الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند... حرب «هازاري» على الفساد

24 أغسطس 2011 00:20
خرج ناشط يقود حملة ضد الفساد في الهند من السجن يوم الجمعة الماضي ليجد في انتظاره حشوداً من أنصاره مبتهجة وقد تجمعت من أجل تحيته في وقت كان هو يستعد فيه لمواصلة إضراب عن الطعام احتجاجاً على الفساد الرسمي في البلاد، معتصماً بإحدى الحدائق في وسط العاصمة نيودلهي. وقد استقبل "آنا هازاري"، الذي يبلغ من العمر 74 عاماً، بالزهور بينما كان يمشي ببطء عبر حشود من أنصاره صباح يوم الجمعة الماضي أمام سجن "تيهار" في دلهي قبل أن يتزعم الحشد ملقيّاً خطاباً مرتجلاً ليهتف في سياق وطني حماسي قائلاً: "تحيا الهند".. "تحيا الثورة". وقال هازاري مخاطباً حشود أنصاره: "لقد أذكيتم شعلة ضد الفساد، فلا تطفئوها حتى تتحرر بلادكم الهند منه ومن ممارساته بكافة أشكالها". ثم هتف هازاري، الذي كان يرتدي قبعته البيضاء المشهورة وقميصاً قطنيّاً، قائلاً لأنصاره: "سواء عشت أنا أم مت، احرصوا أنتم على الإبقاء على هذه الشعلة متوهجة دفاعاً عن مصالح وطنكم الهند". وبعد ذلك غادر هازاري على متن شاحنة مفتوحة عبر الشوارع المزدحمة في وقت كان فيه أنصاره يحملون أعلاماً هندية ضخمة، ملوحين بها. وقد شق الناشط طريقه أولاً إلى نصب تذكاري أقيم تكريماً للمهاتما غاندي، ثم توجه بعد ذلك إلى موقع وسط دلهي حيث ينوي مواصلة إضرابه عن الطعام. ومن الجدير بالذكر أن هذا الناشط المخضرم تم توقيفه يوم الثلاثاء الماضي، قبل ساعات على اعتزامه الشروع في إضراب غير محدود عن الطعام للمطالبة بقوانين أكثر صرامة ضد الفساد. غير أن ذلك التوقيف أثار احتجاجات ملحوظة في مختلف أرجاء الهند من قبل عشرات الآلاف من الأشخاص المناصرين لهذا الناشط، ما وضع الحكومة في موقف دفاعي. ذلك أنه في غضون 24 ساعة من توقيفه، وقع أكثر من 120 ألف هندي على عريضة إلكترونية على الإنترنت تطالب بإطلاق سراحه فوراً ودون قيد أو شرط. غير أن هزاري، الذي يبدو أن توقيفه من قبل السلطات لم يفلح في النيل من صلابة موقفه وقوة تصميمه، دخل في إضراب عن الطعام في السجن يوم الثلاثاء؛ وعلى رغم أن الحكومة تراجعت وأمرت بالإفراج عن هازاري في ذلك المساء، إلا أنه رفض مغادرة السجن حتى يحصل على تطمينات بأنه يستطيع مواصلة احتجاجه في الخارج دون أن يتعرض لأية مضايقات أو عراقيل. ويوم الخميس، قدمت الحكومة تنازلاً آخر، حيث منحت هازاري ترخيصاً للإضراب عن الطعام لفترة 15 يوماً على الأقل بحديقة رامليلا في دلهي، على رغم أن الإفراج عنه تأخر بهدف منح الحكومة وقتاً كافيّاً لإعداد الأرضية للاحتجاج. هذا وقد أفادت تقارير إعلامية لقنوات تلفزيونية بأن هازاري فقد حتى الآن 3 كيلوجرامات من وزنه منذ يوم الثلاثاء الماضي وبات اليوم يزن 68 كيلوجراماً. وكان يمشي ببطء يوم الجمعة، كما أنه اعتذر لأنصاره عن عدم قدرته على التحدث لفترة أطول، ولكنه بدا في حالة صحية جيدة عموماً. يذكر أن الحكومة عرضت على البرلمان مشروع قانون يقضي بإنشاء منصب مستقل لمحاربة الفساد، ولكن هازاري يقول إن مشروع القانون "لا يصلح لشيء" لأنه يستثني رئيس الوزراء، والقضاء، ومعظم الجهاز البيروقراطي، من اختصاصات المنصب الجديد. وفي المقابل، وضع هازاري نسخة خاصة للتشريع وهدد بالإضراب عن الطعام حتى يتم عرضها على البرلمان. وإذا كانت حملة هازاري ضد الفساد تحظى بدعم قوي في الهند، فإن المنتقدين ينتابهم قلق بشأن تكتيكاته وبشأن رؤيته لاختصاصات هذا المنصب بحيث يكون شاغله قويّاً وغير خاضع للمحاسبة. وفي هذه الأثناء، تأمل الحكومة في تحويل المواجهة إلى نقاش حول الطريقة الأفضل لمحاربة الفساد. كما قال عضو من "حزب المؤتمر" الحاكم إن الحكومة تقوم أيضاً بعقد مفاوضات غير رسمية مع فريق هازاري في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة. ويعترف مسؤولون رفيعون سرّاً بأن الحكومة ارتكبت خطأ حين أقدمت على سجن هازاري، ويأملون أن تفقد الاحتجاجات زخمها بعد أن يسمح له بالإضراب عن الطعام لبضعة أيام. وكان هازاري قد أُرسل إلى السجن نفسه الذي يقبع فيه وزير سابق في الحكومة ومسؤولون رفيعون آخرون متورطون في فضيحتي فساد بمليارات الدولارات طفتا على السطح خلال الأعوام الماضية، وتتعلق ببيع تراخيص الاتصالات وتنظيم ألعاب الكومنولث في نيودلهي. وفي موقع الاحتجاج الجديد الخاص بهازاري في حديقة رامليلا، قامت الشرطة بتفريق احتجاج آخر وإضراب عن الطعام في شهر يونيو الماضي بشكل عنيف -من قبل معلم اليوجا "بابا رامديف" الذي يحظى هو أيضاً بشعبية كبيرة. وقد نال تحرك هازاري دعم كثير من الناس من الشباب والطبقة الوسطى الذين استعملوا "الفيسبوك" و"التويتر"" للتعبير عن آرائهم وتنظيم أنفسهم؛ ولكن المحتجين خلال الأربعة أيام الماضية ينحدرون من كل أطياف المجتمع ويضمون طلبة، وسباكين، ومصرفيين، وضباطاً متقاعدين في الجيش، وأصحاب مهن أخرى كثيرة. سايمون دينير وراما لاكشمي نيودلهي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفيس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©