السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التجربة الانتخابية

20 أغسطس 2015 05:22
الحلقة الأخيرة من مقالات التجربة الانتخابية تتناول أهم عملية فيها، وهي التصويت وما يتلوه من فرز للأصوات، وإعلان النتائج، والطعون الانتخابية، فالتصويت هو العملية التي يمارس فيها الناخب حقه في المشاركة السياسية من خلال التأشير على بطاقة الانتخابات، هذا الفعل من قبل الناخب يمثل الغاية النهائية لكل الإجراءات والعمليات التي سبقت التصويت، فكل الاستنفار الذي تم للأجهزة المختلفة في الدولة، والإنفاق من الموارد المالية كان الهدف منه هو تأمين عملية التأشير، وأن تجرى الانتخابات بإرادة الناخب ووعيه، دون إكراه أو تزوير. ولما كان التصويت بهذه الأهمية، فإن هناك مبادئ أساسية تعتبر من المقومات الأساسية الحاكمة له، هذه المبادئ تتمثل في، المساواة في: التصويت، حرية التصويت، سرية التصويت، وشخصية التصويت، فإذا كانت المساواة في التصويت تعني أن يكون لكل ناخب صوت واحد فقط يمارسه في دائرته الانتخابية، ولا مجال للتصويت المتعدد الذي عرفه العالم سابقاً، حيث كان يتم وفقاً لمكانة الناخب أو ثرائه، فإن حرية التصويت تعني حماية الناخب من أي تدخلات أو ضغوط على قراره سواء كان ذلك بالوعد أو الوعيد، بينما تعني سرية التصويت أن يتمكن الناخب من الإدلاء بصوته دون أن يعرف كائناً من كان موقفه، واختياره، لكون هذا العمل يخص الناخب وحده ولا ينازعه أحد فيه؛ لذلك تم التوقف عن التصويت العلني لصالح التصويت السري الذي كان معمولاً به سابقاً، والمبدأ الأخير هو شخصية التصويت، وهو أن يقوم الناخب بنفسه بممارسة عملية التصويت ولا يسمح لغيره، أي كان، مهما كانت درجة القرابة، وهذا المبدأ يعكس العلاقة بين الناخب والمرشح. لكن يبقى أن للتصويت إجراءات معينة تصاحبه، من أهمها الوقت الزمني المخصص للإدلاء بالأصوات، فالمعيار هنا أن يكون هناك وقت يسمح لإدلاء الناخبين بأصواتهم، على أن يأخذ كل ناخب وقته المناسب للإدلاء بصوته، وتتوقف المدة على كل من عدد الناخبين والمراكز الانتخابية، وليس هناك معيار محدد للوقت، فقد يكون يوماً أو أياماً عدة، لكن المهم أن تكون المراكز الانتخابية معروفة للناخبين، وتتوافر فيها التسهيلات اللازمة من إمكانات بشرية ومادية، كما أن هناك إجراءات تتبع في عملية التصويت تحددها التشريعات المنظمة، كإجراء التصويت السري المباشر، واعتماد طريقة التصويت اليدوي أو الإلكتروني، وكيفية التأكد من هوية الناخب، والوثائق المطلوبة لذلك، وكيف تتم مساعدة الذين لا يعرفون القراءة والكتابة أو ذوي الاحتياجات الخاصة للإدلاء بأصواتهم؟ وقد أخذت الإمارات بنظام التصويت الإلكتروني، واعتمدت بطاقة الهوية للتأكد من شخصية الناخب. أما إعلان النتائج، وهو الخطوة التي ينتظرها الجميع، فلعل من أهم شروط نزاهة الانتخابات أن يتم إعلان النتائج في حضور وكلاء المرشحين والمراقبين، وأن يتم الإعلان من جانب اللجنة المنظمة. لكن هذا الإعلان لا يعتبر نتيجة نهائية للفائزين، فهناك انتخابات تكميلية إذا ما تساوى الحاصلون على أكبر عدد من الأصوات دون فوز أحدهم لزيادة عددهم على عدد المقاعد المخصصة للإمارة، أو فاز البعض وتساوى الباقون دون حسم للمقاعد المتبقية، كل ذلك انتظاراً لما تسفر عنه نتائج الطعون الانتخابية قبل الإعلان النهائي للنتائج. لكن هل يعتبر فوز المرشح من خلال إعلان النتائج أنه أصبح عضواً في المجلس، أم أن عضويته تبدأ من تاريخ أدائه القسم البرلماني؟ لا يزال هناك اختلاف بين الدساتير في أي من الاتجاهين، لكنّ هناك اتفاقاً على أن تكون هناك طعون انتخابية يتم قبولها بعد ظهور النتائج. لذا فإن المشرع الإماراتي أجاز لكل مرشح الحق في الطعن على نتائج الانتخابات وعمليات الفرز، لكنه جعل قرارات اللجنة الوطنية الصادرة في هذه الطعون نهائية، وغير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن. وهنا نجد بعض الاختلافات، فالطعون الانتخابية هي المنازعات التي تدور حول النتائج الانتخابية، وفي حالة صحة هذه الطعون، فإنه يحكم أو يقرر البرلمان إبطال صحة العضوية، لكن ما هي جهة الاختصاص المخولة ببحث وإصدار القرار في الطعن، هنا نجد اختلافاً بين الأنظمة البرلمانية، فهي عند البعض من اختصاص السلطة التشريعية، والآخر السلطة القضائية، بينما أحالها البعض إلى الإدارة المشرفة على عملية الانتخاب، ولكل من هذه التوجهات أسانيدها ومبرراتها، أما في الدولة فقد أخذ المشرع بالخيار الثالث، وهو الإدارة المعنية بعملية الانتخابات، وهي اللجنة الوطنية للانتخابات. إن عملية التصويت التي يتم التعويل عليها مرت في التجربتين الانتخابيتين بمستويين مختلفين، ففي التجربة الأولى، تجربة البداية، كان عدد الناخبين محدوداً، لكن حجم المشاركة كان مرتفعاً، وصل إلى 70%، بينما كان حجم المشاركة في التجربة الانتخابية الثانية، وبعد ما يزيد على أربع سنوات من الأولى، وبعدد كبير من الناخبين، متواضعاً، فلم يزد على 28%، وقد تكون هناك أسباب عديدة لهذا الإحجام الذي تم، أسباب تخص الإدارة الانتخابية، حاولت هذه الإدارة دراستها ووضع الحلول للتغلب عليها، وأسباب أخرى تحتاج إلى وقت أطول؛ لأنها تتعلق بالثقافة السياسية، ثقافة المشاركة، والكيفية التي ينظر بها الناخب لمؤسسة المجلس الوطني التي يتم الانتخاب لها، ودورها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومدى ما تحققه من تطلعات للمواطن. لذا فإن الجميع مطالبون بالمشاركة الإيجابية في العملية الانتخابية من خلال الترشح أو التصويت، فالحق الذي منح لك، هو مسؤولية وطنية يجب تحملها والقيام بها، فأنت ترسم مستقبل بلدك من خلال مشاركتك. * الأمين العام للمجلس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©