الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«التعاون الخليجي» مسيرة نجاح وعطاء متواصل

«التعاون الخليجي» مسيرة نجاح وعطاء متواصل
9 ديسمبر 2018 00:49

دينا مصطفى (أبوظبي)

حقق مجلس التعاون لدول الخليج العربي نجاحات مشهودة وإنجازات كبيرة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأُطلقت العديد من المشروعات المشتركة بين الأشقاء في البيت الخليجي مثل السوق الخليجية المشتركة واتفاقية الدفاع المشترك ودرع الجزيرة، وكلها ترتيبات خليجية شكلت حجر زاوية لمسيرة نجاح أنجزها تكاتف الجهود والرغبة الصادقة في الوحدة والتكامل.

الشيخ زايد يحمل لواء التأسيس
حمل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لواء إنشاء مجلس تعاون لدول الخليج العربي في وقت مبكر من مطلع السبعينات، حيث انطلق في دعوته لعقد قمة بين قادة دول الخليج العربية في 24 يونيو 1973، وأكد وقتها أن هناك مصالح اقتصادية مشتركة وجوانب أخرى من المستحسن تبادل الرأي فيها تتعلق كلها بأمن الخليج واستقراره، وأن لقاء القمة لو قدر له أن يتم، فإنه يمكن أن يحقق إجماعاً خليجياً على خطة سياسية واحدة وفوائد ومصالح اقتصادية يستفيد منها الجميع، بما في ذلك الدول العربية غير الخليجية.
وبدأ الشيخ زايد «طيب الله ثراه» في تحرك سياسي نشط لتبادل الآراء والتشاور مع قادة دول المجلس، مؤكداً خلال زيارته لمملكة البحرين في السابع من نوفمبر عام 1974 أن الوقت حان كي تعمل دول الخليج على تعزيز التعاون بينها في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية كافة.
ثم أعلن أمام أكبر تجمع إقليمي، وأقطاب مؤتمر قمة دول عدم الانحياز، الذي عقد في الجزائر عام 1973 المساعي التي تقوم بها دول الخليج العربية، لتحقيق الوحدة فيما بينها، وقال في خطابه أمام القمة: إن «الدول العربية في الخليج تسعى جاهدة لتوثيق التعاون فيما بينها وإرساء قواعد وحدتها الشاملة التي نرجو أن تتحقق قريباً استجابة لرغبة شعبها العربي الواحد وتطلعاته وآماله وطموحاته».
ووجدت دعوات الشيخ زايد وجهوده تجاوباً صادقاً من أشقائه قادة دول الخليج العربية، حيث شهدت المنطقة سلسلة من الزيارات المتبادلة بين قادتها، بعد أن التقت إرادتهم وعزيمتهم السياسية على ضرورة التنسيق والتكامل. وتم التوصل إلى صيغة بين الدول المشاركة تهدف إلى تحقيق الوحدة بينها بهدف تحقيق التكامل والترابط بين تلك الدول، في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات السياسية والشعبية، وشدّدت ديباجة النظام الأساسي للمجلس على العلاقات الخاصة التي تربط بين الدول الست، والسمات المشتركة في الأنظمة السياسية والاجتماعية، وكذلك وحدة الهدف فيما بينها الذي يخدم أهداف الأمة العربيّة، كما يهدف المجلس إلى تعزيز التعاون الاقتصادي المشترك، وتتناوب الدول الأعضاء على رئاسة المجلس.

القمة الخليجية الأولى
انعقدت القمة الخليجية الأولى لمجلس التعاون الخليجي، في شهر مايو عام 1981 في العاصمة الإماراتية أبوظبي بحضور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، والشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة أمير دولـة البحرين، والملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، والسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، والشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، والشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت.

الرياض والدور الرائد
على مدى الدورات السابقة استضافت المملكة العربية السعودية أعمال الدورة 7 مرات بدءاً من الدورة الثانية، التي حفلت بالكثير من التطورات والمبادرات والقرارات التي تصب في خدمة المواطن الخليجي أولاً ورفعة شأنه بصفته المكون الأول لدول المجلس.
وفي 11 نوفمبر عام 1981، عقدت الدورة الثانية لاجتماع قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بدعوة من الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود رحمه الله. واستعرض المجلس الوضع السياسي والاقتصادي والأمني في منطقة الخليج، وأعلن عزمه على مواصلة التنسيق في هذه المجالات لمواجهة الأخطار المحيطة بالمنطقة وزيادة الاتصالات بين دول المجلس من أجل درء هذه الأخطار. وناقش المجلس كل المحاولات التي تقوم بها القوى الأخرى التي تستهدف إيجاد مواقع لها في منطقة الخليج لتهديد أمنه وسيادته، معلنًا رفضه لهذه المحاولات. وجدد المجلس إيمانه بأنه لا سبيل لتحقيق سلام عادل في الشرق الأوسط إلا بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس وإزالة المستوطنات الإسرائيلية. واستعرض المجلس ردود الفعل العربية والدولية حول مبادئ السلام التي أعلنتها السعودية بشأن الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وقرر المجلس الطلب من السعودية إدراجها على جدول أعمال مؤتمر القمة العربي الثاني عشر الذي عقد في المغرب بهدف بلورة موقف عربي موحد حول القضية الفلسطينية.

