعر بالإيجابية في العملية التعليمية، ما يترك آثارا نفسية مستحبة»، مستدركا «هناك استثناءات، تتمثل في وجود بعض الرسومات على الحقائب قد تكون غير مقبولة من ناحية الشكل، والمحتوى، والأهداف، والأفكار التي تدعو إليها. وبعضها يكون فيها رسومات مبتذلة، ومنها ما يحمل رسائل مبطنة لبعض صانعي هذه الحقائب والمواد، ربما لا يدركها الآباء والأمهات، ومهم جدا بقدر ما نثق في اختيار الأطفال أن ننصحهم». ينصح الألمعي «على الأسر أن تذهب مع أبنائها لدى انتقاء القرطاسية، وترشدهم إلى أهمية عدم اقتناء بعض الحقائب التي يكون محتواها غير مقبول اجتماعيا ودينيا. ويمكن أن نقيس ذلك على كثير من الأمور مثل الدفاتر والأقلام التي ربما احتوت أشياء غير مقبولة». قيمة النصح يلفت الاستشاري النفسي الدكتور أحمد الألمعي إلى وجود بعض الحقائب والدفاتر يكون عليها صور لشخصيات فنية تشجع على سلوكيات معينة مثل تعاطي المخدرات، وهو ما قد لا يدركه الأطفال وأولياء الأمور. ولذا يجب أن يتنبه الأهل لهذا الموضوع وينصحوا أبناءهم ويوضحوا لهم خطورة تلك السلوكات التي تمارسها تلك الشخصية. اقتراح عملي تقترح إيفيلين رياض، التي تعمل مديرة بأحد المصارف، تقديم المدارس كتيباً أو منشوراً يتضمن بعض الإرشادات المختصرة والمفيدة، لأولياء الأمور في عملية التعليم، ومنها ما يتعلق بضوابط الحقائب المفترض أن يشترونها لأبنائهم، إلى جانب بعض الإرشادات الخاصة بتربية وتوجيه الأبناء ومساعدتهم على اجتياز المرحلة الدراسية بنجاح وفي الوقت ذاته التحلي بسلوكات أخلاقية نابعة من قيمنا وتقاليدنا الشرقية، مضيفة «يجب على مسؤولي المدارس أن يدركوا أن العديد من أولياء الأمور ليسوا على قدر كاف من الوعي بأساليب التربية الصحيحة، ما يتطلب التأكيد على أهمية اجتماعات مجالس الآباء وأولياء الأمور لمناقشة مسائل تربية وتعليم الطلاب ومنها الحقائب، وتوجيه الأهل إلى شراء الحقائب الخالية من أي مشاهد أو رسوم تتضمن رسائل سلبية. وعي أولياء الأمور يقول حمد المزروعي، مدير مدرسة المستقبل النموذجية بأبوظبي: «إن كثيراً من أولياء الأمور صاروا أكثر وعياً من ذي قبل بما قد تحمله هذه الحقائب من رسائل هدامة، فيعملون مع أولادهم على اقتناء المفيد منها وترك المسيء سواء من حيث الصور أو العبارات غير الملائمة، مضيفاً: «هذا ما نلاحظه من خلال قلة مثل تلك الأنواع من الحقائب قياساً إلى فترات سابقة، كما أن المدرسة دوماً تقوم بالتواصل مع أولياء الأمور وتوجيههم إلى ما يفيد أبنائهم، من أجل إنجاح العمليتين التربوية والتعليمية، والتي لا تتم سوى بالتعاون التام بينهما».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©