الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الهند: مشروع لإطعام 800 مليون جائع

20 أغسطس 2013 22:03
عندما كانت منطقة «شيفبيوري» الواقعة وسط الهند تحتفل بـ«يوم مهرجان الحبوب»، كان من المنتظر أن يتدفق إليها آلاف الفقراء لشراء القمح والأرز وبعض المواد الغذائية الأخرى ذات الأسعار المدعومة من الحكومة عبر واحد من أكثر البرامج الاجتماعية ضخامة. إلا أن المهرجان لم تعمّه البهجة المنتظرة في هذه القرى ذات البيوت الحجرية الصغيرة، حيث لا تتوقف الأمطار الغزيرة عن التساقط. ومع ذلك كثيراً ما يشتكي القرويون في هذه الديار الفسيحة من قلة المواد الغذائية وشحّ الطعام. ويقول أحد القرويين: «لم أعد أذكر آخر مرة رأيت فيها الأرز». وقد لا يختلف هذا الرجل عن باقي القرويين الآخرين في المناطق الفلاحية الهندية، الذين تتلخص همومهم في عبارة واحدة: «كيف يمكنني أن أبقي عائلتي على قيد الحياة؟». ويُعتبر «برنامج الحبوب المدعومة» هو الأضخم في تاريخ الهند، ويستهدف مساعدة أكثر من 400 مليون هندي يعيشون في المناطق الفلاحية وضواحي المدن على شراء الحبوب وبعض السلع الأساسية الأخرى مثل السكر والكيروسين بأسعار منخفضة. وتعمل الهند الآن على إطلاق عملية تطوير شاملة لهذا البرنامج بحيث يتضاعف حجمه حتى يغطي حاجة 800 مليون مواطن أو ما يعادل ثلثي سكان الهند من الغذاء. وإذا كُتب لهذا المشروع أن يحظى بموافقة البرلمان مثلما هو متوقع، فسيكون واحداً من أضخم المشاريع وأكثرها تكلفة في العالم. ثم إنه يأتي في وقت يشهد فيه معدل النمو الاقتصادي في الهند تباطؤاً ملحوظاً، كما أن المخزون الغذائي للدولة يتعرض لضغوط هائلة بسبب التزايد السريع في عدد السكان، وانحسار مساحة الأرض القابلة للزراعة ونقص مصادر مياه الري. وقد صرح «بيراج باتنايك» المستشار الأول للجنة الأمن الغذائي في المحكمة العليا، أن فاتورة المشروع الموسّع تأتي في وقت تشهد فيه الهند «تحوّلاً جذرياً». وفيما كانت تشهد حتى وقت قريب نمواً اقتصادياً مذهلاً، إلا أنها ما زالت بلداً يعج بالملايين من المواطنين المفتقرين إلى الغذاء الكافي. وقد أضاف المتحدث: «لا يمكن لدولة ناشئة أن تدعي أنها أصبحت قوة عظمى في الوقت الذي يعاني فيه 46 في المئة من أطفالها من سوء التغذية». وحتى لو تم إقرار هذه الفاتورة الضخمة، فإن السؤال المهم الذي يطرح نفسه: هل يمكن للهند أن تقود مثل هذا البرنامج الطموح إلى النجاح؟ ويعمل نظام الدعم الحكومي للمواد الغذائية الأساسية والمتبع الآن، بطريقة بيعها للقطاع الخاص، وبمعنى أصحّ «للدكاكين التي تبيع بأسعار رخيصة». إلا أن هذه الطريقة جعلت الحصول على هذه المواد أمراً صعباً. وغالباً ما تكون أرفف دكاكين بيعها فارغة. ويعاني الهنود من سوء الإدارة الحكومية لبرامج مساعدة الفقراء. وخلال الشهر الماضي، مات 23 طفلاً في منطقة أخرى بسبب تناولهم لأطعمة مدرسية مجانية ملوّثة بمبيدات الحشرات. وتتعالى الانتقادات في البرلمان ومراكز البحوث الأكاديمية حول الحكمة من توسيع برنامج الحبوب المدعومة الذي يشكو من الفساد والتبذير. وتشير إحصائية أنجزها «بهارات راماسوامي» الأستاذ في وحدة التخطيط التابعة للمعهد الهندي للإحصاء في نيودلهي، إلى أن 40 في المئة من الأغذية المدعومة أو المجانية لا تصل إلى من يحتاجها. وأضاف: «إنه نظام مليء بالثغرات ونقاط الضعف. وجعله الفساد أكثر تكلفة مما لو تم تنظيمه عن طريق المنظمات الخاصة». ويصيب التلف كميات كبيرة من مخزون الهند من الحبوب بسبب سوء التخزين وهجوم الفئران، أو يختفي معظمها من المخازن الحكومية ليباع في الأسواق السوداء. ويقول «راغفيندرا سينج» وهو مؤسس جمعية غير ربحية تدعى «هنود يعملون لخير الآخرين»: «إن الأمر هنا يبدو كما لو أنك أطلقت أسداً بلا أسنان في حقل. ولاشك أن هذه المشاكل لن تعرف طريقها إلى الحل». وعلى رغم كل هذه العوامل المحبطة، فقد عمد المسؤولون الحكوميون في منطقة «شيفبيوري» إلى تنظيم منتدى للتدريب على إدارة البرنامج الوطني للدعم الغذائي الذي تأمل الحكومة بإطلاقه رسمياً خلال الشهر الجاري. ويقضي البرنامج بمنح جراية أو حصة فردية تبلغ 5 كيلوجرامات من القمح أو الأرز أو خليط من الحبوب كل شهر مجاناً أو بسعر مدعوم، بحيث يستفيد منها ملايين الناس وخاصة العائلات الأكثر فقراً. والآن، يتلقى أكثر من 120 مليون تلميذ في المدارس الإبتدائية الحكومية وجبات غداء مجانية يومية لتلاميذها، إلا أنها تفتقر لنظام صارم لحماية هذه الوجبات من الناحية الرقابية القانونية حتى تحقق الحد الأدنى من معايير الصحة والسلامة وفقاً لما يقول «ساكاشي بالاني» المحلل في مركز للبحوث تابع للبرلمان الهندي. ثم إن فاتورة المشروع تخلو من بعض العوامل المهمة ذات العلاقة المباشرة بمشكلة سوء التغذية في الهند، ومنها الافتقار لنظام مناسب للصرف الصحي وصعوبة تأمين مياه الشرب وعدم توافر الرعاية الصحية. ولم تتردد المعارضة في توجيه انتقاداتها للبرنامج الذي وصفته بأنه يعتمد معايير باهظة التكلفة. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة التوسع في المشروع ما بين 5 و6 مليارات دولار سنوياً في وقت انخفضت فيه قيمة الروبية الهندية إلى رقم تاريخي لم تبلغه من قبل فيما تراجعت وتيرة الاستثمارات الأجنبية في البلاد. وقد اعتمدت الحكومة الهندية نظاماً جديداً لتوزيع الغذاء بحيث يتم التحكم فيه عن طريق الحكومات المحلية للولايات في إطار محاولة للحدّ من الفساد والتلاعب، إلا أن نجاح التطبيق يتباين كثيراً بين ولاية وأخرى. وما زالت طريقة دفع المبلغ النقدي المساوي لثمن الوجبات الغذائية في حساب المستفيد مباشرة من أجل تجنّب السرقة، قيد الاختبار، وهي في بداياتها الأولى. ‎آني جوين الهند ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©