أهداف سامية
تتلخص أهداف التعاون التجاري بين دول المجلس في العمل على إزالة الحواجز الجمركية بين الدول الأعضاء فيما يخص منتجاتها وإعفاء تلك المنتجات من الرسوم الجمركية ومعاملتها معاملة السلع الوطنية، والعمل على تنسيق سياسات الاستيراد والتصدير، وخلق قوة تفاوضية جماعية في مجال الاستيراد والتصدير. وعملاً بتلك الأهداف أقامت دول مجلس التعاون منذ عام 1983 منطقة تجارة حرة، ثم انتقلت في الأول من يناير 2003 إلى إقامة الاتحاد الجمركي لدول المجلس، مما جعلها تمثل قوة تفاوضية جماعية سواء في سعيها لتحرير التجارة مع الاتحاد الأوروبي أو التكتلات الاقتصادية العالمية الأخرى، أو في تنسيق سياسات الاستيراد والتصدير.

اتفاقية الدفاع المشترك
حظي العمل العسكري المشترك باهتمام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ بداية المسيرة المباركة للمجلس، وذلك انطلاقاً من قناعة راسخة بوحدة الهدف والمصير، بالإضافة إلى حقائق الجغرافيا والتاريخ المشتـرك. ولقد عُقد، بناء على طلب المجلس الوزاري لمجلس التعاون، الاجتماع الأول لرؤساء أركان القوات المسلحة بدول المجلس في مدينة الرياض في عام 1981م، لبحث مجالات التعـاون العسكري، وتم رفع عدد من التوصيات لبناء وتعزيز التعاون العسكري فيما بين القوات المسلحة بدول المجلس.
وبدءاً من ذلك التاريخ، وخلال ثلاثة عقود وبتوجيهات حثيثة من أصحاب السمو والمعالي وزراء الدفاع بدول مجلس التعاون، تم إقرار العديد من الدراسات والأنظمة والاستراتيجيات التي شملت العديد من مجالات العمل العسكري المشترك. وجاء توقيع أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون على اتفاقية الدفاع المشترك في الدورة الحادية والعشرين للمجلس الأعلى في المنامة، ديسمبر 2000، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة من العمل العسكري المشترك، وذلك بالتحول من مرحلة التعاون العسكري التي دامت عقدين من الزمن إلى مرحلة الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون، وبهذا تحقق للعمل العسكري المشترك مكاسب وإنجازات جماعية كثيرة ونوعية، حيث إن الاتفاقية شملت وحددت العديد من مرتكزات الدفاع المشترك ومنطلقاته وأسسه وأولوياته.
ونصت الاتفاقية على عزم الدول الأعضاء تعزيز العمل العسكري المشترك فيما بينها، ورفع قدراتها الذاتية الجماعية لتحقيق أعلى مستوى من التنسيق لمفهوم الدفاع المشترك، والاستمرار في تطوير قوات درع الجزيرة المشتركة، ومتابعة تنفيذ التمارين المشتركة، وإعطاء أهمية لتأسيس وتطوير قاعدة للصناعة العسكرية وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال.

الاستراتيجية الدفاعية
شكلت موافقة أصحاب الجلالة والسمو قادة دول مجلس التعاون، في الدورة الثلاثين للمجلس الأعلى بالكويت، ديسمبر 2009 على الاستراتيجية الدفاعية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إنجازاً مهماً وخطوة أساسية على طريق بناء المنظومة الدفاعية المشتركة لمجلس التعاون.

قوات درع الجزيرة
يعتبر وجود قوات عسكرية مشتركة لدول مجلس التعاون أحد الأسس المهمة لإنشاء منظومة دفاعية مشتركة تهدف إلى توفير الأمن لحماية دول المجلس، والدفاع عن اسـتقلالها وحماية مقدراتها ومكتسباتها. وفي عام 1982م، كانت أولى الخطوات المهمة لتشكيل القوات العسكرية المشتركة لدول مجلس التعاون، حيث صدر قرار بإنشاء قوة «درع الجزيرة»، وتلى ذلك القرار صدور العديد من القرارات لتطوير هذا القوة، بما يتناسب مع المتغيرات في البيئة الأمنية، ومصادر وأنواع التحديات والمخاطر والتهديدات التي قد تواجه دول مجلس التعاون لتصبح بحجم فرقة مشاة آلية بكامل إسنادها القتالي والإداري.
ومن ثم جرى تطويرها في عام 2006 إلى قوات درع الجزيرة المشتركة، وعززت بجهد بحري وجوي وفقاً للمفاهيم العملياتية، وذلك لرفع كفاءتها القتالية بما يكفل تنفيذ مهام التعزيز والإسناد للقوات المسلحة الوطنية لدول مجلس التعاون بصورة كاملة. وفي عام 2009م تم تعزيز قوات درع الجزيرة المشتركة بقوة تدخل سريع. وفي الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس الأعلى بالكويت، ديسمبر 2013، تم تطوير قيادة قوات درع الجزيرة المشتركة لتكون القيادة البرية الموحدة التابعة للقيادة العسكرية الموحدة لمجلس التعاون، وأن تكون بمسمى «قيادة قوات درع الجزيرة».

القيادة العسكرية الموحدة
نظراً إلى أهمية وجود قيادة عسكرية موحدة لدول مجلس التعاون، تعنى بتخطيط وإدارة العمليات العسكرية المشتركة، ومساندة وتعزيز القدرات الدفاعية لدول المجلس، للدفاع عن أراضيها وأجوائها ومياهها، ولمواجهة التهديدات المحتملة على دول المجلس ومصالحها في إطار اتفاقية الدفاع المشترك، فقد قرر المجلس الأعلى في دورته الرابعة والثلاثين في الكويت، ديسمبر 2013 إنشاء القيادة العسكرية الموحدة لدول المجلس، طبقاً للدراسة التفصيلية التي رفعها مجلس الدفاع المشترك.
وتمت المصادقة على قرارات مجلس الدفاع المشترك ذات العلاقة بإنشاء هذه القيادة وتفعيلها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©