السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«داعش» وبوتين.. تهديد ووعيد

9 سبتمبر 2014 11:51
يبدو أن تنظيم «داعش» في تمدده الأخير وحربه على الجميع، لم يوفر أحداً بعدما بث مطلع الأسبوع الماضي شريط فيديو يتحدى فيه زعيماً عالمياً قوياً آخر، وخلافاً لما قد يعتقد البعض لا يتعلق التهديد هذه المرة بالرئيس أوباما، أو بأحد نظرائه الأوروبيين، وإنما استهدف «داعش» هذه المرة الرئيس الروسي، فلادمير بوتين! فقد ظهر في الفيديو مقاتلون تابعون للتنظيم يعتلون آلية عسكرية روسية وطائرة مقاتلة غنمها «داعش» من قوات النظام السوري، وحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية على لسان المسلحين، فقد قال أحدهم مخاطباً بوتين: «هذه الطائرات الروسية التي أرسلتها إلى بشار، بإذن الله نرسلها إليك في عقر دارك، ونحرر الشيشان، ونحرر القوقاز بإذن الله». وأضاف المسلح في التسجيل: «لقد بات عرشك يترنح، وهو تحت التهديد، وسيسقط عندما نأتي إليك لأن الله معنا». وليس من الصعب معرفة سبب هذا التهديد المباشر للرئيس الروسي والتلويح بضرب روسيا واستهدافها، فموسكو حليف وثيق لنظام الأسد الذي يستضيف في ميناء طرطوس القاعدة البحرية الوحيدة المتبقية لروسيا في المياه الدافئة على سواحل المتوسط. وعندما انطلق الصراع في سوريا وكان لا يزال في مراحله الأولى سعت موسكو إلى التوسط لحل النزاع ودعت للتحاور مع نظام الأسد، ولكن علاقتها مع المعارضة السورية ظلت متوترة ولم تنجح أبداً في استمالتها. وأهم من ذلك أن روسيا هي مصدر السلاح الأول للنظام، ولم تألو جهداً في دعمه سياسياً ودبلوماسياً على الساحة الدولية. كما أن إشارة «الجهاديين»، الذين غنموا المعدات العسكرية الروسية وخاطبوا بوتين مباشرة، إلى الشيشان ومنطقة القوقاز ليست غريبة أيضاً، فعلى الرغم من انقضاء مرحلة الصراع الدامي في الشيشان وتواري التمرد عن الأنظار، إذ ترجع أسوأ عمليات العنف إلى ما قبل عقد من الزمن، ولكن مع ذلك أدت سياسة روسيا في شمال القوقاز إلى توجه بعض المسلمين في المنطقة نحو التطرف. ولعلنا نذكر جميعاً كيف حشدت روسيا إمكاناتها الأمنية لمنع حدوث اضطرابات خلال تنظيمها للألعاب الأولمبية الشتوية في «سوتشي» خلال السنة الجارية. بل إن ما قد يخيف موسكو ويدعوها للحذر هو الصوت الثاني الذي سمع في خلفية الشريط المصور الذي نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، حيث بدا الصوت المتهكم وكأنه يميل إلى اللكنة الروسية، لا سيما أن «داعش» تضم في صفوفها ما لا يقل عن مائتي مقاتل شيشاني أبرزهم الرجل ذو اللحية الحمراء الذي يظهر مراراً في أشرطة التنظيم والمعروف باسم عمر الشيشاني، ويُعتقد أنه أحد كبار القادة الميدانيين في التنظيم. وعلى غرار بقية المقاتلين الأجانب الذين يحاربون إلى جانب «داعش» في كل من العراق وسوريا، لا يخجل الرجل من مواجهة الكاميرا، فمباشرة بعد اكتساح «داعش» لشمال العراق واستيلائه على مدينة الموصل مطلع الصيف الحالي، ظهر الشيشاني بوجه مكشوف في شريط فيديو، قائلاً: «هدفنا واضح والجميع يعرف لماذا نقاتل، فطريقنا هي نحو الخلافة». ولكن الاسم الحقيقي للشيشاني هو «تارخان باتيراشفيلي»، حيث ولد في منطقة «بانكيسي جورج» بجورجيا، وهي منطقة نائية تعمها الفوضى وتقطنها أقلية «كيتس» المنحدرة من الشيشانيين الذين هاجروا نحو جورجيا خلال القرن التاسع عشر. وقد ذاع صيت تلك المنطقة في الآونة الأخيرة باعتبارها ممراً لـ«الجهاديين» وتهريب الأسلحة. كما يعتقد أن الجزء الأكبر من الشيشانيين الذين يحاربون في سوريا ينحدرون أيضاً من هذه المنطقة. ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية، «بي بي سي»، فقد خدم عمر الشيشاني لبعض الوقت في الجيش الجورجي، بل شارك في الحرب القصيرة ضد روسيا خلال 2008، إلا أنه بحلول 2010 سُرح من الجيش بعدما شخص لديه مرض السل، ثم سجن إثر ذلك بعدما ضبطت بحوزته كميات من الأسلحة. وليس معروفاً الوقت الذي أُطلق فيه سراحه، إلا أنه ظهر مجدداً في 2013 ضمن قوات المسلحين في سوريا كقائد لإحدى الكتائب المقاتلة المرتبطة بـ«القاعدة» التي ينحدر عناصرها من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، لينتهي به الأمر في الأخير قائداً في صفوف «داعش». ومع أن الشريط المصور الذي ظهر فيه المقاتلون وهم يكيلون التهديد لبوتين قد لا يعدو كونه نوعاً من التباهي الفارغ، إلا أن الأمر يكشف عن الأبعاد الدولية المتعدد لتنظيم «داعش»، ذلك أن المقاتلين الذين حاربوا روسيا، مطالبين بالاستقلال في مناطقهم، انتقلوا للقتال في منطقة بعيدة وتحت لافتة مختلفة، تحركهم مشاعر متعصبة قد لا توجد حتى لدى أبناء القضية من السوريين أنفسهم. وهذا ما أكده متحدث باسم جماعة إسلامية منافسة لـ«داعش» في سوريا، قائلاً: «يأتي عنصر شيشاني إلى سوريا دون أن تكون لديه أدنى فكرة عن البلد، وهو فقط ينفذ ما يأمره به قائده حتى لو أمره بقتل طفل»! وهذا الأمر يفسر إلى حد بعيد ما كشفت عنه مؤخراً أشرطة مصورة من جرائم وحشية اقترفها تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، من بينها مشاهد جز الرؤوس المروعة وإعدام الأسرى من جنود النظام السوري، فضلاً عن تطبيق قوانين متشددة تضيّق على الأهالي وتهدد بضرب النسيج الاجتماعي نتيجة استهداف الأقليات وتخييرها بين اعتناق الإسلام، أو دفع الجزية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©